Friday, November 26, 2010

فرجات آخر الشهر

* لو كانت "منى الشاذلي" بهذه القوة لما احتاجت لهذا الفيلم الهابط والشائعات الفاكسة عن غروب شمس برنامجها وحلولها عن وجوهنا .. أعتقد أن هذا التصرف يعكس قرب نهايتها كإعلامية..وقرب نهاية من يقدمون على هكذا تصرفات.. راجعوا المقال الذي نقلته عن "الدستور" في زاوية "فرجاية!

* ومع ذلك .. ألا تلاحظون أن "أيمن بهجت قمر" صار مقيتاً أكثر بعد أن توطدت علاقته بكتاب "الدستور" "الأصلي"!

* فشلت كل محاولات تلميعها والتهليل لدورها في مسلسل "الجماعة" في إخفاء حقيقة واحدة : "يسرا اللوزي" ممثلة خاملة ، لا تمثل ، ولا تساعد على التمثيل!

* "غادة عبد الرازق" بئر رخامة مصري أصيل .. قادر على ابتلاع أي بئر رخامة ولو بعمق بئر "هند صبري".. المصري معروف بجبروته!

* مع احترامي لمؤيديه .. أشعر بأن أهمية "الشيخ إمام" سياسية فقط .. موسيقياً أراه كمستمع ملحن متواضع وجمله اللحنية أقل من العادية..

* من المؤسف أن يخرج فيلم "الفاجومي" "عصام الشماع".. جرائمه التليفزيونية لا تزال حاضرة في الذهن..

* أحياناً قد تغير رأيك في موسيقى ما عندما تسمعها للمرة الثانية.. وهو ما حدث مع مقدمة مسلسل "الكبير أوي" التي لم أكن أحبها في البداية ، لكني عندما سمعتها للمرة الثانية رأيتها محاولة مبتكرة لعمل "راب" مصري بمواصفات مصرية وبدون افتعال لفظي كما تفعله بعض الفرق الغنائية المحسوبة على "الساقية"..

* موسيقى "هشام جبر" جزء من حالة الرخامة والافتعال التي ظهر عليها "عايزة أتجوز"..من المقرف أن نجد مؤلفاً موسيقياً يحاول زغزغة جمهوره بالعافية لكي يضحك.. حيبقى هو و"هند صبري" عليهم؟ الرحمة حلوة..

* يمكن لـ"أيمن منصور" فنان الـstand up comedy الذي ظهر ممثلاً في مسلسل "جوز ماما" أن ينجح كممثل.. بشروط!

* "نانسي عجرم" تحتاج لعمل "مراجعات" في هذه النقطة بالذات .. لأنها إن لم تفعل بعد الألبوم الأخير.. فستقع في متاعب بالجملة..

* المتاعب الحقيقية وقعت فيها قناتا "أو تي في" و "أون تي في".. اللتان وصل بهما الحال لاختيار أشخاص مثل "عبد الرحيم علي" لتقديم برامج..

* في تحد للجماهير عاد الإعلان الحزبوطني الوقح إياه للضابط الذي يشخط في شخص متهماً إياه بالسلبية .. ولم يعترض أحد من الذين اعترضوا على إعلان "عباس بن فرناس".. حاجة (#%$#)..

* أمام "السقا" الكثير كي يظهر نفسه كممثل كوميدي..

* الشخص الذي يقدم بصوته بروموهات الحياة آخره مبيد حشري.. أو شبشب..

* غير مستريح لقناة MBC DRAMA الجديدة.. السبب هو MBC..لا أكثر..

* أخيراً.. من حقي أن أضحك عندما أسمع اللهجة العسكرية والمتشنجة التي قرر وزير الإعلام المصري التعامل بها مع من ظهروا في فيلم "تليفزيون الحارة" الوثائقي .. لماذا لا يدخر تلك الطاقة المستعملة في التشنج لأشياء أهم؟ صحتك يا معالي الوزير مش كدة!

Friday, November 12, 2010

تخاريف الفرجة والحراك : عن "الجزيرة" أكتب


0-جاء الحراك في الفترة التي تعيش فيها السينما التجارية عصراً ذهبياً ، أو بعبارة أبسط وأوضح ، صارت السينما نشاطاً اقتصادياً رابحاً ، ودخل فيه العديد من المنتجين استطاعوا بأفلامهم تحقيق نجاحات تجارية كاسحة ، ومنذ طرح مصطلح "الحراك السياسي" تواصل ازدهار السينما التجارية، زاد عدد المنتجون ، وكذلك نجوم الشباك من أمثال "السقا" و "كريم عبد العزيز" و "أحمد حلمي" و "أحمد عز" ولحق بهم "مكي" ، فضلاً عن تجارب بطولات جماعية لممثلين معروفين كما في "كباريه" ، "الفرح" ، "عمارة يعقوبيان" ، أو لوجوه جديدة كما في "أوقات فراغ" ، "سمير وشهير وبهير" و "ورقة شفرة".. ولما كانت السينما فناً واقتصاداً في نفس الوقت ، فقد تأثرت بمصادر تمويلها ، وهم إحدى فئتين ، فئة المنتجين التقليديين الذين ينتجون فناً يربح ، كـ"آل السبكي" والثلاثي ، وفئة المنتجين رجال الأعمال من صناع تيار المال السياسي أو من المتحالفين معهم كـ"كامل أبو علي" الذي كون في وقت لاحق تحالفاً احتكارياً كبيراً اسمه "مصر للسينما" مع "نجيب ساويرس" أحد كبار رموز ذلك التيار..

