Monday, August 27, 2012

فرجات آخر الشهر : لولولولولولييييي

* " ده احنا هنعمل لولولولوولوى فرح هنكسر وراك زيير يا امور".. لا تأخذك العاطفة على ترك "منى الشاذلي" الساحة لأي مذيع أو مذيعة أخرى سواء أكانت "ريهام الساهلي" أو "جيهان منصور" أو حتى "أحمد المسلماني".. فلا من تركت مكانها ألمعية بمكان ، ولا من سيحل محلها سوبر مان ، وفي وجود الراعي "الفييس" سيبقى المذيع أو ستبقى المذيعة على قلبنا لطالون طالما أنه يرضى بقليله ، وطالما أن صاحب القناة راضٍ تماماً عنه أو عنها ، وليذهب المشاهد إلى أقرب نقطة من الجحيم.. بما أن مشاهد التليفزيون هو دائماً وأبداً أغلبية صامتة توجهه نخبة كتبة الأعمدة أينما تريد ، كما يحدث في السياسة تماماً..

* "ذكاء" "ليلى علوي" يجعلها أسرع ممثلات جيلها إحالةً إلى المعاش..

* أظهرت التترات الجانب القبيح فنياً في "نجوم" كبار من عينة "نانسي عجرم" و "إليسا"..

* مذيعو ومذيعات "أون تي في" أشبه بالمعلق الرياضي المتعصب المتشنج حتى أثناء قيادتهم لحوارات مع ضيوف.. شيء مقزز..

* "طرف ثالث" مسلسل "درجة تالتة"..

* أعتبر نفسي من عشاق أدب "صالح مرسي" للدرجة التي أخشى فيها على أعماله من التحويل إلى مسلسل ، خاصةً هذه الأيام..

* "عبد الرحيم كمال" و "ياسر عبد الرحمن أحمد" حاولا تقديم شكل تليفزيوني للأدب ، طاقم "طرف ثالث" حاول تعليمه للناس .. "الأدب" يعني :(

* لا يقلل من أي مطرب أن يكون مدير أعماله هو عقله المفكر ، بل ما يقلل منه فعلاً هو سوء اختيار توقيت الاستغناء عن عقله المفكر ، قرار قد يكون صاحبه قد اتخذه في غياب عقله أصلاً.. الكلام ليس موجهاً فقط لـ"نانسي عجرم"..

* عزيزي المطرب : صوتك العالي -غالباً , خصوصاً عندما يكون في غير وقته - دليل على ضعف موهبتك..

* "حورية فرغلي" الوجه الجديد الوحيد الذي تألق في رمضان هذا العام.. ولو لم تمثل غير "سيدنا السيد" لكفاها..

* "حاتم علي" يحاول تقليد المخرجين المصريين من الباطن في مسلسله الجديد "المنتقم".. مجرد ملاحظة..

* انبهاري بإعلان "موبينيل" "عشان دايماً نكون مع بعض" انعدم نهائياً..

* اعتبار "رامز قلب الأسد" أسخف برامج رمضان على كل القنوات هو ظلم كبير له .. حيث كانت البرامج الحوارية أسخف بمراحل..

* رمضان هذا العام بداية قوية لمخرج واعد جداً اسمه "أحمد مدحت"..

* أعترف أنني كنت أنتظر عرض مسلسل "شربات لوز" لسماع موسيقى "هشام نزيه" وقلب القناة..

* "رقم مجهول" مسلسل ظلمته القنوات التي عرضته.. كان يستحق متابعةً أفضل بكثير وأن يعرض على قنوات نسبة مشاهدتها أعلى ، في ظل سيناريو قوي من "عمرو سمير عاطف" الذي تطور مستواه بسرعة فائقة ، وإخراج متميز لـ"أحمد نادر جلال" في أولى مغامراته التليفزيونية ، وفريق تمثيل اجتهد وأجاد ، ومؤلف موسيقي أول حرف من اسمه "عمرو إسماعيل"..

* أصبح من الصعب أن يخلُ أي دستور قادم لمصر من وجود فيلم لـ"بشرى" في العيد! :(

* أعضاء فرقة "ناجي عطا الله" كانوا كلهم ضحايا "عادل إمام" وابنيه ، باستثناء "جهاد الشافعي" الذي كان ضحية نفسه أكثر من أي شخص آخر!

* السوري "جهاد سعد" والتونسية "سناء يوسف" في "فرقة ناجي عطا الله" ، والأردني من أصول فلسطينية "منذر رياحنة" في "خطوط حمراء".. حيث التألق الهادئ بلا جعجعة ولا زفة إعلامية..

* إعلانات مثل "سمن روابي" و "جبنة بريتو" مثل "الكريب سوزيت" في فيلم "إشاعة حب".. مصنوعة بنفس الطريقة!

* أخيراً.. دخول "الحياة" لعبة برامج المواهب بمثابة اللعب في الوقت الضائع..
* الصورة من مدونة "20 Minutes"...

Thursday, August 23, 2012

حتى في الخير : قد يختلط الزيت بالماء

أتذكر مرافعة "هاني رمزي" في فيلم "محامي خلع" الذي كتبه "وحيد حامد".. وعبارته الشهيرة فيها "هل يختلط الزيت بالماء"؟ في العادة يبدو هذا السؤال استنكارياً ، وإجابته الوحيدة نفي صريح ، لكن في بعض الحالات ترى الزيت يختلط بالماء بأشياء أخرى ، ولا تعرف من على صواب ، ومن على خطأ ..

الصديق العزيز وزميل التدوين "عبد الرحمن مصطفى" والمعروف بين المدونين بـ"عبده باشا" وصاحب مدونة "آخر الحارة" كتب تقريراً شديد الأهمية ومثيراً جداً للجدل حول إعلانات تبرعات المستشفيات ، وما تتلقاه من نقد ، وما يعانيه المرضى فعلاً على الأرض دون أن ينتبه إليهم أحد..ستخرج بأسئلة كثيرة متناقضة ، وإجابات أغرب:

هل تلك الإعلانات بشكلها الحالي وسيلة فعالة للفت الأنظار لمعاناة المرضى في تلك المستشفيات؟ نعم!

هل تلك الإعلانات تمتهن كرامة المريض وتعتبر تسولاً على حسه؟ نعم!

هل تخلت الدولة المصرية في وقت سابق ، بل وقد تتخلى أكثر خاصةً لو حكم المال السياسي والنيوليبراليون مصر ، عن هؤلاء ، خاصةً من يعالجون في مراكز حكومية تنساها ميزانيات الصحة كل عام؟ نعم!

هل يختلف وزن الإنسان وأهميته باختلاف اسم وكالة الإعلانات التي تعلن عن مستشفى يحاول إنقاذه من معاناته؟ نعم!

