Wednesday, February 21, 2007

فرجات آخر الشهر

* أطلق الأمريكيون ذات يوم نكتة على اليابانيين ، ذات مرة أرسلت سيدة أمريكية لابنها الذي يعمل في اليابان خطاباً قالت في آخره ما معناه : خذ حذرك يا ولدي فموظفو البريد اليابانيون قد يفتحون هذا الخطاب ، ففوجئت السيدة بخطاب من سلطة البريد الياباني يقول : عفواً سيدتي .. نحن لا نفتح الخطابات!
أتذكر هذه العبارة كلما تقول "هالة سرحان" أنها لا تقلد "أوبرا وينفري" ، وكلما يقول "رامي صبري" أنه لا يقلد "عمرو دياب"!

* يشترك مشرط الجراح ومشرط صانع الأحذية أن كلاهما مشارط ، ومع ذلك فلا يستطيع الجراح إجراء عملية جراحية بمشرط صانع الأحذية.. والجراح الذي لا يعرف ماذا يمكن لمشرط الأحذية أن يفعله بالجلد وبالجسم البشريين في عملية جراحية دقيقة مشكوك في جدارته بالعمل كجراح..توضيح أقوله لبعض ممن يتجاهل طريقة التناول عند عرض بعض المشاكل على شاشات الفضائيات..

* ميزة أحترمها في نانسي عجرم : أنها تحرص بالفعل لا بالقول على تغيير الصورة التي ظهرت بها قبل سنوات!

* سأل زميلنا سولو في مدونة "كيس فيشار" : لماذا يخرج "خالد يوسف" الأفلام؟ وأجيبه : لنفس السبب الذي يكتب من أجله "عصام الشماع"!

* أحمد حلمي تاني : وبعدين؟

* بعض المتشنجين بالدور التنويري للإعلام يحرصون في صحفهم وبرامجهم على تنوير الناس بكيفية تربية "ذيولهم" ، كي "يلعبون بها"!

* لماذا لم يطالب بعض الصحفيين المحسوبين على "روتانا" بعض مطربي الشركة المصون بالاعتزال علماً بأنه لم يعد لدى هؤلاء المطربين الأكارم أي شيء ليقدمونه ، خاصة بعد أن نتفت الشركة ريشهم ، أم هو مبدأ انصر روتانا ظالمة أو مظلومة؟

* على ذكر روتانا .. أحب أن أهدي "شيرين" أحدث الموقعات للشركة أغنية : حسرة عليها حسرة عليها .. جت رجليها .. ما جت رجليها!

* أليس غريباً أن بعضاً ممن يسبون الحكومة والنظام في صحفهم أجبن من أن ينتقدوا وزيراً فاشلاً في نفس الصحف؟ وأن من يشتم رئيس الجمهورية بذات نفسيته أجبن من أن يستفسر عن شيء عن رئيسه في المحطة الفضائية؟

* منى الشاذلي صبورة للغاية ، وقوة احتمالها أقوى بكثير من قوة احتمال السواد الأعظم ممن يشاهدون العاشرة مساءً!

* كان شعار قنوات الام بي سي : العالم بعيون عربية ، والواقع يقول أنه كذلك ، مع تعديل بسيط : العالم بعيون عربية بعدسات لاصقة أمريكية!

* مبروك على السبكي التعاقد مع "هيفا" ، وعقبال "ما بعد هيفا" ، ونخلي القوس مفتوووووح!

* أخيراً ، بعد ما شاهدت مطب صناعي ، اقتنعت بما كتبته الشهر الماضي تماماً!

تحديث: نعلم جميعاً بصدور حكم بالسجن بحق كريم عامر ، وموقفي منه كما هو ولم يتغير ، لكني أتساءل بشكل بريء : إذا كان من في مكانه عادة يستقبلون استقبال الأبطال الغزاة الفاتحين كما لو كان ما يفعلونه عملاً بطولياً ويجدون من يدافع عنهم ويساندونهم داخل الوسط الإعلامي والصحفي ، لماذا وجد كريم عامر نفسه وحيداً مجرداً من مساندة بعض "الجرنالجية" الذين يساندون من يفعل ما فعل كريم وأكثر ، بينما وجد "آخرون" ، كل المساندة والحماية بدعوى أنهم ناصرو الحرية والتحرر ومبعوثو العناية الإلهية لتخليصنا من الجهل والتطرف؟ هل لأن "خيابة" كريم عامر في ارتداء الأقنعة والنفاق تفوق "خيابة" أفكاره نفسها؟.. هل لأن كريم عامر مجرد طالب لم يكمل دراسته الأزهرية ولم يكتب في روزا اليوسف ولا يصرف على غزواته الكنتاكية من أموال قنوات الوليد والإبراهيم ومن على شاكلتهم؟

Friday, February 16, 2007

في قلة الأدب مرة ثالثة : هالة والدراويش!


