Thursday, January 24, 2008

فرجات آخر الشهر

* "يا مصطفى يا مصطفى" أغنية لحنها "محمد فوزي" قبل عقود طويلة ..تحولت في لبنان إلى أغنية جميلة للأطفال ، بينما هي لحن أشهر شتيمة ملاعب في مصر.. "فوزي" الحي لا يطرب!

* قد نجد بعض العذر لغضب أسرة "عزت حنفي" من فيلم "الجزيرة".. لكني لا أجد أدنى مبرر لبعض ما قاله "محمد دياب" رداً على اتهامات عائلة امبراطور النخيلة.. لماذا يتفاخر الرجل بأنه دافع عن "عزت حنفي" وجعل الجمهور يتعاطف معه كما لو كان بطلاً أو شهيداً وكان في نفس الرد قد نفى أصلاً تناول قصته..

* هناك عفريت على "حمدي رزق" اسمه "مهم".. فهو يصف كل شيء في فقرة الصحافة التي يقدمها في "القاهرة اليوم" هذه الأيام بأنه "مهم" .. خبر "مهم".. تعليق "مهم" .. عنوان "مهم" .. وضيف "مهم".. أهو انت اللي "مهم" وستين "مهم"!

* يحضرني إفيه شهير في إحدى حلقات "The Muppet Show" كان ضيفها المطرب الفرنسي الشهير "شارل أزنافور" عن رومانسيكية اللغة الفرنسية .. وفيه نصح "أزنافور" "كيرميت" لأن يقول لـ"بيجي" عبارة بالفرنسية هي عنوان هيئة المجاري في باريس فأغمي عليها من شدة الإعجاب.. هذا هو سبب مشاهدتي لمباريات كأس الأمم الأفريقية على الثانية الأرضية المصرية ، فلا وجه للمقارنة بين التعذيب الناعم باللسان الفرنسي المبين ، وبين التعذيب على طريقة الإيه آر طين!

* أتمنى أن يكسب فينا بطل إعلانات "ميلودي تتحدى الملل" ثواباً ويختار "ابن عجب" ضحيته القادمة!

* الموضة في النايلسات هذه الأيام هي "تغيير النشاط".. فقناة "بانوراما الدراما" كان أصلها قناة أغاني ، وقناة "عرب" المنوعة تحولت إلى قناة للأغاني.. أنهي قناة اللي تتوقعوا تغير نشاطها بعد كدة؟

* لست مرتاحاً لشبورة "محسن جابر" الخاصة بإعلانه عن حصرية إذاعة "أوبريييط"-مع الاعتذار للراحل "غريب محمود"- "الضمير العربي".. أشعر أنه مجرد سبوبة غنائية وطنجية أخرى مثل أشياء كثيرة سبقته..

* رأيت في "سمية الخشاب" في حلقتي "حين ميسرة" الشخصية التي أدتها كل من "سميحة أيوب" ومن بعدها "سيمون" في رائعة "سعد الدين وهبة" "سكة السلامة"!

* وعلى ذكر "سمية الخشاب".. أتذكر عبارة "كنا في (أواخر) الشتا" في أغنية إليسا ، أتذكر معها عبارة حوارية لـ"سمية الخشاب" في فيلم "خيانة مشروعة" قبل نهاية الفيلم بقليل تقول فيها "حصلوني (فوراً)"..حلوة حصة "الفصحى" دي ويا سلام كمان لو كانت أصلاً في مكانها!

* سؤال غبي ومشروع: ما هي القيمة التي ستعود على المشاهد من استضافة شخصيات مثل "ماهر الجندي" و "مرتضى منصور" و"حسام أبو الفتوح" حكم عليهم جميعاً بأحكام نهائية وأنهوها ليتحدثوا كما لو كانوا أبرياء بالفعل؟ هل من أجل إثارة نوع من التعاطف و"الشحتفة" حولهم؟..أم من أجل غرضٍ ما؟

* أعجبني جداً الدويتو بين "إبراهيم عبد الفتاح" و "ممدوح بيرم" ..أشعر أنهما سينقلان الأغنية الدرامية خطوة كبيرة للأمام..