هل تلك الجمعيات أمينة بالفعل على المريض وأموال التبرعات؟ نعم! .. هل تلك الجمعيات تتربح على قفا المريض؟ نعم!

هل يرفض الناس التبرع للمستشفيات الحكومية التي تعاني ويعاني مرضاها أكثر (رغم أن بعضها تحول في أواخر عهد المخليوع إلى عزب تدار على طريقة النظم العسكرية في وسط أفريقيا)؟ هل لدينا فكرة "دول حكومة دول ما يستاهلوش خلوا الحكومة تصرف عليهم واحنا مال أسلافنا بيهم"؟ نعم!

هل للخير في عالم الإعلانات سوق؟ وعليه منافسة؟ ويأكل فيه الكبير الصغير من أجل مزيد من التبرعات؟ نعم!

كل الأسئلة السابقة تناقض بعضها بعضاً ، ولجميعها إجابة واحدة فقط .. يختلط كل شيء بكل شيء ، مصلحة المريض بكرامته ، الخير بالبيزنس ، الإنساني بالمادي ، ويتبادل الجميع الاتهامات .. ويصل الأمر بك إلى حالة من عدم الفهم والارتباك.. الكل على صواب .. والكل على خطأ ، كأنك تسمع "كمال الشناوي" في جملته التاريخية في فيلم "الكرنك" : "كلنا مجرمين .. كلنا ضحايا"!

الوصول إلى كلمةٍ سواء ليس مستحيلاً.. من الممكن تحقيق توازن بين توصيل معاناة المريض للناس وحفظ كرامته أمام نفسه والناس ، بين دعم الدولة لمستشفياتها وإصلاح الخدمات الصحية (اللي ما بيفكرش فيه أي حد له علاقة بالسياسة في مصر إلا علشان أي انتخابات وأي مرشح رئاسي) من ناحية وترك مساحة للعمل الخيري الأهلي من أخرى ، بين من يروج لهم "طارق نور" ومن لا يجدون من يروج لهم.. وحتى بين فتح نوافذ التبرع والشفافية في استخدام التبرعات.. والوصفة سهلة .. الإنسان .. أن تعلو مصلحة وكرامة الإنسان فوق الجميع ، وهو أمر لا يحتاج إلى نص في الدستور ولا يوجد في المقرر ولا ندخل فيه امتحانات.. بل يحسه المرء ويؤمن به .. الإنسان أولاً يا سادة..
* الصورة من الفيس بوك..

Tuesday, August 21, 2012

تلك الشعرة التي لا يريد أحد أن يراها

لو تم تحويل "أرض الخوف" - أيقونة "داوود عبد السيد" وأحد أهم الأفلام المصرية على الإطلاق في الربع قرن الأخير- إلى مسلسل تليفزيوني بنفس الطريقة والأسلوب الذي قدم بهما كفيلم سينمائي ، لفشل فشلاً ذريعاً.. أتكلم هنا عن فيلم شديد الأهمية وليس عن مجرد شريط سينمائي مدته ساعتين أو يزيد أو يقل..

شيء جيد ، وليس سيئاً على الإطلاق ، أن تعود الدراما التليفزيونية سيرتها الأولى إلى التصوير السينمائي أو ما في حكمه ، بما أنها بدأت كذلك مع سنوات التليفزيون الأولى في ستينيات القرن الماضي وحتى ربع قرن خلا في مسلسل "الأفيال" آخر مسلسل مصري بالتصوير السينمائي(1) حتى هوجة المسلسلات في السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة مع بدء هجرة مخرجي السينما إلى التليفزيون بشكل مكثف ، لكن ذلك لا يعني أن تنتقل "كل" قواعد اللعبة السينمائية إلى التليفزيون ، هناك شعرة ما بين السينما والتليفزيون نلاحظها حتى في المسلسلات الأمريكية التي نراها على قنوات مثل MBC4 و FOX والتي تختلف بدرجةً ما عن الأفلام المعروضة تجارياً في هوليوود ، حتى رغم كم الإبهار الذي تحتويه الدراما التليفزيونية الأمريكية (بعيداً عن الـ soap opera من عينة "الجريء والجميلات" و خلافه..(2))..

تلك الشعرة لم يراها منتجو ومخرجو الدراما التليفزيونية في رمضان هذا العام ، الأمر الذي تسبب في انتقادات عنيفة للمسلسلات على خلفية احتوائها على كمية كبيرة من العنف ، وما يوصف في بلدان كثيرة بـ"اللغة الحادة" ، وهي أمور تتنافى تماماً مع ما يقبله مشاهد التليفزيون عموماً ، في مصر وفي بلاد غيرها .. ربما يقبلها في السينما ويتفهمها ولكن للتليفزيون حسابات أخرى..

ليست كل قواعد اللعبة السينمائية سيئة -عندما يتعلق الأمر بالدراما التليفزيونية- وليست كلها في نفس الوقت من السوء ، فإلى جانب المرونة الرقابية تجاه الشتائم والمشاهد "إياها" وجرعات العنف ، توجد أيضاً سرعة الإيقاع وتقنيات الصورة وجماليتها وأيضاً قدر من الرمزية يمكن لمشاهد الفيلم السينمائي قبوله ، على عكس ما مرد عليه على مدى سنوات في التليفزيون من قصص مباشرة إلى حد كبير ومسطحة ، إلا ما رحم ربي ،والدراما التليفزيونية المصرية تعاني كما نعلم جميعاً ومنذ سنوات من بطء ورتابة وبلادة في السيناريوهات والمواضيع ، ربما أراد مخرجون وكتاب كسر تلك الحالة ، وألح على ذلك واقع السوق السينمائية منذ ما قبل الثورة بفترة قصيرة ، وحاجة نجوم وشركات إنتاج إلى أن تقدم أفلاماً سينمائيةً في قالب مسلسل تليفزيوني، وكانت النتيجة أن نقلت كل القواعد نقل مسطرة ، كوبي وبيست ، الصالح والطالح ، ما تقبله رقابة التليفزيون ويتفهمه مشاهد التليفزيون وما يرفضانه على حد سواء..

وبالتالي ، لم يكن العنف ، اللفظي منه والجسدي ، هو كل ما رفضه أغلب مشاهدي التليفزيون في مصر في المسلسلات هذا العام ، أيضاً رمزية النهاية في مسلسل كـ"سيدنا السيد" يبدو في صياغته أقرب للغة الأدب منها للغة الدراما ، وهو أمر "مش وحش بالمرة" إذا ما نفذ بشكل جيد (وقد أبدع فيه "أسامة أنور عكاشة" غير مرة في "الحلمية" و "الشهد والدموع").. في حين من الممكن أن يغرم نفس المشاهد بالمسلسلات التركية التي لا يوجد فيها شيء سطحي أكثر من "الحدوتة" الملتوتة الممطوطة الفشحوطة المشلة المملة..

