Friday, May 27, 2011

فرجات آخر الشهر: مسلماني جبروت


* قولوا لي بالله عليكم ما هي صفة السيد "أحمد المسلماني" حتى يصبح عضواً في مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون العريق، الذي يفترض أنه المشرف على أعمال مؤسسة ضخمة وعملاقة كالتليفزيون الرسمي؟ هل لكونه "من الشباب"؟ "المسلماني" ليس شاباً على الإطلاق ، هل لكونه "إعلامياً متميزاً"؟ لم يقدم أي مردود من أي نوع يؤهله لأن يكون عضواً في مجلس فيه "فاروق جويدة" و"درية شرف الدين" و"حمدي قنديل"..إجابتي-والتي تحتمل كثيراً من الخطأ- ببساطة شديدة أنه عضو في الاتحاد بصفته مذيع في قناة "دريم" فقط.. وصلنا لليوم الذي يفرض فيه لصوص الثورة أسماءً بعينها في أماكن بعينها دون أن يستطيع أي مخلوق أن يقول "بِم" وإلا اتهم بعداء الثورة التي يفترض أنها قامت لوضعهم –(=لصوص الثورة)-بجانب اللصوص الآخرين في "بورتو طرة".. (كلمة مش مؤدبة)..

*وقولوا لي بالله عليكم أي عرف فني أو درامي أو إعلامي أو بتنجاني يقضي أو يسمح بإذاعة خمس حلقات متتالية كاملة غير منقوصة من أي مسلسل أياً كانت أهميته وقيمته كما يحدث على قنوات MBC؟ القصة باختصار أن القناة تذيع حلقة من المسلسل كل يوم لمدة خمس أيام في الأسبوع ، ثم تأتي في السادس لا لتقدم ملخصاً عن الحلقات الخمس (غالباً من المسلسل التركي أو الهندي الحافل بالمط والتطويل المريعين) بل لتقدم الحلقات الخمس كاملة ومتتالية خبط لزق في اليوم السادس (والسابع) من الأسبوع.. حقيقة أرى أن تجار الخيش الذين كانوا موضع السخرية في الثمانينات لمجرد دخولهم عالم الإنتاج السينمائي يملكون من الوعي الفني ما يفوق بكثير أصحاب فضائيات ومنتجي أفلام ومسلسلات حاليين ليس على لسانهم إلا الفن والدراما والقضية والرسالة..

*س: أين رأيت من قبل فكرة برنامج "سكرتير التحرير" على الجزيرة مباشر مصر؟
ج: في القناة الثالثة للتليفزيون المصري في فترة الثمانينيات والتسعينات..صدق أو لا تصدق!

*لتعرفوا جيداً مقدار" الشيش بيش" الذي تتمتع به الفضائيات المصرية حالياً وخصوصاً فضائيات اللحلوح السياسي، فكروا معي لماذا لهثت وتلهث تلك الفضائيات أمام أسماء فعلت كل شيء من أمثال "يسري فودة" و"حافظ المرازي" أو أسماء "كسر" من عينة "سوزان حرفي" وتترك أسماءً أخرى مصرية تتألق في الخارج لديها الكاريزما أمام الكاميرا والطموح والرغبة في التألق وعمل اسم وصيت من أمثال مذيع "العربية" "محمود الورواري" والذي يملأ بحضوره الشاشة عندما يقدم فترة إخبارية أو برنامجاً من القاهرة –حتى ولو كنت تختلف معه لدرجة الرفض- كما أنه أكثر قدرة و"طقطاناً" على إدارة حوار من أسماء لم تلعب اللعبة و/أو لم تعد قادرة عليها؟ هذا إن كانت تلك القنوات تبحث عن مذيعيين "سينييه" أو عملوا في أماكن "سينييه"..حتى في صناعة "الفرجة" يوجد "الطشاش"!

*باضت في القفص لبعض فرق "الساقية" ومن على شاكلتها بعد أن تهافتت عليهم "بيبسي" وربما "كوكاكولا" لغناء إعلاناتهم.. لا حسد ولا قر ولا hard feelings!

*"يوسف عيد" ممثل كوميدي كبير لم يكتشف بعد..

*تصعب السيطرة على الضحك عندما تشاهد "أميرة عبد العظيم" تذيع أي برنامج جاد ، تصعب السيطرة على قلة الأدب عندما تشاهد "عزة مصطفى" تذيع أي برنامج جاد..

