Tuesday, September 27, 2011

فرجات آخر الشهر : شركة الفضاء الخارجي



* المولد المنصوب حول "حافظ الميرازي" سخيف ، ومحاولته إظهار نفسه كما لو كان إعلامياً عالمياً ونحن لا نعرف ، أو كأنه عرض عليه منصب وزارة الإعلام ثم رفضه صارت شيئاً أكثر سخافة ، ورغم أنني أتفق مع كثير مما قاله في حديثه مع "الأخبار" منذ عدة أيام ، وخاصة ما يخص رؤساء التحرير المذيعين إلا أنني لا أفهم إطلاقاً سبب لهفة "الحياة" ثم "التليفزيون المصري" ، ثم "دريم" على رجل كل معرفة مشاهد التليفزيون العادي برنامج واحد عادي وأقل من العادي كان يقدمه على "الجزيرة" ليكرر مثله في "الحياة" و "دريم" وأي مكان يحط فيه رحاله ، وحتى لم يبدِ كرامات أظهرها من قبل زميله السابق "يسري فودة"- الذي يلعب في الوقت بدل الضائع- تغري أي قناة باستخدامه .. إن فاتك "الجزيرة" اتمرغ في ترابها..هه! :(

* ماذا سيفعل "محمد الأمين" صاحب "سي بي سي" الفعلي بكل القنوات التي يشتريها منذ بداية هذا الشهر؟ مش عارف..

* ولأن من السخافة ما يضحك ، يجب أن ننوه بالمولد السخيف الآخر الذي نصبته قناة "النهار" لـ"مسلسل" "آدم" وبطله "المناضل" "تامر حسني".. الفكرة شبه المقبولة التي تحولت في سبيل تلميع المطرب إلى "فخفخينا بالجنزبيل" من عدد من أفلامه السابقة والتي كان من الممكن أن تكون أكثر أهمية لو تعامل صناع المسلسل معها من حيث هي لا من حيث يريد "تامر" أو يراد له..

* والمطلوب منا طبعاً إطلاق زغرودة عالية مدوية لمجرد أن تم استبعاد "جمال الشاعر"- أخيراً يا "وديع" - من رئاسة ما يسمى بـ"الفضائية المصرية" وإسناء المنصب للسيدة "منى الحسيني".. "جمال الشاعر" فيما يبدو أصابته عدوى وزراء الإعلام السابقين الذين لا ينتجون إلا إذا تركوا في مناصبهم فترة طويلة للغاية من الزمن كي يمكنهم وضع خطة وسياسة ثابتة (كما حدث معه في "النيل الثقافية" وياريته جه بفايدة) ولم يعد له إلا مقاله في "المصري اليوم" , وبديلته - ما شاء الله- خبرة "زيرو" في العمل الإداري وقيادة الآخرين في أي قناة عادية ، فما بالك بقناة كـ"الفضائية المصرية" أصبحت بهزال مذيعاتها الثقافي الفاضح "شركة الفضاء الخارجي" الجديدة التي تذكرنا بأمجاد النسخة القديمة التي عرفناها في فيلم "المجانين في نعيم"!

* قد تختلف معي في الجملة القادمة : "محمد ياسين" - مخرج "الجماعة"- يفك أربعة من عينة مخرجي "المواطن اخص"..

* "النايل تي في" مثل القرش الماسح ، تنساه في مكان وتعود بعد عشر سنوات لتجده كما هو!

* لا علاقة بفن الاسكتش السياسي بالمرض الذي يقدمه "خالد جلال" وفرقته على قناة "النهار".. قهوة سادة فعلاً ، بدون بن..

* حتى "اللوجو" لم يعد مجدياً في التمييز بين قناة وأخرى ، هناك برامج شبه مستنسخة من بعضها البعض بالفقرة وبالفاصل كما لو كانت برامج مطبخ..

* "فلان" "فلول" و"علان" "فلول".. هذا ما تقرأه في صحف وتسمعه في فضائيات وتطالعه على الإنترنت ، لكن عندما يستضاف الفلول الحقيقيون لا حس ولا خبر .. خير مثال على ذلك حين استضافت "الفضاوية المصرية" الدكتور "كمال مغيث" مدير مركز تطوير المناهج في الحقبة الرابسوماتيكية ، فلول أصلي ونمرة واحد ، دون كلمة اعتراض واحدة.. لا تعليق مهذب..

* يقال أن "تامر حبيب" سيقدم مسلسلين في رمضان القادم أحدهما لـ"يسرا" .. أنا كدة بدأت أتوغوش!