1-ومنذ 2005 قدمت السينما التجارية المصرية عدداً كبيراً من الأفلام موزعة على قوالب عدة ، ما بين أفلام الجريمة والعنف والأفلام الاجتماعية والأفلام الكوميدية بأنواعها "الخفيف والموسيقي وغيرها" ، لكن القاسم المشترك بين معظمها أن بها حاضر غائب هو السياسة.. وإذا كان فيلم "المحفظة معايا" قد يؤرخ له بأنه الفيلم الذي بدأت به "سينما الانفتاح" ، فإن "الجزيرة" هو الفيلم الذي أراه أكثر الأفلام توضيحاً لـ"دماغ" المال السياسي، حتى وإن لم يحسب منتجوه عليه ، فنجاح إعلام المال السياسي في تشكيل "دماغ" الشارع كان يجب استثماره في صناعة تجارية يعتبر البحث فيها عن الربح أمراً مشروعاً وضرورياً..

2-الملاحظة الأولى أن الشخصية الرئيسة البطلة في الفيلم هي شخصية ترمز لـ"عزت حنفي" امبراطور "النخيلة" وإن حاول صناع الفيلم التشويش على ذلك ، و"عزت حنفي" الذي نسجت عنه القصص بل والأساطير يبقى تاجر مخدرات وسلاح وخارج شهير عن القانون ..ويلاحظ –بالمناسبة- أن النقاد وكتبة الأعمدة الذين يقدمون لنا أنفسهم على أنهم أصحاب "نزعات أخلاقية" في نقدهم وانتقادهم للسينما قد غضوا الطرف بالمرة عن تقديم نموذج "عزت حنفي" –تاجر المخدرات والسلاح ....الخ- كبطل و"شجيع" في الوقت الذي كنا نسمع فيه صراخ أساتذتهم على أفلام "عادل إمام" التي كان فيها طبقاً لمعاييرهم "بلطجياً"- مثل "أنا اللي قتلت الحنش" ، "المولد" ، وغيرها- باعتبار ذلك الاختيار "لا أخلاقي" و يعكس "تدني الذوق العام والمعايير الأخلاقية في المجتمع".. نظام "لو كان سيفي معي ما احتجت للقلم" في "خلي بالك من زوزو"..

3-إلا أن تلك الممارسة لم تكن غريبة على الوجدان الشعبي المصري ، الذي اختار من قبل "أدهم الشرقاوي" كبطل قومي في مواجهة الاحتلال البريطاني رغم كل ما يقال عنه أنه كان لصاً وقاطع طريق ، لكن صناع الفيلم لم يروا في بطل "الجزيرة" – في اعتقادي كمشاهد – فقط مجرد نموذج للبطل الـ "anti".. من الـ :"anti-hero"كما سيتقدم – بل أيضاً كنموذج لـ"الحاكم العادل" أو "المستبد العادل" – كما يروج له في الفكر الناصري- في مواجهة "الحاكم المستبد" الذي يجب أن يثور الناس من أجل خلعه وإحلال "العادل" مكانه ، كما يمكن أن نلمح في تيارات سياسية ودينية ، وفي كتابات كتاب صادفوا هوى لدى المال السياسي من أمثال "جمال البنا"..صحيح أنك مهما بحثت لن تجد معياراً واضحاً لعدل "البيه العادل" .. لكن "الجزيرة" يعطيك خيطاً تستنج به ماذا يقصد به وماهية معايير عدله..

4-يشترك بطل "الجزيرة" و"أدهم الشرقاوي" أن كلاهما كما سبق anti - مضاد يعني – الأخير كان في مواجهة الاحتلال والأول في مواجهة "النظام" الذي أصبح "غير محبوب" لدى جمهور الفيلم بشكل صريح بعد أن كان كذلك بشكل ضمني قبل الحراك ، صحيح أن "فساد النظام" الذي يرمز له الفيلم بعدة رموز من بينها والد الضابط – لعبه "عبد الرحمن أبو زهرة"- والضابط الفاسد الآخر"رشدي علوان"-لعبه "خالد الصاوي" -أسهم في صناعة "الامبراطور" وتحويله إلى وحش ، وما بني على باطل فهو بالضرورة باطل ،إلا أن صناع الفيلم نجحوا في تحويله ليس إلى بطل شعبي فحسب ، بل أيضاً إلى مستبد عادل نموذجي..

5-بدأ تمهيد الفيلم بمشهد استكشافي للضابط الشريف "طارق"–الذي لعبه "محمود عبد المغني"- والذي قد يُبَرَّر وجوده درامياً في محاولة منه لمعرفة من هو حاكم الجزيرة ، ولأنه من البديهي أن تسأل عن شخص ما إن أردت أن تعرفه قبل أن تواجهه ، كان عليه وعلى مرافقيه أن يستقصوا الحقيقة عن ذلك الحاكم ، لتعرف من جمل حوارية قصيرة مقتضبة أنه "مكفيهم" و"مش مخليهم يستغنوا عن حاجة" –من طعام وشراب و"كيف"- وبأنه يمتلك من القوة ما يكفيهم للشعور بالأمان ، ومن الدهاء والحكمة ما يؤهله لحفظ الجزيرة من أي اعتداء من أي طرف ، من خلال علاقاته بالفاسدين من أمثال "رشدي بيه".. بل ويتعدى ذلك إلى الإشارة الصريحة إلى ذلك في تقرير الضابط الشريف إلى "رشدي علوان" ورؤسائه..

بل وحتى عندما يفرط أكثر من اللازم في شرح الجوانب الإنسانية لـ"البطل الملحمي" "منصور الحفني" -لعبه "أحمد السقا"-" الماهر المتعلم الداهية الثائر الحامي الدماء كما قد نرى شذرات منه في القصص الشعبية المصرية ، يرى أن تحوله إلى قيادة عائلة كبيرة تعمل بتجارة المخدرات إنما جاء في المقام الأول قدرياً –"انت قدرك تكون الكبير" عبارة الفنان الكبير "محمود ياسين" له- قبل أن "يرث" منه الابن كل تركته بما لها وما عليها ، وعليه فإن تغيره السلوكي لم يأتِ بفعل تحوله إلى العمل في تجارة المخدرات بشكل مباشر ، قدر ما جاء بفعل تحوله إلى صاحب سلطة ، وعليه فمن "الأخلاقي" أن يفعل أي شيء ، بما فيه تصفية خصومه ومن يشكلون خطراً عليه –مثل عمه الذي لعب دوره "باسم السمرة" ومثل العائلة التي قتلت زوجته- من أجل حفظ "الثورة البيضاء" التي قام بها من أي تهديد .. وكل ذلك يمكن جبه بما يحققه "المستبد العادل" لرعيته من أمن وأمان..كاد أن يصل لدرجة النضج بعد إقراره لصلح وشيك مع العائلة العدوة التي منها حبيبته في الفيلم –لعبتها "هند صبري" نقطة ضعف فريق التمثيل في الفيلم.. يعني سلام وأمان واستقرار يا معلللللم!

6-ثم ، بعد ذلك ، تنتهي القصة بمنحى "ملحمي" آخر ، بإنهاء إمبراطوريته على طريقة القصص الشعبية المصرية ، ولكن "بتوزيع جديد" ، بمواجهته عدو لا قبل له به ، هو "الشر على البطل" أو الـ anti-hero الأشهر في مصر بعد ظهور الاعتصامات والاحتجاجات بشكل واسع بعيد الانتخابات البرلمانية والرئاسية- الذي صنع منه أسطورة ، ودون وجود خيانة كما هو المعهود في الملاحم الشعبية المصرية ، ليتم صيده كأسد ، لا كمجرم ، ويُكافأ في نهاية القصة بهربه دلالة على استمراره واستمراريته..لا بموته على العكس من القصص الشعبية–مثل "أبي زيد الهلالي"!

7-ولكي يتعاطف المرء مع نموذج ما يجب أن يفهم أكثر النموذج المضاد ، بحكم أنه "وبضدها تتميز الأشياء" ، وعليه يجب أن يفهم المشاهد منطق الأمن –الذي تحول من النقيض إلى النقيض في السينما المصرية ، من نموذج للخير على طول الخط كما في معظم إرث السينما المصرية إلى نموذج للشر كما سأعرض في مقالات قادمة – ذلك المنطق الذي بان في حوار بين "محمود عبد المغني" وأبيه .. حيث يشرح الأخير المبرر الذي تحالفت معه أجهزة أمنية مع أمثال "عزت حنفي" .. الذي كان وعائلته يقدمون لتلك الأجهزة خدمات سياسية وأمنية لا حصر لها إبان انتشار الجماعات المسلحة المتطرفة في الصعيد في فترة الثمانينيات ، وهذا صحيح تاريخياً ، ولكي يستعدي المشاهد-الصغير السن نسبياً المتحمس للتغيير المتعاطف نسبياً مع الناشطين الجدد الذين اصطدموا بالأمن منذ بدء الحراك وإلى الآن-أكثر يلجأ إلى عبارة ما معناها – "ما تعمليش زي بتوع حقوق الإنسان اللي يقولولك التعذيب ومش التعذيب ،وأول ما الخدامة تسرقهم يقولوا اعملوا فيها اللي انتوا عايزينه" –وهذا صحيح ، وربما يعكس –عن قصد أو غير- جزءاً من تفكير الناشطين والاعتصاميين القادمين في معظمهم من طبقات شبه مرفهة ، لكن الضابط الشاب يرفض ذلك المنطق ، انتصاراً للقانون والمثاليات التي يؤمن بها ، ليدخل ، إلى جانب الفاسد "رشدي علوان" ، المعركة الكبرى مع جيش "السقا" –الذي تحولت لازمته "ومن النهاردة مفيش حكومة .. أنا الحكومة" عن غير قصد إلى نشيد لمرحلة الحراك كلها ، مع اختلاف في دوافع الاثنين ، فالرجل – شبه المتعاطف مع المستبد بيه العادل- يريده حياً ، أما "رشدي" فيريده ميتاً كي يموت كل شيء معه ، وتبقى الصورة السلبية–التي يقول الفيلم أنها ملفقة- عن إمبراطور الجزيرة قائمة..

8-تبقى ملاحظتان.. الأولى هي أن البعض قد يقول "وإيه يعني؟ انت ليه مكبر الموضوع قوي كدة ومديها رموز وحنجوري؟ ما الكلام دة شفناه في أفلام زي "أبو حديد" لـ"فريد شوقي" و"الإمبراطور" لـ"أحمد زكي" وحتى فيلم "السقا" اللي سبقه "تيتو"؟".. الرد سهل .. حرصت كل الأفلام المذكورة على صنع بطل يتمازج فيه الخير والشر معاً ، بنسب ثابتة ، دون جعل المشاهد قدر المستطاع يتعاطف معه ، في تحد لإرث السينما المصرية عن البطل "الشجيع" ، ودون جعل المشاهد يرفض النهايات المنطقية للأفلام الثلاثة ، خاصةً "تيتو" الذي يشبه "الجزيرة" أكثر من أي فيلم آخر.. وهو لنفس مخرج "الإمبراطور" "طارق العريان" ويعكس نفس فلسفة ذلك المخرج "الصنايعي" المحترف ، بل يعتبر في نهاية "تيتو" بالتحديد نوع من "التطهير" لبطل القصة الذي لجأ إلى الجريمة في ظروف صنعت منه مجرماً..