*لمن كان يعيب على "شعبان عبد الرحيم" إدمانه لغناء أي شيء في أي مناسبة ، ما رأيكم في الأغاني التي قدمها السيد "حمادة هلال" بعد الثورة؟

*شهادة تفوق مستحقة لبرنامج "سوا على الروف" على ما يسمى بقناة "مودرن حرية" ، هذا البرنامج تفوق فعلاً في السماجة وثقل الظل على مسلسل "عايزة أتجوز".. محاولة مبتذلة لتقليد اسكتشات كان يقدمها "خالد جلال" ومن معه في برنامج "يا ناس يا هووه" مع "هالة سرحان" ثم في برنامج لا يحضرني اسمه قبل رمضانين أو ثلاثة ، لأول مرة أشاهد في حياتي تقليداً سيئاً لأصل سيء..

*ختاماً.. ما هو الفرق بين قناة "القاهرة والناس" وقناة "روتانا مصرية"؟ الفرق أن قناة "القاهرة والناس" قناة "عمولة" لشهر واحد ، أما قناة "روتانا مصرية" فهي عمولة لشخص واحد!
* الصورة من المدونة الزميلة "أنا حرة"..

Thursday, May 26, 2011

عيني فيه


كانت قناة "الجزيرة" ولا زالت من ملاقف الشتيمة المفضلة للإعلام المصري ، ليس فقط الإعلام الحكومي الرسمي الصفوتي الشريفي والأنسي الفقي فحسب ، بل حتى قنوات المال السياسي خاصة عندما تحكم المصلحة ويتطلب الأمر مغازلة إعلام النظام السابق ونفاقه ، بتوع مصالحهم بقى ، كانوا ولا زالوا وسيظلون .. والأيام بيننا..

لكن..

لكن يوجد في بلادنا مثل غريب يقول : "عيني فيه وأقول إخيه".. مع كل حالة القرف و"الاشمئناط" التي يشعر بها إعلام النظام السابق وإعلام اللحلوح تجاه القناة القطرية ، تشعر بحالة من الانبهار لدى الإعلام المصري بنموذج "الجزيرة" الذي يحرص الجميع على شتمه وسبه ولعنه بأقسى العبارات..

1-المنطق السليم يقول أنه إذا "قَرِفْتَ" من شيء فلا تسعى لتقليده ، "لا تنه عن فعل وتأتي مثله.. عار عليك إذا فعلت عظيم" كما قال الشاعر العربي القديم ، لكن ما قولك فيمن يشمئز من "الجزيرة" فيسعى لإنشاء قناة على نمطها ، وتدريب مذيعي قناته على تقليد مذيعيها ، ويتنافس على المزايدة على قضايا عربية من أجل أن يثبت للعالم العربي أن قلبه على العروبة أكثر من أي قناة عربية أخرى بما في ذلك "الجزيرة"؟

هذا ما حدث عندما قرر الإعلام الرسمي في عهد النظام السابق إنشاء قناة "النيلة للأخبار" ، والتي كانت في أيامها الأولى وفي عهد رئيستها الأولى "سميحة دحروج" شتيمة بذيئة لإعلام الريادة من حيث لا يعلم القائمون عليه ولا يدرون ، فشل سمعي وبصري وتخلف عقلي ، وإخفاقات حتى في تغطية الشأن الداخلي ، بل ونسبت في وقت لاحق لنفسها بالكذب تغطية تفجيرات "طابا" الإرهابية في الوقت الذي اتضح فيه أن كاميرات "النيل للرياضة" هي التي كانت ، وبالمصادفة ، على مقربة من الأحداث والتقطت لقطات أولية للمنطقة بعيد الحادث ، وكانت تلك هي المرة الأولى ، والأخيرة ، التي ينجح فيها الإعلام المصري الرسمي في متابعة حدث طارئ صوتاً وصورة وبسرعة ، تذكروا التغطية "العار" هذا العام لحادث كنيسة "القديسين" الإرهابي قبل أشهر..

2-وفرض "وحش الجزيرة الوحشة" نفسه أيضاً على طريقة أداء المذيعين ، ليس فقط في "النيلة للأخبار" –التي كادت أن تحال للاستيداع عندما فكر "أنس الفقي" في أواخر أيامه في إنشاء قناة إخبارية بحق وحقيق- ولكن حتى في "قطاع الأخبار" الذي تم تغيير اسمه إلى "أخبار مصر" (على طريقة تغيير "توفيق الجحش" اسمه إلى "توفة الجحش") ، فصحى شامية شديدة الافتعال والتكلف لدرجة تسألك عن هؤلاء المستعرين من مصريتهم التي يرونها –زي السجائر بأنواعها- ضارة جداً بالصحة.. ضم إلى ذلك شكل الإلقاء بوجه عام ، تقطيع الجمل ، وحتى أسلوب تعامل المذيعين مع الكاميرا الذي يخلط بين التراث القديم –إعلام الريادة والمش عارف إيه- والأسلوب المتبع في "الجزيرة"..

3-"الجزيرة الوحشة" كانت أيضاً تمرين الشتيمة والسباب المفضل لصحفيي النظام السابق ، سواء في تنظيم وجماعة وخلايا "روزا اليوسف" أو في "الأخبار" أو في "الجمهورية" أو في "الأهرام" ، التي تعاملت كعدو صحفي مع "الجزيرة" قبيل الثورة على خلفية ما وصفته بـ"فضيحة" داخل القناة أدت لاستقالة عدد من مذيعاتها ، ووصل الأمر إلى ساحات القضاء ، وهوووووب ، "المستخبي أهو بان" ، "وما دام تحب بتنكر ليه" ، تحولت العلاقة العدائية إلى صداقة حميمة ، والجفاء إلى صفاء وهناء وشيرين ، ووقعت "الأهرام" و"الجزيرة" بروتوكول تعاون بينهما كما نشرت "الأهرام" قبل أسبوع أو أكثر ، وبكل فخر!

4-حتى إعلام المال السياسي الذي كان يستقبح نموذج "الجزيرة" لم يخفِ هوسَه الشديد به ، نموذج"متقدرش".. أو "القناة اللي طلع لها دولة" ، نموذج الحامي والمحرض والمدافع والبطل و..و... ، سبق لكاتب السطور الكتابة عن أوجه الشبه بين "دريم" و "الجزيرة".. لكن اتضح أنه ليست فقط "دريم" هي المهووس الوحيد بنموذج "الجزيرة" ، فـ"الحياة" انتهزت فرصة فك الارتباط بين "حافظ المرازي" و"الجزيرة" لتضمه إلى صفوفها في تجربة خصمت من رصيد الطرفين ، ليتحول "المرازي" إلى نسخة من "تامر عبد المنعم" المرتبط فيما يبدو بقصة حب عاطفية عنيفة مع الفشل –أفشل في حتة أزهق أروح أفشل في حتة تانية- ليجرب "قدراته" كمذيع في التليفزيون المصري ، العدو الأول "السابق" لقناة "الجزيرة"(1)..!

"أون تي في" لا يكفيها سيطرة الهوس الجزراوي على نشراتها وتغطياتها وبرامجها ، بل استقدمت من جانبها "يسري فودة" ، الذي أراه مذيعاً فقيراً للغاية وأكثر من متواضع ويتحاور مع الناس بصفته وبتاريخه لا بقدراته وإمكانياته ، فقط لأنه جاء من "الجزيرة" ، وهو عن نفسه "حد مطيع" ويرضى بأن يتحول إلى أداء دور "البركة" و"الفاسوخة" في سهولة ويسر وسلاسة.. والجديد أن "أون" ستطلق خلال أيام خدمة "أون لايف" –"الجزيرة مباشر أون تي في لايف" .. (على أساس أنه كما يطلق اسم "بيبسي" على كل زجاجات المياه الغازية أيا كانت ماركتها ، واسم "بيروسول" على أي مبيد حشري في العالم ، صارت قنوات المباشر تسمى عند بعض الناس باسم "الجزيرة مباشر" وكمل بعد كدة.. أمر عادي جداً في عالم التسويق والإعلان بالمناسبة)..

وتعدى الأمر حدود إعلام المال السياسي "التقليدي" .. حتى قناة "الحزبوطني" المسماة "مودرن مصر" حفيت وراء "سوزان حرفي" المذيعة المغمورة جداً والسابقة في "قناة الجزيرة" من أجل تقديم برنامج عليها .. خاصةً بعد أن أعلنت القناة توبتها عن الحزبوطني ورفعت شعار "ثورة ثورة" في إطار تنافسها مع قنوات المال السياسي المعارض السابق على حلب الثورة ومصمصة عظام "السبوبة"..

