Tuesday, June 29, 2010

فرجات آخر الشهر

* يقول المثل المصري "إيش تعمل الماشطة في الوش العكر".. وصعوبة مهمة الماشطة مع الوش العكر لا تقارن بالمرة بصعوبة فريق الإعداد مع "الأبلة" المتبلدنة التي تقدم ما يسميه البعض ببرنامج "بلدنا بالمصري".. وبصراحة أرى أن "لطع" كلمة "بالمصري" قرين اسم البرنامج الأصلي إهانة لمصر.. لمن لا يصدقني .. حاولوا مشاهدة "الأبلة" وهي تقدم "كلامنا اللي في سركم" مع الاحتفاظ بأعصابكم سليمة وبألسنتكم قصيرة..

* أحترم "ميلودي دراما".. فهي على الأقل لا تصدعك بإعلانات سمجة تختبر قوة عضلات الشبكة القادرة على عرض أكبر عدد من المسلسلات حصرياً ، وقوة أعصابك ، وتكرهك في أغنية "رمضان جانا" التي تعرضها طوال العام رغم أن الأذن المصرية اعتادت سماعها ليلة رؤية رمضان .. ولا تتحفك بشعار غبي من عينة "حتشوف علامة في إيدك" .. وتملك برنامجاً واضح المعالم سهل وبسيط على متابعه.. وقد تنافس بضراوة على كعكة المسلسلات في رمضان القادم..

* لست مرتاحاً نفسياً لفيلم "بنتين من مصر"..

* في الوقت الذي تعاني فيه قنوات "ساويرس" - وهو من هو- من أزمات مالية طاحنة ، تفاجئنا "دريم" بأنها ستطرح أسهمها في البورصة وستعلن عن إنشاء قنوات جديدة منها قناة باللغة الأمهرية (التي يتحدث بها الأثيوبيون).. من أين لك هذا يا "بهجت" بيه؟

* أغنية رأس ألبوم "تامر حسني" الجديد ستكون أنجح لو استخدمت في إعلان لأمواس حلاقة!

* ترى ماذا ستكون ردة فعل الصحفيين المصريين وكتبة الأعمدة إذا ما فاجأنا "أفندينا" بالسيدة "وفاء الكيلاني" في قناته الموسمية "القاهرة والناس" في رمضان القادم؟

* اقتصار بث إذاعة "راديو مصر" على القاهرة الكبرى يعد من قبيل سوء حظ سكانها.. لا أكثر..

* النقل التليفزيوني والإعادات وزوايا التصوير هي المتعة الحقيقية لكأس عالم خلا في كثير من مبارياته من أي وجود لكرة القدم ..التصوير البطيء جداً أعطى عمقاً للقطات لم تستغرق في أرض الواقع إلا أجزاء من الثانية .. إذا كانت متعة السينما في تصويرها بكاميرا واحدة فإن متعة كرة القدم صارت في بذر أرض الملعب بأكبر عدد ممكن من الكاميرات لتعيش دراما الملعب المثيرة والغنية جداً..

* فراطة يد رجل الإيه آر طين رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الحالي سيكون لها آثار مدمرة على جهاز إعلامي عريق غارق للتو في بحيرة الديون..

* لا تتعاملوا مع "التطوير" الذي انتظرناه طويلاً لقناة "نايل تي في" على أنه صدمة ، لأن صحتكم وصحتي لا تتحمل صدمات أكثر ، وتكفي جداً الصدمات الحياتية الحالية، فقط تحلوا -مثلي- بالروح الرياضية واعتبروا ما حدث في القناة هو حلقة من حلقات برنامج "حيلهم بينهم"!

* هل ترك "ياسمين عبد الله" لـ OTV من باب "آخر خدمة الغز...."؟

* الأفلام الهندية القديمة أفضل بكثير.. هذا رأيي..

* أخيراً.. انتظروا تدوينتي القادمة بإذن الله عن مسلسل "الشهد والدموع" كأحد أبرز أعمال "أسامة أنور عكاشة"..قد تتفقون معها وقد تختلفون لكنها تبقى وجهة نظر.. بما أن "الشوف الحقيقي وجهة نظر"..