ولكاتب هذه السطور مبدأ يعمل على ألا يحيد عنه : احترام النجاح واجب ، وأي عمل ناجح فيه شيء على الأقل يجعل الناس تقبل عليه وهو ما يجب أن يحسب له ، مع الاحتفاظ بحق الخلاف بل والرفض للمستوى الفني لذلك العمل الناجح وعرض ما جعل الناس تقبل عليه على العقل.. وعليه كمشاهد غير متخصص لا يروقني نقل كل عنف السينما وقسوتها إلى شاشة التليفزيون ، ولا يروقني أيضاً بقاء الدراما التليفزيونية على ما هو عليه خصوصاً فيما يتعلق بالكتابة وإيقاع الدراما وجماليات الصورة وهو ما يجب أن تستفيد منه المسلسلات التليفزيونية المصرية إن أرادت أن تقوم لها قائمة..

الشعرة باقية يا سادة ، مش ساعة تروح وساعة تيجي ، وليس على صناع الدراما التليفزيونية أن يروها وحدهم وعلينا أيضاً كذلك.. على المؤلفين والمخرجين أن يفهموا أن هناك فرقاً ما بين الفيلم والمسلسل ، وعلينا كمشاهدين إبداء بعض المرونة بالنسبة للإيقاع وإعمال العقل في الرمز ، خصوصاً إذا وصلنا بشكل فني ، وبعيداً عن لغة الخطابة والوعظ.. وبعض التفهم لطريقة أخرى في كتابة القصة ، فمن حقنا أن نشاهد شيئاً يختلف عما أصابنا بالضجر في سنوات الدراما المصرية العجاف الأخيرة..

(1)..وهو مأخوذ عن نص بنفس الاسم للكاتب الراحل الكبير "فتحي غانم" وكتب له السيناريو الراحل الكبير "عصام الجنبلاطي" وأخرجه أحد عمد الدراما المصرية الراحل "إبراهيم الصحن" وقام ببطولته "محمود ياسين" و "ليلى طاهر" و "هالة صدقي" و "سمية الألفي"..
(2)..ويبقى التليفزيون في أمريكا "ثانوياً" بالنسبة للسينما ، تماماً كما هو الحال هنا في مصر..
* الصورة للنجم الأردني المتألق "منذر رياحنة" من musicnation.com..

Monday, August 20, 2012

الحصاد الإعلاني الرمضاني : اتصالات وموبينيل وإعلانات أخرى

0-أستطيع أن أكتب بأريحية أكثر عن الإعلانات منها عن المسلسلات ، فبين كل عشر دقائق في أي مسلسل يمكن للمرء أن يشاهد نصف ساعة كاملة من الإعلانات ينتفخ فيها المسلسل بقدرة قادر من خمس وأربعين دقيقة إلى ما يزيد بقليل على الساعة ونصف الساعة..

1-هناك إعلانات ليست بالإعلانات ، وربما يشك المرء أن لبعضها علاقة بالسياسة أو موجهة لشيء آخر لا نعرفه ، "موبينيل" قدمت بالفعل ما هو "إعلانها" في بداية الشهر "مبرووك انت كسبت جايزة فزززيييييعة....الخ".. وهو إعلان طريف ومضحك في بعض نسخه ويقدم عرضاً في نهايته كأي إعلان معتاد لشركة موبايل ، لكن على مدى الشهر جاءت نفس الشركة لتقدم ما يشبه الأغنية الجماعية أو الاستعراض أو الأوبريت (بمفهومه السطحي لدى كتبة الأعمدة في مصر) "علشان دايماً نكون مع بعض" ، والتي أطلقتها الشركة كاملةً فيما بعد .. والأغنية تتضمن مقاطع أو فقرات تمثل شرائح مختلفة من المجتمع المصري وعدة أساليب موسيقية ما بين الراب والمزمار الصعيدي والموسيقى الريفية وموسيقى "المهرجان" وأغاني الألتراس والفلكلور السيناوي وموسيقى خط القنال.. بالتأكيد لم تغب الأقاليم عن دعايات "موبينيل" عبر تاريخها ولكن كجزء من مزيجها الدعائي ضمن حملات "آلو" السابقة .. لكن هذه المرة لا يبدو الأمر له علاقة بالدعاية ، أغنية طويلة عريضة هدفها أن أفهم أنه "عشان دايماً نكون مع بعض ، عشان شايلانا نفس الأرض ، عشان بكرة ، اللي مستني ، ومش لازم يفرق حد".. أو بمعنى أدق أن أجتر الشعار الجديد للشركة في حملتها الدعائية.. أظن صعب.. إذن لا داعي لأن يغضب البعض من أن يفسر الإعلان بأي تفسير آخر حتى ولو كان سياسياً ويحاول أن يربطه حتى بتأسيسية الدستور التي يريد صاحب "موبينيل" وآخرون أن تمثل بشكل شكلي ومسطح كل فئات الشعب فقط لتبصيمهم عليه.. تبقى معلومة صغيرة وهي أن كاتب الأغنية هو الشاعر الموهوب "نصر الدين الناجي" ، ولا يعيبه أن يكتب للإعلانات لأن هناك من سبقه وكان أعظم منه موهبة وقد فعلها في وقت سابق ، وأعني الراحل الكبير "عصام عبد الله" الذي كتب ثلث إرث "طارق نور" الإعلاني ، وملحن الأغنية وموزعها هو "أحمد فرحات" ملحن وموزع "إزاي".. وجاء التلحين والتوزيع تقليديين.. باستثناء تجربة المهرجان التي لم تخل من مغامرة..

الشيء نفسه ينطبق على إعلانات "اتحاد الأطباء العرب" التي ظهرت مع نهاية الثلث الأول من رمضان ، لم يقدم الاتحاد طوال تاريخه أي إعلان من أي نوع ، إلا - وسبحان الله - بعد أيام من انطلاق حزب "مصر القوية" الذي يقوده الأمين العام لذلك الاتحاد ومرشح الرئاسة السابق "عبد المنعم أبو الفتوح".. والإعلان قام بتوصيل رسائل مهمة وذات دلالة ، منها أن الاتحاد "يعمل في مصر" وهذه مفاجأة لم نكن نعرفها من قبل ، وأن الاتحاد "لا علاقة له بالإخوان" وأنه على قده خالص ويستحق تبرعات ، وهو ما عكسته الميزانية البسيطة لدرجة التواضع التي جاءت بها الإعلانات والتي جاءت في مضمونها هي الأخرى بسيطة.. يفترض أن تتركنا السياسة لحالنا قليلاً مع بعض الشياطين ، إن كان حديث تصفيد الشياطين صحيحاً (ويقال أن به ضعفاً بالمناسبة)..