5-صحيح أن النجاح جالب للتقليد ، إذا ما فتح شخص ما مشروعاً ما وربح منه سارع الآخرون إلى تقليده ، يمكن أن يقال في نموذج "الجزيرة" ما لم يقله الإمام "مالك" في الخمر ، ومع ذلك نجح بدليل أن كل هؤلاء سارعوا إلى تقليده وبأقصى سرعة وبأسلوب over ..وقد يكون ذلك التقليد مشروعاً ، لكن خطاً بسماكة قضبان السكة الحديد يفصل بين التقليد المشروع ، وتقليد "نقل المسطرة" و"الكوبي والبيست" ،والإعجاب ، والانبهار ، والإحداث ، ولكم أن تحددوا أي تلك الأشياء أو غيرها هو الذي هيمن على سلوك الإعلام المصري الرسمي المرئي وإعلام المال السياسي الفضائي تجاه "الجزيرة" ، التي انتقدها كل هؤلاء على أساس "مهني" و "أخلاقي" و"سياسي" ، وأظهروا فيها كل القطط الفاطسة التي رأيناها بعد ذلك في إعلامهم وهم يقلدوها..ربما يكون النجاح هو الذي يدفع الإعلام لأن يكون "جزيرة" ، وربما تكون المصالح هي التي تدفع الإعلام لأن يتصرف كـ"الجزيرة".. وسمعني سلام: "والله ما بتفرق معانا الأسماء"..
(1) بل وتردد أن "حسين عبد الغني" –مدير مكتب "العدو" السابق في مصر- كان مرشحاً لقيادة "النيلة للأخبار".. والعهدة على جريدة "المصري اليوم"
* الصورة من موقع Syria uprising الانتفاضة السورية..

Sunday, May 15, 2011

قناة التحرير.. وعصير الثورة


في المنطقة التي بها منزل أقاربنا العامر في المدينة الساحلية الكبرى يوجد لدى آهليها طبع ظريف جداً ، حيث يفاجأ من يزور المنطقة بشكل متقطع بالعديد من المحلات تغير أنشطتها من نشاط إلى نشاط لا علاقة له بسابقه.. أحد تلك المحال فتحت عينيّ على الدنيا وجدته محلاً للفراشة ، تحول بقدرة قادر إلى مقلة لب ، إلى مكتب للسمسرة العقارية ، أما المحل الآخر المواجه للعمارة فكان عصارة فواكه وقيل أنه كان محلاً للأسماك ، ولا أذكر نشاطه الحالي على وجه الدقة!

لذا قد يستغرب أناس كثيرون ما قد يراه على شاشة قناة "التحرير": كيف أن جريدة كاملة قد تحولت وبقدرة قادر إلى قناة تليفزيونية.. لكن "ما غريب إلا الشيطان" كما نقول..

ما حدث هو تطور طبيعي لظاهرة "البرشطة" التي يقوم بها عدد من الصحفيين التابعين لمكان واحد على مكان آخر ، قد يكون قناة فضائية أو أرضية على سبيل المثال ، وهو ما حدث بالفعل في تسعينيات القرن الماضي ، حين حطت فرقة مظليي جماعة "روزا اليوسف" المحظوظة على قنوات "الإيه آر طين" ، ووزعوا أنفسهم فرقاً على طريقة فرق "الميني فو" في مسلسل الكارتون الياباني الشهير "مازنجر" –أو "غرندايزر" مش فاكر قوي- ومنهم أسماء معروفة من عينة "وائل الإبراشي" ، "محمد هاني" ، و"إبراهيم عيسى" على ما أذكر ، وعمل تحت أيدي هؤلاء في مرحلة لاحقة أسماء منها "دعاء سلطان" التي سنأتي على ذكرها لاحقاً.. والمسألة ليست مجاملات أو مساعدة للزملاء في الحصول على وظيفة في فضائية "متريشة" ينفق عليها صاحبها بسخاء يتعدى حدود الكرم المقبول كما يعتقد بعض حسني النية ، بل تتعلق بنفوذ صحفيين ومؤسسة صحفية ومصالح تنتفخ و"تكلبظ" بقوة الاستمرار ولا مانع من أن تنتقل معهم من مكان لآخر ، كما حدث وانتقل "الإبراشي" و "هاني" مع "هالة سرحان" إلى "دريم" ، ثم صار "هاني" رئيس فريق المعدين الملاكي لـ"هالة سرحان" حتى النهاية التراجيدية لتجربتها في "روتانا" ، ليركز نشاطه على "البيت بيتك" الذي عاش أزهى عصوره في ظل عزبة "محمود بركة" (والذي نسته الجهات الرقابية تحت الترابيزة) ، وفرض (="هاني") على فريق الإعداد في ذلك الوقت زوجته "سهير جودة" وزميلهما في "روزا" قبل انتقاله لـ"المسائي" "حازم منير"..وظل الثالوث وآخرين مستمرين في "البيت" حتى تحوله إلى "مصر النهاردة" ثم انتقال البرنامج إلى رحمة الله..