Thursday, June 24, 2010

في الشهد والدموع-جزء أول


دعونا نبقى مع "أسامة أنور عكاشة" ككاتب دراما..ودعونا نبدأ من النقطة التي وقف عندها "طارق العريان" متحدثاً عن "أحمد زكي" بموضوعية شديدة بعيداً عن كون الأخير هو من دشَّن بداية الأول كمخرج سينمائي.. "طارق" يرى أن الاحتفال الأفضل بـ"زكي" هو بدراسته بشكل موضوعي بعيداً عن كلاسيكيات سرادقات العزاء وإكليشيهاتها، وهو ما أحاول تطبيقه على قدر إمكانياتي المتواضعة كمشاهد دراما عادي على "أسامة أنور عكاشة"..في خواطر غير مرتبة..

ولا يمكنني ، ولا يمكن لغيري بالتأكيد ، أن ينكر أهمية ونجاحات "أسامة أنور عكاشة" ، أو أن ينكر كونه رقماً صعباً في الدراما التليفزيونية العربية ،قدم عدداً من أهم ما أنتجه العالم العربي من مسلسلات على الإطلاق ، ويبقى أستاذاً له من المريدين كثر، سواء على أسس فنية أو سياسية، لكني أرى أنه كما أجاد كثيراً أخفق كثيراً ، وكما أصاب كثيراً أخطأ كثيراً ، ووقع في أشياء هاجمها وحذر منها من عينة المط والتطويل على سبيل المثال، وناقض نفسه في وجهات نظر تتعلق تارة بالسياسة وأخرى بعلاقة المؤلف بالمخرج بالنجم بالجهة الإنتاجية ..وأشياء أخرى..وأنه فقد مميزات كثيرة تمتع بها في بداية مشواره الفني ، في توهجه في الجزء الأول من "الشهد والدموع" وفي الجزء الأول من "ليالي الحلمية"، انتهت به إلى مرحلة أصبح فيها المخرج يلعب دور المنقذ للمسلسل ، ينجح فيه أحياناً ("جمال عبد الحميد"- "زيزينيا" الجزء الأول أيضاً)، ويفشل في أحيان أخرى ("إسماعيل عبد الحافظ" البعيد عن مستواه في "المصراوية")..ويحسب المسلسل بنجاحه وفشله في نهاية المطاف على صانعه ، الاسم الكبير البراق في عالم الدراما المصرية والعربية "أسامة أنور عكاشة"..

في مرحلة صعوده الدرامية كان الحوار هو أبرز نقاط قوته ، الحوار السهل السلس بين معظم شخصيات دراماه ، وبنائه لشخصياته بدوافعها وضعفها الإنساني وتناقضاتها وما ترمز إليه أحياناً.. وكثيراً ما كان موفقاً في "رصها" وترتيب علاقاتها والأحداث التي تدور بينها ، هذا طبعاً في عصره الذهبي الذي استمر تحديداً حتى الجزء الثالث من "الحلمية"..

وقد تستغرب من أن "عكاشة" بتاريخه الدرامي الطويل قد أخفق في السينما ، قد يرجع البعض ذلك إلى كون الرجل الذي اعتاد كتابة مطولات درامية لم يجد نفسه بعد في كتابة فيلم سينمائي لا تتعدى مدته الزمنية الساعتين ، وأرجعه إلى حالات عدم توفيق فردية ، منها أسلوبه المباشر والخطابي أحياناً ("الهجامة"-"دماء على الأسفلت")، وإخفاقه في تغليف "منشوراته" السياسية بصبغة "بوليسية" ("كتيبة الإعدام" الذي عيب عليه في وقته ضعف حبكته)لا تخلُ من نظرية المؤامرة ("الطعم والسنارة"-فيلم تليفزيوني) ..والتي لاحظنا عدواها أيضاً في سهرات تليفزيونية كتبها في فترة التسعينيات كـ"لقمة القاضي" و"تحت الملاحظة"..أو عدم حصوله على "البراح" الزمني الملائم الذي يستطيع معه أن "ياخد راحته" في الكتابة و"التخديم" على الشخصيات والأحداث بما يكسبها قوةً ومنطقية..