2-من الملاحظات الغريبة أيضاً هو الظهور المتكرر والمكثف لمفتي الديار المصرية الشيخ "علي جمعة" في العديد من الإعلانات ، ليتصدر أكثر الشخصيات العامة ظهوراً في إعلانات رمضان هذا العام!

3-لم يأت استخدام المشاهير في الإعلانات بأي جديد ، حملة "فودافون" التي استعانت بفنانين معروفين على مدى الشهر لتقديم اسكتشات ليتم تقفيلها بالاسكتش الختامي الذي يتعافى فيه كل الفنانون المشاركون من إصاباتهم ويعودون لتصوير إعلان الـ "12 قرش".. لم يكن الإعلان موفقاً في جملته ، باستثناء "سمير غانم" الذي يحاول تذكيرنا بمستواه في الماضي حين كان فارسيراً لا يبارى ، وإفيه "سامي العدل" على "مظهر أبو النجا"..

"بيبسي" أحرجت "دنيا سمير غانم" في حملتها الدعائية وخاصةً الإعلان التي رقصت فيه وأثار استياءاً عارماً في رمضان ، رغم أن "نيللي" كانت ترقص في الفوازير في قلب رمضان ولم يكن أحد ليعترض ، ظهرت "دنيا" أبهت من العام الماضي حيث كانت نجمة الحملة عن جدارة كما كانت نجمة في "الكبير قوي".. أما شريكها في "الكبير" "أحمد مكي" فظهر مرتين ، الأولى بشخصه في إعلان مقبول لـ"نسكافيه" ، تشاركه فيها ممثلة ضخمة الجثة وخفيفة الظل تقوم بدور مديرته المتسلطة التي يحاول الحصول منها على أجازة بأي طريقة ، والثانية بصفته دون الظهور بنفسه في الإعلان كما سيأتي الكلام عنه لاحقاً..

وإذا كانت "بيبسي" قد أحرجت "دنيا" فإن "ندى بسيوني" أحرجت نفسها بنفسها بالظهور في إعلان "سمن ألماظ" الذي استمطر عليها سخريات معظمها مهين من قبل المشاهدين.. أما "نانسي عجرم" فواصلت هي الأخرى الخصم من الرصيد بمشاركة غنائية باهتة في حملة "كوكا كولا" الإعلانية ، وساعد على ذلك البهوت اللحن نفسه الذي حاول إضافة حالة من الكرنفالية تتماشى مع شعار الحملة "افرح" لكنه أخفق..

المشهور الوحيد الذي استفاد من إعلانات رمضان بل وما مر من هذا العام هو "غسان مطر" الذي دخل عالم النجومية بعد سنوات طويلة من العمل في الحقل الفني المصري، أحب الجمهور الجانب الكوميدي في شخصية "مطر" الذي لم يظهر بسبب ملامح وجهه الجادة وتواجده المستمر في منطقة أدوار الشر والأدوار المتجهمة في المسلسلات التاريخية ، كمسلسل "الأبطال" لمكتشفه "حسام الدين مصطفى".. الحملة جاءت بوجه عام طريفة وخفيفة الظل ، وربما استفادت منها الشركة بالفعل!

4-الضحك الذي افتقدناه في دراما رمضان هذا العام كان سلاح أنجح الحملات الدعائية ، خاصةً لدى الشركات التي تؤمن بأن الترفيه ، ومنه الكوميديا بالتأكيد رغم صعوبتها الشديدة ، يخدم ما تريد الإعلانات عنه أكثر مما تضره .. "اتصالات" هي بطل إعلانات رمضان بجدارة واستحقاق ، حملة خفيفة الظل ومبتكرة للغاية ، ولا يقلل منها كثيراً السخرية المبطنة من "فودافون" و"موبينيل" ، يكاد يكون الإعلان مقسماً لجزئين ، الجزء الإعلاني الحقيقي ولا يستغرق كله عشر ثوان ، والجزء السابق عليه وهو الموقف ، وهو مضحك للغاية ، ولم يشعر المشاهدون معه بأي استغراب ، وقائم على فكرة يراها أصحابها وجيهة : الانفصال عن الشبكة صعب مثله مثل الانفصال عن خطيبتك.. وبالتالي كُتِبَت المواقف كما لو كانت مواقف "فركشة" و "فسخ خطوبة" أكثر منها ترك شبكة اتصالات يمكن للمرء أن يتخذه بدم بارد ودون إخطار للطرف الآخر.. الاحترافية لم تقف فقط عن تصميم الموقف نفسه ولغة الحوار وإفيهاته التي حققت شهرة مدوية ، بل على استعمال تقنية تركيب رأس بشري على رسم ، وهي تقنية جربتها "اتصالات" من قبل ، وهذه المرة حققت نجاحاً كبيراً.. قد لا يستحسن المرء أداء "اتصالات" كشبكة محمول ، لكن حتى إن فشل العرض في اجتذاب زبائن فسيكون قد نجح في جذب أنظار أكبر عدد من الناس إليه عن طريق ترفيه متقن الصنع يخدم الفكرة ويدعمها ، هكذا يحسبونها في "اتصالات" ، ولم تخيب الحسبة إلى الآن..

حملة "البنك الأهلي المصري" والتي أنتجها "طارق نور" وأخرجها "مكي" - والعهدة على كاتبة السيناريو "ماجدة خير الله" في حوار لـ"مصراوي" - حلت ثانيةً بعد إبهار "اتصالات" ولم تخل من ابتكار وطرافة وذكاء، فكرة الإعلان قائمة على أن البعض موهوب جداً في عمله ولكنه يضطر للعمل في مجال آخر ويفشل فيه لأنه لم يجد التمويل المناسب لأن يكون له مشروعه الخاص ، اعتمد الإعلان بذكاء شديد على الحركة في توصيل الرسالة أكثر منه على الحوار ، وكلما كانت الحركة "غير متوقعة" كلما كان ذلك أفضل.. المكوجي الذي ضل طريقه لمحطة البنزين فيقوم بـ"البخ" على زجاج السيارة ، النجار الذي ضل طريقه إلى عالم الدليفري ويفحص أبواب المنازل التي يذهب إليها ، والفطاطري الذي ضل طريقه إلى محل بيع الهدايا ، و...و... الجميل أن الحملة لم تتضمن أي إهانة مبطنة لأي مهنة شاركت فيه ، وكل الذين عملوا في مهن غير مهنهم ظهروا كمحترفين في مهنهم الأصلية.. نقطة جميلة أخرى في الإعلان هي الموسيقى التي جاء استعمال القانون فيها مفاجئاً وغير متوقعاً في تيمة موسيقية غربية..

