Friday, January 29, 2010

فرجات آخر الشهر

* ما هو المنطق في أن يتولى رئاسة أكبر جهاز إعلامي في البلد - اتحاد الإذاعة والتليفزيون- شخص هو محسوب على مؤسسة أخرى هي اﻹيه آر طين ولم تنقطع علاقته بها؟ وهل صحيح أن له علاقة وقت أن كان هناك بصفقة بيع فيها أرشيفنا التليفزيوني والسينمائي فوق البيعة للشبكة المذكورة وغيرها؟ وهل تواطأ مسئولون في الاتحاد بعدم شراء حقوق أفلام تليفزيونية بعد انتهائها لتباع للآخرين وبرخص التراب ، يذيعوها يحرقوها يودوها في ستين داهية هية كانت بتاعتنا؟.. هل لديكم إجابة؟

* النقل التليفزيوني والإخراج لمباريات كأس أمم أفريقيا الحالي هو الأفضل على الإطلاق في تاريخ هذه البطولة .. حتى التتر الذي صممه المنظمون الأنجوليون ومسئولو "الكاف" رائع.. حتى أنني "أتلكك" لانتظاره بين الشوطين أو قبل المباراة.. أحترم فيهم أن لديهم القابلية للتعلم من أخطائنا عندما نظمنا البطولة قبل أربع سنوات ، أما نحن والحمد لله لا نتعلم من أخطائنا نحن.. مجرد تعليق صغير..

* "سمية الخشاب" في تصريح لـ"اليوم الساقع" تقول أنها شجرة مثمرة "بيحدفها البعض بالطوب" .. تصريح يموت من الضحك.. فمعلوماتي أن الشجرة المثمرة ليست الشيء الوحيد الذي يمكن تحديفه بالطوب!

* ظهر مؤخراً إعلان في مدينتي لعروض سينمائية تثقيفية يقوم بها "حزب التجمع" مع "حزب الجبهة".. ومن الواضح أن "حزب التجمع" أصبح أكثر انفتاحاً ، ليس لمجرد تقديمه لعروض سينمائية ، ولكن لأنه قبل ، ولأول مرة ، أن يوضع اسمه على الإعلان على "يمين" اسم "حزب الجبهة"!

* أعجبتني فكرة إعلانات "فودافون" الأخيرة والتي تعيد إلى الأذهان مسرح العرائس .. برغم تحفظي على مستوى خفة ظل الدعابة إلا أن الحملة في مجملها مبهجة .. وحققت نجاحاً بَهَت على فيلم "كلمني شكراً"!

* أسوأ موسيقى تتر لبرنامج: "الحياة اليوم" ، أسوأ تصميم لتتر : "تامر وشوقية"..أسوأ الفنانات اختياراً لمظهرها العام : "غادة عبد الرازق" .. ولا زال لدى هؤلاء الكثير ليقدمونه!

* "إليسا" نجحت بألبومها الجديد برصيدها السابق ، وليس لجودة الألبوم الحالي.. شيء خطير أن يصل الفنان لمرحلة يعتمد فيها على رصيد ذكرياته لدى جمهوره حين لا يسعفه مستواه ولا تساعده اختياراته..

* من مظاهر سوء حظ هذا الجيل أن يكون لسان حاله الغنائي هو السيد "أيمن بهجت قمر"..لنا عنه كلام بإذن الله في تدوينة مستقلة..

* "البنت زي الولد..ما هيش كمالة عدد".. وهذا ينطبق على "ساندرا نشأت" التي تثبت في كل فيلم تخرجه أنها لا تقل عن "إبراهيم عفيفي"!

* كتب أحدهم في أسبوعية مستقلة أنه يتمنى أن تظهر بصمات "جمال الشاعر" على "الفضائية المصرية".. ما كانت ظهرت الأول في "النيل الثقافية" التي جثم على صدرها منذ إنشائها..مش كدة ولا إيه؟

* "نايل لايف" صارت مقبرة المذيعين المغضوب عليهم .. بدءاً من "أسامة منير" ونهايةً مؤخراً بـ"لميس الحديدي".. ترى من القادم؟

* أخيراً.. انضم سر نجاح أغنيتي "الناس الرايقة" و "ستة الصبح" لقائمة ألغاز طويلة في الفن المصري قد يعرف أبناؤنا سببها .. استمعوا للأغنيتين لتعرفوا جيداً ما أقول!