ويشعر متابع "عكاشة" أنه يجيد أكثر في منطقة الدراما الاجتماعية على حساب دراما الجريمة (اللي بنسميها مجازاً "البوليسية") ، أو على حساب الكوميدي بدرجاته (أنجح تجربة كوميدية له هي "وأدرك شهريار الصباح" آخر ما أخرج صديق عمره "فخر الدين صلاح").. وقد أجاد -بدرجات متفاوتة- رصد تحولات اجتماعية في فترات زمنية مختلفة سواء مرحلة ما قبل الثورة أو المرحلة الناصرية أو فترة السادات أو العهد الحالي..أجاد عندما تحيز لـ"إنسانية" شخصياته أكثر (كما في "النوة" مثلاً)، وأخفق عندما قرر تقمص دور المنظر السياسي في الجزئين الأخيرين "الكارثيين" من "ليالي الحلمية"..ولاتهامات البعض له بـ"أدلجة" الدراما وجاهتها..وكذلك عندما اتجه لتكرار نفسه وتيماته في سنواته الأخيرة..

قد تختلف كثيراً جداً مع العبد لله في كثير مما كتب ، وقد ترى ما سبق هلاوس وضلالات ، وقد ترى في السطور السابقة بعض صحة ، وقد يكون لك قراءة أخرى تختلف كلياً عما سبق ، لكن تبقى تلك وجهة نظر مشاهد عادي لا أكثر يحترم ويختلف مع كاتب بتاريخ وموهبة "عكاشة" الذي رحل جسداً ولم يرحل جدلاً..

هذا ما كان من أمر الجزء الأول من تدوينتين عن مؤلف "الشهد والدموع"..أما الجزء الثاني فسيكون بإذن الله عن "الشهد والدموع" نفسه .. أحد أفضل ما كتب "عكاشة" وأخرج "إسماعيل عبد الحافظ".. وسأوضح فيه كيف أن "أسامة أنور عكاشة" هو أفضل من يكتب "جزء أول" من أي مسلسل في مصر!
*الصورة من موقع سوري..

Thursday, June 10, 2010

عسل اسود


1-ما الذي يميز صناع الأفلام "اللي عندهم دم" عن غيرهم؟

صناع الأفلام "ذوي الدم" يعرفون ويدركون أنهم عندما يقدمون مواضيع مكررة وإكليشيهات معادة يحاولون جهدهم البحث عن شيء جديد يشعِرون به المشاهد بأنه يرى شيئاً يختلف عما سبق وأن حفظه عن ظهر قلب ، يلعبون على التنفيذ وعلى التفاصيل وعلى أي شيء آخر يضفي النكهة على طبخة معتادة .. على العكس من الآخرين الذين يصل بهم الغرور إلى درجة تسليمهم بقبول المشاهد لأكل كل ما يقدم على مائدته ، وهو ما يحدث في التليفزيون أكثر منه في أي مكان آخر في مصر..