ولا ننسى حملة "ماكسي بون" التي ظهرت قبل رمضان ، وإن كان إعلانها الأول هو الأجمل والأخف ظلاً والأسرع انتشاراً والأكثر تداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي..

5-في المقابل خرجت بعض الإعلانات مستفزة وغريبة ومستهجنة.. ضعوا "بيريل" على جنب بما أنه سبق تناول نظرية "استرجل" هنا منذ أعوام ، وحاول هذا العام أن يوصل رسالة إيجابية مفادها أن الرجولة هي الثبات على الموقف لكنه أخفق ، أقمأ إعلانات الشهر كان إعلان "سمن روابي" الاستعراضي الاستعباطي ، والذي لم يأتِ فقط ضمن هوجة استعمال الأغاني غير المبررة في الإعلانات والتركيب عليها ، بل جاء مفتعلاً في كل أجزائه وتفصيلاته وموسيقاه إلى مدى لا يحتمله أي إنسان.. ويستحق بجدارة أن يتحول إلى مادة للسخرية والتركيب في وقت لاحق.. ولن يتعظ صناعه إلا إذا وجدوا ذلك يحدث في برنامج أمام أعينهم كي يعلموا أن الله هو الحق المبين..

إعلانات "قطونيل" هي الأخرى نالت حظها من الاستهجان ، برغم طرافة بعض أجزائها وبخاصة جزء شاعر الحلزونة الجالس على مقهى في وسط البلد ، ولمن يستغرب من الإعلانات ومحتواها سيستغرب أكثر عندما يعرف أن العقل المدبر وراءها امرأة ، ليس تقليلاً بالمرة من مخرجات الإعلانات ولكن يبدو من الغرابة بمكان أن تقرر مخرجة ، وليس مخرج ، تولي حملة هذه النوعية من المنتجات!

أما تكملة إعلانات "نس تي" فأهالت كمية أكبر من التراب على الكمية الموجودة أصلاً في إعلانات مقدمة الحملة!

ولم يقتصر الاستفزاز فقط على "سوء الترفيه" بل وعلى طريقة التوصيل وأحياناً على المضمون .. اتضح لي مثلاً أنني لم أكن الوحيد الذي كان يأخذ استخدام الأطفال في إعلانات التبرعات لمستشفى سرطان الأطفال بحساسية ، صار الأمر استدراراً للعواطف يصل إلى درجة التسول ، وعن نفسي أراه وصل إلى هذا المدى من سنوات وليس الآن .. نعم وجهت بعض الإعلانات عن تلك المستشفيات عندنا رسالةً إيجابيةً مفادها :"يوجد أمل ، وبمساعدتكم سيزداد" ، ولكن أيضاً بصور أطفال عليهم أيضاً علامات المرض والعلاج الكيماوي رغم ابتسامتهم.. أما الترويج لإعلانات التبرع لمدينة "زويل" العلمية ، رغم أهميتها ، جاء هو الآخر بطريقته تلك مستفزاً ومثيراً للغضب ، والبركة في "أفندينا"..

6-أخيراً.. اللي فيه داء مبيبطلهوش.. لا يزال "طارق نور" يواصل هوايته في استعمال موسيقى الأغاني في الإعلانات ، ولا يزال "طلعت يوحنا" يواصل أسلوب التسعينيات الذي عفا عليه الزمن ، ولا يزال هناك مخرجون لا يملون من تكرار أخطائهم!
* آدي اللي خدته "هالة مهران" من حملة "قطونيل".. الصورة من "فيس بوك"..

Friday, August 17, 2012

تترات رمضان هذا العام : فحص عينة

1-من الواضح أن الشعراء الغنائيين الذين كتبوا تترات رمضان هذا العام يعانون معاناة حقيقية في وزن أغانيهم ورص كلماتها ، بما أن معظمهم رصيصة .. وشاهدنا منهم أشياءً غريبة الشكل .. "ياسر حسين" المنتج والشاعر الغنائي وكل حاجة تقريباً يخترع استعمالاً جديداً وغريباً لـ"عا" في "وابعد بعيد عالشر".. التي أصلها ، أو هكذا يفترض ، "أبعد بعيد عن الشر".. لأول مرة في التاريخ والجغرافيا وحساب المثلثات أجد "ع" التي تستعمل بمعنى "على" عادةً تحل محل "عن".. نفس مشكلة "حسين مصطفى محرم" في "معالي الوزيرة" .. أما "أيمن بهجت قمر" فتعودنا منه على أشياء مماثلة وبالتالي لا تعد تلك الأمور غريبة ومستفزة من باب "ما غريب إلا الشيطان"!

2-لأول مرة منذ سنوات أستمع لتترات تعد كوارث فنية بمعنى الكلمة ، تتر "حكايات بنات" جريمة وسبة في حق كل من شارك فيه ، "أيمن بهجت قمر" كتب هذا التتر وهو "منعوس".. أما "وليد سعد" فنجح في أن يرينا جانباً قبيحاً جداً من شخصيته كملحن وهو يقدم "شيئاً" كهذا وهو ملحن نجم - أو هكذا يفترض - تحقق أغانيه نجاحات كبيرة ، لنفاجأ به "يبخ في وشنا" لحناً عبارة عن جثة ، جملتين بلا روح ولا حياة ولا مرح ، حتى الكبير "طارق مدكور" هو الآخر كان في الـ day-off كما يقول الرياضيون ، حاول أن يضفي شيئاً من الحياة على اللحن المقرف بجملة الأكورديون-الناي في افتتاح الأغنية ، لكن اللحن كان جثةً هامدة فاحت رائحتها في صيف قائظ.. وتمنيت لو احترم تاريخه واستعادة مستواه -عن طريق توزيعه لاثنتين من أنجح أغاني العام- برفضه المشاركة في تلك المهزلة.."نانسي عجرم" تنتحر فنياً بتتر كهذا ، ومن الواضح أن مسلسل الانتحار سيستمر ما لم تفق لنفسها..وكيف لا نتحدث عن انتحار فني وقد افتقدت "نانسي" بانفصالها الفني عن مدير أعمالها "جي جي لامارا" العقل المدبر والموجه الذي كان عاملاً كبيراً في ظهور ظاهرة "نانسي عجرم" التي نعرفها ، والتي هي في طريقها السريع للانهيار إذا ما ظلت تسير بـ"دماغها" الحالية..

3-ينجح "راجح داوود" في جعلك تتخطى التكرار الممل في موسيقاه التي تشعر دائماً أنك سمعتها من قبل ، لمسات بسيطة جداً أجراها على تتر "الصفعة" من بينها تسريع الإيقاع والاعتماد على القانون لأول مرة كآلة رئيسة .. أشعر أنه لدى موسيقار كبير كـ"راجح" ما هو أفضل.. لكنه لم يقدمه بعد..

