Tuesday, December 27, 2011

فرجات آخر العام : كثير من الملاحظات.. قليل من الأحداث

* أتمنى مع نهاية عام أن نكون أوسع صدراً ونحن نناقش بعضنا البعض ، ألا نستعمل لغة التخوين أو التكفير أو التفليل ، أن نبدي وضوحاً ونحن نطرح ونناقش بشجاعة ودون خوف ، فليست هذه هي المرحلة التي يحلو فيها البحث عن سُتُر نخفي وراءها قناعاتنا بعبارات مطاطة وسمجة ومعادة عفا عليها الزمن ، مزيد من الوضوح من جميع الأطراف كان كافياً لجعلنا نفهم ، ونختار ، ونحسن الحكم على أي سيناريو يقترحه أي طرف لمستقبل مصر ، بل كان كافياً لحقن الكثير من الدماء..

* حتى ساعة كتابة تلك السطور ، لا زلت أرى أن إعلام المال السياسي يحلب الثورة ، ويتخذ من جثث الشهداء جسراً يعبر عليه من أجل إحياء دولة رأس المال والإقطاع في ثوبه الجديد ، ويسيء للثوار أكثر ربما من الإعلام الرسمي ، ولمن لا يصدقني أحيله أكثر لما حدث يوم 18 نوفمبر وما بعدها ، حيث أظهر ، بمساعدة "البعض" ممن أصبحوا من معالم الميدان وهم عالة عليه ، شباب الثورة بمظهر المقامر الذي يخفي كارتاً وراء آخر ، العاجز عن التفكير والوصول لسيناريو محدد .. لم تنقل كاميرات تلك الفضائيات بالمرة السيناريو الذي طرحه الميدان وقرأته عندي في مدينتي معلقاً على جدران ديوان المحافظة ، سيناريو لو عرفه الناس كان من الممكن أن يتناقشوا حوله ويتفقوا ويختلفوا ويأخذون مواقف.. لكن ليييه؟

* نفس ذلك الإعلام يعيب على الإعلام الرسمي أشياء كثيرة هي فيه ، وقد قلنا قبل سنوات أنه يستعمل نفس آليات الإعلام الشمولي الستيني الناصري ، وسنراه يستخدمها بشكل صارخ إذا ما وصل رجال الأعمال المالكين لتلك القنوات لسدة الحكم (لا قدر الله) ، ويبدو أن القائمين على ذلك الإعلام قد نسوا أنفسهم ، ونسوا أن تلك القنوات كان قائماً على صحفيين ، ومذيعين ، بعضهم عمل لسنوات طويلة في مؤسسات صحفية حكومية ، وفي التليفزيون الرسمي نفسه ، بل إن بعضهم كان قريباً من جناح التوريث.. بلا قرف..

* قدم "توفيق عكاشة" أحلى خدمة للمذكورين ,والمبهورين بالمذكورين ، فشخصية كتلك وفرت مبرراً ممتازاً لقمع أي مختلف في الرأي فكرياً ، وجعل كل من يرى الأمور بشكل مغاير لما يروه "توفيق عكاشة" أو محسوباً عليه .. كما أن شخصاً كارتونياً كهذا يسفه وبنفسه أي فكرة يقولها ، حتى ولو قال الحقيقة -بفرض إنه ممكن تصدف ويقول حاجة صح-فلن يصدقه أي مخلوق.. كاراكتر "عكاشة" لا يختلف في كثير عن كاراكترات أخرى في الإعلام "الشريف الطاهر العفيف الوطني الثوري الخ".. وإن كان قد اختار أن يحبس نفسه في دور المهرج ، رغم افتقاره حتى للحد الأدنى من مقومات "المهرج" الجيد!