Wednesday, January 06, 2010

جدداء المصريين!


بيزنس "الهوية المصرية".. بكل أسف..

المسألة لا علاقة لها بمباراة الجزائر الشهيرة وتوابعها كما يتصور البعض ، أو للدقة كما يتصور أغلبنا ، المسألة شعور عام لدي كمتفرج شرير أن مصر لدى العديد من القنوات الحكومية والمالسياسية "موضة" .. تذكرك بـ"سامي العدل" في فيلم "خالتي فرنسا" وهو ينصب حفلاً لعدد من رجال الأعمال يحييهم فيه ويؤكد لهم أنه يدعوهم لقضاء سهرة مع "مصر".. حيث كل شيء في الحفل "مصري صرف" .. من الكراسي إلى الطعام إلى "المشروبات الروحية"..بالنسبة للفضائيات أرى الحال مختلفاً-بعض الشيء..

في حفل الفضائيات المصرية يجد المشاهد المصري قبل غير المصري نفسه في سهرة مع مصر .. بلا أي شيء مصري..

قد يرى البعض السطور القادمة نوعاً من الحنجوري المقيت وتسبيب ما لا سبب له ، لكنها مجرد ملاحظات متفرج أدعوكم معي لتأملها.. ولن تخسروا شيئاً..

1-أبسط شيء.. عنوان الجواب الذي يظهر منه .. أسماء البرامج التي أصبحت نسبة معتبرة حسابياً منها أجنبية .. بل إن أسماء عدد من القنوات الفضائية المصرية أجنبي صرف.. "دريم" ، "أون" ، "أو" ..

2-ولأن الفرجة على التليفزيون فرجة وسماع ، فستصطدم أذناك بقائمة طويلة من المقطوعات الأجنبية كموسيقى للتترات والفواصل في معظم القنوات الفضائية المصرية ، كما لو كان هذا البلد قد عقم عن إنجاب موسيقيين شكلوا الأذن المصرية والعربية ، ومن المخزي أن قناة "النيل الثقافية" التي تعبر عن هوية مصر الثقافية هي قلعة من قلاع التغريب الموسيقي الفضائي .. كمزيد من التكريس ربما للنظرة الدونية لكل ما هو "مصري عربي" ولاقتران التثقف بالشرق والغرب.. وهي نفس النظرة التي يمكنك لمحها من فرجة عابرة على قناة اتخذت العلم المصري شعاراً لها : أو تي في!

3-أتابع أحياناً "صباحك سكر زيادة" .. ومقدموه أشخاص لطفاء في مجملهم ، باسثتناء الطهاة ، وبخاصة السيدة إياها التي تعوج لسانها بالنطق الإيطالي والفرنسي لكل شيء ، وما أن يخبط ناظراك طاولة مقادير الوصفة حتى تفاجأ بأكبر كم ممكن من المكونات "غير المصرية" والمسميات "غير المصرية" .. حالة الفرنجة تلك تطاردك حتى في برنامج "من كل بلد أكلة" الذي كان ملكية لـ"ممدوح علوان" بالمشاع مع "شريف مدكور" ، ثم انتقلت ملكيته إلى السيد "علوان" مع شيفاته الذين صنع منهم نجوماً بالعافية والخوجنة.. تذكروا أن البرنامج يذاع على "قناة النيل للأسرة والطفل" - قناة "ميري"..

مع احترامي لكل من لا يكترثون للطعام ، يبقى الطعام جزءاً من هوية البلد ، أي بلد ، وتقترن بها ، كما تقترن الـ"باستا" بـ"إيطاليا" ، و"البوريتو" و "التورتيا" بـ"المكسيك" ، و"السوشي" بـ"اليابان" ، و"الكبسة" بـ"السعودية" ، و"التبولة" بـ"لبنان".. أي مشاهد لتلك القنوات ، خاصةً إن لم يكن مصرياً ، سوف يتساءل في اذبهلال : وماذا يأكل المصريون إذن إذا كانوا يقدمون في فضائياتهم طعاماً من كل بلدان العالم ، إلا بلدهم الذي يعد من أقدم بلدان العالم؟

4-رابعة الأثافي .. رغم أن "الأثافي" تقترن عادةً بالشيء "الثالث"..