2-اختار صناع "عسل اسود" الطريق الأصعب ، وكانت مهمتهم أصعب وأصعب ، إذ أن متابع الفيلم يشعر بأنه رأى كل شيء في الفيلم تقريباً في مكان ما ، في أفلام أخرى ، في قصص أخرى ، في مسلسلات أخرى .. يعني.. بدءاً من تيمة المغترب الذي جاء يدفعه الحنين إلى وطنه الأم ليفاجأ فيها بفاصل من المنغصات .. تيمة يعرفها قراء ومتابعي أعمال عملاق الأدب الساخر "يوسف عوف" - رحمه الله - ويتأكد ذلك أكثر عندما ترى فاصلاً من اللوحات الساخرة القصيرة اعتاد "عوف" على تقديمها بشكل ساخر لاذع في أعماله الاجتماعية ، بفاصل من الكاراكترات المعتادة في أعمال "عوف" أيضاً ، من ضمنها على سبيل المثال لا الحصر "راضي" - لعبه ببراعة "لطفي لبيب" - الاستغلالي "المستبز" كما وصفه "حلمي" أثناء الفيلم ، مروراً بطواقم الموظفين في الفندق وشخصية الرجل الذي يؤجر الخيول للسياح و..و.. والذي يجمع بينهم جميعاً ضعفهم الشديد تجاه أي جواز سفر غير مصري ، واستقوائهم على أي مصري مهما أوصل شكله وأسلوب حديثه شيئاً آخر ، أضف لذلك تباين الثقافات التي تعد من أشهر مصادر الضحك في تاريخ الكوميديا ، ثم تحول علاقة الاستغراب والضيق التي يعانيها هذا الشخص العائد إثر ما رآه في مصر إلى اعتياد وحب للبلد بما له وما عليه.. ولا ننسى الحميمية والجو الأسري الدافئ الذي تشعر أنك رأيته من قبل في فيلم "اتش دبور" أو "الإرهابي" .. أو بالتأكيد في "في بيتنا رجل" .. وللمصادفة الغريبة وغير المقصودة فإن كلا الفيلمين تدور أحداثه في شهر رمضان!

3-لذا .. وكما سبق البيان ، حاول صناع "عسل اسود" اللعب على التفاصيل ، اختاروا لـ"حلمي" كاراكتر مكون من شكل أجنبي ، شعر طويل ، وعربي "مكسر" يلائم أسلوب "حلمي" القديم الجديد في الإضحاك بالتلاعب بالألفاظ وطريقة نطقها.. ويحسب جداً لصناع الفيلم أن هذا الأسلوب جاء في مكانه الصحيح ، بعكس ما كان عليه الحال في "مطب صناعي" حيث جاءت الأمور مفتعلة للغاية، ولا مانع من خلط العبارات ببعض الألفاظ التي تترجم في التليفزيون المصري على طريقة "الوغد..الشرير..الخ" ، والتي أثر في مصداقيتها عدم تمكن "حلمي" من اللكنة الإنجليزية الأمريكية (ولكن ليس بالشكل الكارثي التي ظهرت عليه "نبيلة عبيد" في "العمة نور)!

كما اختاروا لشخصية "حلمي" الشخصية الرئيسة في الفيلم اسم "مصري سيد العربي" .. والاسم في ذاته طبقاً لما شاهدته في الفيلم ساعد في إكساب اللوحات الساخرة في الثلث الأول من الفيلم قوة أكثر "أنا مصري..الخ".. ويحسب لـ"خالد دياب" و "خالد مرعي" أنهما ربطا بشكل مقنع تلك اللوحات -معظمها على الأقل- بشكل منطقي ، سوء المعاملة بسبب جواز السفر المصري يجبر "مصري سيد العربي" على إلقاء جواز سفره المصري والاعتماد على نظيره الأمريكي الذي يفقده في مظاهرة معادية لأمريكا..مما يجعله يبحث عن جذوره - على طريقة "أحلى الأوقات"- متعلقاً بالشخص الوحيد الذي يذكره من أيام الصبا -"سعيد" الذي لعبه "إدوارد"- ليقيم معه بشكل مؤقت إلى أن يستعيد جواز سفره الأمريكي - بطريقة ملفقة درامياً.. بل حاول الخالدان "دياب ومرعي" محاولة تشتيت المشاهد عن شبه فترة إقامة "مصري" مع عائلة "سعيد" بإضافة تفاصيل ورتوش بسيطة ، فيما يتعلق بتكوين العائلة نفسها مثلاً ، وفي محاولة إسقاط مشاكل الواقع المصري المعاش من بطالة ("سعيد"="إدوارد") أو عنوسة ("ميرفت"=لا أذكر الممثلة) أو أزمة سكن ("عبد المنصف" - "طارق الأمير*"-وزوجته =أيضاً لا أعرفها).. لكن تبقى المشكلة الوحيدة التي نجح المؤلف والمخرج في الإشارة إليها بشكل مبتكر وخفيف الظل هي مشكلة تدريس اللغة الإنجليزية في المدارس الحكومية المصرية..