4- من تفوق على "راجح" في هذه النقطة فعلاً هو الملحن "محمد رحيم".. وساعده على ذلك "توما" الموزع الموسيقي في "سيدنا السيد".. الأشعار من أفضل ما كتب "مدحت العدل" ، ولا تقارن بتتر "قضية رأي عام".. وجاءت معبرة بحق عن المسلسل وحالته الدرامية وموده.. هدوء "رحيم" يروق فيما يبدو لـ"محمد الحلو" الذي افتقدناه في تحديات غنائية كالتي يضعه فيها الغائب عن رمضان هذا العام "ياسر عبد الرحمن".. وكان أداء "الحلو" للأغنيتين مقدمةً وختاماً مقنعاً جداً.. توزيع "توما" لتتر المقدمة جاء مبتكراً وغريباً.. يبدأ صعيدياً تقليدياً مستلهماً تيمة "الصبر طيب" الشعبية المعروفة في الدلتا والصعيد (وصححوني إن أخطأت) لينزل منها على إيقاع غربي بدءاً من "مدد مدد سيدنا السيد ...الخ" ثم يعود لـ"الصبر طيب" كجملة موسيقية وفاصل.. على العكس من تتر الختام التقليدي والذي بدا عذباً للغاية برغم تحفظاتي على مود "رحيم" الذي لا يغيره كثيراً..

5-لكن إذا أردنا أن نتحدث عن الـ goodness of fit أو حسن الملاءمة للموضوع فمن الصعب أن نتجاهل "عمرو إسماعيل" في "رقم مجهول" وهو يقدم موسيقى ممتازة تليق بمسلسل حركة وتشويق وجريمة ، سواء من حيث الخطة أو الإيقاع أو السرعة.. تحدث كاتب السطور في وقت سابق عن "الوعي الدرامي" لدى "عمرو" الذي نراه في لمسات خاطفة في موسيقاه التصويرية التي يستمدها من قراءته للعمل الدرامي ومكانه وظروفه.. تتر "رقم مجهول" هو أفضل تتر غير غنائي سمعته في رمضان هذا العام.. "عمرو" أيضاً كان حسنة تتر مقدمة "معالي الوزيرة" الوحيدة ، رغم كونه غير متمرس كملحن بنفس درجة تمكنه كمؤلف موسيقى تصويرية.. تعامل "عمرو" بواقعية شديدة مع صوت "ريهام عبد الحكيم" ، وهو صوت رغم قوته وجماله إلا أنه يحتاج لمعاملة خاصة في التلحين بالذات في الأغنية المعاصرة غير التطريبية ، اعتمد "عمرو" الجمل القصيرة التي تخصص فيها ملحن كبير آخر هو "محمد ضياء الدين" وبالفعل أجادت فيها "ريهام"..

6-بنى صوت "طارق الشيخ" حائطاً بيني وبين تتر "عرفة البحر".. مع احترامي الشديد جداً للأغنية الشعبية بكل مدارسها من مدرسة "عبد المطلب" إلى مدرسة "رشدي" و "العزبي" إلى مدرسة "عدوية" إلى مدرسة "شعبان عبد الرحيم" و "عبد الباسط حمودة" ونهاية بأغاني "المهرجان" وموسيقى التوك توك.. إلا أن منطقة "طارق الشيخ" من المطربين بمن فيهم "طارق" نفسه تخل من المطربين الحقيقيين بمقاييسنا المعتادة على الأقل، بل إن أغلبهم ، برضه بمن فيهم "طارق" من "المزعقاتية" ، الصراخ بأعلى الصوت في أعلى طبقة والسلام ، ربما كان اختياره مناسباً في محاولة لعمل تتر شعبي لدراما شعبية كـ"عرفة البحر".. لكن أسلوب "طارق" فصلني منه تماماً.. كنت أرى أن "ملاك عادل" و "محمد عبد المنعم" كانا أنسب لهذا التتر لنجاحهما الكبير في مجال الأغنية الشعبية ، "ملاك" أذكى في استخدامه لمجموعة كلماته القليلة من شعراء كثيرين ، أما "محمد عبد المنعم" فهو ملحن ومطرب جيد ، وتواجد الاثنان معاً في تتر "الإخوة أعداء" الذي سمعته قبل رمضان بفترة كدعاية للمسلسل..

7-أكثر موزع يستحق الإشادة في رمضان هذا العام هو "أسامة الهندي".. موزع موهوب جداً ، وكان لـ"محمد منير" نظرة عميقة في إسناد التوزيع والإشراف الموسيقي للعديد من أغاني ألبوماته الأخيرة له ، تتر ختام "خطوط حمراء" مثال عملي يوضح قدرات "الهندي" كموزع ، على العكس من تتر البداية ، والذي كان "علي الحجار" محقاً - المرة دي - في انتقاده (بشكل مبطن على يومية "الشروق") وانتقاد الملحن "وليد سعد" الذي لم يتعامل باحترافية مع صوت "فؤاد" فظهر مختنقاً في تتر المقدمة بشكل يوحي بالتباكي على غرار ما كان يفعل "حسن الأسمر" في مرحلةٍ ما من حياته الفنية.. ويلي "الهندي" في المركز الثاني "تميم" ثم "توما" في "9 ش جامعة الدول" ، ومعهم "فهد" الذي غطى على قبح كلمات تتر "طرف ثالث" ، المسلسل الأكثر قبحاً ومباشرةً وخطابيةً هذا العام..

8-لم أستمع بدقة لتترات مسلسلات أخرى مثل "الخواجة عبد القادر" ، "فرقة ناجي عطا الله" ، وغيرها.. وبالتالي لا يمكنني الحكم عليها بدقة.. هذا ما حاول العبد لله ملاحقته في تترات رمضان هذا العام .. بالتأكيد قد تختلف مع ما سبق لكنه يبقى وجهة نظر.. كل عام أنتم بخير..
* الصورة من منتدى "سينما فور يو"..