9-الملاحظة الثانية .. وهي بما أننا نتحدث عن "الحراك" وتوابعه وتركيزه على الوصول لـ"الجماهير" –عامة الناس- لم يكن لعامة الناس حضور كبير في "الجزيرة" على العكس من أفلام أخرى سواء بشكل جمعي –"هية فوضى" – أو فردي "واحد من الناس" ، والسبب هو ما يريد صناع الفيلم عادةً تطبيعنا عليه عندما نأتي على ذكر المستبد العادل .. وهو تغاضي عامة الناس عن أي شيء يمكن للمستبد العادل فعله نظير حصولهم على الأمان بكافة أشكاله ، وبالتالي يصبح كل ما يفعله هو الصواب ، ويصبح هو أكثر من مجرد حاكم – جانب أغفله "النقاد الأخلاقيون" الذين لم يسألوا أنفسهم كيف دار الحوار حول "الأخلاقي" في العاصمة حيث تصنع السياسات ولم يُدَر عما يحدث في "الجزيرة" ، الذي صادف أن تكون في اللغة رمزاً للانعزال والابتعاد عما سواها بما أن البحر يحيطها من كل جانب..

10-صناع الفيلم "ما جابوش الكلام دة من برة".. هم استلهموه من المزاج الذي صنعه إعلام الحراك السياسي وما زال يصنعه ، استطاعوا به استقطاب الجماهير وتشكيل عقولهم به ، المزاج "المثالي" جداً الذي يتحدث عن الحرية والديمقراطية ويروج لكل أشكال المثاليات بدءاً من الحريات السياسية والاجتماعية إلى التسامح الديني إلى ..إلى.. في الوقت الذي يروج فيه نفسه لقمة الغائية في تطبيق كل تلك النماذج ، زيه زي الأمن بالضبط ، والتي من أشكالها علاقة أهل "الجزيرة" بـ"عزت حنفي" .. الصورة أو الكتابة..

واستلهام صناع الفيلم لذلك المزاج جاء كذكاء سوق ، فالسينما صناعة جماهيرية موجهة لجماهير يدفعون ثمن التذكرة ، وعليه يحاول الصانع "الصنايعي" تلبية ما يطلبه الجمهور ويعكس ذوقه وتفكيره وعواطفه –بشكل صادق عفوي أو مفتعل مش مهم- كما يحدث منذ بدء السينما في مصر ومنذ بدئها في العالم عموماً..

11-أخيراً ، وبما أن صناع الفيلم "صنايعية" – يبنون على الحالي ولا يبنون الجديد عكس الصانع "المفكر" – فجاء الفيلم جيداً جداً من ناحية الصنعة ، فريق تمثيل في حالة ممتازة ، استغلال محكم لطبيعة الجزيرة ، مشاهد حربية متقنة للغاية ، تظهر فيها أثر النعمة الإنتاجية ، والصنعة والمهارة من قبل مديرها "شريف عرفة" ..مخرج هو أفضل صنايعية السينما الآن ، يسجل في كل مباراة يلعبها ويتقن في كل تحد يدخله .. ويحرص على أن تعجب كمشاهد بما يقدمه من لوحة بصرية وسمعية حتى ولو رفضت مضمون الفيلم جملةً وتفصيلاً.. ولو كان في زمن آخر بعيداً عن حسابات الحراك السياسي المزعوم لجعل الفيلم أكثر إمتاعاً ، ولجعلك ترى بطله أكثر إنسانية ، لا كمستبد عادل مثالي ، وترى الصورة من كل جوانبها..

12-رسخ الحراك السياسي في رأيي لفكرة "الغاية تبرر الوسيلة".. أمر لا تخلُ منه حتى صناعة السينما ، لكن وسائل السينما قد تكون من الجمال بأن تجعلك تقبل الغاية ، أو تعشق الوسيلة بحيث تنسيك الغاية .. جودة صناعة "الجزيرة" تجعله على رأس قائمة أهم أفلام فترة الحراك السياسي (2005-الآن) .. لكنه لا يبقى الوحيد..

عذراً لأطول تحليل قرأتموه لفيلم مذ ولدتم! :)
* الصورة لـ"الحكومة" في مواجهة "الحكومة" .. "رشدي علوان" في مواجهة "منصور الحفني" .. ربنا يخليلنا Image Shack :)

Wednesday, November 10, 2010

تخاريف الفرجة والحراك : ملاحظات عامة على "سينما الحراك"


1-حدث ما كان يطالب به المثقفون والنقاد وكتبة الأعمدة بأن تنوعت مواضيع الأفلام وقوالبها ، وكسرت حاجز الارتماء في أحضان الكوميديا التي كانت سبباً لنشاط السينما التجارية منذ عشر سنوات ، واختلف في سبب هذا "التنوع" ما بين مخاطرة المنتجين بتقديم سينما جديدة ومختلفة ، وما بين رواج الخطاب الإعلامي للمال السياسي عن طريق قنواته الفضائية أو صحفه ، واستغلال رأس المال المنتج لذلك عن اقتناع أو بحثاً عن سبوبة.. في وجود صناع أفلام مؤدلجين لهم انتماءات سياسية معلنة -"خالد يوسف" مثلاً..