* ولمن لا يعجبه ما ذكرت في الققرة السابقة ، أطلب منه أن يدقق في تصريحات "عادل حمودة" على قناة "السيس بي سي" عقب التظاهرة التي نظمت بجوار مبنى جريدته تصريحات يمارس فيها إرهاباً فكرياً على كل معارضيه فكرياً ، بوضعهم في خانة "العباسية" و"توفيق عكاشة" .. علماً بأن الصحفي الكبير - سناً على الأقل - يكتب منذ ردح طويل من الزمن ومن المؤكد أن له معارضون ومنتقدون من كل الخلفيات وألوان الطيف السياسي والفكري مثلما له مؤيدون ومريدون ، وبالتالي ليس كل من يعارض "جنابه" أو تكون له ملاحظة أو ملاحظات على ما يكتب "توفيق عكاشة" أو محسوباً عليه .. فما بالك بمن أعتقد أنهم بالملايين ممن يتحفظون على "سيدنا" "حمودة" كمذيع ولا يرتاحون لأسلوبه في إدارة حوار ، وهي أمور لا علاقة لها بالاتجاه السياسي أو الفكري لـ"عادل بيه".. وكان من الممكن أن يتفاداها لو اكتفى برصيده كـ"صحفي" دون أن يقحم نفسه في لعبة التليفزيون ليصبح صحفياً شيكاً بدون رصيد..الإعلامي الذي يصنف المختلفين معه في خانة الذي والذين ليس إعلامياً ، بل يتعامل مع الناس كما لو كان بائع حقيقة مطلقة ، وصنم لا يجوز المساس به ، لا يعقل أن نثور على صنم ونهدمه ليخرج لنا عشرون بدلاً منه.. يا "عادل" بيه..

* بالمناسبة ، لو كان "عادل حمودة" قرأ ما كتبه كاتب السطور عن إعلام المال السياسي منذ سنوات ، فستقرأون قريباً في "الفجر" مقالاً عن علاقة "قلم جاف" بتنظيم القاعدة!

* بالمناسبة ، لو كان إعلام المال السياسي المتاجر بالثورة مهنياً ، لماذا لم يواجه كل الأحزاب السياسية ببرامجها الاقتصادية على الهواء؟ ولماذا لم يطرح كل السيناريوهات البديلة لبقاء أو رحيل "العسكري" على الناس في وقتها ، ولماذا انتظر في بلاهة إلى أن يسأل مشاهد تلك التليفزيون الباحث عن الحقيقة عن كل ما سبق بلا إجابة كما لو كان لا قيمة له؟

* الخطر الحقيقي على الفن لن يأتي من الإسلاميين ، مع كل مواقفهم المعادية والمحيدة للفن ، بل سيأتي من المال السياسي نفسه لو تولى السلطة ، لأنه في هذه الحالة سيضاف إلى احتكاراته في مجال السينما ووسائل الإعلام الجماهيرية عامل السلطة ، وبالتالي فإن باب الأذى سيكون واسعاً للغاية ضد أي مبدع تسول له نفسه توجيه أي انتقاد في عمل فني لذلك التيار خصوصاً إذا ظهر فساده وانكشف ، حصار اقتصادي وإغلاق منافذ توزيع واتفاقات على منع عرض ، فضلاً عن تشويه سمعة واغتيال أدبي ..

* الخبر الجيد أن حزب "الوفد" ألغى حملة "صوتك مع مييييين" التي جعلت منه ملقفاً للنكات والسخرية ، الخبر السيء أنه "ضرب في الخلاط" حملة لا تختلف كثيراً من حيث الغباء!

* إلى صناع الدراما في مصر .. إن كانت لأرواح الشهداء قيمة عندكم ، لا تقدموا مسلسلاً آخر كـ"المواطن اكس".. إلى "خالد الصاوي" .. إن كانت لأعصاب الأحياء ومرارتهم قيمة عندك ، لا تكرر "خاتم سليمان"!

* واثق جداً في قدرة "أحمد مكي" على الاعتذار عملياً عن "سيما علي بابا" ..هو حاول على الأقل ولم يوفق ..هناك آخرون لم يكلفوا أنفسهم عناء المحاولة.. توقعي الشخصي أن "مكي" سيعود أقوى.. وبالتأكيد سنذكر له "الكبير قوي" الذي كان مصدر البهجة الوحيد في رمضان الماضي الذي عرف دراما لم نر لها في سوئها مثيلاً..

* اختفت الأغنية الشعبية الجديدة من المشهد الغنائي تقريباً هذا العام ، ولم نسمع وجوداً لها أو تفاعلاً مع الثورة ومتغيراتها.. ملاحظة..