ثم أخذت تلك الممارسة بعداً جديداً بعد أن اكتشف الروزجيون أنهم ليسوا اللاعب الوحيد في الملعب ، حيث تعلم صحفيو "المصري اليوم" أصول الصنعة ، وبدأوا في تطبيق نفس النظرية في فضائيات أخرى ، بنفس الحركة الجماعية والشللية ، كما يحدث في "الحياة" وقبلها في "دريم"..وشهدت "أون تي في" حضوراً لصحفيي "الدستور" قبل أن تظهر قصة "الدستور الأصلي" و "الدستور التايواني" ، وكلاهما ينطبق عليه المثل المصري الشهير "ما ألعن من سيدي"..

إذن كان من الطبيعي أن تتحول "الدستور الأصلي" إلى قناة كاملة ، يوزع صحفيو الجريدة وكتاب أعمدتها أنفسهم على برامجها ، وخدمهم – في رأيي المتواضع- الظرف التاريخي الذي استثمرته تلك المجموعة بشكل لا يخلُ من فجاجة..

نظرية "عصير الثورة" –مع الاعتذار للفاصل الكوميدي الذي قدمه "قطامش" الفائز بمسابقة برنامج Arabs Got Talent – فرضت نفسها على "التحرير" القناة ، بدءاً من الاسم الذي انطلق من "ميدان التحرير" الذي يعد رمزاً للثورة (ولا يبرر أن تختزل الثورة فيه لأن الثورة لم تكن في "ميدان التحرير" ولا في العاصمة فقط)، مروراً بالفواصل الغنائية الطويلة جداً لأغاني الثورة ، فواصل تنافس بها قناة "الجزيرة مباشر مصر" و "أون تي في" اللتين تتنافسان معها على لقب "قناة الثورة" تنافس ندابتين على اللطم في مأتم سيدة لا تعرفانها، ولا مانع من التكرار فالتكرار يعلم الشطار ، لتوصيل رسالة ليس مفادها فقط أن "التحرير قناة الثورة" -بتوصيل الحالة الثورية للناس بشكل يراه بعض المشاهدين وأنا منهم مبالغاً فيه إلى درجة الافتعال ضمن مزايدات الإعلام الخاص وإعلام المال السياسي - ولكن أن "قناة التحرير هي الثورة" ، وعليه فمن يختلف أو ينتقد فهو ينتقد الثورة لا القناة..ويدخل في حكمه من يختلف مع "إبراهيم عيسى" و"بلال فضل" و"دعاء سلطان" وآخرين..ولا تخل الميول الاستثمارية من برنامج يقدمه "شباب ائتلاف الثورة" باسم "العيال كبرت".. مع احترامي لهم وللثورة هل يحتاج هؤلاء إلى برنامج ليقدمونه على شاشة قناة؟ -مجاملة واسعة شوية..واسعة كتير إن أردتم الدقة..