2-وكان لهذا التنوع أكثر من نتيجة ، أهمها انتقال السينما إلى عدة أماكن غير مألوفة وكانت تعد غير مرغوبة تجارياً ، مثل العشوائيات.. قامت الدنيا ولم تقعد على "رضوان الكاشف" ومن قبله "داوود عبد السيد" عندما صورا أفلاماً في مناطق شبيهة بالعشوائيات ، أما الآن فصارت تلك الأماكن تحفاً سينمائية أفرزت أفلاماً من عينة "حين ميسرة" .. كما ناقشت شرائح مهمشة لم تتناولها الأفلام في فترات سابقة مثل أطفال الشوارع في "الغابة".. كما دخلت الصناعة السينمائية التجارية في مناطق لم يتوقعها أحد ، سياسياً واجتماعياً ودينياً ، وظهرت أفلام لا تزال تثير جدلاً وعواصف إلى الآن من عينة "بحب السيما".. الذي يدور بكامل محيطه في أوساط المجتمع المسيحي في مصر على غير المعهود تماماً من السينما المصرية التي لم تتعامل مع المسيحيين بشكل "جدي"..

3-وبتغير المواضيع والقوالب تغيرت خريطة نجوم السينما التجارية ، ولم يعد الأمر قاصراً فقط على "أحمد السقا" و "كريم عبد العزيز" ، بل تبعهم أيضاً "هاني سلامة" الذي حصل على بطولات مطلقة ، وعاد "باسم سمرة" للأضواء ، وفرض "أحمد عزمي" اسمه بقوة ، وظهر "محمود عبد المغني" .. حتى داخل الكوميديا أصبح إلى جانب "سعد" و "حلمي" و "هنيدي" "رامز جلال" ثم "أحمد مكي" الذي صعد بسرعة الصاروخ خلال العامين الأخيرين .. ولم تظهر ممثلات كثيرات من الجيل الشاب الحالي باستثناءات بسيطة مثل "دنيا سمير غانم" ..ولا ننسَ الحضور القوي لأسماء وافدة رغم اختلافي مع - وعلى - ما يقال عن قدراتهن كممثلات من أمثال "هند صبري" و "نور" ..والقائمة تطول..

ووجدت الأسماء الأكبر سناً ، والمختفية منذ فترة ، والمصنفون كممثلي تليفزيون أنفسهم في سينما ما بعد 2005 ، وأصبحنا نشاهد "سامح الصريطي" و "محمد وفيق" و "شعبان حسين" وبالطبع المتألق "لطفي لبيب" في أفلام سينمائية عدة ، بل وظهرت بعض الممثلات القديمات نسبياً بمستوى قوي عندما غيرن "جلدهن" فنياً من أمثال "هالة فاخر" الكوميديانة حتى النخاع التي تجيد في التراجيديا و"دلال عبد العزيز" التي استفادت في السينما من خبرتها التليفزيونية .. بل حفز التنوع الذي طرأ على خريطة السينما أسماءً بثقل "نور الشريف" و"محمود ياسين" و "محمود عبد العزيز" على العمل مع الشباب والتألق بقوة وسطهم..

4-أصبحت للأفلام الجديدة مكرراتها هي الأخرى ، خاصةً تلك التي تتمتع بميول "حراكية" .. وعلى رأسها "زواج المال والسلطة" ، ومن العادي أن تجد تحالفاً بين المال الذي يمثله رجال أعمال نافذين و"إيدهم طايلة" والسلطة -التي يمثلها عضو مجلس شعب أو يمثلها أعضاء في جهاز الشرطة على اختلاف رتبهم- .. ولم يكن من المعتاد تقديم جهاز الشرطة بصورة سلبية قبل 2005 إلا في حالات قليلة وفي ظروف خاصة مثل فيلم "زوجة رجل مهم" .. وأصبح ذلك معتاداً في غير فيلم سينمائي .. بل والجديد أنه لأول مرة يتم تقديم رتبة صغيرة من رتب الشرطة في فيلم سينمائي كقوة طاغية كما حدث في "هي فوضى".. رغم أن الفساد عادةً ما يُعتاد من الكبار في كل وسط..

5-تفنن صناع سينما الحراك ، وخاصةً السياسي منها في جعل أفلامهم صادمة بشكل مبالغ فيه ، صادمة دينياً ، وسياسياً -مباشرة وخطابية وشغل منشورات - ، وفكرياً ، بل وأحياناً على سبيل الصورة واللغة ، أصبحت أفلام ما بعد 2005 أعنف من حيث التناول والأحداث والمشاهد واللغة أيضاً ، وأصبح مألوفاً الاستماع لشتائم وبذاءات بشكل صريح أو محرف لأغراض رقابية ، وعادت المشاهد إياها - بجملة الصدمة - لتفرض نفسها ، والتبريرات الجاهزة موجودة ، انطلى بعضها على البعض ، ولم ينطلي على الآخر .. ودفعت أفلام من كـ"لحظات أنوثة" و "بدون رقابة" الثمن غالياً.. ولم تعد تحظى إلا بضحكات وسخريات متابعي السينما بوجه عام نتيجة ما اعتقده صناعه "جرأة"!

6-بظهور "وسط البلد" كفاعل في الحراك السياسي ، بحكم انتماء صناع المظاهرات والاعتصاميين في معظمهم إلى تلك الشريحة ، ناهيك عن اهتمام رموز المال السياسي ، والناشرين بهم ، التركيز الإعلامي على "ساقية الصاوي" التي تقدم ما يعد نموذجهم للفن ، ظهور كتاب جدد كثيرين من هؤلاء وغيرهم تبنتهم دور النشر وراهنت عليهم وأصبحوا نجوماً كما نجوم السينما .. وصار هؤلاء شريحة يعمل لها منتج السينما ألف حساب .. مثلهم مثل شريحة الفقراء الجدد الذين يحبون أحياناً أن يروا أنفسهم -كتعويض معنوي عن التهميش السياسي والاقتصادي الذي يتعرضون له وعلاقة "سلسلة المفاتيح" التي تجمعهم بالحزبوطني ومليارديرات الفضائيات والناشطين- ويسخروا منها أحياناً ، ويبحثون عن ترفيه يجدونه في أفلام منتجين معروفين كـ"آل السبكي" .. يصنف "وسط البلد" كـ"طبقة وسطى جديدة" أحياناً - رغم أن مستوى معظمهم المعيشي أعلى بكثير من مستوى معيشة الطبقة المتوسطة المتعارف عليها- ويعتبرهم المعارضون والمال السياسي أساس العملية التغييرية ، وبالتالي كان يجب أن يحظى هؤلاء أصحاب الذوق الخاص والمختلف عن السائد بمعاملة خاصة من منتجي السينما أحد أشهر الفنون الجماهيرية في العالم..