* ترى "مريم أمين" المذيعة التي عملت لفترة في قناة "دبي" ثم تركتها أن قناة "المحور" هي الأنسب لها لكي تبدأ مرحلة جديدة من مشوارها الإعلامي.. أخشى أن تكون هي الشخص الوحيد على ظهر البسيطة الذي يرى ذلك!

* على غرار الشائعات الشهيرة التي تنطلق من حين لآخر عن تغيير وزاري، كانت قد سرت شائعات عن انطلاق قناة مستقلة باسم "البيت بيتك".. ورغم هذا لم نسمع عن تغيير وزاري ولا عن انطلاق القناة.. التفسير الوحيد في رأيي هو أننا سوف نرزأ بمشاهدة تلك القناة عند أول تغيير وزاري قادم!

* تعجبني روح التحدي لدى "رزان مغربي" .. فهي تصر على تحدينا باستمرارها في التمثيل والغناء أيضاً!

* وأخيراً..علمتنا الدراما في مصر أن "الجاز" يجعل "البعض" أجرأ على فتح صدره والقول بأعلى صوت عبارات من عينة "أنا جدع".. بعد الطفرة التي أسهمت أموال وفضائيات النفط في صنعها للدراما السورية أدركت مدى "جدعنة" المدعو "عباس النوري"!

* تحديث: تقتضي مني الأمانة تصحيح معلومة خاطئة عن قناة "عرب" تم ذكرها في التدوينة .. القناة لم تغير نشاطها بعد..أما "بانوراما الدراما" فمتأكد جداً من صحة ما كتبته عنها..ومصدري في ذلك هو جريدة "المصري اليوم"..

Friday, January 18, 2008

لوازم الشيء!


التهييج العاطفي ، الخطاب السياسي الزاعق ، استعمال كل "التوابل" السينمائية ، كلها وغيرها أمور تجذرت في صناعة السينما في مصر على مدى قرن وأفقدتها الكثير من قوتها.. وإن كان كل ما سبق يندرج تحت بند الإكليشيه الشهير "الغاية تبرر الوسيلة"..

لدى المنتجين أو تجار السينما ما يبرر اللعب على كل تلك الأوتار سابقة الذكر، تذكروا منتجي السينما في الأربعينيات من القرن الماضي وكيف مالت معالجاتهم نحو الشرائح الفقيرة من المجتمع المصري في ذلك الوقت بشكل عاطفي دون تناول قضاياهم الحقيقية.. فجل منتجي السينما في ذلك الوقت كانوا من المغامرين الساعين للربح ، ووجدوا في الشرائح الفقيرة (وليست الشرائح الأفقر) القوة الدافعة المؤثرة لجعل أفلامهم تربح باعتبار كون السينما وسيلة الترفيه الأكثر جاذبية لدى شرائح كبيرة من المجتمع المصري عموماً..

وتكرر الأمر نفسه في معظم سينما الثمانينيات ، حين أصبحت الصناعة "مربِحة" من جديد ودخلها منتجون يريدون - وهذا حقهم المشروع - استعادة ما أنفقوه على الفيلم السينمائي الذي ينتجونه .. فبدأوا في استمالة الطبقة الفقيرة والمتوسطة من جديد بطريقة أو بأخرى .. أفلام "سمير عبد العظيم" وآخرين لعبت مثلاً على صنع "بطل" .."شجيع" أو "مُخَلِّص" يرى فيه الهامشيون بطلهم الحقيقي .. وكان "عادل إمام" هو الذي قام بهذا الدور في عدة أفلام تناولت كلها فترة الانفتاح وما بعد الانفتاح وتنوعت أيضاً ما بين الأكشن والكوميديا..نوعيتين جذابتين في سوق السينما التجارية المصرية في كل العصور..وكما كان هناك "الشجيع" .. ظهرت "السنيورة".. نجمة "الجماهير" "نادية الجندي" التي كانت ولا تزال تلح على كونها بريمادونا كل العصور حتى عندما تخطت الستين بمسافة ليست بالقصيرة!