الفصحى يا سادة .. رغم أنها القاسم المشترك بين كل العرب .. إلا أنك تستطيع بمجرد السمع أن تميز بها هوية المذيع المصري والسوري واللبناني والمغاربي.. جزء من ثقافة وهوية البلد أيضاً.. ورغم ذلك صوب ريموتك إلى "النيلة للأخبار" ، وستشاهد بعينيك وستسمع بأذنيك العجب العجاب .. مذيعون ومذيعات "مصريون" تفاجأ لسانهم وقد تمت موالفته على الفصحى الشامية ، كأنك تستمع لفلسطينيين أو سوريين أو أردنيين وليس إلى مصريين .. رغم أن القناة تتشتح بعبارة "قناة مصر الإخبارية" .. "قناة مصر الإخبارية" بأصوات شبه سورية كما لو كانت الفصحى المصرية وصوتياتها المميزة سبة يجب أن يتخلص منها المذيع لكي "يفلح"..

الأسوأ.. مراسلة في برنامج "العاشرة مساءً" .. لا أعرف اسمها ، ولا يشرف "فرجة" ولا مدونها في أي شيء ذكر اسمها إن عرفه والعياذ بالله ، ولا داعي في الاستفاضة في وصفها بدقة لاعتبارات تتعلق بالأدب المفضل على الهمبورجر ، مصرية صرفة بالاسم والجنسية - فقط- تفتعل اللهجة الشامية بشكل عنيف جداً ومبتذل جداً جداً كما لو كانت سيادتها مراسلة في برنامج على "الجزيرة" أو "العربية" أو "الأتوبيس".. إيه القرف دة؟

أنت مدعو عزيزي المتفرج لسهرة .. ليس مع مصر الحقيقية .. بل مع "جدداء المصريين" .. مذيعين ومدراء وأصحاب فضائيات.. ماركة "تاحيا ميسر".. ولا "تحيا Egypt".. يذكرونك من بعيد بالنسخة السياحية للمواطن المصري التي جرى الترويج لها من الصحافة المسماة بالقومية إبان بطولة أمم أفريقيا 2006.. مع الفرق بأن "جدداء المصريين" -العكس الحرفي الساخر لـ"قدماء المصريين"- أقرب إلى الشخص المتباهي مظهرياً بانتمائه -علم وأغنيتين وطنيتين وكام توك شو حراق و"يا حبيتشي يا مصر يا مصر"- الكاره باطنياً لنفسه و"المستعر" من هويته .. فبحث عن موسيقى غربية ولسان شامي يختفي وراءه .. ويداري عجزه خلفه ..مصري بالاسم وجواز السفر فقط ويود في قرارة نفسه إزالة كل ما هو مصري من حياته بماء النار.. على الرغم من أنهم يعملون في فضائيات تدفع لهم الشيء الفلاني(1) ، ويتقاضون آخر الشهر مبلغاً وقدره.. والعبارة السابقة لمن يرون فيما يأخذه الشخص من الوطن "مبرراً" لانتمائه له .. نظرية أوضحها الشاعر الكبير "بهاء جاهين" في كلمات أغنية كتبها لمسرحية "الزعيم" : "وأنا أبقى ليه وطني.. هوة الوطن وطني؟".. وهو ما أختلف معه بشدة..

تذكرت بالمناسبة مشهداً شهيراً من فيلم "الحفل" للمخرج الأمريكي الكبير "بليك إدواردز" .. الشخصية الرئيسة في الفيلم "كومبارس" هندي كاد أن يطرد من هوليوود بسبب خطأ رهيب ارتكبه أثناء تصوير مشهد تفجير في فيلم ،وقُصِدَ اختياره هندياً بكل النظرة الدونية والساخرة للهنود في المجتمعات الغربية في الستينيات ، إلا أن هذا الممثل الهندي رفض وبكل إباء توجيه أي سخرية لبلاده ، أو للفيل الذي يراه رمزاً لها..