* مسلسلات رمضان الماضي لا تزال تدور على القنوات الفضائية بشكل أفضل من مسلسلات رمضان المنتهي ورمضان قبل الماضي.. مجرد ملحوظة..

* رأي شخصي : من الأفضل أن يبتعد "أحمد سعد" عن اللون الشعبي ، فأغنية مسلسل "احنا الطلبة" ذات الصبغة الشعبية - مضافاً إلى تمثيله فيه- قد ألحقا به أشد الضرر..

* ما هو الفرق بين "يوسف شاهين" والساسة الذين طفحوا على السطح بعد الثورة؟ "يوسف شاهين" ينفذ ما يفهمه وهو ليس بالضرورة ما تفهمه (وتسليمي بصعوبة فهم "بعض" أفلامه لا يقلل من أهميته كمخرج) ، الساسة ينفذون ما لا يفهمون ويتعمدون ألا يجعلوك تفهم أي شيء..

* "صلاح جاهين" أكبر من مجرد رباعيات ورسوم كاريكاتير .. لمن يعلم..

* كاتب العمود الذي يكره الكوميديا عمىً ، ولا يفهم منمطقها ولا طريقة نقدها ، ثم يصر على الكتابة فيها ، ليس مثيراً للشفقة بقدر ما هو مثير للضحك..

* قناة "القاهرة والناس" ستبث رسمياً بدءاً من بداية العام القادم.. أعتقد أن سبعة أشهر وعشرين يوماً فترة طويلة بالنسبة لإعادة كل ما بثته "قناة رمضان" سابقاً منذ انطلاقها الأول إلى الآن .. لدرجة أن المشاهدين قد يحفظون البرامج وينسون القناة نفسها في "رمضان" عندما يخرج الخبز الطازج من الفرن!

* أخيراً.. مستوى ما يقدم على الشاشات العربية من دراما محلية على كل تحفظاتي وانتقاداتي الشخصية له كمتفرج لا يزال أفضل بكثير من مستوى ما يتم دبلجته ، إيرانياً أو سورياً أو مكسيكياً أو آسيوياً..
* العنوان جاء في فيلم "المجانين في نعيم" لـ"إسماعيل ياسين" و "رشدي أباظة" و "توفيق الدقن" صاحب "شركة الفضاء الخارجي" .. ولعدم عثوري على لقطة تجمع الاثنين "إسماعيل" و "الدقن" في الفيلم ، استعنت بأقرب لقطة من الفيلم من موقع egyptZ..

Wednesday, September 21, 2011

ولاد سلطح بابا



انشغل العالم لبعض الوقت بفيديو عجيب ، عجيب على حق ، بطله الملياردير الروسي ومالك صحيفة "الإندبندنت" البريطانية الشهيرة "ألكسندر ليبيديف".. وما قام به "أليكسي" -المحترم المنمق الظريف اللطيف- ببساطة هو أنه ضرب أثناء تسجيل برنامج تليفزيوني مليارديراً روسياً آخر هو "سيرجي بولونسكي".. صحيح أن البرنامج لم يكن مذاعاً على الهواء مباشرةً كما نقل عبر كثير من المواقع ، لكن اللقطة التي تم تسريبها انتشرت كالنار في الهشيم ليس فقط بين المدونين الروس بل في كافة أصقاع المعمورة..

برر "ليبيديف" ما فعل بأن "بولونسكي" كان "عدائياً طوال المقابلة" وبأنه (="بولونسكي") قام بإهانة كل من كان موجوداً بالاستوديو وقتها..

يمكنك أن تستنتج أن "ليبيديف" كان ضيفاً كغيره من ضيوف الحلقة ، لكنه رأى - من وجهة نظره- أن الأمور خرجت عن نصابها وأن النظام قد "اختل" ، فقام هو بإعادته بـ"الدراع".. ولا أدري هل كان المذيع -"اللي ماسك القعدة دي" مع الاعتذار لـ"عادل إمام" في "شاهد ما شافش حاجة"- خجولاً يمنعه أدبه وحياؤه من أن يوقف "بولونسكي" عند حده - إن صح طبعاً ما قاله "ليبيديف"- أم أنه كان "خيخة" وقليل الحيلة ، يذكرني بمذيعة في القناة "الفضاوية" المصرية -القناة التي صارت وبحق سبة في جبين كل المصريين- لا يشرفني ذكر اسمها في شيء فشلت -لو بنتكلم حسن نية- في منع شخصية شهيرة من الخروج اللفظي على النص (مع احترامي لوجهة نظره ولحقه في إبدائها دون تجاوز وبما يناسب التليفزيون وأعرافه التي أقر بها بمجرد مجيئه إلى الاستوديو) ، وآخر من "الرموز" كان موجوداً في نفس الحلقة من الإدلاء بتصريح لا يخرج إلا من عضو جماعة تكفيرية ، أو تخاذلت في منع الاثنين نفاقاً لهما -لو بنتكلم على محمل الخبث- الأمر الذي أيده تصرف المخرجة المغمورة المشرفة على البرنامج بحجة "عدم تكميم أفواه الضيوف" حتى لو سبوا ذات يوم بالأب والأم والدين.. وليشرب المشاهد الذي وثق في القناة وأدار عليها الريموت كنترول باحثاً عن رأي ليجد فواصلاً من "الشرشحة" من البحر..

المذيع في هذه المواقف أحد هؤلاء : (1)شخص "عايز الليلة تعدي" يقوم من حين لآخر أثناء الحلقة بدور "عسكري المرور" تارة ودور "المطيباتي" أخرى "فلان بيه ما يقصدش ..." ودور مدرسة الابتدائي التقليدية طبقاً للإكليشيه المرتبط في ذهننا بها "بس يا واد.." ، (2)شخص قوي الشخصية يستطيع ضبط إيقاع الحلقة وفرملة أي سوء سلوك وشخصنة وقلة أدب محتملة من ضيف أو متصل ، بضحكة ، بإشارة ، بـ"زغرة" ، (3)شخص منافق عديم المبدأ يسمح بقلة الأدب وربما بالتلاسن والتشابك بالأيدي ما دامت تصب في مصلحته أو مصلحة قناته أو مصلحة صاحب قناته أو مصلحة تياره أو مصلحة تيار قناته ، (4) شخص يهمه نفسه فقط.. "الضيوف كانوا وحشين وقلالات الأدب وبيشرشحوا لبعض وخلوا الحلقة ز... بس إيه رأيك فيا؟ مش كان برضه شكلي محترم؟".. وهناك فئة خامسة لا أعتقد أنها موجودة في مصر أو في معظم العالم العربي وهي المذيع الفتوة..

أغلب مذيعي برامج التوك شو المصريين من فئة المذيع الممثل أكثر منهم شيء آخر ، وبعضهم من الفئة الأولى وبعضهم من الثالثة وأكثرهم من الرابعة.. رأي قد توافقونني فيه وقد تخالفوني بالكلية.. وقد تحكمون بشكل أفضل إن شاهدتم لهم مواقف مع ضيوف من عينة "بنت سلطح بابا" في الفيلم الشهير "إشاعة حب"..منمقون "محفلطون" يتظاهرون بالثقافة والأدب حتى نسمع منهم في لحظة تجلي و"لعلعة" ما لا تتوقع من مثقف أو محترم..

ولكن الحال سيختلف إن كان المذيعون أنفسهم ، السادة الممثلون ، المتلونون ، الذين يغيروا أقنعتهم من حين لحين ، من نفس عائلة "سلطح بابا" الكريمة..
* الصورة من The Daily Edge .. أعتذر عن عدم إدراج الفيديو..

Monday, September 19, 2011

عيني حتطلع عليه!



هذه التدوينة هي الجزء الثاني من تدوينة "عيني فيه"! :)

وليست السطور القادمة ببعيدة عن نفس ما دارت عنه التدوينة المذكورة ، قناة "الجزيرة مباشر مصر" ، وبعيداً عن المشكلة التي أثيرت حولها ، وعن "حالة التعاطف" التي لمستها حتى في مقال الناقد السينمائي الكبير الأستاذ "سمير فريد" في "المصري اليوم" عدد اليوم مدافعاً عن النجاح التي حققته القناة في كسب ثقة الناس في مقابل الإعلام المصري .. قائلاً:

القضية الحقيقية فى «الجزيرة مصر» أنها السابقة الأولى من نوعها فى تاريخ التليفزيون منذ اختراعه، وهى أن تقوم شبكة من دولة، هى فى هذه الحالة قطر، بإنشاء قناة باسم دولة أخرى هى مصر، وتعبر عنها، وأن تحوز ثقة أغلب المصريين، وذلك بعد أن فقدوا الثقة فى قنوات حكومة دولتهم، ولن يسترد التليفزيون المصرى ثقة المصريين بمنع الجزيرة مصر!