* اكتشفت أن الموت يخرج أسوأ ما في وسائل الإعلام ، كان الراحل "عامر منيب" مكروهاً للغاية من صحف وأقلام كثيرة ، لم تكن ترى فيه شيئاً واحداً جيداً ، ليتغير كل شيء بعد وفاته قبل أسابيع ، وتصبح المراثي حارة حرارة يوليو العام الماضي ، ويتفاخر كل صاحب عمود بأنه يعرف "عامر منيب" شخصياً وكان قريباً منه.. "منيب" في رأيي المتواضع جداً لم يكن ممثلاً سيئاً ، وأغانيه كانت جزءاً من ذكرياتي وذكريات جيل حتى وإن لم تكن بتأثير أغان أسماء أكثر شهرة وبريقاً في مرحلة التسعينيات .. وتعامل الصحف معه ذكرني بعبارة كتبها "فيصل ندا" في مسلسل "الفجالة" وكان يقولها الفنان الموهوب الكبير "حسن حسني" :"الموت فرح".. صحيح.. الموت في مثل تلك المواقف المتبدلة "فرح بلدي"..

* كتاب الأعمدة بالغوا في امتداح ألبوم "آمال ماهر" نكاية في ألبوم "عمرو دياب".. واقع الأمر كما أراه أن ألبوم "آمال ماهر" "تسعيني" ، تشتم فيه رائحة مكررات الأغنية في التسعينيات بعد عشرين عاماً بعد أن فقدت تلك التيمات زخمها ولم نعد نحب سماعها إلا ما غناه مطربوها في حينه ، صوت كـ"آمال ماهر" يستحق أن تكون له "لغة خاصة" في الموسيقى والكلمات على غرار تلك التي تميز "شيرين عبد الوهاب" وطبعاً "أنغام" ، لا أن نسمع منه شيئاً بهذا الفقر..

* قناة "المصراوية" وأخواتها حققت لمطربي الشعبي الجديد كل أحلامهم في تقديم نسخة طبق الأصل من الأغنية "الرسمية" المعتمدة لدى قنوات الأغاني التقليدية.. كنت أتمنى أن يكون هؤلاء -ولهم جمهورهم ومريدوهم- "أنفسهم" أكثر من ذلك..

* أفضل اختبار لقوة أعصابك : حاول مشاهدة كليب "قمر" اللبنانية على قناة "مزيكا" لأطول فترة ممكنة قبل أن تخلع ما في قدمك وتلقيه في شاشة التليفزيون وتكسرها كي تستريح من هذا القرف..الرقم القياسي العالمي في هذا الاختبار أربعين ثانية!

* أرى أن هناك تحاملاً على التوزيع الجديد لبعض أغاني "الشيخ إمام" .. خاصةً "فاليري جيسكار ديستان".. فقط أداء "أحمد سعد" لم يكن على مستوى خفة لحن الأغنية وبساطته التي اكتشفها موزع الأغنية "أشرف محروس" (مش استايله الرتميك دة خالص بالمناسبة) وكان من المهم أن تصل بتلك الرؤية لجيل لم يسمعها ولم يع سخرية كلماتها..

* من ألغاز 2011: من الذي أقنع "عبد الرحمن يوسف" بالعمل كمذيع؟ ما هو الدور الذي تقوم به "منى عبد الغني" في "الستات ما يعرفوش يكذبوا"؟ ما هو الداعي لأوبريت "بكرا" (همة كاتبينه كدة ماليش دعوة)؟ لماذا نجح "شارع الهرم" وفشل "أنا بأضيع يا وديع"؟ ما الذي دفع "أبو الليف" إلى التحول إلى "أبو الريش"؟ ما السبب الحقيقي لخلاف "يسري فودة" مع "أون تي في"؟ وكم يتقاضى نجوم التوك توك شو من قنواتهم؟

* كفاية كدة صدعتكم.. كل عام أنتم بخير.. حتى في أسوأ الظروف علينا أن نتفاءل ونتماسك.. هذا الوطن هو مجموعنا كلنا اتفاقاً واختلافاً وتضارباً.. دمتم بألف خير..
* الصورة من مدونة free pen..شحنة تفاؤل ولو محدودة..