والمشكلة أنك ستجد صعوبة كبيرة في أن تبقى على وئام لفترة طويلة مثلاً مع "إبراهيم عيسى" .. الذي عاد لكادره الأثير الذي افتقده لحساب "إياها" في "أون تي في" ، وللترابيزة ، ولـ"intro" الطويل الذي يقدمه في برنامجه الذي يذاع في نفس توقيت برنامج "القاهرة اليوم" ، ويثرثر فيه طويلاً فشر "المسلماني" ، ويحاول فيه مثل "المسلماني" –أيضاً- تقمص دور الخطيب والواعظ والصحفي الذي يبخ مقاله في وجوه مشاهديه الغلابة ، الذين قد لا تروق لشريحة كبيرة منهم حكم "أبو خليل" ، ولا يوجد لآخرين "طقطان" على الجلوس لفترة طويلة أمام التليفزيون لمتابعة شخص واحد-مهما كان- يتكلم في أي موضوع لفترة تزيد على ربع الساعة ، ومهما حاول المخرج ترضيتهم بنقل الكاميرا هنا وهناك لاستعراض الديكور أو لكسر حاجز الملل السمعي-البصري، بينما ينتظر فريق ثالث أي إيضاح من الرجل عن الفقرة القادمة ليحدد موقفه من متابعة البرنامج من عدمه ، وهو موقف يشاركه فيه عدد من ضحايا "إياها" في "أون تي في" في الجزء الأول من البرنامج..

لكن تبقى إدارة قناة "التحرير" رحيمة بالمشاهدين ، ولا تريد أن تقتلهم مللاً .. فقررت المناوبة بين "إبراهيم عيسى" و "بلال فضل" و"محمود سعد".. ولا يختلف الثلاثة كثيراً عن بعضهم البعض.. فالكل سبق له الثرثرة أمام الكاميرا كل في برنامجه "عصير الكتب" و "البيت بيتك" على الترتيب.. وهو ما يصنفه بعض معارضي القناة تحت بند "الثلاثة يشتغلوننا"!

ويلفت نظرك تلك "النشوة العارمة" التي يشعر بها "إبراهيم عيسى" المذيع بعيد عودته إلى كرسي المذيع من جديد ، وقد يلتمس لها فيها عذر ، فالرجل الذي كان يقدم عدة برامج في وقت واحد وهو رئيس تحرير لجريدة يومية حاضرة في السوق ولها جمهورها وشخصيتها التحريرية المميزة وإن اختلفت بشدة مع توجهاتها جُرِّد منها الواحد تلو الآخر ليجد جريدته وقد اختفت فجأة في صفقة غامضة ليستبدل هو وطاقم تحريره بالكامل بطاقم تحرير آخر لأسباب يقول هو أنها ذات صلة بمواقفه من النظام السابق ، ليعود بعد الثورة ليس بمفرده بل بالفريق الذي أطيح به من "الدستور"..وبشعار براق "الشعب يريد تحرير العقول" ، وفي نفس الوقت بنفس آليات إعلام المال السياسي الذي لا يختلف كثيراً عن الإعلام الموجه "البِلِط" الذي كان سائداً في فترة "صفوت الشريف" الله لا يرجعها..المنطلق من مبدأ "نحن الثورة.. نحن الحقيقة"..وكأنك تشاهد إعلاماً حكومياً جديداً مع تغير النظام، إلى درجة تدفع-بل دفعت- بعض منتقدي القناة لوصفها بأنها قناة "التبرير" أو قناة "التغرير"..