توضيحان اثنان:

1-برنامج "سكرتير التحرير" كما نوه كاتب السطور قبل سابق "كوبي وبيست" من برنامج "غداً تقول الصحافة" الذي كان يذاع على القناة الثالثة المحلية المصرية في بداية ظهورها (ولا أذكر من كان يقدمه ، ربما كان "حازم الشناوي") .. كوبي وبيست بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، نفس اللقطات ونفس الكادرات ونفس الحوارات.. بل إن الفكرة كانت لها قيمة وقتئذ وليس الآن .. فالمذيع - أياً كان- كان يركز على ما تنشره صحيفة من الصحف اليومية القليلة جداً (بما أن البرنامج معني بالصحافة "الصباحية") المتوافرة وقتئذ ، وما كان منشوراً في "الأهرام" مثلاً قد تجده في "الجمهورية" أو "الأخبار" (إلى درجة دفعت الكاتب الماركسي "صلاح عيسى" لعمل صفحة ساخرة منذ ثلاثة عقود في إحدى الصحف المعارضة باسم "الإهبارية" يخلط فيها بين الصحف الثلاث) ، أما اليوم فنجد القناة "المحترفة" تنقل فكرة قديمة بحذافيرها في وقت أصبح من الصعب عد الصحف اليومية المصرية ، بل وربما لن ينتهي العام الحالي قبل أن تضاف إليها صحيفتان أو ثلاث ، وإذا ما استثنينا الصحف "القومية" نجد أن لكل صحيفة خط ، وتمويل ، واتجاه ، وطريقة في صياغة الأخبار ، تجعل من الغباء التركيز على ما تقوله صحيفة بعينها دون أن نضع بعين الاعتبار كيف ترى أخريات نفس المواضيع!

2-برنامج "على مسئوليتي" هو الآخر "كوبي وبيست" من برنامج "خاص الفضائية المصرية" الذي كان يقدم من زهاء العقد ، وفكرته شديدة الفشل في ذاتها ، ما هي قيمة أن يقوم كاتب "ما" بدش مقال ، أو بتقديم محاضرة ، حتى ولو لخمس دقائق ، بما أن صنعة الرجل هي الكتابة ، وليس الخطابة أو الدردشة مع المشاهدين ، فما بالك لو كان الكاتب بلا قيمة ، وكان الغرض من البرنامج "تلميعه" -وش- كما هو الحال مع "أسامة سرايا" و "عبد الله كمال" و"نبيل زكي" .. أما "الجزيرة مباشر مصر" - لا سمح الله- أبى إلا أن تأخذ نفس الفكرة لتطبقها على أسماء أخرى - "للتموين"- وبنفس المنطق ، أغلب من تقدمهم نسخة "الجزيرة مباشر مصر" من كتاب "الشروق" .. ليه؟ الله أعلم..

شيء مذهل في ذاته أن تبدأ قناة ما عملها بشكل محترم ومهني وبمعرفة لإمكانياتها ثم تنتهي إلى مرحلة تحاول أن تكون فيها ملكية أكثر من الملك ، ليس فقط بإلقاء الحياد من الشباك ، ولكن بمحاولة إشعار الناس بعدم الغربة عندما يشاهدونها ، وكأنهم يتابعون التليفزيون المصري - تذكروا : الفاشل- والعينة بينة..

وعليه .. أتفق مع الأستاذ "سمير فريد" في النصف الأخير من عبارته الأخيرة بأن التليفزيون المصري لن يكسب ثقة الناس بإغلاق "الجزيرة مباشر مصر" (رغم محاولاته ومحاولات القنوات "الخاصة" تقليد نهج "الجزيرة" الأم) .. لكن من حقي أن أسأل : وهل ستكسب "الجزيرة مباشر مصر" ثقة المصريين بتقليد التليفزيون المصري الذي لا يثقون به؟

فعلاً.. شر البلية..

ذو صلة: ولكي لا أجعلكم تشعرون بالغربة عندما تقرأون الجزء الثاني من "عيني فيه" .. أذكر بـ"عيني فيه" :)
* الصورة من "بتراء أون لاين"..

Wednesday, September 14, 2011

"اكس" ، "آدم" ، و"علي" ابن الجنايني



مقدمة: ترددت كثيراً ، وكثيراً جداً ، قبل كتابة هذه التدوينة ، وربما بشكل لم يحدث خلال السنوات الخمس الماضية ، قد تثير السطور القادمة غضبك ، أو غضب كثيرين ، لكن دعونا ، في ظل ظرف فاصل ، ومختلف ، لم تعيشه ، وربما لن تعيشه بشكل مستمر أجيال من المصريين ، نختلف في الرأي ، ونتباين في الرؤى ، دون أن يكفر ، أو يخون ، أو "يُكَنِّب" بعضنا بعضاً.. ربما نشعر بالتغيير في حالة إذا ما أبقى الخلاف للود قضية ، ولو لمرة واحدة..