كل الاحترام للآخرين.. لكن لماذا لا تكن نفسك .. سواء أكنت صاحب حضارة ضاربة بجذورها في الزمن أم لا؟.. فلا هم اختاروا أن يكونوا كذلك ولا أنت..دمتم بخير..
(1)منذ التسعينيات وبدأ أصحاب الفضائيات العربية في تسويق أنماط استهلاكية تعطي نوعاً من الـ inferiority لكل ما هو مصري ، أي تضعه في منزلة أدنى من كل بديل له عربياً كان أم أجنبياً.. ومع الوقت بدأت الفضائيات المصرية الخاصة والحكومية في اللعب على نفس الوتر ..خاصة تلك المتشدقة بمصر وهوية مصر..
*العلم المصري من جروب تابع لـ"مكتوب" دوت كوم..

Sunday, January 03, 2010

"آنون" المراغي..


صراحةً أشفق على من تحملوا مشاهدة ثماني وعشرين حلقة من العك الدرامي المركز على قناة "بانوراما الدراما" ، والتي عرضته بعد أن فشل بجدارة واستحقاق في لفت الأنظار إليه طوال فترة عرضه داخل السباق الرمضاني ، سواء على القناة الثانية "الرسمية" أو على قناة دريم ..هذا التحمل الذي إن عكس شيئاً فهو يعكس أولاً قدرة فائقة للمتفرج المصري على تحمل "قسوة" المتابعة للدراما سواء التي تنتجها بلده أم لا ، وإصراره ثانياً على معرفة نهاية العمل الدرامي حتى ولو شرب كأس العذاب دوبل..

نصف كأس العذاب يرجع إلى طبيعة قناة "بانوراما الدراما" التي تحول عرض المسلسل إلى وسيلة تعذيب ، فالمسلسل الذي يعرض عادةً في أي قناة في مدة لا يجاوز مجموعها الساعة أصبح يعرض في ساعتين نتيجة لفواصل الإعلانات التي تخترق فترة عرض الحلقة الواحدة ، وليتها كانت إعلانات "عدلة" ، بل هي إعلانات من نوع "التلي شوب" مصمم بشكل مقزز ويفقع أقوى مرارة ، لدرجة أقترح معها أن يجبر رئيس تحرير منشور "الشروق" الجزائري على مشاهدتها لمدة ثلاثة أيام حتى يجري في ميدان التحرير صارخاً "حبيبة بابا.. رااااشا.. أمووورة بابا ..رااااشا".. ولن يحتمل الثلاثة أيام كاملة..

أما النصف الآخر فيرجع إلى المسلسل نفسه..

1-كتبت في تدوينة سابقة أن ورش عمل السيناريو وفرق الكتابة نماذج عملية على السبوبة ، وهذا المسلسل من واقع مشاهدتي له يؤكد أنني لم أفتر الكذب على هذه النوعية من الدراما في مصر ، خاصةً عندما ينتجها أشخاص مثل الطفل المعجزة مهندس الديكور الذي أصبح في غفلة من الزمن منتجاً لبرنامج "البيت بيت روزا العز يا بيتنا" ، ثم منتجاً سينمائياً وتليفزيونياً في زمن أصبحت تكلفة المسلسل التليفزيوني تزيد تقريباً عن تكلفة إنشاء مستوصف.. والمنتج مغناطيس يجتذب إليه المؤلف مثلما يجتذب كل "تهامي" "وديع" الخاص به ، كما سلف ذكره في تدوينة سابقة..

2-ومن الطرق المعتادة للسبوبة أسلوب "ضرب" النماذج الهوليودية ، وتم الضرب بغشامة فائقة على مستوى الفكر والصورة ، فيبدو أن تقليعة الصورة السينمائية أو شبه السينمائية التي قدمها - أو أعاد تقديمها- إخواننا الشوام مشكورين قد راقت للمنتج إياه فقرر تطبيقها على مسلسل ركيك في كتابته إلى أقصى حد..