ولا ننسى "السبكيات" بطبيعة الحال.. لكن أرجع وأقول إن هذا "مبَرَّر" طالما أن البيه المنتج لا يضحك على عقولنا بالقول أن أفلامه "تحمل مثلاً وقيماً عليا" ولا تختلف عن "الأرض" و"دعاء الكروان" و"اسكندرية ليه"!

والساسة مثلهم في ذلك مثل المنتجين.. بما أن الغاية تبرر كل الوسائل إذا ما تعلق الأمر بالسياسة .. ففي الحقبة الناصرية رأى صانعو القرار في ظل سيطرة حكومية على مقدرات الصناعة أن تتحول السينما إلى منشور دعائي كبير لـ"العهد الجديد" ، وعليه تم تسييس الصناعة بشكل مستفز ، أفلام وصلت فيها مباشرة الخطاب وزعيقيته إلى أقصى مداها (رد قلبي - لا تطفئ الشمس - الأيدي الناعمة-منتهى الفرح-الناصر صلاح الدين الذي احتوى على عبارات كاملة من خطب الزعيم المصري جمال عبد الناصر) ، وأفلام تم حشر السياسة فيها حشراً كما في "الرجل الثاني" .. حيث برر كاتب الفيلم عدم وصول الدواء لابنة "سامية جمال" في الفيلم بـ"الحصار الاقتصادي".. حتى الكوميديا لم تسلم من التسييس..

وعندما انتهت الحقبة الناصرية اكتشفت الصناعة - فجأة - كل الخطايا التي حدثت في الحقبة السابقة فبادروا إلى تعريتها في أفلام مثل "الكرنك" و"إكس علامة معناها الخطأ" و"طائر الليل الحزين" -أول أفلام "وحيد حامد" والذي كتب فيمَ بعد أفلاماً سياسية مهمة بحق وحقيق!

نعم أسهم الساسة والتجار في إفساد الصناعة مثلما أسهموا في نموها ورواجها ..وإن كانت لهم مبرراتهم .. لكن ماذا عن المبدعين "المُسَيَّسين" الجدد ، ونقادهم وصحفييهم؟

رسخ الأخيرون فكرة أن الفن رسالة ، وأن الفن الجيد والهادف هو الذي يحمل الرسالة السياسية (التي يؤمنون بها فقط طبعاً) دون اللجوء لأي توابل تجارية من التي يلجأ لها "الوحشين" الذين يقدمون سينما "تجارية" - كفى الله الشر- أو سينما لا تصادف مزاجهم السياسي ، ورسخوا معه أيضاً أنه في العمل الفني الجيد لابد أن يرمز كل شيء إلى شيء .. وبالعافية كمان (سبق تناول هذه النقطة هنا ).. وطبعاً "إن" "وقع" فيلم من "بتوعهم" في السينمات أو فشل فنياً فيرجع ذلك طبعاً إلى "جهل" الجماهير و"سوء" ذوقها.. وتأثرنا بهذه الأفكار رغم علمنا .. بحماقتها..

أفلام مباشرة التناول "العصابة -1987" وسطحية في استخدام الرمز "شارع المواردي-1982" وزااااعق "كتيبة الإعدام- فتاة من إسرائيل" قد تثير غضب من يشاهدها حتى ولو كان متخصصاً في السينما من هول بشاعتها وضعف مستواها لكنها -بسبب الزن على الودان- أفلام هادفة وذات قيمة حتى لدى من يشمئزون منها..

إلى الآن .. كل ما سبق "عادي".. لكن..

لكن من صدعنا بالأفكار والشعارات بدأ يحاول إمساك العصا من المنتصف ويفكر بعقلية الساسة والمنتجين "الوحشين".. يقول أنصارهم أن ذلك مبرره "شباك التذاكر"..وأقول عن نفسي أن ذلك أشبه بالتعليمات التي أعطاها "بيصي" لفرقة "المزجنجي" في "الكيف" بـ"السرسعة" عندما يبدأ المطرب صاحب المزاج العالي في التنشيز..بعبارة أخرى: الصق كام خناقة على كام مشهد من إياهم في قالب منشورجي سياسجي لكي تغطي ضعفك السينمائي الذي يراه الأعمى في عز الظهر..وسلامات يا سيمة!
* الصورة من موقع divx for arabs كما نقلوها من قناة "أوربيت الأولى للأفلام" لفيلم "كتيبة الإعدام"..