0-لنعترف أنه في الثورات ، وبالذات في مصر ، يحتكر "الفعل الثوري" بعض ممن شاركوا في الثورة .. ففي ثورة 1952 مثلاً احتكر مجلس قيادة الضباط الأحرار الفعل الثوري بموجب ما حدث في 1954 ، رغم ما يقوله مؤرخون بأن الثورة شاركت فيها أطياف سياسية عديدة ما بين يمين ويسار وتيارات أخرى ، وهو ما تكرر في ثورة 25 يناير ، طفت على السطح ائتلافات ، وحركات ، ورجال أعمال قامت هي باحتكار الفعل الثوري وبالحديث منفردة ودوناً عن غيرها باسم الثورة كما لو كانت قد قامت بمفردها بها دون مشاركة من أحد.. والمبررات جاهزة .. فمجلس "قيادة الثورة" رأى أنه هو الذي تحمل المخاطرة ووضع كفنه على يده في مواجهة الملكية والاحتلال معاً ، وبالتالي لا يحق لقوى سياسية كانت موجودة قبل الثورة أو ظهرت بعدها أن تقاسم هؤلاء في الكعكة ، وبالتالي مات الهدف السادس من أهداف الثورة قبل أن يولد ، وحدث ما حدث ، أما الائتلافات والحركات فكانت لديها نفس الرغبة ولكن بشكل أكثر ضمنية وأقل وضوحاً.. هكذا أرى..

1-وكان من الطبيعي أن من ينفرد بالحديث باسم الثورة ينفرد بالدعاية لها ، ومن ثم "له" .. ضباط 1952 ، بحكم اتباعهم لنموذج سياسي واقتصادي يضع أدوات الإنتاج ، والسلطة ، ووسائل التعبير تحت تصرف النظام الحاكم استغلوا وسيلة الترفيه الجماهيرية الوحيدة المتاحة ألا وهي السينما لتقدم أفلاماً دعائية بشكل مباشر أو غير مباشر مثل "رد قلبي" (1957) ولمن يلاحظ التاريخ يجد أنه قبل إنشاء التليفزيون المصري بثلاث سنوات أو أقل قليلاً أو أكثر ، كي يصل إلى الجمهور ويقنعهم بوجهة نظره ، صحيح أنه على الجانب الآخر لم ينفرد المتحدثون باسم الثورة -بعد- بالسلطة ، لكن رأوا بحكم وصايتهم عليها التطوع بالدعاية لها -أو للدقة : الدعاية "لهم" - من خلال وسيلة ترفيه شديدة التأثير وهي الدراما التليفزيونية ، خاصةً وأن لديهم من الإمكانيات ما لم يتوافر حتى لأعتى صناع السينما في الخمسينيات والستينيات لتقديم مسلسل "يبدو" مبهراً من الناحية البصرية كـ"اكس" ..

2-قامت ثورة يوليو 1952 ضد استعمار ، ونظام ملكي ، وحياة سياسية فاسدة ، ورأسمالية مستغلة وإقطاعية ، وقامت ثورة 25 يناير ضد فساد سياسي واقتصادي ، قامت ثورة يوليو بهدف تحقيق عدالة اجتماعية ، اتفقنا أو اختلفنا مع وعلى المفهوم والطريقة ، وسيبقى التاريخ حكماً على ما نجحت فيه ثورة يوليو أو أخفقت في هذا الصدد ، وقامت ثورة 25 يناير أيضاً لنفس الهدف ، على الأقل في عيون الجنود المجهولين الحقيقيين من عامة الشعب الذين آمنوا بعدالة القضية دون وصاية ممن اعتقدوا أنهم قادة الرأي ومن يروه ، الذين من أجلهم قامت الثورة ، وليسوا الائتلافيين والحركيين ورجال المال السياسي (الذين كان يفترض أن تقوم ضدهم الثورة وليس فرقة "مبارك" وأبنائه فحسب ، بما أنهم كانوا شركاء بطريقة أو بأخرى فيما شهدته العقود الثلاث الأخيرة من فساد).. احتاج ضباط يوليو حديثو العهد بالسياسة لبعض الوقت لتشكيل وفرض رؤاهم وسياساتهم ، بينما على الجانب الآخر زعم تيار المال السياسي -قبل الثورة وبعدها- أنه قادر على تحقيق عدالة اجتماعية (رغم قيام المال السياسي الحالي على أسس أخلاقية أسوأ من التي قامت عليها الرأسمالية المستغلة الإقطاعية التي قامت ضدها ثورة 1952 ، وبالتالي العدالة الاجتماعية مش في دماغهم أصلاً)!