2-وأول خدعة يتعرض لها مشاهد "قانون المراغي" تكمن في إحساسه للحظة واحدة على الأقل أنه سيشاهد شيئاً جديداً ، فالمسلسل في رأيي هو مجرد نسخة جديدة من الثالوث التاريخي للدراما في مصر ، "الجان" و الزوجة والحبيبة..

شخصية الـ"جان" ، أو الـ"ريدج" كما يحلو لي تسميتها نسبة إلى مسلسل "الجريء والجميلات" -ما تجوزش عليه غير الرحمة، تتمثل في شخصية "هشام المراغي" ، الشخصية الوحيدة "الطبيعية" وقليلة الافتعال نسبياً نسبياً بين باقي شخصيات المسلسل من حيث التصميم والمواصفات ،عرَّف "هشام" -لعبه "خالد الصاوي" إحدى حسنتي المسلسل- نفسه في مونولوج طوييييييل وغير جذاب بأنه شخص فقير طموح نشأ في أسرة مفككة تبناه مهنياً أستاذه ووالد زوجته -لعبه "رشوان توفيق"- وزوجه ابنته ،وأصبح واحداً من كبار المحامين في مصر ، يتعامل - كما يقول- بمهنية مع مهنته ، يتولى أي قضية يعطيها له عميل مكتبه أياً كان وأياً كانت ، ولا يمانع في استعمال أي أسلوب في الفوز بأي معركة يدخلها ، وبعيداً عن الـintro المذكور نراه في الحلقات على المستوى الشخصي شخص "ابن أصل" وفي لمن أوصله للمستوى المعيشي والسمعة التي يرفل تحت ظلها ، يشغله عمله كثيراً عن عائلته -عكس الإكليشيه السائد عن الفقير الانتهازي الطموح العظامي، ابن نكتة ، وصاحب مزاج عال وذوق موسيقي مميز ، وفوق كل ذلك جذاب للغاية ، وسر جاذبيته هو اكتفاء "فريق الكتابة" -كما يسمى في التتر - بالتنازل عن إكليشيه واحد- "فشقة بيك يا رمضان" في رمضان- تمهيداً للهجوم عليك بفاصل من أكثر المكررات الدرامية المصرية سماجة..

الزوجة ، لعبتها السيدة "أنوشكا" التي أصبح فيما يبدو لزاماً علينا أن نعتادها كممثلة ، النموذج النمطي الصح الصح للزوجة النكدية التي تجبر زوجها - خصوصاً لو كان "ريدجاً" ملو هدومه - على أن "ينودر لبرة" -كما في إعلان تسعيني مقزز لصنف من السمن - فهي متسلطة للغاية ، عصبية ، مهملة لابنتها الوحيدة ولزوجها ، شيء يشبه تماماً "سهير البابلي" في فيلم "أميرة حبي أنا".. حيث كانت متزوجة من "حسين فهمي" بطل الفيلم ، الذي هرب منها إلى الفتاة التي أحبها وارتبط بها سراً أول الأمر ، والتي لعبتها - وللصدفة - "سعاد حسني" المعروفة صحفياً وإعلامياً بـ"السندريللا".. وشتان بين "السندريللا" في "أميرة حبي أنا" ، و"السنتريللا" في "قانون المراغي"!

الحبيبة ، "السنتريللا" ، "صفية" التي لعبتها "النجمة" "غادة عبد الرازق".. وهي على حق "سنتريللا" بمعظم مواصفات النموذج السنتريللي التقليدي ، فهي الفقيرة القادمة من الحي الشعبي الفقير في العمرانية ، المعروفة بأنها "صاحبة قيم ومواقف" و"تدافع عن الحق والمبادئ" منذ أن كانت في كلية الحقوق ، وفوق كدة "جامدة" لأنها "مش بتاعة الكلام دة"، متمردة ، متحررة متنحررة، ذات "التاريخ التظاهري النضالي الاعتصامي العريييييض" ، تؤمن بمبدأ "أنا بأعمل اللي براسي" للمفكر الكبير "جاد شويري" ، حتى أننا نراها "بتشيش" في مشهد يجمعها بـ"هشام المراغي" .. وإن كانت "سندريلا" في القصة الأصلية تعاني من قهر زوجة الأب ، عانت هي من قهر مجتمعي بعد زيجة فاشلة من محامٍ زميل ، لتجد في شقتها الجديدة وحياتها الجديدة ما يشبه الحفل الذي ذهبت إليه "سندريلا" في القصة الشهيرة..