Thursday, January 10, 2008

سوداوية المتعة!


كل الشكر لصناع فيلم "حين ميسرة" ومن نافقوه ومن شرشحوا له ومن استفادوا منه .. فقد أمد هذا الفيلم كاتب هذه السطور بسلسلة من رءوس المواضيع توفر عليه مئونة البحث عن شيء يجدد به هذه المدونة المتواضعة!

قبل أن أتكلم عن الرشوة الطبقية ، و"المنشورات السياسية السينمائية" وهي كلها مواضيع هامة آمل بإذن الله العلي القدير ألا أنساها في زحام المشاهد والمشاهدات ، فكرت في الكتابة عن ظاهرة جديدة لفت "المسلماني" النظر إليها في الحلقة سابقة الذكر عن الفيلم المذكور سابقاً .. وهي من النقاط الصحيحة القليلة في كلام هذا الكاتب!

التمتع والتلذذ بالسواد والسوداوية..خدوا عندكم:

1-الشعبية الجارفة التي يتمتع بها أغاني ومطربو النكد في مصر.. وكلما زاد النكد زادت الشعبية بلا سبب واضح يسهل على أمثالي فِهمه..وبالمناسبة.. قد أستطيع تفهم كآبة أغاني "حسن الأسمر" مثلاً لكون أغلب الأغاني الشعبية القادمة من قيعان المدن حزينة للغاية (مثل لون غنائي في الجزائر يعرف باسم "شعبي" يشبه "الشعبي" المصري في مرحلة ما قبل "شعبوللا") .. لكن ماذا عن كآبة أغاني "مصطفى كامل" الذي تتضاعف من ألبوم إلى آخر .. وبلا سبب مقنع ..وتزداد شعبيتها في كل مرة بشكل يثير الذهول؟

2-أما مسلسلات النكد لدينا فتتمتع بجماهيرية غير معلومة المنطق ، وكل ما كانت جرعة الصويت والنواح في المسلسل أعلى كلما كان "أقيم" و"أكثر جديةً واحتراماً".. واتضح أن الأمر لا يقتصر فقط على المسلسلات المصرية فحسب .. تذكروا كيف سحب المسلسل الياباني "أوشين" البساط من تحت أقدام مسلسل "الأقرع والجميلات" - كما أتعمد ترجمته هكذا.. أحسن!- بعد مرحلة كان التليفزيون يذيع فيها قبل المسلسل الأخير خمساً وأربعين دقيقة من الإعلانات!

وفي الأفلام لا يختلف الحال كثيراً رغم هوجة الكوميديا في السنوات الأخيرة .. صحيح أن لذلك الأمر في السينما المصرية جذور ترجع إلى عقود وعقود .. حيث كان اسم "مخرج الروائع" مقترناً بـ"حسن الإمام" ولم يقترن أبداً بـ"فطين عبد الوهاب" أو حتى "كمال الشيخ".. وكان العديد مما قدمه "الإمام" من سينما يحتوي على نكد من النوع الأوشيني السوزوراني منقطع النظير.. لكن تغير الوضع لعقود طويلة ساد فيها الكوميدي مع "عادل إمام" والكوميديانات الجدد ومعه الأكشن والأفلام الرومانسية .. ثم عادت الأمور سيرتها الأولى مع النجاح المدوي لفيلمي "حين ميسرة" و من قبله "هي فوضى".. رغم أن الأخير يحمل -جزئياً- اسم "يوسف شاهين".. وما أدراكم ما "كان" يمثله اسم "يوسف شاهين" يوماً ما!:)