3-نفس الهدف كان موجوداً لدى الثورتين ، في القمة والقاعدة ، لكن جاء التعبير عنهما في العملين الفنيين الدعائيين -وليست الدعاية السياسية عيباً في الفن ما دامت تحترم الفن وتحترم عقلية من يتلقوه- متبايناً ، وبشكل صادم..

ففي "رد قلبي" ، عبَّر صناع العمل المستمد عن نص روائي لـ"يوسف السباعي" ، عن حاجة المجتمع لعدالة اجتماعية من خلال شخصيات فقيرة تحملت ويلات سوء توزيع الثروة والسلطة ، بدءاً ببطل الرواية والفيلم "علي" (=لعبه "شكري سرحان") ابن "عبد الواحد" (=لعبه "حسين رياض") "الجنايني" في سراي الأمير -رمز السلطة والإقطاع (الذي جاءت ثورة يوليو للقضاء عليه) ، المرتبط بقصة حب مع "إنجي" (=لعبتها "مريم فخر الدين") تعوقها الفوارق الطبقية التي تعوقه ، وتعوق "سليمان" (=لعبه "كمال حسين") عن الانضمام حتى للجيش ، المؤسسة التي "حملت آمال الجماهير" في "التخلص من الاستعمار والإقطاع والفساد".. والتي دفعها ما دار في حرب فلسطين (1948) للقيام بالثورة.. باختصار ، عبر عن فكرة "العدالة الاجتماعية" من خلال الطبقة التي قامت بالثورة ، ومن أجلها قامت الثورة..

وكان من المتوقع أن يقوم من تطوعوا بإنتاج عمل فني دعائي ، بعد الثورة بثلاثة أشهر فقط ، طالما تبنوا نفس الهدف أن يسيروا على نفس الدرب ، أن يختاروا نموذجاً من الطبقة الفقيرة يكون بطلاً لنسختهم من الثورة ومنادياً بحقوق من استضعفوا طوال العهد المباركي.. لكن لا يابابا لا..

اختاروا "اكس" ولم "يختاروا "آدم"..

ومش أي "اكس"..

المتوقع لدي ، ولديك ، أن يكون "اكس" - رمز رياضي نستعمل عوضاً عنه في العربية "س" ويشير إلى شخص مجهول أو غير محدد ("س" من الناس مثلاً)- من السينات الذين احترقوا في قطار الصعيد ، أو غرقوا في العبارة ، أو تمت بهدلتهم في السفارات هنا وهناك ، أو ممن حولهم النظام التعليمي الفاشل إلى عاطلين ، أو من دعستهم لواري فلان بيه وعلان باشا تحت حماية رجالهم المخلصين في "مقلة الشعب" ، أو اعتقلوا عشوائياً على يد الداخلية في الثمانينيات والتسعينيات دون أن يهتم لأمرهم ناشط أو حقوقي ، أو سقطوا ضحية لإهمال طبيب من ذوي الحيثيات دون حماية له من قانون أو نقابة ، إلى آخر قائمة "الإكسات" التي سقطت ضحية للمباركية على مدى ثلاثة عقود اختصرها محتكرو الثورة إلى خمس سنوات وقيل ثمانية عشر يوماً ، لكن من قاموا على المسلسل قدموا لنا "إكساً" آخراً ، من الجزء الأعلى من الطبقة المتوسطة ، وله من علية القوم أصدقاء ، منهم ابن وزير (=لعبه "نبيل عيسى" أفضل ممثلي المسلسل على الإطلاق) ، وابن لرجل أعمال كان له مشروع أضاعته الرأسمالية المباركية (أما رأسمالية المال السياسي فهي نظيفة نظيفة نظيفة .. والقطنة ما بتكدبش) ، قتله جهاز الشرطة بتحريض من الفاسدين ، ليصبح استشهاده بمثابة النور الذي ينير الطريق لقيام الثورة.. عن طريق الناشطين والمناضلين الذين لا أعتقد أنهم سيقومون لو كان الضحية هو "آدم".. الذي كان أيضاً ضحيةً لفساد الشرطة ، مع فرق أنه جاء من طبقة أدنى وأفقر ، ولم يهتم لأمره كثير ممن اهتموا لـ"اكس" بيه.. بل سالت دماؤه على طريقة "الدم العربي" في قصيدة "فاروق شوشة" التي درسها بعضنا في الثانوي!