Wednesday, August 15, 2012

زمن أفندينا

كثيرة هي الأسباب التي تجعل من "طارق نور" ظاهرةً تستحق التوقف والدراسة.. الإعلانجي الذي نجح في أن يصنع ذوقاً يجري وراء مكان معين في العاصمة يمثل طبقة معينة أو شريحة معينة من طبقة معينة ، ليس فقط بـ"حبشتكاناته" التي دأب عليها منذ اليوم الأول لدخوله عالم الإعلان من إفيهات واستغلال لموسيقى الأغاني الغربية ، وإنما بحلم الانتماء للصفوة والوجاهة الاجتماعية الذي يدغدغ به الجميع في ظل ما يصفه بعض اليساريين - مش بعضهم قوي : تقريباً 90% منهم بس- بالمجتمع الاستهلاكي المتطلع إلى نمط من الاستهلاك الترفي يعوض به تعثر خطوات أغلبيته في الصعود الطبقي لمستوى يقارب مستوى طبقة "الصفوة"...الخ..الإعلانجي الذي يفعل أشياءاً كثيرة خطأ بطريقة سليمة ، هو يخاطب الناس من عل (حتى في الخير) ويعلم أن الناس ستستجيب له ، وغيره من الساسة و"الموصقَّافين" يحاولون فعل نفس الشيء فينفر منهم العامة والخاصة .. الإعلانجي الذي بدأ بتسويق منتجاته ، ثم بدأ بتسويق نفسه بوصفه قادراً على تسويق منتجات (معظمها "اسكارتا")- وإقناع من يؤمنون بتدني مستواها بشرائها ، وربما يعتقد البعض ومنهم كاتب السطور بأنه انتقل مؤخراً لمرحلة تسويق علاقاته التي أقامها كثيرون من أولي الطول معه نتيجة لضخامة اسمه في عالم الإعلان في المنطقة..

ظاهرة "أفندينا" لم تكن وليدة طفرة ، ولكنها ، وبحسب إفيه شهير في أحد إعلاناته القديمة ، تتسلل ، وتتوغل ، وتنتشر ، وتستمر ، وتستمر ، وتستمر.. في المرحلة الأولى "علق" مع الناس وحفظ جيل أطفال الثمانينات إعلاناته أكثر من أي شيء آخر ، في الثانية انهال عليه منتجون كثر ، في الثالثة قوى نجاحه نفوذه وقواه أكثر نفوذ من ارتبطوا به من رجال أعمال ، في الرابعة كبر حجم ووزن زبائنه أكثر وأكثر ، وبدأ يلتهم كعكة الإعلانات دون وجود منافس له وقتها (نتحدث عن أواخر التسعينيات والنصف الأول من العقد الأول من الألفية)، في الخامسة دخل مجال الإنتاج البرامجي ، في السادسة دخل مجال الإنتاج التليفزيوني (بوحدات تصويره والمساعدة الفنية أو بالإنتاج المباشر كما حدث في مسلسل "السندريلا")، في السابعة صارت الحكومة والنظام السياسي زبوناً له ، في الثامنة يقرر استغلال جبروته في سوق الإعلانات بقناة يكتفي ببثها حصرياً في شهر رمضان فقط..

في التاسعة رأى نفسه أقوى مالياً واقتصادياً وسياسياً ، حتى مع وصول تيار لا يلائم مزاجه إلى السلطة ، بشكل يجعله قادراً على الخروج من مرحلة الإعلان إلى مرحلة الإعلام ، ومن لعبة الترفيه للعبة التأثير السياسي.. رأى في نفسه قادراً على "شيل محطة" في الوقت الذي نجد فيه ، كما تعرفون أفضل مني ، أن معظم أصحاب الفضائيات الخاصة إما رجال أعمال (يملك بعضهم شركات إعلان خاصة) يريدون العبث في السياسة بما لا يخالف مصالحهم (ولو على حساب البلد بمن فيه) ، أو رجال أعمال يتذللون لشركات إعلان قوية ومفترية (قد يملك بعضها صراحةً أو من الباطن بعض رجال الأعمال المشار إليهم سلفاً).. أما هو فيريد أن يكون أول إعلاني يدخل مجال الإعلام بشكل احترافي ، من باب "من دقنه وافتل له"..

في الواقع ، اللي كله قواقع ، قد تكلفه هذه اللعبة الجلد والسقط.. الإعلام شيء والإعلان شيء آخر.. حتى لو اتفقنا على صحة نظرية "عمرو أديب" التي ترى أن الـshowbusiness الناجح يعني أن تخرج في كل يوم من "البرنيطة" أرنباً مختلفاً لجمهورك ، فإن الأرنب الذي يخرج من "برنيطة" الإعلام غير الذي يخرج من "برنيطة" الإعلان.. وحسب نوعية الأرانب ونوعية "البرنيطة" تتحدد طريقة إخراج الأرنب من البرنيطة..

"أفندينا" لم يعِ - بعد - أن أي ثورة يصاحبها تغير اجتماعي قد لا يكون وليد اللحظة ، ولكنه يبدأ في الحدوث تدريجياً ، أي أن السوق الذي يوجه له "نور" جهوده في طريقه إلى أن يكون غير السوق الذي كان يتمايل على ألحان أغاني إعلاناته في وقت سابق.. لاحظت عن نفسي أن آراء بعض الناس بدأت تتغير في حملاته وإعلاناته بما فيها تلك الخيرية الموجهة لبناء مستشفى سرطان الأطفال ، وبدأت تظهر حالة من التململ من إعلانات التبرع لجامعة "زويل"، ولا يقلل من ذلك القبول "الهادئ" لحملته الأخيرة الخاصة بالبنك الأهلي المصري..

لم يحضر "أفندينا" -بعد- إجابات عن العديد من الأسئلة التي تشغل من يعطون ثوان من وقتهم لمشاهدة "القاهرة والناس" لمجرد الفضول ، مثلاً:

من أين سيملأ سيادته الوقت على مدى أحد عشر شهراً؟ هل سيجتر برامجه كما يحدث في "فتافيت" ، رغم أن طبيعة الأخيرة تسمح جداً بالتكرار بعكس "القاهرة والناس"؟ هل سيملأ القناة - بصريح العبارة - بمقتطفات من حلقات "الكاميرا الخفية" و "لا سوستا" و"مين بيقول الحق" و "نشرة أخبار الفراخ" مع السهرة مع مسرحية "قهوة سادة" التي تذاع في البث التجريبي كل عام كما لو كانت "الرصاصة لا تزال في جيبي" في ذكرى نصر أكتوبر ، إلى أن يأتي رمضان التالي؟

بمن سيحتفظ "أفندينا" من نجومه الذين يحصل على خدمات معظمهم "بالعافية" لمدة شهر؟ بـ"طوني خليفة" الذي لا يطيق أن يبقى مقيداً بقناة أو بمشروع خارج بلده؟ من سيكون نجم قناة "أفندينا" في حال إذا ما قرر "طوني خليفة" العمل لبعض الوقت مع آخرين ، علماً بأن ذوقه (="أفندينا") في الصفقات المضروبة لا يعلى عليه؟ (وقطنة "نضال الأحمدية" ما بتكذبش)..