3-ولما كانت جرعة الكآبة غير كافية في الأفلام والمسلسلات والأغاني بدأ هناك اتجاه جديد للبحث عن الكآبة بمنكاش .. التلذذ بمشاهدة المآسي الإخبارية .. والمانشيتات الكئيبة لبعض الصحف المستقلة وبعض مطبوعات الحزبوطني .. والإدمان على متابعة مواطن الكآبة في برامج تليفزيونية شهيرة منذ أيام "كلام من دهب" مروراً بـ "حتيييث المتيييييينة" ونهايةً بـ"العاشرة" وأخواته.. قد أرى ضرورة لمشاهدة هذه البرامج ومتابعة تلك الجرائد (في حدود ما تتحمله مرارة الإنسان الطبيعي) في محاولة لفهم ما يحيط بنا وإشباع فضول المعرفة لدينا .. لكن ما يحدث (وقد يكون تهيسؤات) هو نوع من التلذذ والاستمتاع بكل هذه الكآبات المحدقة بنا من جميع الاتجاهات الأصلية والتايوانية!

وعليه كان من الطبيعي أن نفشل في عمل كوميديا مقنعة مثلما كان الحال عليه في فترات سابقة.. اللهم إلا من بعض الإفيهات والقفشات واللزمات هنا وهناك تجعلنا نبتسم ..وصارت الكوميديا عندنا أحياناً عافية وقوة ودراع "تامر وشوقية" وأفلام وممثلين فاشلين في الإضحاك "أفلام تامر عبد المنعم وسلسلة العيال الحبيبة والهربانين وقريباً المجانين"..

هذه الحالة من الاستمتاع السوداوي الذي أدعوكم لمشاركتي البحث عن ما وراءه وعن أسبابه بدأت تفقدنا الشعور ليس فقط بكل ما هو مرح بل بكل ما هو جميل حتى ولو كان غير زاعق الضحك.. بدأت تفقد عيوننا رؤية ألوان الطيف وتحول حياتنا إلى شاشة كمبيوتر يعود إلى عصر الـ XT -للي يوعى عليه- عبارة عن لونين أسود وأبيض ودرجات الرمادي..بدأت تفقدناأي أمل في أي إمتاع أو إقناع وتحول حياتنا إلى عذااااب.. عذاااااااب.. عذااااااااب.. ياااااا عيييييينييييي!
* الصورة من عند الزميلة "عصفورة في الساحة"..

Monday, January 07, 2008

هييييه .. وقعوا في بعض!


لم أشاهد "حين ميسرة" .. أو الأفلام التي يتم تصنيفها تحت "سينما اليسار" .. لكن "العيار اللي ما يصيبش ..يدوش".. كان لصدى هذه الأفلام أثر وحيد إيجابي وهام أسعدني جداً في الأيام الأخيرة .. وهي أن نقاد الحزبوطني واليسار وقعوا في بعض!

سعدت عندما رأيت "حمقة" "خالد يوسف" على اتهامات "عمرو أديب" في الحلقة الشهيرة من "القاهرة اليوم" قبل أيام.. "حمقة" قد يفسرها البعض لكون "خالد يوسف" من النوعية الغالبة في اليسار والناصري ممن لا تحب النقد إلا في اتجاه واحد وطبقاً لمعايير سياسية أيديولوجية أضيق من حذائي القديم ، وأفسرها لكونه شرب من نفس الكأس "الحمضان" الذي سقاها نقاد ينتمون لنفس فانلته السياسية لمبدعين آخرين كل مشكلتهم أنهم مختلفين سياسياً مع التيارين المذكورين..ربما عرف أن الشعارات الحنجورية حول حرية الفن بلا قيود وبلا رقابة وبلا حبس في معايير سياسية ودينية هي مجرد كلام يسهل انصهاره في درجة حرارة الغرفة العادية ، بل والغرفة مكيفة الهواء أيضاً.. وأن الضربة جاءت هذه المرة ممن وقفوا معه -أو هكذا ظنهم عن حسن نية مفرط حبتين- وقت أن اصطنع سيادته أزمة حول اسم فيلمه السابق "خيانة شرعية" والذي عدَّله - مقهوراً وتحت ضغط كما قيل وقتئذ - إلى "خيانة مشروعة"..و"الأكادة" أنهم كانوا يرددون نفس تلك الشعارات!