رأى البعض ، وأتفق معه ، أن اختيار "اكس" بشكله الحالي يأتي في إطار خطاب محتكري الثورة بأن الثورة هي ثورة "ولاد الناس" وليست ثورة "الغوغاء والدهماء والمش عارف إيه" ، خطاب أثار غضب كثيرين من الناس ، غضب عبر عنه الزميل "محمد أبو الغيط" في إحدى أهم تدوينات العام "الفقراء أولاً يا ولاد الكلب" ، التعامل مع الثورة كمنتج طبقي يتم الترويج له على طريقة "أفندينا" (=وهو في هذه المدونة "طارق نور" ما لم يذكر خلاف ذلك) ملك مدرسة تقوم على الترويج الطبقي للمنتج ، والمفارقة المضحكة أن المسلسل عرض على قناة "طارق نور" نفسه كعرض أول (جنباً إلى جنب مع "ام بي سي دراما" و "اون تي في") ، بل إني على المستوى الشخصي أرى أن الفقراء كانوا بالنسبة للفئة المحتكرة التي لها صحفها وفضائياتها كانوا مجرد سلاح مرحلي لتعبئة الرأي العام ، وفور أن استنفذ أهدافه قرروا صنع بطل جديد للمرحلة ، على غرار ما حدث في الفيلم قبل الأخير للراحل الرائع "صلاح أبو سيف" "المواطن مصري"..

"أحمد قاسم" مواطن مصري ، وكذلك "آدم عبد الحي".. الثورة قامت من أجل الاثنين ، وبالاثنين ، لا الأول فاعل ظاهر ، ولا الآخر ضمير مستتر ، الثورة قامت من أجل بلد أفضل ، لا يحتكره فصيل أو مجموعة باسم الدين ، أو باسم الوطن ، أو حتى باسم الثورة.. وصناع ومنتجو دراما الدعاية -من محترفي "سلق البيض" وأتباع "عبده حريقة"- وبعض من يدافعون عنها لم تصل إليهم الرسالة بعد .. سواء في 1957 ، أو في 2011 ، فمن الدعاية دائماً ما قتل..

قبل الختام: لست ناصرياً ، ولن أكون ، فقط ما كتبت عن ثورة 1952 هو مجرد تسجيل تاريخي ومقارنة مع حالة مشابهة تحدث اليوم ، ولا أحب "رد قلبي" إطلاقاً ، ولم يعجبني "اخص" بالمرة ، ولم أقارن بينهما كعمل فني ، وإنما كمضمون دعائي ، فلست ، على كل عيوبي التي أعترف بها على كثرتها ، من يقارن فيلماً بفيلم آخر من نوع أو قالب مختلف فما بالكم بمقارنة فيلم بمسلسل ، والثورة ليست عندي ائتلافاً أو حركة ، الثورة قامت للجميع ، والمهمشين والمستقلين وعامة الشعب الذين لا يكترث لهم محتكرو الثورة عندي أهم كثيراً من الأخيرين .. احتكار الثورات يؤدي دائماً إلى "سكة اللي يروح ما يرجعش"..

ورحم الله من قال "ولكن آفة حارتنا النسيان".. عذراً للإطالة الشديدة ، وكل احترامي للجميع..
* إهداء خاص للزملاء الأعزاء "ساسو" ، "محمد عادل" وطبعاً أستاذي "أسامة القفاش".. الصورة من "المليون دوت كوم" ، ودة الموقع اللي لقيت منه صورة مالهاش علاقة بموقع image shack!

Monday, September 05, 2011

تصويت احتجاجي



في الماضي القريب كانت أي حملة يقوم بها ناشط على الإنترنت ، أو مجموعة من الناشطين ، تلقى صدى ايجابياً واسعاً وقبولاً كبيراً ، وكان البعيدون عن عالم التدوين و"الفيس" والمنتديات و..و.. يشعر بأن تلك الحملات مقياس حقيقي للرأي العام ، أو لشرائح واسعة جداً منه ، وأنها ستقابل بتأييد غير عادي من قبل عامة الناس ، الذين لا تطال أصابعهم الكيبورد .. أمر عززته أحداث الثورة ..

لكن أن تقابل حملة على الإنترنت ، من أناس لا يختلفون كثيراً عن سابقهم ، بالرفض ، والعند ، فهذا هو الجديد ، الذي يجد كاتب هذه السطور صعوبة شديدة جداً في فهمه..