7-شكلي طولت.. إيه ملاحظاتكم؟
*الصورة من Image shack

Tuesday, November 09, 2010

تخاريف الحراك والفرجة : نظرة من قريب


العيب في من : في الحرية أم فيمن يحصلون عليها؟ .. هل من الخطأ الحصول على حريات أكثر أم أننا حصلنا بالفعل على الحريات الخطأ؟.. أسئلة أراها مشروعة ونحن نتكلم عن مصر بعد خمس سنوات من تعديل المادة السادسة والسبعين من الدستور ..التي أرخت لمرحلة سيذكرها التاريخ باسم "الحراك السياسي"..

لم يأت الحراك السياسي نتيجة مطالب من النخبة ولا من غيرها ، ربما جاء هذا التحول الذي أطلق البعض عليه هذا المسمى منذ ما قبل انتخابات الرئاسة السابقة بقليل واشتهر به انحناءاً للريح ، لقوة نفوذ رجال الأعمال الكبار الذي وصل إلى القدرة على تشكيل العملية السياسية والقرار السياسي والاقتصادي .. ولانكشاف ضعف هيبة الدولة الذي بدأ منذ أواخر الثمانينات متستراً وراء مظاهر قوة كثيرة وخادعة..

وكأي مجموعة من البشر بين أفرادها تنافس ، فكان من الطبيعي أن يشكل صعود بعض أفرادها كارثةً على البعض الآخر ، والبعض الأخير قوي ، مثله مثل الأول ، وحماية لمصالحه قرر أن يدخل لعبة السياسة وأن يكون قوة معارضة هي الأقوى في مصر حالياً.. وليس ذلك بغريب على التاريخ السياسي المصري المعاصر ، وكانت هناك أحزاب تمثل "الأعيان" والطبقة الأرستقراطية المصرية ، مثل "الأحرار الدستوريين" الذي كان المنافس اللدود لـ"الوفد" لفترات طويلة..

اتفق الجميع على أن "الحراك" هو مصلحة لكل المصريين ، وأنه لا أحد يكره الحرية واتساع هامشها ، من الممكن أن يكون ذلك كذلك في حال إذا توافرت بدائل مدنية عملية قابلة للتنفيذ يختار منها المواطن ما يشاء في صندوق الانتخاب ، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ، لا يوجد لدى أي قوة سياسية مصرية أياً كانت أي بديل ، وعليه فإن الظروف جعلت الحراك المنصب أصلاً على عملية الانتخابات غير ذي قيمة.. يا فرحتي بانتخابات تجعلني أفاضل بين أستيكتين!.. ويزيد الطين بلة ضعف الوعي السياسي عامة في صفوف الشارع المصري حتى لدى المثقفين ، لدينا مثقفون لا يعرفون الفرق جيداً بين "الدولة" و "الحكومة" و"النظام" و"الحزب"..إذا كانوا مش عارفين.. حنعرف احنا؟

الحراك في الواقع كان مصلحة لتيار المال السياسي ، الذي لعب على نقطتين ، قوته الإعلامية التي اكتسبها من إنفاقه السخي جداً على فضائيات وصحف أصبحت واسعة الانتشار لتقديمها مستوى مهني "أعلى" وخطاب "لمِّس مع الناس" ، وضعف الدولة ، "ديفوه" ونقطة ضعف يمكن للخصم أن يحسن استغلالها إذا ما لعب عليها..

ومع دولة لا وجود لها في الشارع ، نقل المال السياسي الصراع إلى الشارع ، موَّل حركات احتجاجية وحرك بعض الاعتصامات وحرض عليها ، ويقال أن له علاقة بتكوين النقابات الموازية التي سميت مستقلة ، واتجه إلى شرائح عانت من مظاهر ضعف الدولة مثل العمال والموظفين في شركات القطاع العام التي تم تدميرها بدءاً من الثمانينات ، طبعاً مش علشان سواد عيونهم.. فقط من أجل قدرة هؤلاء على الضغط على النظام وإحراجه بالنضال من أجل حقوق أساسية أو من أجل مميزات .. من أجل العيش الحاف أو من أجل الباتيه..

ليس ذلك فحسب ، لعب تيار المال السياسي أيضاً على إظهار كل مظاهر ضعف الدولة أمام الكبير والصغير ، فساعد ذلك على إضعافها أكثر بزيادة جرأة الصغار أكثر على تحدي القانون "فلان الكبير عمل كذا ومحدش عمله حاجة .. وأنا مش أقل منه".. وما زاد من حجم الجرأة أيضاً هو عنصر المصلحة ، الذي لعب عليه المال السياسي على أحسن ما يكون..

في "مناخ ما فيهش كبير" وتسوده النفعية على كافة الأصعدة تحول المجتمع إلى حالة من الفوضى ، كباراً وصغاراً ، انعكس ذلك على السلوك العادي وحتى على الجريمة التي ازدادت عنفاً بشكل غير مألوف في بلد بطبيعة مصر.. مع وجود من يصنع بطلاً من كل مجرم .. ومع وجود المبرر الجاهز دائماً لكل جريمة أو مصيبة..فوضى قد ينظر لها البعض ويروج لها ، كما في التصريح "السقطة" الشهير للدكتور "علي الدين هلال" الذي وصف فيه "مصر" بأنها "مثل البالوظة في حالة رجرجة"! ورغم سخافة اللغة إلا أن العبارات عكست وبدقة حالة مجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً..