صحيح أن "هشام" وجد فيها "الشيء الطيب الطاهر الجميل النبيل ..." إلى آخر الإكليشيه الشهير الذي نسمعه عندما يحب رجل غني فتاة فقيرة ، أو الملجأ والملاذ من "الأشكيف" -السيدة حرمه المصون- ، واستشعرت من جانبها منه بوادر إعجاب ، لكن "البحر يحب الزيادة" ، وعليه ومن أجل مزيد من إعجاب الأمير ، عفواً "الريدج" ، كان يجب عليها أن "تديها نيولوك" ، شديد الشبه بـ"لوك" "شادية" في النصف الأول من آخر أفلام "فطين عبد الوهاب" "أضواء المدينة"، وأن تضرب شعرها بوية صفراء شديدة الشبه بتلك التي كانت تستخدم لتزيين الأرصفة في "المنصورة" منذ فترة طويلة ، لتظهر كنسخة شبه صينية من عروسة المولد التي نعرفها ، والظريف في الموضوع أن تعليقات من حولها في المسلسل تشيد بالنيولوك الذي جعل منها "صاروخاً" على غرار "صواريخ" "تهامي" و "وديع"..بس على "بيئة" حبتين ..

كل ما سبق غريب ، والأغرب أن تنجذب شخصية "صاحبة مبادئ" مثل السيدة المحامية إلى السيد "هشام المراغي" ، انجذاب "هندي" صريح لا يمكن تصديقه و"ما يركبش" مع طبيعة الوسط أو طبيعة المهنة التي لا تخفى فيها خافية ، والتي من السهل على أي شخص في المحكمة أن يعرف فيها كل شيء عن المحامي وطباعه وسمعته ، وتحت سمعته نضع مائة خط .. وعليه فمن "الواسع حبتين" إلى درجة "البهوقة" أن أصدق كمتلقي أن محامية "صاحبة مبادئ" لا تعرف أن "فلان الفلاني" المحامي ضلالي ويستعمل أساليب غير مشروعة وبعض زبائنه من كبار الفاسدين في مصر ، وهو أمر يسهل على أي شخص في داخل مجتمع المحكمة ، وداخل مجتمع المحامين ، أن يعرفه وبسهولة .. شيء يذكرك في لامنطقيته وبلاهته بفيلم "خيانة مشروعة" وفي علاقة الصحفية -"مي عز الدين"- بـ"صلاح البحيري"- لعبه "عمرو سعد"..

3-وتظهر التأثيرات الهندية الكلاسيكية في تطور علاقة السيد"هشام المراغي" بالسيدة "صفية" ، بدايةً من إكليشيه "الحاجة الأصفرا" التي شربها السيد "هشام المراغي" في الفندق في الإسكندرية ، التمهيد المنطقي لما سيحدث بعدها كما عرفنا من سينما "حسن الإمام" ، ومشهد غرفة الفندق ، والذي يعتبر الأكثر إضحاكاً من نوعه ، ورحم الله أيام "الرعد" و "البرق" و "فنجان القهوة المكسور".. تلك العلاقة غير المشروعة التي قننت بعقد زواج عرفي - سنأتي على ذكره فيمَ بعد - يرى فيها "فريق الكتابة" لا فوض فوه - دلالة رمزية عميييييييييقة .. مفادها أن وقوع السيدة "صفية" في "الختشييييئة" رمز لوقوعها في نوع آخر من "الختشيييييئة" يتمثل في تفهمها الوقتي لأساليب وطرق "المراغي" الملتوية ، وبداية تبنيها لتصوراته الملتوية المتناقضة شكلاً وموضوعاً مع ما تؤمن به من مبادئ ، ويرمز فيه للعقد العرفي بالغطاء القانوني لما حدث بينهما ولممارسات "الأفوكاتو" السيد "هشام المراغي" إجمالاً!