4-يعيب بعض النقاد ، وبعض كتبة الأعمدة ، وبعض المشاهدين على الأفلام الحالية أشياء عدة على الأفلام الحالية ، منها مثلاً ظهور ممثلين أقدم في أدوار صغيرة جداً ، وإن كنت أرى أن ظهورهم أضفى نكهة على الفيلم طبقاً لأحداثه ، سواء "طرابيك" أو "مشرف" مثلاً الذين لم يدم ظهورهم على الشاشة دقيقتين كاملتين ، أو "يوسف داوود" الذي قام بدور المصور الفوتوغرافي في الفيلم .. ليمثل "صوت العقل" الذي دائماً ما يقدمه ممثل كبير وقديم كما حدث في "عايز حقي" في المشهد الوحيد -والأخير- للراحل الكبير "عبد المنعم مدبولي" وهو يحاول إقناع "هاني رمزي" بعدم البيع لأنه لن يجد وطناً يشتريه إن باع وطنه..

ويعيب هؤلاء أيضاً على الأفلام الجديدة عدم استعانة أبطالها ببطلات معروفات لكي لا تغطين على نجوميتهم ، بل مضى "حلمي" بالذات أكثر بدءاً من فيلمه السابق "ألف مبروك" حيث لم يستعن تقريباً ببطلة ولا بشخصية تصلح لأن تكون بطلة .. وجاء ذلك أيضاً موفقاً جداً في "عسل اسود" -على العكس منه في "ألف مبروك"- إذ منع ذلك من اصطناع قصة حب لا مجال لها درامياً في أحداث الفيلم ، كان من الممكن أن تراها فيه كما كان الحال قبل سنوات عدة لو صنع الفيلم في الستينيات أو الثمانينيات مثلاً..

فيلم في مجمله مسلي - بحق وحقيق- يخرج فيه المشاهد بكمية ضحك أكبر نسبياً من أفلام "حلمي" الأخيرة ، في قالب من أشياء رآها (=المشاهد) في مكان ما!

ملحوظة أخيرة: "حلمي" موفق في اختيار أفيشات أفلامه أكثر من اختيار أسمائها.. "مصر هي أوضتي" أو "جواز سفر مصري"- الاسمان السابقان للفيلم- كانا أفضل..
* بالمناسبة .. "طارق الأمير" هو مؤلف "مطب صناعي".. الصورة هي ما استطعت الحصول عليه من الفيلم .. من موقع "في الشارع" دوت كوم..

Tuesday, June 08, 2010

وسمعني السلام الجمهوري-جزء ثاني


لا تحتاج إلى أن تكون في مصر لتعرف أن للكاميرا استخدامات أخرى غير التي نعرفها .. تماماً مثل أشلاء سيارة "رمضان السكري" في مسرحية "العيال كبرت"! ..

1-عندما تكون في سوبر ماركت كبير أو متوسط ، تظهر لك لافتة ظريفة لطيفة تطلب منك الابتسام لأنك أمام كاميرات المراقبة في السوبر ماركت.. وبالتالي فإنك قبل أن تنفذ لك ما تسوله لك نفسك الشريرة بالسرقة من السوبر ماركت سيشاهدك القائمون على الأمن و"حيعملوا معاك الصح"..

سيخيل لك لأول وهلة أن كاميرات التليفزيون -بنفس المنطق- أداة فعالة لمتابعة ، ومراقبة ، أحداث بعينها ، كالانتخابات مثلاً ، سواء أكانت انتخابات نادٍ كناد الزمالك ، أو انتخابات حزب كحزب الوفد ، أو حتى انتخابات مجلس الشورى التي كانت قبل أيام من كتابة التدوينة (بما إني بأدون اليومين دول بالتقسيط) .. دعونا نركز على المثالين الأخيرين..