فكرت في الكتابة عن "هالة سرحان" في أيامي الأولى كمدون ، خوفاً من أن يصبح النقاش "عركة" بين أنصار هالة سرحان المتعصبين والرافضين لما تقدم المذيعة الألمعية..لكن سطور الدفاع المستفزة من قبل دعاء سلطان وآخرين عن هالة سرحان ممن يعملون معها في روتانا استلزمت توضيح وجهة نظر أخرى قد لا تروق لهم..

بادئ ذي بدء ، مستعد لتصديق ما تقوله السيدة دعاء سلطان عن كسر هالة سرحان لتابوهات المجتمع المصري ، إذا ما باضت العصافير التي تعتقد دعاء أننا دققناها على رؤوسنا!

وقد يلتمس العذر لـ"الإعلامية الكبيرة" التي لا يبدو أنها تعيش على الأرض مثلنا ، والتي سقطت من إدراكها -بفرض حسن النية -سهواً حقيقة بسيطة: أن الشعب يعرف كل شيء ، ولا يحتاج لمن يكسر له هذا النوع من التابوهات ، وكتجربة عملية ، لاحظوا كمية المصطلحات الجنسية البذيئة المستعملة في لغة الشارع الحالية وفي أوساط مختلفة بينها وسط المثقفين.. بلاش دي.. لماذا سمى المخرج والمؤلف محمد أمين فيلمه الأول "فيلم ثقافي"؟ لأن هذه الكلمة معروفة لدى أوساط من الشباب تطلق على الأفلام الإباحية هذا المسمى..الناس تعرف عن تفاصيل حياة الليل -التي تعتبرها هالة سرحان سرية- أكثر مما يمكن لخيالها ولخيالي أنا أن يتصورا!

ما هو داعي تبصيرنا كمتفرجين بشيء نعرفه؟

هل لتوعيتنا؟ أعتقد أن فيلماً كـ"دماء على الأسفلت" نجح فيه أسامة أنور عكاشة والراحل الطيب في دق ناقوس إنذار بشأن نقاط معينة تتعلق بتحول بعض الفتيات إلى فتيات ليل في ساعتين فقط وليس في حلقات طويلة ممطوطة بشكل سمج (مع تسليمي بأن أسامة أنور عكاشة كان فاشلاً في مسألة السينما تلك بشكل عام!)..

لسنا بحاجة لمعرفة الأسباب التي تجعل بعض الفتيات يملن للانحراف ، فليس في ذلك سر ، كما أن غيرهن يعشن نفس الظروف ولا ينحرفن.. خاصة من برنامج يعرض بشكل مباشر يشبه برامج الأطفال تلك المواعظ والقصص!..الفرق أن "عمو الظابط"-اللي كنا بنتخوف بيه وإحنا أتشفال أبرياء- لم يقبض عليهم ولم يضعهن في البوكس كما يفعل مع الأطفال الذين لا يشربون اللبن!

أم لتلبية هوسنا بالفضائح وبكل ما هو قلة أدب؟ هذا الهوس الذي يحلو لهالة وطاقمها من الصحفيين انتقاده في المجتمع المصري بينما تتقاضى هي وفريق إعدادها من أموال البترودولار لتلبيته .. وإذا كانت الفتيات "قليلات الخبرة جدلاً" تزعمن أنهن لا تعرفن لماذا طُلِب منهن أن يشنعن على أنفسهن ، فهل هالة سرحان التي لها خبرة إعلامية تعادل عمر هذه السطور لا تعرف لماذا يدفع لها الوليد بن طلال في كل حلقة مبلغاً وقدره؟ إن كانت تصدق أن سبب ارتفاع سعرها وصلاحياتها في كل قناة هو فقط علاقاتها بالوسط الفني واستقدامها للنجوم فقط فهي واهمة بالتأكيد..فعشق بعض رؤوس الأموال "العربية" لجعلنا مضغة تلوكها ألسنة العديد من العائلات المحافظة وغير المحافظة في مناطق مختلفة من العالم العربي البائس يدفع رؤوس الأموال في الإيه آر طين وروطانا للجري وراءها بمنكاش.. خاصة أن صورتنا والحمد لله كمصريين في بعض بلدان العالم العربي من تحت رأس الإلحاح المزمن على الفضائح المصرية صارت طيناً..جزء سببه سلوكيات البعض ، وجزء سببه البعض الآخر الذين يعملون في الميديا.. من حاملي الجنسية المصرية!