هل سيبحث عن صحفي أو صحفية ، أو مذيعة منوعات مسطحة الثقافة من عينة "شافكي المنيري" أو "دينا رامز" ليجعل منها "فوزيتا" - مع الاعتذار للفنان الكبير "المنتصر بالله" - ويناطح بها "منى الشاذلي" و "لميس الحديدي" و "عمرو أديب"؟ وهل سيبقي على أسماء بعينها مثل "إبراهيم عيسى" اتقاءً لشرها ، وكسباً لجريدة "التحرير"؟

زمن "أفندينا" قد يلحق بزمن "مبارك" في زمن أقصر بكثير من الزمن الذي احتاجه "طارق نور" لبناء إمبراطوريته .. و"القاهرة والناس" قد تكون أكبر نقطة تحول ضد "نور" في مسيرته الإعلانية الطويلة بالضلوع في لعبة ليس مؤهلاً لها بالمرة..
* الصورة من موقع "الخبر الاقتصادي"..

Wednesday, August 08, 2012

ملفات العكش السرية!

قبل سنوات عرض التليفزيون المصري مسلسلاً للكاتب الصحفي "طارق بركات" اسمه "ملفات سرية" ، وفكرة المسلسل بسيطة ، قائمة على طبيبة نفسية لعبت دورها "ميرفت أمين" تتعرض عيادتها للسرقة من قبل شخص يقوم بابتزازها وابتزاز مرضاها بالتسجيلات التي احتفظت بها لهم على هامش جلسات علاجهم.. صحيح أن "بركات" يحاول تقديم نفسه ككاتب مجتهد لدراما الجريمة والتشويق والغموض ، أو الدراما البوليسية كما نعرفها ، لكن الواقع يهزم دائماً خيال أي كاتب سيناريو ، مهما كان ذلك الخيال جامحاً وبلا فرامل..

كشف موقع "في الفن" قبل ساعات عن فضيحة مسلية ولذيذة ، أبطالها كل من "علي الفيل" -صاحب شركة إعلان ومنتج برنامج "الحكم بعد المزاولة" على "النهار" ، و"توفيق عكاشة" ، و"باسم يوسف"..

والموضوع باختصار أن البرنامج سجل حلقة لـ"عكاشة" ورفض الأخير إذاعتها ، واحترمت الشركة قراره طبقاً للبيان "المكتوب" الذي أصدرته ، ولما كان "عكاشة" "قد" تناول الشركة بما عدته "شائعات" فقد هددته الشركة بإذاعة حلقته ، وحددت له موعد الحادي عشر من أغسطس ، أي السبت القادم ، كموعد نهائي ، إن لم ينته ، فالحلقة موجودة..

الحلقة "السرية" طبقاً لتقرير "في الفن" علم بها شخصان ، الأول رآها ، وطالب بإذاعتها ، وهو طفل مودرن المدلل "معتز مطر" ، والثاني ذهب إلى ما هو أبعد وطلب شراءها ، وهو "باسم يوسف"..

الفرق بسيط بين المسلسل والفضيحة ، ملفات "ميرفت أمين" كانت سرية فعلاً ، ولم يكن في مصلحتها بأي حال كشفها ، الذي يدينها أكثر مما يدين مرضاها ، وبينهم طبقاً لأحداث المسلسل شخصيات متباينة الحيثية ولديهم جميعاً ما يخشونه ، ملفات "آي كلاود" ليست كذلك .. واللذيذ أن لسان حال الشركة يقول : أنا عملت بأصلي معاك يا "TOFFA" وما رضيتش أبيعك لاصحابك بقلوس ، بما إني ما باحبش الابتزاز والتهديد ، أستغفر الله العظيم ، بس لو قليت معايا يا حلو أنا حأبيعك وبالمجان..

أضف إلى ذلك أن المسلسل كان به مبتز واحد فقط ، أما الواقع ففيه اثنان على الأقل ، الشركة و "باسم" .. "باسم" ليس مبتزاً بالمعنى المفهوم للكلمة لأنه لن -بفرض حسن النية- يحصل على مقابل من "توفيق عكاشة" ، مادياً كان أو معنوياً ، لكنه أراد شيئاً "ما" يمسكه عليه ويضمه إلى برنامجه أو إلى مكتبة قناته لو حدث شيء ما من "العُكش" - كما يسميه منتقدوه - ضده ، أو ضد صاحب القناة.. و"عكاشة" يشبه "الواد سليم أبو لسان زالف" -مع الاعتذار للكاتب الكبير "أحمد رجب"- يهاجم الجميع في برنامجه ويخبط الحلل على فترات.. وقد طاح في وقت سابق في أسماء كبيرة في عالم الميديا من بينهم على سبيل المثال "إبراهيم المعلم" صاحب دولة - وليس دار - "الشروق" للصحافة والإنتاج الفني وكل شيء إن كان..

وقد ينضم للمبتزين السابقين مبتز ثالث هو "عكاشة" نفسه ، إذا أخذنا بعين الاعتبار تفاسير الخبثاء عن أن "العكش" يلعب نفس اللعبة مع الشركة!

يطالب البعض ، من منطلق "حق يراد به باطل" ، بمجلس أعلى للإعلام يتم تفصيله على مقاس رءوس أموال معينة اغتصبت الثورة واحتكرت الميديا ، لن ينظر باشمئزاز إلى فيلم هابط مبتذل كالذي حدث ، لأنه سيحسبها بحسابات المكاسب والخسائر ، وبحسابات مَن ضد مَن.. لا يطالب ذلك البعض بحرية مسئولة ملتزمة كما يزعم ويدغدغ به مشاعر الثوريين ، بل يطالب بحريته هو ومن بعدها فليأت الطوفان في أي وقت شاء.. لينتقل الإعلام إلى وصاية ذلك البعض ، ساسة أو بيزنسجية أو- وللأسف- ممن يحسبون أنفسهم على الثورة والثورة ومبادئها منهم براء ، و"إديها كمان حرية" كما كان يقولها "عبد السلام أمين" مادحاً المخليوع.. ويتعاطف بعضنا - بكل كل أسف - مع ذلك البعض من منطلق خصومة سياسية مع تيار ما ، وليس من منطلق خصومة مع الفساد نفسه ، وإلا لطالبنا جميعاً وبصوت عال بمجلس أعلى مستقل بحق وحقيق للإعلام ، لا يكون من بين أعضائه أي شخص له أي علاقة بصاحب أي قناة أو جريدة حالاً ولا استقبالاً ، يطبق القانون دون خوف من امبراطورية "آل أديب" ودولة "بهجت" وعزبة "منصور عامر" بالع الإعلام على طريقة إعلان "أبويا ، أبويا الله يخرب بيتك ....الخ".. أخشى أن نتحول إلى نسخة من أبطال الفيلم الهابط يقبلون بالفساد طالما يلائم فانلاتهم السياسية ، وأن "تنحس جتتنا" ويتبلد شعورنا في انتظار المسلسل الجديد الذي سيجد من يحوله ، سواء من المشتغلين بالميديا أو من غيرهم ، إلى مسلسل واقعي..
* الصورة من "الموجز"..