2-قامت "أون تي في" بتغطية تبدو في ظاهرها متميزة لانتخابات حزب الوفد ، الانتخابات التي تتم لأول مرة تحت تغطية "تليفزيونية" ، كل ساعة أو أقل تقرير تليفزيوني مباشر ، على اتصالات ، على ضيوف ، كما يحدث في العديد من الفضائيات الكبيرة عندما تقوم بتغطية انتخابات ، وبالتالي كان من الصعب على مشاهد عادي مثلي أن ينتظر خروجاً على النص من أي من القائمتين المترشحتين في الوفد ، فهم تحت المراقبة تماماً مثل زائر السوبر ماركت ، وبالتالي فسيحرص الجميع على الظهور كأطفال مطيعين منفذين لنصائح "نانسي عجرم" في ألبوم "شاطر شاطر".. بل يمكنك توقع ظهور المرشحين الرئيسين مبتسمين ابتسامة "سرور" في "فلاش" وهما ممسكان بيدي بعضهما البعض ، ويغنيان معاً السلام الجمهوري ، و"يا أغلى اسم في الوجود" ، و"المصريين أهمة".. الخ..

تحرض الكاميرا بالتالي كل السادة "المراقَبين"- بفتح القاف- على التجمل والظهور بمظهر متأنق "لتشيييف" .. حرصاً على الصورة العامة والمظهر العام وكل ما هو عام.. الأمر الذي قد يرسل إليك كمشاهد رسالة واحدة من الآتي بعد : إما أن هؤلاء الناس ممثلون من تلقاء أنفسهم ، أو لديهم تعليمات بالتمثيل للتغطية على شيء ما، أو أن هؤلاء الناس مهذبون بحق وحقيق ، وتلك الرسالة تترك لك أيضاً واحدة من رسالتين محتملتين : إما أن هؤلاء الناس مهذبون لأنهم تربوا ودرجوا على ذلك ، وإما أن هؤلاء الناس مهذبون لأنه لا توجد منافسة ، وأن الأمر شبه محسوم ، وأن الأمر يكاد يكون تمثيلية أخرى..

التفسير متروك لك كمشاهد ومتابع ، وإن كنت قد تكون في حاجة للتذكير ببعض المعلومات ، منها تجارب "الوفد" الانتخابية بعد رحيل زعيم نسخته الجديدة "فؤاد سراج الدين" ، وبأن صاحب جريدتي "الدستور" و "صوت الأمة" - "عصام إسماعيل فهمي" وهو عضو "سابق" بـ"الوفد" - أعلن تأييده لـ"السيد البدوي"- صاحب قنوات "الحياة" - كما نشر في "المصري اليوم" .. ورئيس تحرير "الدستور"- "إبراهيم عيسى" - هو الرجل القوي جداً حالياً في قنوات "ساويرس" الذي يسعى بدوره بحسب صحف مصرية للانضمام إلى "الوفد" "المعدل"..وبالتالي يصعب تحييد كل تلك المعلومات المعروفة للجميع ، والمنشورة في وسائل إعلام جماهيرية ، عما حدث..

3-تماماً مثل تغطيات التليفزيون الرسمي للانتخابات ، والتليفزيون الرسمي كما نعرف غير محايد بالمرة في أي انتخابات لمجلس نيابي ، وولاءه معروف مسبقاً .. وإن كانت العملية لديهم أبسط .. المراسل وفريق التصوير يجلسون معاً في "قعدة" تحت ظل شمسية ، وشايهم معاهم ، جالسين جنباً إلى جنب مع الأمن الذي يعمل على جعل فترة ضيافتهم سهلة ولذيذة ومرحة ، إلى أن تحين لحظة الظهور على الهواء ، يقف المراسل اللطيف الظريف مع أي شخص ، والأسئلة إياها ، على حركة للكاميرا على "القاعدة الجماهير العريييضة" وهي تتجه عن بكرة أبيها للتصويت في اللجنة الانتخابية .. ثم "يقفل" المذيع على أن يعود بعد فترة ليكرر نفس ما فعله .. وكما قالها "جاهين" في "الليلة الكبيرة": "دي وصفة سهلة .. دي وصفة هايلة"..