أعرف أن البعض سيغضب من تلك السطور الدجة ثقيلة الظل ، لكن ما يهمني توضيحه هو أن ذلك المناخ أفرز واقعاً تأثر به الفن في كافة صوره ، واقع طبقي جديد ما بين "اللي فوق قوي" و "اللي تحت قوي" ، ومقاييس جديدة للوجاهة الاجتماعية والثقافية وحتى الدينية ، وسايره الفن على طول الخط بسبب سيطرة رأس المال المنتج وقوة رأس المال المعارض التي تسيل لعاب المنتجين الذين يريدون الربح التجاري الذي يتطلب بدوره تقديم ما يجذب الناس أكثر..

كان من الممكن أن يلهم الواقع الجديد -والسلبي جداً- صناع الفن بأفكار جديدة في الموسيقى والدراما ، خاصةً في ظل فرصة لم تتح لأجيال سابقة بالانفتاح الثقافي على العالم الذي أعطى أفكاراً وحيلاً جديدة لصناع الفن في مصر ، مع بدء قبول السوق لبعض التنوع دون أن يسود لون على غيره ، كان من الممكن أن يلهمهم بأفكار أعمال تكشف ، وتوضح ، وتنقد ، وتحرض على التفكير دون خطابية وشعارات جوفاء .. لكن قوة رأس المال جعلت الفنون الجماهيرية في مصر تتأثر بالسلب ، وطالها ما طال كل الناس من أذى الحراك وسنينه..
*الصورة لقطة من فيلم "هي فوضى" من موقع "جروبك"..

Monday, November 08, 2010

تخاريف الفرجة والحراك - مقدمة


خمس سنوات قد خلت على ما يسمى بـ"الحراك السياسي" ، والأجواء التي خلفها تعديل المادة 76 من الدستور في العام 2005 ، ذلك الحراك الذي اختلف المحللون فيما بينهم في تحديد أصله وفصله ، منهم من يقول أنه جاء فوقياً كمنحة من النظام ، ومنهم من يقول أنه جاء انحناءً لرياح تغيير في خريطة توزيع النفوذ داخل المجتمع بين "الحزبوطني" ورجال أعماله من جانب ورجال أعمال تضاربت مصالحهم مع النظام والذين يصنفون كـ"مال سياسي" يسعى للخروج من مرحلة رجل الأعمال الساعي للربح إلى مرحلة رجل الأعمال الساعي للتأثير في الشارع وفي المجتمع وفي صانع وصناعة القرار من الجانب الآخر.. وكما اختلف في الحراك نفسه وفي آثاره ، بين مروج –في الإعلام الحزبوطني وإعلام المال السياسي معاً- يرى فيه انتعاشة للحريات وانتفاضة لمقاومة الفساد ، وبين منتقد يرى أنه كشف عن ضعف الدولة ونفوذها أمام الحزب والمال السياسي ،وأفرز أشكالاً جديدة للفساد الذي زعم أنصار الحراك أنه جاء من أجل محاربته ، في عالم رجال الأعمال والإعلام والسياسة وحتى القطاع الحكومي الخدمي ، وعزز من ثقافة المصلحة والنفعية، وارتبطت به موجة جديدة ودخيلة من العنف غلفت معظم أنشطة الحياة في مصر ، بدءاً من الحوار العادي في الشارع بين أي اثنين من المواطنين مروراً بالجريمة..

ولم يكن الفن بمعزل عن تلك التغيرات ، فعكس في السنوات الخمس التي تكاد تخلُ في السينما والأغنية والدراما – وهي الفنون الأكثر جماهيرية بعد انحسار المسرح التجاري وربما غير التجاري أيضاً – كل ما أفرزه "الحراك" –مثلما فعل "الانفتاح-من تغيرات على الساحة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. وربما كان الرقم "خمسة" فرصة جيدةً جداً ليس فقط لهواة الأرقام وفقرات الذكريات ، بل وللعبد لله لمحاولة –في حدود إمكانياتي- لفهم ما فعل الحراك بالفنون الجماهيرية ، بعد مرور فترة كافية جداً يمكن منها الحكم عليه بالإيجاب أو بالسلب ..طبعاً لن أستطيع في سنتي البيضاء –بلون الثلاجة الـ"كريازي"- الكتابة عن كل شيء.. لكن تبقى التدوينة/ـات القادمة مجرد محاولة لفهم ما يحدث ، ولكن أن تقبلها ، تناقشها ، أو أن ترفضها بالكلية ..أكتفي فقط في الخواطر القادمة بالتركيز على السينما .. وإن سنحت الفرصة بإذن الله سوف أعرج أيضاً على الأغنية بعد خمس سنوات ونصف تقريباً من "الحراك السياسي"..وكذلك الدراما التليفزيونية التي تغيرت كثيراً.. للأحسن ربما .. أو للأسوأ..
*الصورة من الجزيرة توك

Wednesday, November 03, 2010

البريمادونا والخريف


الخريف لا يستثني أحداً..

الخريف الذي يضرب الأشجار ، ويقلمها من أوراقها الذابلة وفروعها الضعيفة ، ويأتي بتغيرات وتقلبات مناخية تفصل حراً زمهريراً عن برد قارص ، يفرد عضلاته وقوته على الكل ، وبخاصةٍ من يستخفون بها ولا يحسنون تقدير قوتها..