التكفير السياسي للأعمال الفنية صار طبعاً في أناس يدعون حمايتهم لحرية الفن والفنان ، ويلصقون على صدورهم "ستيكرات" لا يملكون ترف قراءتها أو عرضها على عقولهم.. وهم نموذج للتفكير "الزراري" وازدواجية المعايير .. فبكبسة زر نسمع شعارات "لا قيود على حرية الفن والفنان ، ولا يجب تفسير الفن أي تفسير ديني أو أخلاقي" ، وبكبسة أخرى نسمع "لو كان سيفي معي ما احتجت للقلمِ .. يا ميت ندامة ع الأخلاق والقيمِ!"..

"خالد" لم يكد يلتقط أنفاسه من هجوم جوقة الحزبوطني حتى وجد نفسه مدعواً إلى "خناقة" عند "عمرو أديب" في "القاهرة اليوم".. وهذه هي أول مرة في تاريخ "عمرو أديب" الإعلامي التي يخطئ فيها الحساب ، فقد نسي الرجل "حساسية موقفه" الذي لم يختاره ، فهو لم يختر أن يكون شقيق "عماد أديب" الرجل الذي يقف خلف كيان إنتاجي هو الأضخم في السينما العربية حالياً "جود نيوز" .. والذي أنتج فيلماً أثار جدلاً أخلاقياً يفوق قوةً الجدل الفني .. أول حرف من اسمه "عمارة يعقوبيان"..

لم يكن الموضوع ليحتاج أكثر من شرارة حتى نجد الطوبة فوق الطوبة و"العركة" منصوبة .. شرارة أطلقها "أديب" الصغير فانفتح على أثرها "خالد يوسف" كـ"ميتريليوز" يوجه فيه اتهامات محرجة بازدواجية المعايير لمذيع "القاهرة اليوم" الوحيد.. منها ما يخص أسلوب "أديب" .. ومنها ما يخص "عمارة يعقوبيان" وشخصية "حاتم رشيد" تحديداً.. وسط تأكيدات لاهثة من "أديب" أنه لا يطلب منع عرض الفيلم ولكن وضعه تحت لائحة "للكبار فقط"..ويبدو أن "أديب" الإعلامي الكبير وابن السيناريست الكبير نسي في الزحام أن مسألة "للكبار فقط" هي مسألة من اختصاص الرقابة على المصنفات الفنية وليس صناع الأفلام .. وأن هذا هو ما حدث مع "يعقوبيان" في وقت سابق..

لم أشاهد "حين ميسرة" - أو "حين مسخرة" كما سماه صديق - لكن كان يفترض أن يكون هناك جهاز للرقابة على المصنفات الفنية ، وغرفة لصناعة السينما ومنتجيها تحدد ما للكبار وما للصغار كما يحدث في بقاع كثيرة من عالم اليوم ، دون النظر لإرهاب المستنورين والأتاتورك الذين يتحدثون عن عالم غير الذي نعيش فيه..

لم أشاهد "حين ميسرة" .. لكن باعتقادي أن الخناقة التي تثور على صفحات الجرائد وشاشات الفضائيات أكثر أهميةً وإمتاعاً.. فقد رأينا كل الأقنعة وهي تسقط دفعة واحدة ، ورأينا الوعاظ المتشدقين بحرية الفن في صحفهم ومواقعهم وبرامجهم على حقيقتهم بلا رتوش أو "زواق"..وأرى أنه من الممكن أن يكون لتلك "العركة" part two.. كأن يصطاد طاقم "العاشرة مساءً" في أعكر أنواع المياه ويستضيف "خالد يوسف" وطاقم عمل فيلمه وهات يا مدح ماركة البحتري وأبو تمام والفرزدق وجرير ، مع عدة اتصالات سريعة التجهيز تدخل في هذا الإطار..الرأي والرأي الآخر.. نياهاهاهاهاها!