نعم هذا ما حدث ، قبل أيام استبق عدد من ناشطي الإنترنت حملة لمقاطعة فيلم "شارع الهرم" ، بحملة وصل عدد المشاركين فيها إلى أربعة وستين ألف شخص أو يزيد .. والنتيجة :

والنتيجة أن حقق الفيلم الذي طالبت جموع الناشطين بمقاطعته رقماً قياسياً لأعلى إيراد يحققه فيلم مصري في يوم واحد ، وأن يصل الأمر لأن يجمع في أيام موسم العيد سبعة ملايين جنيه ، تخيلوا!

إن لم تستعجب بما يكفي ، أذكرك بأن "السبكيين" عودونا على أن يستقبلوا كل عيد بفيلم من تلك العينة الغريبة ، "البيه رومانسي" ، "ابقى قابلني" ، "ولاد البلد" ، وهي أفلام تشبه بعضها تماماً ، ولا يمكن تمييز تريلر أي فيلم منها عن الآخر ، إن تحملت مرارتك فكرة تحمل مخاطرة الذهاب إلى صالة السينما ومشاهدة أي منها ، وحققت تلك الأفلام إيرادات ربما لا تذكر بالمرة رغم أن للسبكيين مبرراتهم "المقنعة" لتقديم مثل تلك الأفلام ، كمحاولة استغلال موسم العيد لتحقيق مكسب مادي مربح ، شأنهم كشأن منتجي السينما العاديين الذين يقدمون أفلاماً "أفضل" من حيث المستوى الفني..

لنفاجأ بفيلم لا يتخير عن سابقيه يحقق رقماً قياسياً لأعلى إيراد لفيلم مصري يحققه في يوم ، ويحقق في عدة أيام رقم احتاجته أفلام أفضل ألف ألف مرة للوصول إليه في شهر!

أول إجابة تتبادر إلى الذهن هي أن الموضوع "دور عند" .. تصويت احتجاجي ، ماشي ، لكن عنداً مع من ، وفي من؟

نذكر بالجملة الافتتاحية للحملة :

مقاطعة فيلم شارع الهرم .. الفيلم يجمع بين الرقص الاستعراضي والغناء .. هي دي مصر اللي عاوزنها بعد الثورة ؟ الناس دي بتاخد ملايين في حاجات هايفة ليه ؟؟
الناس دي لما قامت الثورة كانوا ضدها .. ودلوقتي ركبوا الموجة وبقوا معاها ..
وقتكوا انتهي خلاص .. مصر مش بلد الهلس والهيافة .. لازم نفوق بقي
..

والحملة أو الحدث أنشأته نفس مجموعة القائمين على حملة "مقاطعة أعمال فناني القائمة السوداء" كما يبين من صفحة الحملة على الفيس.. وبالتأكيد أغلب الشعب المصري ضد الفنانين المتلونين ، ومتعاطف مع الحملة ، ولم يكن مقبلاً على نفس تلك النوعية من الأفلام أصلاً قبل الثورة (للي عايز يقول أصل اللي دخل الفيلم ناس هايفة).. ماذا حدث؟

هل تكون عبارات الثورة التي جذبت خمسة وستين ألف شخص إلى المجموعة أو الحدث أو أياً كان سبباً في دور العند الذي لم يمنع مثل هذا العدد أو ضعفه من تحدي الحملة؟ هل هو عند في ناشطي الفيس بوك أنفسهم؟ هل انفصل الناشطون عن مجتمعهم لدرجة دفعت عامة الناس الذين يعرفون بالحملة إلى تصيد أي فرصة للتمرد على سلطة الفيس بوك كما تمردت من قبل على سلطة كتبة أعمدة صحف النظام وصحف المال السياسي فيما بعد؟

أعلم أن تلك الأسئلة سخيفة بما يكفي ، لكنها تبقى مشروعة في محاولة فهم ما حدث..وربما تكون لديكم إجابة أكثر إقناعاً وألحن حجة..

تحديث 6/9: "وجهة نظر" لـ"إبراهيم عيسى" نشرها في موقع "الدستور الأصلي" - زي "كورومبو الأصلي" كدة- قد تختلف عن ما كتبته في التدوينة ، وجهتي نظر مختلفتين ولو من بعيد أفضل من وجهة نظر واحدة ، والكرة دائماً في ملعبكم..
* الصورة من مدونة أطلق صاحبها عليها اسم "الجزيرة نت" ، ولا علاقة لها من قريب أو من بعيد بموقع "الجزيرة نت"!