قد تتناسى هالة سرحان وغيرها تلك الحقائق الصارخة تحت ضغط "هوس أوبرا" التي تعاني منه .. فهوس هالة سرحان بـ"أوبرا وينفري" يفوق هوس "أنا نيكول سميث" بـ"مارلين مونرو" .. الهوس الذي تسبب في تعاستها واكتئابها ودمر حياتها..

الطريف أن برنامج أوبرا وينفري يذاع أيضاً في الام بي سي .. المملوكة أيضاً لسعوديين ، مثل الوليد بن طلال مالك روطانا! الأصل والصورة لا يفصل بينهما إلا كبسة زر.. سبحان الله!

أوبرا تفعل ما هو أسوأ بمعاييرنا عندما تستضيف منحرفات أتين برجليهن إلى البرنامج وقبلن التحدث والاعتراف بخطاياهن علناً في البرنامج ، أمر غير مستهجن في ثقافة الغرب ، أما عندنا فهالة سرحان فتستضيف من لا نعرف لحد الآن أنهن فتيات ليل أم لا ، ولا تحسن حتى حماية شخصيتهن .. وتعتبر كل ذلك عملاً بطولياً!

وكما هاج الروزجية وماجوا على وائل عباس إبان قصة التحرشات الجنسية سائلين إياه : لماذا لم تبلغ الشرطة عن حوادث التحرش التي رأيتها؟ فلماذا لم تبلغ هالة سرحان عن فتيات الليل -بوصفها-اللاتي استضافتهن؟ وإن كان في شرطة الآداب من يؤمنون بـ"قلة الأدب" فإن هناك من لا يشاركونهم نفس المعتقد.. (وبالمناسبة فإن "صهينة" البعض في شرطة الآداب على الدعارة ليس سراً عسكرياً ويعرفه ما يقرب من ثلث الشعب المصري على الأقل)!

إذا كان تصوير ما تفعله "هالة سرحان" على أنه جهد تثقيفي وتنويري هو استهزاء بعقلي أنا على الأقل كمتفرج ، فما بالكم بالاستخدام السمج والممجوج لنظرية المؤامرة على فرض أن هالة سرحان قد وقعت ضحية لفخ؟ فما بالكم بفرضية أن الموضوع أثير للتغطية على فساد ما في وزارة الداخلية؟ فما بالكم بكلامها عن القدس والمسجد الأقصى ، الذي يذكرنا تماماً بجمعية المتاجرين بالشعب الفلسطيني؟.. استخفاف فاضح بعقول جمهور لا يزالون يعتقدون أنه يشاهد بهرموناته لا بعينيه!

توقعي الشخصي أن تخرج هالة سرحان برغم ذلك أقوى مما ذي قبل ، لتقف على المنبر وتعظنا ، هي ومن على شاكلتها ممن تجمعهم قنوات البترودولار من روزا اليوسف والدستور على قزقزة فضائحنا .. وتحيا مصر!

أعذرينا يا ست هالة .. أعذرونا يا دراويش هالة .. قلتم لنا أننا لن نستطيع إغماض عيوننا .. وقد كان .. استحملوا بقى!

ذو صلة: ما كتبته زميلتنا "تمر حنة" في الموضوع..وهذه وجهة النظر الأخرى في الموضوع.. فقط للإيضاح ..

تحديث هام: ما سقط سهواً من معظم من هاجموا هالة سرحان وأغلب من دافعوا عنها .. ما كان أولى بالنقاش .. لنقرأ ما نشرته الشرق الأوسط اللندنية بهدوء..
*الصورة من موقع arab celebs..

Saturday, February 10, 2007

في الخيانة المشروعة


أحييكم من جديد..

خلال الأيام العشر السابقة أتيحت لي فرصة مشاهدة فيلمين دفعة واحدة ، مطب صناعي وقبله خيانة مشروعة ، ونظراً لأن الكتابة عن المطب الصناعي سهلة ففضلت بحكم كوني وش فقر الكتابة عن خيانة مشروعة..

بين قوسين : هناك ميزة كبيرة في أنك تشاهد الفيلم وهو "بايت" أي بعد فترة غير قصيرة من الزوابع التي قد تثار حوله في الميديا ، هذا يجعلك تشاهد الفيلم وأعصابك مستريحة وقادر على إنتاج أحكامك بنفسك!