تحديث: وقد حدث ذلك بالفعل ، للحق كانت حلقة "العاشرة مساءً" "مزيكا" في كل شيء ودرس رائع في كيفية تصنع الحياد وادعاء الموضوعية بشكل "محبوك" درامياً، وكانت فرصة لمشاهدة "خالد يوسف" و"سحر الجعارة" و"أحمد المسلماني" و"سمية الخشاب" ومعهم "منى الشاذلي" على حقيقتهم.. لهذا أنام مرتاح الضمير لأنني لا أشعر بأنني قسوت على "العاشرة مساءً" أو تجنيت على صناعه .. أو قسوت على عيني وأهنت عقلي عندما اتخذت قراراً بمقاطعته ما استطعت إلى ذلك سبيلاً!
* أذكر فقط بأنني لست متفقاً مع "خالد يوسف" لا في الرأي السياسي ولا كمتفرج على أفلامه..أما سينما اليسار والشعبوية في السينما سواء كانت حكومية أو غير لنا عنها كلام بإذن الله.. الصورة من "الرياض" السعودية..

Tuesday, January 01, 2008

بين السليق .. والحريق!


كل سنة وانتم طيبين..

أردت أن "أستفتح" السنة الجديدة بتدوينة في اليوم الأول .. هذه المرة بتدوينة غريبة هي خاطر جال بذهني قبل قليل ..

فكرة "يا سليق .. يا حريق".. فكرة اللاوسط..

مفيش وسط بين إعلام الحزبوطني و"استقبل سيادته" و"الفكر الجديد" و"أعلى مستوى" وبين وسائل الإعلام اللاحزبوطنية التي تضعك أمام صورة أخرى ..بين "الحياة بقى لونها بمبي" في "البيت بيتك" ، و"كتاب حياتي ياعين ما شفت زيه كتاب" في "العاشرة مساءً"!

مفيش وسط بين كلمات أغاني كلها تذلل وخنوع وضعف وكساح ، وبين أغاني كلها تهديد ووعيد وعصبية وشتائم..حتى في الأغاني "الشعبي".. لن تجد وسطاً بين "العنب" و "المحكمة"!

مفيش وسط بين أفلام تدور أحداثها في القرى السياحية وحول علية القوم ، وبين أفلام تأخذك في جولة إلى أفقر أفقر بقاع مصر.. بين أفلام قصص الحب والروشنة والضحك أحياناً وبين أفلام قصص البلطجة والإرهاب والجريمة والفوضى.. بين أفلام تشعر فيها أن الحياة "بمبي بمبي بمي بمممممممبي" ، وأخرى تكتشف أنها أسود من فانلة الحكم التقليدية قبل مونديال 1994.. وحتى ما يكتب عن الأفلام خال من الوسط .. فالأفلام في وجهة نظر عديد الكتاب والصحفيين إما أن تكون في مستوى "الأرض" و "دعاء الكروان" و"Gone With The Wind".. أو أن تكون كوارث وجرائم يستحق أصحابها الإعدام رجماً بالقباقيب القديمة!

أوشكنا على ألا نرى وسطاً حتى بين الإفراط والتفريط في حياتنا..

هل الوسط بين كل هذه المتناقضات مختفي عن عيوننا -كتاباً ونقاداً ومبدعين ومتفرجين- أم أن عيوننا عاجزة عن رؤيته والاعتراف به وتصنيعه؟

الوسط موجود.. بين الامتياز والضاد جيم هناك المقبول والجيد ، بين الممتاز والهابط هناك المتوسط و"المعقول" والـ"مش وحش"، بين العباقرة و الأدعياء هناك المجتهدون والكسالى وناقصو الموهبة والموهوبون ، بين شرم الشيخ والعشوائيات هناك بشر لهم أحلام وطموحات ومشاكل ، بين الترف والفقر هناك عالم بأكمله..

فقط أتمنى من العلي القدير أن يعينني على أن أرى الحياة من حولي بكافة أبعادها ، الجميل ، والقبيح ، وأيضاً الوسط.. دمتم بألف خير..