ضرب خريف الإعلام برنامج "القاهرة اليوم" أول ما ضرب ، ومنع بلا سبب مقنع ، ثم يتم نزع ريش "إبراهيم عيسى" بقلشه من قنوات "ساويرس" أولاً ، ثم بتطييره (=تسميعه عبارة "طير انت")من رئاسة تحرير "الدستور" بعد صفقة "عجيبة" قادها رمز مرحلة التحول في تاريخ المال السياسي "السيد البدوي" ليبيع الجريدة لرجل أعمال آخر قرر نسف الحمام القديم ..واستبداله بحمام سوبر لوكس على البيكو..

اليوم ، أهرام 3/11/2010 ينشر خبراً عن انتقال "منى الشاذلي" إلى التليفزيون المصري الرسمي الحكومي ، بصفقة يُنْتَظَر أن يصدق عليها "أسامة الشيخ" رجل الـ"إيه آر طين" ورئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون في برج نحسه السكني ، والذي عمل معها قبل سابق داخل الفضائية العنكبوتية سالفة البيان .. والتي سيعتمد عليها - طبقاً لـ"حساباته" - في محاولة جذب إعلانات للتليفزيون المصري الذي يعاني مالياً ، وتعمقت أزماته واستفحلت في ظل إدارة "الشيخ" التي ورطت عملاق ماسبيرو في رهانات مالية واقتصادية خاسرة جعلته يسبح إلى الأذقان في بحيرة من الديون..

وإذا ما نحينا جانباً تصريحات مدير "دريم" السيد "محمد خضر" والتي لا أجد لها قيمة ولا معنى ، باعتبار أن فكرة بث البرنامج مشتركاً بين "دريم" والتليفزيون المصري يمكن وصفها بأنها "تهييس السنين" ، وإذا ما نحينا أيضاً فكرة أن يعتقد أحد أن "منى الشاذلي" ستتمتع في التليفزيون الرسمي الحكومي بنفس سقف الحرية التي تتمتع فيه -حسب المزاج البهججي- في "دريم" ، ، وهي أيضاً "تهييس السنين" ، ولا أعتقد أن "الأهرام" قد ركزت على تلك الجزئية إلا للتأكيد على هامش الحرية -المزعوم والمدجن جداً- الذي تعيشه الصحيفة العجوز التي تسكن في شقة في نفس برج النحس ، تبقى علامتا استفهام .. الأولى حول كيفية تقبل الناس لتحول مذيعة برنامج يصنفه البعض كأكثر البرامج معارضةً للنظام إلى تقديم برنامج من عينة "البيت بيتك" ولن يختلف عنه في كثير.. هذا طبعاً بفرض أن عزمت البريمادونا على حزم حقائبها متمة صفقة انتقالها إلى مبنى ماسبيرو العتيد.. ولن تكون تلك مسألةً عويصةً بالدرجة ، فكل شيء متوقع ووارد ، في الإعلام ، وفي غيره ، ولم تكن الحرية "مقطعة بعضها" بالدرجة في "دريم" ، ليس بفعل ضغوط من النظام ولا من صاحب المحل ، فبرامج التوك شو تمثيليات يشرف على إخراجها أصحاب القنوات ، والذين تكشف إدارتهم لتلك البرامج مدى "الحرفنة الإخراجية" التي يتمتعون بها..

والثانية .. مَن سيحل محل البريمادونا في "دريم"؟ من الذي سيأتي بأموال الرعاة لتنهمر من جديد على "جزيرة دريم" من جديد؟ سيتبادر اسم "ريم ماجد" .. لكن لا أحد عاقل يترك "أون تي في" ذات البوفيه المفتوح مادياً إلى "دريم" التي لا تعوم على بئر من المال في عمق بئر "أوراسكوم" وأخواتها ، "عمرو أديب"؟ وقَّعَ لـ"الحياة".. "معتز الدمرداش"؟ صعب.. هو سعيد وقانع بالحياة داخل "المحور" الذي يعتبر نفسه "محورها".. "محمود سعد"؟ في الطريق إلى "البيت بيتك" -قناة يمتلكها "محمود بركة" وقيل أنها على علاقة بمؤسسة "روزا اليوسف"- وبالتالي يبقى اسم "إبراهيم عيسى" مطروحاً.. وإن كان شبه مستبعد في الوقت الراهن..

وتبقى أيضاً حقيقتان ، لهما علاقة بحقيقة الخريف نفسه ، الأولى أن التليفزيون المصري ليس فقط المكان الذي تذهب إليه الأفلام القديمة لتموت ، بحسب "خالد الصفتي" صاحب "فلاش" ، بل إنه المكان الذي يذهب إليه الإعلاميون للاستراحة حتى يلاقون مصير أفيال "فتحي غانم".. والثانية أن رياح الخريف ستطال آخرين .. ربما يسئم "بهجت" من "الإبراشي" و"المسلماني" ، ويكسب فينا ثواباً ويسمعهما "طير انت".. وربما يقرر آل "ساويرس" في حين فجأة قلش "ريم ماجد" ، ولِمَ لا؟ فقد فعلوها مع "إبراهيم عيسى" الذي زاملها في "بلدنا بالمصري"..

خريف المناخ فصل انتقالي تغير فيه الأشجار أوراقها ، تسقط الأوراق القديمة الذابلة استعداداً لإخلاء أماكنها لأوراق جديدة فتية وقوية .. وخريف الإعلام فصل انتقالي أيضاً تتغير فيه أماكن بعض الممثلين ، ويتغير فيه بعض الممثلين أنفسهم .. لظهور وجوه جديدة من الممثلين الإعلاميين .. ولتصدق مقولة فريق Queen الشهيرة : The show must go on..والحدق يفهم..
* الصورة من "الساقع"..