ندخل إلى صلب الموضوع..

كان خالد يوسف قد شرح منطق الفيلم خلال لقاءات تليفزيونية وصحفية عدة ، وأعتقد أنه قد وفق في شرح ذلك المنطق في تلك اللقاءات أكثر بكثير مما كان عليه الحال في الفيلم!

عندما دخلت السينما كان هناك معجبون بالفيلم ، لدرجة دفعت أحدهم للقول بأنه سيدخله لمرة أخرى لو سنحت الفرصة ، الفيلم - من بعيد - "مليان أحداث" وهو ما لم نعهده أو نتعوده في سينما هذه الأيام..أضف لذلك احتواء قصصه على مفاجآت وتقلبات في الأحداث والشخصيات تشبه السينما الهوليودية التي يقبل عليها عدد كبير من عشاق السينما التجارية(ولعل هذا أيضاً من ضمن الأسباب التي تجعل كثيرين يحبون سينما "ساندرا نشأت" وإن كنت بالطبع لا أشاركهم هذا)!

الفيلم بصفته بوليسيا اعتمد على الفلاش باك ، وكان فيه خط فلاش باك أساسي (الأحداث كما يرويها هشام البحيري - هاني سلامة وهو محكوم عليه بالإعدام) يذكرني بالفلاش باك في فيلم "البرنس" لأحمد زكي والذي تصادف أن أذاعه تليفزيون المستقبل قبل أسابيع.. وداخل الفلاش باك هناك فلاش باكات ثانوية لكل المتورطين في الجرائم التي حدثت في الفيلم ويشكلون قصته..

الغريب في الموضوع هو الطريقة التي ينتقل فيها خالد يوسف - المخرج والمؤلف -بين الماضي والحاضر في بعض تلك المشاهد ، في أحدها يدخل للماضي عن طريق "رجلين الترابيزة" ، وفي آخر يدخل إلى الحاضر من "نن عين" أحد الشخصيات (دلالة على أنه يروي شيئاً شاهده بعينيه).. بعض هذه النقلات طريف بما يمكن قبوله في فيلم كوميدي وليس في فيلم بوليسي!

في مرتين فقط نفذ الأمر بشكل جيد ، الأولى فلاش باك بطله خالد يوسف - غير المقنع كممثل- حيث سلطت الكاميرا على وجهه في حوار له مع شخصية أخرى (المحامي أو هشام البحيري فيما تسعفني الذاكرة) فقط لنفاجأ به دخل لواقعة سابقة كان المتحدث فيها هو صلاح البحيري - وجه جديد لتقطع الكاميرا على خالد بلون بدلة أخرى يتأكد فيها لدينا أننا أمام واقعة سابقة يحكيها أو يتذكرها الموظف الكبير في مجموعة شركات البحيري .. وفي الثانية كان المشهد الذي انهار فيه هشام البحيري - هاني بعد علمه بأنه قد تعرض لخدعة قتل على أساسها شقيقه الذي استولى على نصيبه في الميراث فقط حماية له من استهتاره .. وهو أعلى مشاهد الفيلم من وجهة نظري الشخصية المتواضعة جداً..

نعود لفكرة الفيلم ، والتي عبر عنها خالد يوسف بقوله ما معناه أننا نبحث عن مبررات تسوغ لنا كل الأشياء التي نفعلها بحيث نعتبرها مشروعة..

عمم يوسف على تسعة وتسعين بالمائة من شخصيات الفيلم تلك النظرية ، بدءاً من هشام الذي قتل شقيقه وزوجته بدافع الشرف ، والمحامي المتلاعب على القانون بدافع الولاء لموكله ، والمنحرفة التي لديها ألف مبرر للانحراف (من وجهة نظرها .. فهناك من هم أكثر فقراً ولم يجرب اللعب بذيله!) ،والموظف الكبير (اللي شايف وساكت) حفاظاً على وضعه ومكاسبه، وضابط الشرطة الذي يلجأ للتعذيب لانتزاع الاعترافات ، نهاية بالصحفية التي كانت تستدرج هشام البحيري إلى الفخ (على جنب : مش واسعة شوية الظروف والملابسات اللي اتجوزت فيها صحفية مدافعة عن حقوق المجتمع حرامي معلوم الفساد زي صلاح البحيري؟.. وبعدين عائلة في مقايسات البحيري ليه مغرمة بالجواز من أوساط اجتماعية أقل بيصفوها بإنها "بيئة"؟)..كان يفترض أن يعرف أن الرسالة قد وصلت ..

