Saturday, June 24, 2006

قشر..الكورة!


أنا واحد من أشد مهاجمي السيناريست مدحت العدل ، وأقول أنه أحد الصداعات في رأس الصناعة السينمائية في مصر ، إلا أنه لا يجب أن يحملنا ذلك على تجاهل أي شيء إيجابي فعله حتى ولو كان ذلك الشيء عن غير قصد..

تذكرون فيلم "قشر البندق" الذي قدمه مدحت العدل مؤلفاً وخيري بشارة مخرجاً ، والذي أمطره الصحفيون بوابل من السباب أكثر منه النقد.. دون الإمعان كثيراً في الفكرة الأساسية له..

دار الفيلم حول مسابقة تنظمها شركة أجنبية ما ، مسابقة في تناول الطعام ، مقابل مادي عال جداً يسيل لعاب مجموعة من الشخصيات الهامشية تتراص في طوابير في قلب الشارع ثم تتشاجر في نهاية الفيلم ..

استحضرت المنظر نفسه أمس عندما تمشيت في شوارع مدينتي المدللة ، لأمعن النظر في مجموعة من الناس تراصت وقوفاً في مساحة "مزخنقة" على رصيف مملوء بأحواض النباتات والزهور التي تملأه.. وعندما نظرت بعيني لما ينظرون إليه .. وجدت ما وعد به الحزب الوطني .. شاشة عملاقة من وجهة نظره .. عبارة عن "خرقة" .. ظهر قطعة قديمة من قماش الخيامية منتهية الصلاحية .. تظهر عليها صورة المباراة (مغششة) لا تكاد العين العادية تميزها ، ثم فوقها ، وهذا الأهم طبعاً ، لافتة مكتوب عليها الحزب الوطني الديمقراطي .. تعبيراً عن الحسنة الكروية التي تلطف بها علينا.. والمثير للسخرية والألم ما قرأته قبلها بأيام في الدستور في مقال ما معنى عنوانه "الشيخ صالح كامل يشكر الحزب الوطني على الفكر الجديد".. مفاده التقاعس التليفزيوني المتعمد عن شراء حقوق المباريات فيما اشترت دول أخرى الحقوق بصورة أو بأخرى (دول كالسعودية تمكنت من عرض المباريات أرضياً وكذلك الجزائر أما لبنان فاشترت قنوات الكيبل المباريات) فقط ليحتكر الحزب الوطني الحسنة الكروية..

ما أشبه المشهد إذن بفينال قشر البندق ..

قد تتفق أو تختلف مع مدحت العدل وخيري بشارة على الرسالة التي أرادا توصيلها ، وعلى وجود نية السخرية من الشارع التي تحملها المسابقة من عدمه ، لكنك ستستشعر وجود تلك النية وبشدة في مشهد كالذي رأيته بالأمس .. وربما تتخيل معه مشهد الساسة وهم ينظرون ضاحكين لطوابير المواطنين يشاهدون المباريات على خرقة (=الاسم الحقيقي للشاشة العملاقة) واقفين على رصيف لا يتجاوز عرضه بضعة أمتار كطوابير العيش لمشاهدة مباراة في كرة القدم .. وخلي الشعب يعيش!

* مدحت العدل والصورة من إيجي فيلم

No comments: