Saturday, February 10, 2007

في الخيانة المشروعة


أحييكم من جديد..

خلال الأيام العشر السابقة أتيحت لي فرصة مشاهدة فيلمين دفعة واحدة ، مطب صناعي وقبله خيانة مشروعة ، ونظراً لأن الكتابة عن المطب الصناعي سهلة ففضلت بحكم كوني وش فقر الكتابة عن خيانة مشروعة..

بين قوسين : هناك ميزة كبيرة في أنك تشاهد الفيلم وهو "بايت" أي بعد فترة غير قصيرة من الزوابع التي قد تثار حوله في الميديا ، هذا يجعلك تشاهد الفيلم وأعصابك مستريحة وقادر على إنتاج أحكامك بنفسك!

ندخل إلى صلب الموضوع..

كان خالد يوسف قد شرح منطق الفيلم خلال لقاءات تليفزيونية وصحفية عدة ، وأعتقد أنه قد وفق في شرح ذلك المنطق في تلك اللقاءات أكثر بكثير مما كان عليه الحال في الفيلم!

عندما دخلت السينما كان هناك معجبون بالفيلم ، لدرجة دفعت أحدهم للقول بأنه سيدخله لمرة أخرى لو سنحت الفرصة ، الفيلم - من بعيد - "مليان أحداث" وهو ما لم نعهده أو نتعوده في سينما هذه الأيام..أضف لذلك احتواء قصصه على مفاجآت وتقلبات في الأحداث والشخصيات تشبه السينما الهوليودية التي يقبل عليها عدد كبير من عشاق السينما التجارية(ولعل هذا أيضاً من ضمن الأسباب التي تجعل كثيرين يحبون سينما "ساندرا نشأت" وإن كنت بالطبع لا أشاركهم هذا)!

الفيلم بصفته بوليسيا اعتمد على الفلاش باك ، وكان فيه خط فلاش باك أساسي (الأحداث كما يرويها هشام البحيري - هاني سلامة وهو محكوم عليه بالإعدام) يذكرني بالفلاش باك في فيلم "البرنس" لأحمد زكي والذي تصادف أن أذاعه تليفزيون المستقبل قبل أسابيع.. وداخل الفلاش باك هناك فلاش باكات ثانوية لكل المتورطين في الجرائم التي حدثت في الفيلم ويشكلون قصته..

الغريب في الموضوع هو الطريقة التي ينتقل فيها خالد يوسف - المخرج والمؤلف -بين الماضي والحاضر في بعض تلك المشاهد ، في أحدها يدخل للماضي عن طريق "رجلين الترابيزة" ، وفي آخر يدخل إلى الحاضر من "نن عين" أحد الشخصيات (دلالة على أنه يروي شيئاً شاهده بعينيه).. بعض هذه النقلات طريف بما يمكن قبوله في فيلم كوميدي وليس في فيلم بوليسي!

في مرتين فقط نفذ الأمر بشكل جيد ، الأولى فلاش باك بطله خالد يوسف - غير المقنع كممثل- حيث سلطت الكاميرا على وجهه في حوار له مع شخصية أخرى (المحامي أو هشام البحيري فيما تسعفني الذاكرة) فقط لنفاجأ به دخل لواقعة سابقة كان المتحدث فيها هو صلاح البحيري - وجه جديد لتقطع الكاميرا على خالد بلون بدلة أخرى يتأكد فيها لدينا أننا أمام واقعة سابقة يحكيها أو يتذكرها الموظف الكبير في مجموعة شركات البحيري .. وفي الثانية كان المشهد الذي انهار فيه هشام البحيري - هاني بعد علمه بأنه قد تعرض لخدعة قتل على أساسها شقيقه الذي استولى على نصيبه في الميراث فقط حماية له من استهتاره .. وهو أعلى مشاهد الفيلم من وجهة نظري الشخصية المتواضعة جداً..

نعود لفكرة الفيلم ، والتي عبر عنها خالد يوسف بقوله ما معناه أننا نبحث عن مبررات تسوغ لنا كل الأشياء التي نفعلها بحيث نعتبرها مشروعة..

عمم يوسف على تسعة وتسعين بالمائة من شخصيات الفيلم تلك النظرية ، بدءاً من هشام الذي قتل شقيقه وزوجته بدافع الشرف ، والمحامي المتلاعب على القانون بدافع الولاء لموكله ، والمنحرفة التي لديها ألف مبرر للانحراف (من وجهة نظرها .. فهناك من هم أكثر فقراً ولم يجرب اللعب بذيله!) ،والموظف الكبير (اللي شايف وساكت) حفاظاً على وضعه ومكاسبه، وضابط الشرطة الذي يلجأ للتعذيب لانتزاع الاعترافات ، نهاية بالصحفية التي كانت تستدرج هشام البحيري إلى الفخ (على جنب : مش واسعة شوية الظروف والملابسات اللي اتجوزت فيها صحفية مدافعة عن حقوق المجتمع حرامي معلوم الفساد زي صلاح البحيري؟.. وبعدين عائلة في مقايسات البحيري ليه مغرمة بالجواز من أوساط اجتماعية أقل بيصفوها بإنها "بيئة"؟)..كان يفترض أن يعرف أن الرسالة قد وصلت ..

ولكن ذلك فيما يبدو لم يكن كافياً من وجهة نظر خالد يوسف الذي أمعن في التعبير عن فكرته بشكل مباشر ، نجده في جملة حوارية مثلاً عن شهد - سمية الخشاب يصف فيها هشام - حاكياً- تلك الشخصية بأنها لديها المبرر الجاهز لجعل كل ما تفعل مشروعاً ، بشكل مباشر ومدرسي..كذلك المشهد الذي انتزع ابتسامة اثنين من الجالسين خلفي وهو مشهد احتضار البحيري الكبير ، حينما يقول له صلاح أن ما يفعله هو خيانة ، فيرد عليه الأب بأنها "خيانة مشروعة"!

لا أستسيغ كمشاهد تلك العبارة من مجرد شخص بدأ حياته كعامل بسيط ليست تلك حصيلته اللغوية بالمرة.. تماماً مثل شخصية رجل أمي شبه معدوم الثقافة وهو ينطق بإتقان شديد وبلا خطأ لغوي واحد مقطعاً من "هاملت"! ليست تلك العبارة بين رجل يحتضر وابنه ومحاميه المقرب إليه ، وعادة لا يلجأ أصحاب الخلفيات شديدة التواضع لتلك العبارات بينهم وبين "بعضتشيهم".. دة ما كانش ناقص إلا إنه يقولها : هذه خيانةُ مشروعةُ يا ولدي!

صحيح أننا نبحث عن مبرر يريح ضمائرنا قليلاً نسبغه على كل المصائب والبلاوي التي نفعل ، لكن هل كل الخيانات مشروعة حتى من وجهة نظر مرتكبيها؟ مفيش واحد بيخون من الباب للطاق ، رزالة يعني ، واحد طيب شوية بس فيه شوية شر وبيعمل اللي بيعمله مثلاً من باب اللعب (حسن سبانخ في الأفوكاتو مثلاً)؟

كان من الممكن أن يخرج الفيلم أفضل بكثير لو أنه تفادى الربط المباشر والمدرسي بين الجرائم وبين "ظروف المجتمع" .. فمبرر شهد للـ"خيانة" قصة طويلة عريضة عن الخصخصة والمعاش المبكر والفقر المدقع والبطالة .. وماضي البحيري الكبير الذي كان من الممكن اقتضابه وتوصيله بشكل غير مباشر على أنه مثل معظم شخصيات الفيلم لا يعدم حيلة في إيجاد المبرر اللازم لكل أفعاله.. لا وإيه .. أضف لذلك كله لمحات عن الفساد ودور الصحافة والتعذيب وأغاني أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام..ووجود إبراهيم عيسى وجريدة الدستور المقحم داخل الفيلم ، وكذلك السياسي كمال عيطة.. هل يريد خالد يوسف أن يذكرنا بناصريته مثلاً؟ (عموماً هو يفعل ذلك بشكل أقل فجاجة من بعض أدعياء الكتابة في التليفزيون)..

ليست جريمة أن يكون الفيلم البوليسي مجرد فيلم بوليسي ، جريمة لا تفيد وعقاب أكيد ، دون تحنجر أو بحث عن مضمون سياسي من اللاشيء ، الكثير من أفلام كمال الشيخ كانت مجرد أفلام بوليسية متقنة الصناعة دون تكلف أو حنجوري ولم يتهمها أحد بالتفاهة والسطحية.. والتسييس لا يكون دائماً من حسن الفطن!

تكلفة كبيرة ، ومجهود ملموس في التمثيل والتصوير والموسيقى (للمتمرس ياسر عبد الرحمن) وحتى في تصميم الشخصيات ومواصفاتها، لكن "خيانة مشروعة" بأمانة يبقى ضمن أفلام كثيرة لم تكن على مستوى الضجة التي تصاحبها..لقد قال خالد يوسف في دقيقتين ما لم ينجح في توضيحه وشرحه بدقة طوال ساعتين من الزمن تقريباً!

ختاماً..لأن وجهة نظري لا تكفي ، أترك لكم ,وجهات نظر أخرى في الفيلم ، الأولى لموقع في البلد أما الثانية فهي للزميل سولو في مدونته كيس فيشار ، والصورة من عنده بالمناسبة..والثالثة وجهة نظر زميلتنا العشريناتية مي كامل..

11 comments:

مـحـمـد مـفـيـد said...

حبيبي شريف
انت عارف الفيلم ده عندي علي الهارد من اول ما نزل في السينما كان واحد نزله لي من علي فلاشه
بس انا مش من هواه الافلام اساسا بس متابع لما يجري بها
الفيلم ده اتعمل له دجه كبيره اوي وشو اعلامي كبير من حيث الاسم خيانه شرعيه- ثم خيانه مشروعه
وغالبا الافلام التي تبدا من تلك البدايه تكون النهايه قريبه جدا
لكن لا يمكني الحكم عليه لاني لم اراه ولكنك قمت بتحليل رائع له
في انتظار مطب صناعي لاني بحب احمد حلمي

-_- said...

الفيلم ده رائع

حاجات ومحتاجات said...

من وجهة نظري كان فيلم اي كلام خالص
قال واحدة تتجوز واحد فاسد وتخلف منة والواحد مش فاهم لية! والتاني يعمل مسرحية عشان يقتل اخوة ومراتة وكل الناس بتكذب وتخون بعض وكل البنات فاسدة وابراهيم عيسى دمة يلطش وخالد يوسف ممثل فاشل وفيلم ملوش لازمة
خلاص طلعت شحنة الغضب :)

قلم جاف said...

حاجات ومحتاجات :

حكاية جواز صحفية من راجل أعمال مشبوه دي برضه من الثغرات الغريبة اللي في الفيلم ، إذا كان الأخ الكبير البيزنس مان "الجلف" ضحك عليها أسرع من الأخ الصغير هشام اللي مقطع السمكة وديلها!

ليه الفيلم طويل للدرجة دي ، كان ممكن يبقى أقصر؟

في الدراما الشخصيات عاملة زي جبل التلج ، ربعه بس اللي باين وتلات أرباعه مش باين ، مش لازم نعرف قصة حياة وكفاح كل شخصية من ساعة ما اتولدت لحد ما تموت ، وممكن تتساب لك تفاصيل صغيرة تعرف منها الشخصية دي بالضبط..

في ثلاثية نجيب محفوظ ، عندك السيد أحمد عبد الجواد ، ما احتجناش كتير علشان نكتشف ازدواجيته ولا لسماع قصة حياته ، كل الكلام دة جالنا في التفاصيل ، والسينما فن مركز يعتني بإبراز أكبر قدر ممكن من التفاصيل في أقل زمن ممكن..

قلم جاف said...

عزيزي شارم :

دة رأيك أحترمه وأقدره ،والآراء المعارضة للفيلم أحترمها وأقدرها ، وكذلك الرأي الذي يرى أن الفيلم كان ممكن يبقى أحسن بشروط كتيرة..

صحيح مش ممكن تطلع أفكار 100% وتنفذها 100% ، الكمال لله تعالى وحده ، لكن كلما كانت نسبة دي عالية ودي عالية قدر المستطاع كلما كان الفيلم حلو بالنسبة لنا كناس بتوصلنا أفكار وصورة الفيلم..

قلم جاف said...

صديقي مفيد :

كويس قوي إنك أثرت نقطة الاسم ، دي فكرت في كتابتها ثم تراجعت أو نسيت..

غلطة عمر خالد يوسف إنه سمى الفيلم "خيانة شرعية" .. ربما لإنه زي ناس كتير بيحبوا يعملوا ضجة لنفسهم وشغلهم لها علاقة بالدين أو السياسة أو الاتنين سوا..

إيه الفرق بين الشرعي والمشروع؟

الشرعي مش إنت اللي بتحدده ، شيء عليك إنك تلتزم بيه ، سواء أكانت كلمة "شرعي" بتشير إلى القواعد الدينية أو القانونية اللي اتفق عليها المجتمع وقرر يمشي أموره بيها..

أما المشروع فدة شيء بيرجع لك ..

اللي بيغش في الامتحان بيغش لإنه شايف إن دة مشروع ، حتى وهو عارف إن الغش عمل غير شرعي..

"خيانة شرعية" ما كانش حيوصل معنى الفيلم بالمرة ، لإن دة حيعني إن فيه جرايم بتتم بالقانون وتحت ستار القانون ، عكس اللي قاله خالد يوسف على إننا "بنتلكك" للبحث عن مبررات نبرر بيها كل المصايب اللي بنعملها!

saso said...

كنت مستنية تحليلك ده، عن الفيلم ده، بلاش مطب صناعي انا باتعب من اسم احمد حلمي اكتر من اسماعيل يس كمان

معرفش ليه بحس ان خالد يوسف كان ناوي يعمل حاجة كبيرة وبعدين تاة
انشغل في التفاصيل ..مع اني بحب اوي التفاصيل بس مش لدرجة فتح ملف لكل شخصية
بمناسبة نجيب محفوظ كان واحده من الاسباب اللي مخلياني مش باقرالة حكاية فتح ملف لكل شخصية لاني -مبسوطة برايك جدا- مبحبش اعرف تاريخ وتفاصيل الشخصية زياده عن اللزوم، تاني نقطة عند خالد المصادفات اللي فوق العقل
مصادفة العاصفة ضحكتني بدل ما تخضني ومصادفة خيانة كملت عليا

ثالث حاجة ليه لازم نبقي خالف تعرف..يعني تدافع عن قيم مغلوطة هي اعترف حاجة بتشد بس في وسط مانت مشدود بتحس ان في حاجة غلط.. اشمئزاز احيانا، فكرة الخيانة في انت عمري وان الكل مظلوم في العلاقة دي والخيانة تبقي حب ومساله حياة او موت.. مناسبة لجو تاني مش شرقي عندنا بنميل برضة لفكرة انها خيانة

غير طبعا نقطة -وأسفة في التعبير -قله الأدب ليه لازم يبقي الالفاظ وحشة ولبس البطلات غريب ومشاهد لو اتشالت محدش هياخد باله ..هي غلاسة وخلاص ..كل ماحد يروح الفيلم يقوللي حلو بس ماتروحيش، هتتضايقي منه

رابع حاجة بقي المباشرة المزعجة، سيبني اتخيل او حتي بلاش اتخيل سيبني اوصل للمعني.. خالد بيفكرني بمسرحية عفروتو
آخر المسرحية -والله كنت مبسوطة بالمسرحية وبالذات كنت في الامتحانات وهاتبسط من اي حاجة انت عارف الموود ده بنبقي بنتلكك- وفجاة هنيدي وقف يفهمنا -علي اساس اننا بطيئي الفهم- ان ده وصف لحالنا كعرب وان العفريت يا سبحان الله هو العدو وحاجة تغيظ.. نفس الازعاج ده بالقاة عند خالد .. باحس انه في اخر ملاحظاتة علي السيناريو بيكتب :في حال يكون الجمهور مفهمش نقولهالة مباشرة

آخر نقطة مسألة الخطبة العصماء اللي بتفكرني بافلام أنور وجدي ويوسف وهبي حاجة كده زي عليكي لعنة الفلاح من قلب فلاح ابن فلاح .. فيلم العاصفة خطبة، فيلم عايز حقي في وسط مشهد عالي وقف هاني رمزي ليلقي علينا جميعا لعنة الفلاح

قلم جاف said...

قد يكون فتح ملف لكل شخصية مقبولاً في الرواية كفن ، حتى نجيب محفوظ لم يكن ليلقي بكل تلك التفاصيل الدقيقة التي يضعها في رواياته ، كان يستعين بها فقط لتخيل شخصياته بدقة وردود أفعالها وتصرفاتها وأبعادها ، ويُنصَح كتاب السيناريو عادة بعمل شيء مماثل بما أن تخيل الشخصيات والتفاصيل هي صلب عمل كاتب السيناريو..

اللي عمله خالد يوسف إنه رمى تفاصيل أزيد من اللازم كما لو كان كاتب مسلسلات أربعينية من بتوع المنتج المنفذ وعايز يعمل فيلم أطول من كوبري 6 أكتوبر..

دي حاجة..

تاني حاجة المباشرة ، عيب أزلي ، المباشرة دي هي اللي خلت أفلام زي العصابة وزمن حاتم زهران والهجامة في مستوى أفلام المقاولات.. كتاب ومخرجي الأفلام دي عاشوا في الدور أكتر من اللازم وادوها خطابة في أفلامهم .. طالما الكاتب و/أو المخرج الواعظ قادرين في ربع ساعة في برنامج تليفزيوني عيان يقولوا مواعظهم ويشنفوا وداننا بيها دي ليه بيصدعونا بيها في فيلم كامل مدته ساعتين؟.. يكونوش "بيأفلموا" علينا؟

Unknown said...

دة ما كانش ناقص إلا إنه يقولها : هذه خيانةُ مشروعةُ يا ولدي!

العبارة دي قتلتني من الضحك، أنا موافق على كثير من اللي قلته و إن كنت أظن أن الفيلم قدم تسلية و ترفيه، و هو الغرض الأول من عمل أي فيلم و هذا هو النطاق الذي يقع فيه بيزنس السينما بأكمله.. صناعة الترفيه، بغض النظر عن الرسائل التي يوجهها الفيلم و الدور التثقيفي للسينما و الفن الهادف و الكلام الكبير ده. يعني أنا مش معاك لما قلت أنها "مش جريمة" لو الفيلم البوليسي مافيهوش رسائل.. لأن حسيت من صياغة العبارة إنك مش مستسيغ الأمر بس ممكن تعديه عادي. أنا عن نفسي شايف إن محاولة توصيل كل مشهد بصرياً و حوارياً للمشاهد بأسلوب ذكي و بدون مباشرة هو مصيبة سوداء في حد ذاتها لا يجد المخرج معها مكاناً للتفكير في توصيل رسالة معينة.. رسالة المخرج هي أن يفهم المشاهد إيه اللي بيحصل قدامه. طبعاً لو الفيلم استطاع في الأخر انه يوصل للمجتمع رسالة إيجابية ده يبقى فضل.. إنما مش فرض خالص .

معاك في إن الحوار كان مباشر زيادة عن اللزوم.. في فن كتابة السيناريو هناك ما يعرف بالـ
subtext
أو "النص الضمني"، و هو النص الحقيقي الذي من المفروض أن يفهمه المشاهد حتى لو كان الحوار يدور على موضوع مختلف تماماً. لو شفت فيلم
Annie Hall
بتاع وودي ألن ، فيه مشهد جميل جداً يدور فيه حوار بينه و صديقته.. الحوار يدور على موضوع بينما هناك ترجمة تظهر في هذا القسم لتبين ما يفكران فيه و هو غير ما يقولان تماماً.. و مع ذلك تجد هناك رابط ما بين النص الأصلي و النص الضمني.

للأسف فيلم خالد يوسف مافيهوش من الكلام ده خالص.. الناس كلها طيبة و اللي في قلبها على لسانها و اللي عاوز حاجة بيقولها علطول.

مش عارف ليه النقلات بين المشاهد لم تعجبك، أنا شايف إنها فكرة حلوة و إن كانت قد نفذت بشكل ردئ، خصوصاً في لقطة خالد يوسف بتاعة البدلة اللي انت ذكرتها.

في النهاية أرجع و أقول رغم كل هذا أنني أحببت الفيلم لأنه كان مسلي جداً.

ملاحظة: كمال الشيخ ده معلّم.

قلم جاف said...

لما قلت إن مش جريمة إن الفيلم البوليسي يبقى بوليسي فقط كان قصدي الرد على الناس اللي بتصر على إن السينما لازم تقدم رسائل بأي طريقة بالذوق بالعافية بالضرب.. تقديم صورة جميلة أمر مش سهل ، كما إن فيه مورال ضمني في معظم البوليسي "الجريمة لا تفيد" فمش لازم نكبسه قضايا ونقلبه مظاهرة ، وتطبيقاً على ذلك كان خيانة مشروعة حيبقى فيلم جامد لو تخلى عن الخطابية اللي فيه دي..

حركة البدل دي الوحيدة اللي كانت ملعوبة ، إنما الباقي .. أشك..

ومَعلَمة كمال الشيخ ليست محل شك ، وهو أفضل من أخرج الفيلم البوليسي في السينما المصرية على الإطلاق..

عنوان الامل said...
This comment has been removed by the author.