4-يقول الشاعر العربي : وعين الرضا عن كل عيب كليلة .. وعين السخط تبدي المساوئا.. ومهما حاولت القنوات التي "تنقل" الانتخابات هنا أو هناك الظهور بمظهر المحايد الاحترافي فإن التحيزات تطفو على السطح وتظهر من حين لآخر.. وتنعكس على الصورة التي تراها على الشاشة .. و"على وشك يبان يا نداغ اللبان" كما يقول المثل الدارج..إما أن ترى الانتخابات صورة بيضاء ناصعة ، أو صورة سوداء كالحة.. لا وسط إلا فيما ندر.. ونحن شبه عبيد بكل أسف للميديا ، هي التي ترى وتفكر بالنيابة عنا ، هذا الموروث يجعل منها حكماً كحكام كرة القدم .. الميقاتي الوحيد والرائي الأوضح .. وبالتالي فإن كل ما تقوله الفضائيات حقيقة لا تقبل الشك مهما ثبت العكس .. جاءت الانتخابات خفيفة الظل على قلب هذه القناة أم تلك فاعلم أن الإقبال قياسي حتى ولو كان أقل من عدد مرتادي مقهى في نهار رمضان ، وأن العملية الانتخابية مية فل وعشرتاشر مهما رأيت التجاوزات بأم عينيك..

.. عندما يواصل الإعلام العمل بنفس الطريقة فلا حق له أن يصدع رءوسنا بشعارات غبية عن الإعلام ودور الإعلام والتغطية الإعلامية وتنوير المجتمع ..الخ ، ومن الأفضل له أن يبقى في دائرة الترفيه فيريح نفسه ويريحنا .. بعيداً عن تقديم تمثيليات سياسية ساذجة ظريفة ينساها الجمهور بنفس سرعة تمثيلها عند ظهور أول فضيحة فشل الأطفال الحلوين الذين ظهروا على الشاشات مبتسمين في إخفائها ، ولا يحق لنا أن نعترض ما دمنا نضفي على الميديا قداسة لا تستحقها ، فصناع الميديا مثل رجال الأحزاب والساسة مثلنا تماماً بشر لهم ما لهم وعليهم ما عليهم .. فسكوتنا العقلي على هذا الأداء العجيب من وسائل الإعلام يجعل صناعها على يقين أنهم يسيرون على الطريق الصحيح..وقال يا فرعون إيش فرعنك؟ .. دمتم بخير..
* تحديث 10/6:تعديلات في الفقرتين الأخيرتين .. الصورة من othellooutlook.com

Tuesday, June 01, 2010

وسمعني السلام الجمهوري - جزء أول


بدايةً.. لدي إحساس - وليس معلومات مؤكدة- أن حملة الدعاية للتصويت في انتخابات مجلس الشورى - التي أجريت يوم كتابة التدوينة- لها علاقة بالدكتور "سامي عبد العزيز".. ولكنه - من تجارب مشاهدة سابقة- يشترك مع "هشام أبو النصر" في أن كل منهما أكاديمي مفوه يستطيع شرح الكثير من تفاصيل دراسته -الدعاية لـ"سامي" والسينما لـ"أبو النصر"- أما عندما يقف أي منهما خلف الكاميرا مخططأ أو متفرجاً ، فإنهما يقدمان أحلى كيتش يمكن تذوقه.. حملة "الشورى" التي أشم فيه رائحة "سامي" تعكس نقلة نوعية بالنسبة للرجل من تقديم "الكيتش" إلى تقديم "الكليتش"..

حقيقة .. نار "أفندينا" ولا جنة "سامي".. نار إعلانات "الضرائب مصلحتك أولاً" ولا جنة حملة دعائية بلهاء وعقيمة بأفكار مضحكة عن "أهمية المشاركة السياسية" .. "طارق نور" يهدف لتقديم رسالة دعائية فقط بتوابل طبقية .. يغازل مشاهده ويطبطب عليه وينافقه.. والمشاهد يحب ويتعاطف مع من "يديله برستيجه" حتى ولو كان يشتغله .. أما الآخر فيمضي في استغباء ضحيته - عفواً : المشاهد - والاستخفاف بذكائه وبه نفسه.. أول القصيدة إعلان تظهر فيه مجموعة من الشخصيات العامة وغير العامة لتحدث الناس عن أهمية "الاختيار".. مستعملاً أسلوباً يراه أصحاب الحملة - بالعين المجردة وليس بالميكروسكوب- محاولة لتبسيط معنى الاختيار - اللي احنا مش عارفينه- من اختيار الملابس ، لاختيار الكلية - ههههههه- لاختيار الزوج -ههههههه برضه- وصولاً إلى اختيار المرشح.. كأن اختيار الكلية - في ثقافة تزدري أن يكون للمرء طريق وظيفي career - أو اختيار الشريك - في ظروف اجتماعية نعرفها - أو حتى اختيار الملابس مثله مثل اختيار مرشح في أي انتخابات ، ونسي العبقري ، ومن معه ، أن عملية الاختيار في مجملها هي عملية اختيار بين بدائل ، كيف يختار الشخص من بديل واحد- هذا إن اعتبرناه بديلاً؟ وهل يتساوى الاختيار بين مفروضات -العريس اللي قدامك ، الكلية اللي جابها مكتب التسييق...الخ- في أمور شخصية وبين الاختيار بين مرشح حزب أو مرشح مستقل يتولى تمثيل مجموعة كاملة من البشر في مجلس نيابي؟

أما الإعلان الثاني فيصعب التعبير عنه بعبارات لا يعاقب عليها القانون ، ويظهر فيه الممثل "صبري فواز" -يعرفه مشاهدو الجزء الرابع من "ليالي الحلمية" - في دور ضابط شرطة ، بحلة أمريكية ، في ديكور أمريكي للغرفة الزجاجية إياها ، ومعه "متهم" .. ويفترض به أنه يقوم بالضغط عليه - بنفس الطريقة التي كاد "شريف عبد المنعم" يضغط بها على "ليلى علوي" في "فيلم" "قبضة الهلالي"- وهنا يستخدم الـ..-ولا بلاش- الرمز ، فيعتبر أن المواطن السلبي - اللي مبيصوتش للحزب إياه طبعاً- متهم ، مثله مثل المتهم المجرم - وش واحد في مسلسل تاريخي بينطق الكلمة دي بالفصحى- لكنه متهم بالسلبية .. ليس بجلب مخدرات .. ولا بتعاطيها أثناء قيادة لوري .. ولا بتقاضي رشوة .. أو استيراد مبيدات فاسدة .. أو ببيع ما لا يملك لمن لا يستحق .. أو بالمشاركة في تزوير انتخابات ..أو المشاركة في تهليب شركة قطاع عام ..

وتتجلى عظمة الكليتش في آخر إعلانات الحملة - والتي أتمنى أن تكون آخر إعلان لأصحابها- في هذه اللقطات الفجة التي تتحرك فيها الكاميرا على ألحان السلام الجمهوري- الذي تم ابتذاله في مناسبات منها موقعة الجزائر- على وجوه مصرية عدة .. الطلاب .. المارة .. أصحاب المحلات .. حتى الحلاق وزبونه الذي لم يستكمل حلاقته-دعابة مصطنعة ثقيلة الظل- .. والكل يتجه باتجاه واحد على قلب رجل واحد .. مشهد مسرحي مقزز في إخراجه ومفتعل إلى أقصى مدى ممكن..شيء يشبه برومو جريدة "اليوم السابع" -"كلام يطلع البلد قدام"!

حملة لا تفهم إن كان أصحابها يستجدون المشاهدين الذهاب إلى صناديق الاقتراع أم يهينون عقولهم ويستخفون بهم ويعفرون على ذقونهم.. تنتهي -مع الاعتذار لـ"حاحا وتفاحة"- بـ"سمعني".. وهذه المرة "السلام الجمهوري"..وخلي السلاح صاحي ..صاحي .. صااااااحي!:(
*الفيديو من اليو تيوب نقلاً عن "النيل للأخبار"..