ولكن ذلك فيما يبدو لم يكن كافياً من وجهة نظر خالد يوسف الذي أمعن في التعبير عن فكرته بشكل مباشر ، نجده في جملة حوارية مثلاً عن شهد - سمية الخشاب يصف فيها هشام - حاكياً- تلك الشخصية بأنها لديها المبرر الجاهز لجعل كل ما تفعل مشروعاً ، بشكل مباشر ومدرسي..كذلك المشهد الذي انتزع ابتسامة اثنين من الجالسين خلفي وهو مشهد احتضار البحيري الكبير ، حينما يقول له صلاح أن ما يفعله هو خيانة ، فيرد عليه الأب بأنها "خيانة مشروعة"!

لا أستسيغ كمشاهد تلك العبارة من مجرد شخص بدأ حياته كعامل بسيط ليست تلك حصيلته اللغوية بالمرة.. تماماً مثل شخصية رجل أمي شبه معدوم الثقافة وهو ينطق بإتقان شديد وبلا خطأ لغوي واحد مقطعاً من "هاملت"! ليست تلك العبارة بين رجل يحتضر وابنه ومحاميه المقرب إليه ، وعادة لا يلجأ أصحاب الخلفيات شديدة التواضع لتلك العبارات بينهم وبين "بعضتشيهم".. دة ما كانش ناقص إلا إنه يقولها : هذه خيانةُ مشروعةُ يا ولدي!

صحيح أننا نبحث عن مبرر يريح ضمائرنا قليلاً نسبغه على كل المصائب والبلاوي التي نفعل ، لكن هل كل الخيانات مشروعة حتى من وجهة نظر مرتكبيها؟ مفيش واحد بيخون من الباب للطاق ، رزالة يعني ، واحد طيب شوية بس فيه شوية شر وبيعمل اللي بيعمله مثلاً من باب اللعب (حسن سبانخ في الأفوكاتو مثلاً)؟

كان من الممكن أن يخرج الفيلم أفضل بكثير لو أنه تفادى الربط المباشر والمدرسي بين الجرائم وبين "ظروف المجتمع" .. فمبرر شهد للـ"خيانة" قصة طويلة عريضة عن الخصخصة والمعاش المبكر والفقر المدقع والبطالة .. وماضي البحيري الكبير الذي كان من الممكن اقتضابه وتوصيله بشكل غير مباشر على أنه مثل معظم شخصيات الفيلم لا يعدم حيلة في إيجاد المبرر اللازم لكل أفعاله.. لا وإيه .. أضف لذلك كله لمحات عن الفساد ودور الصحافة والتعذيب وأغاني أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام..ووجود إبراهيم عيسى وجريدة الدستور المقحم داخل الفيلم ، وكذلك السياسي كمال عيطة.. هل يريد خالد يوسف أن يذكرنا بناصريته مثلاً؟ (عموماً هو يفعل ذلك بشكل أقل فجاجة من بعض أدعياء الكتابة في التليفزيون)..

ليست جريمة أن يكون الفيلم البوليسي مجرد فيلم بوليسي ، جريمة لا تفيد وعقاب أكيد ، دون تحنجر أو بحث عن مضمون سياسي من اللاشيء ، الكثير من أفلام كمال الشيخ كانت مجرد أفلام بوليسية متقنة الصناعة دون تكلف أو حنجوري ولم يتهمها أحد بالتفاهة والسطحية.. والتسييس لا يكون دائماً من حسن الفطن!

تكلفة كبيرة ، ومجهود ملموس في التمثيل والتصوير والموسيقى (للمتمرس ياسر عبد الرحمن) وحتى في تصميم الشخصيات ومواصفاتها، لكن "خيانة مشروعة" بأمانة يبقى ضمن أفلام كثيرة لم تكن على مستوى الضجة التي تصاحبها..لقد قال خالد يوسف في دقيقتين ما لم ينجح في توضيحه وشرحه بدقة طوال ساعتين من الزمن تقريباً!

ختاماً..لأن وجهة نظري لا تكفي ، أترك لكم ,وجهات نظر أخرى في الفيلم ، الأولى لموقع في البلد أما الثانية فهي للزميل سولو في مدونته كيس فيشار ، والصورة من عنده بالمناسبة..والثالثة وجهة نظر زميلتنا العشريناتية مي كامل..