ولكن.. لابد أن يهزم الشريرين على يد الخيريريين ، وأن تهزم القيم "قِوىَ الشررر" 2-1 في الشوط الثاني ، ولكي يحدث ذلك فلابد من اللحظة الفارقة ، وهي تلك التي تعود فيها "هاميس" - "صفية" يعني-فيهاإلى رشدها، والتي استغرق التمهيد لها عشرون حلقة فقط ، يا عم بلا مط بلا كلام فارغ ، وبشكل ساذج ومفتعل، بداية من علاقة "المراغي" بـ"عضو مجلس الشعب" - ما هو لازم يطلع يا عضو مجلس شعب يا وزير - الذي لعب دوره "سامي العدل" ، تمهيداً لإقحام قصة شديدة الشبه بقضية "الفيشاوي" و "هند الحناوي" ، وكالمتوقع يدافع "هشام" عن الشاب بينما تتبنى هي قضية الفتاة بعد صراع وخلافات بين "الرجل الشرقي المستبد" و"الأنثى العصرية المتنحررة" .. ثم ينتهي المسلسل بنهاية ترضي جميع الأطراف ، سقوط حمل الفتاة وسقوط العلاقة بين "هشام المراغي" وبين "صفية" .. واعتبره قلب وراح .. اعتبره قصر جراح ، واتهد ع اللي بانيه!

حالة "أنا شفت الكلام دة فين قبل كدة" والتي تتحول مع الوقت إلى "هسهس" مزمن لدى المشاهد كلما تابع تفاصيل تلك القصة المهلهلة الركيكة ، تتزايد عندما ترى الشخصيات المساعدة أيضاً ، بدايةً من سنيد البطل -لعبه "مفيد عاشور" - وسنيدة البطلة -لا أعرف اسمها - وخط المحامي الانتهازي -لعبه "خالد محمود"- وعلاقة الحب من طرف واحد مع سكرتيرة المحامي التي تذكرك من بعد بـ"محامي خلع"- وهو خط كان من الممكن وبسهولة الاستغناء عنه لعدم الحاجة إليه..

4-لم يكن "آنون المراغي" إذاً إلا مجرد يخني ، عك يعني ، خليط غير متجانس بين مجموعة ستيريوتايبات من هنا وهناك على قضية على مقال على تحقيق صحفي ، لا فكر ، لا متعة ، لا إقناع ، لا إبداع.. بل إن العك وصل حتى إلى مواصفات الصورة الهندسية السيئة جداً مقارنةً بالصورة التي قدمت في مسلسلات "أسمهان" و "في إيد أمينة" مثلاً.. وكأن أذى أعصاب المتفرج ومرارته لا يكفي حتى يمتد الأذى إلى العين أيضاً.. ولا تفهم لماذا قرر "أحمد عبد الحميد" -مخرج مغمور اعتقد أن التوقيع باسمه في التترات يجعل منه "جمال عبد الحميد" - الاستعانة بالصورة شبه السينمائية على إخراج هو تليفزيوني بكل المقاييس..هي جت على دي؟

والأسوأ في هذه النوعية من الأعمال أن أصحابها ومنتجيها وبعض المروجين لها يتترسون خلف فكرة القضية .. "أنا اتناولت قضية إذن أنا بطل إذن يغور الفن ويتحرق المشاهد بجاز" .. وهذا الهراء والسفه مردود عليه بالقول بأنه ما دام ذلك كذلك فلماذا لا يكتب مؤلفها مقالاً في جريدة يستطيع فيه أن يوصل ما يريد بدلاً من مسلسل يتكلف الملايين مكتوب بشكل مدرسي ولا يوصل لأي شيء ، إلا إذا كان ضامناً في جيبه منتجاً معاه قرش ومحيره بس فيه "البركة".. والمعنى في بطن الشاعر..

ولا يوجد في المسلسل شيء يستحق الثناء سوى موسيقى "خالد حماد" و أداء "خالد الصاوي" اللذان غطيا على العيوب الفادحة في مسلسل "آنون المراغي" .. الذي فرضه "حكم القوي"..الطفل المعجزة وشركاه!
كتبت هذه التدوينة في التاسع عشر من نوفمبر بشكل مبدئي وظللت أعدلها حتى يوم نشرها الثالث من يناير.. الصورة من منتدى نغمات..