السيدة "دعاء سلطان" انتقلت –برضه بقدرة قادر- من مقعد المعد وكاتب المعد إلى مقعد المذيعة ، أمر طبيعي فتوزيع العمل في "الدستور" يقتضي أن يترقى كاتب العمود الفني أو مسئول الصفحة الفنية إلى منصب المذيع ، ليعيد إحباط تجربة "حنان شومان" في "نايل لايف" ، والمسلي واللذيذ لدرجة الـ"نيهاهاهاهاها" أن تقرر "دعاء" عمل برنامج عن "برامج التوك شو" لتنتقد أشخاصاً سبق وأن عملت (="هي") معهم ، من عينة "البريمادونا" ، الذي لم تجف آثار "طرطشة" حبر مقال السيدة "سلطان" عنها على موقع "الدستور الأصلي" ، وسبق أن نشرناه هنا ، وأشخاص آخرين لـ"الثورة" مواقف ضد بعضهم ، لا تنسوا أن تلك قناة الثورة ، ولا تخلُ الحلقة ، كما حدث في الحلقة الأولى أو الثانية من البرنامج ، والتي استضافت فيها السيدة "سلطان" "الناقد الفني" "طارق الشناوي" ، وهو بالمناسبة ، وسبحان الله .. لا سحر ولا دجل ولا شعوذة ولا اللي بالي بالك ، كاتب مقال في "الدستور" الورقي والأصلي ، ليقدم فاصلاً من المجاملة لـ"الدستور" الأصلي الذي يعتبرها الجريدة الوحيدة التي لم تغير من لهجتها قبل ولا بعد الثورة.. على عكس من قنوات أخرى من عينة قنوات وصحف المال السياسي التي يرى-ولا أرى على أساس أن نظري شيش بيش- أنها كانت واقعة "تحت ضغوط" من النظام السابق لتنافقه في فترة الثورة ، ذلك "الفاصل" من المجاملة السمجة والفشر المركز جعلني "أفصل" من البرنامج إلى الأبد..وبالمناسبة أريد أن أعرف رد "دعاء سلطان" إن فكر أحدهم في قناة أخرى عمل برنامج عن "التوك شو" في جودة برنامج عن الإعلام شاهدته على القناة الفرنسية الخامسة TV5 ، ووضع فيه شلة "دعاء سلطان" في "أون" و"دريم" (بحكم أن علاقتها في استنتاجي الشخصي أفضل مع "دينا عبد الرحمن" منها مع "البريمادونا".. رواسب قديمة بقى) ، بل وبرنامج "التوك شو" الحيلة الذي تقدمه "التحرير" في دماغه ، والأخطاء والهفوات في تلك البرامج يمكن للكفيف أن يراها في "عز الضهر" وبوضوح تام..

ومع احترامي لزميلة التدوين "نوارة نجم" ، إلا أنني لا أهضم- وقد يكون العيب في كاتب السطور- فكرة تحويل مدونة إلى عمود إلى برنامج ، في الوقت الذي وقعت فيه في نفس الخطأ الفادح والقاتل الذي وقعت فيه "غادة عبد العال" التي حولت مدونتها إلى كتاب إلى مسلسل ..لغة التدوين غير لغة التليفزيون ، لغة التليفزيون لغة صوت وصورة ، سمعية بصرية كما يقول بعض النقاد ، وما أقبل قراءته ، وما يقبل البعض قراءته هنا على سبيل المثال ، قد يرفضه إن كتبته في مقال في جريدة ورقية بل إلكترونية (وقد توصل البعض لقول عبارات منها "الأخ دة بيعمل إيه هنا" على الأقل)، فهل سيقبله عندما أتحول إلى وسيط أكثر صعوبة مثل التليفزيون؟ بل إن تحويل مدونة إلى برنامج تليفزيوني يقدمه كاتب تلك المدونة مخاطرة أصعب لم تجتزها- بصراحة- "نوارة" بنجاح ، فالمشاهد في تلك الحالة لن يكون في مواجهة مع أفكار مدون قد لا يعرف اسمه الحقيقي ، بل سيواجه – خبط لزق- صاحب الأفكار وجهاً لوجه ، في لعبة تحكمها قواعد التليفزيون التي يهابها كل من يعرفها ، لعبة إن فهم قواعدها كسب وكسب كثيراً ، وإن لم يحسن اللعب فسيخسر الجلد والسَّقَط..فالمشاهد في هذه الحالة لن يصطدم فقط بالأفكار بل بشخص صاحبها ، وإن لم يهضم صاحبها فسيصب جام غضبه على الأفكار وصاحبها في آن واحد.. أمر لا أعتقد أن كثيرين يعملون في الإعلام يريدوه أو يتحملوه.. نحن بشر في النهاية ولسنا مغرمين وسعداء بـ"التهزيق"..

البرنامج الوحيد المخالف للرصة والتوجه السائد في "التحرير" هو برنامج "طارق حبيب" الذي يعد بمثابة تكريم لأحد أساتذة فن الحوار التليفزيوني ولرجل أعتبره هو و"جيزيل خوري" الوحيدين في تاريخ الإعلام العربي اللذين حولا الحوار المنفرد إلى متعة تليفزيونية وفكرية ، وقدم أشياءً في مجال التقرير التليفزيوني يعجز إعلام المال السياسي بملايينه عن تقديم ربع مستوى جودتها في الألفية الثالثة ، "طارق حبيب يتذكر" من الاسم هو برنامج يتحدث عن الماضي ، يداعب من يحنون إليه ، ومن يهربون إليه من الوش الأيديولوجي والشعارات والحنجرة والتهميش الذي يصيبهم بالاكتئاب..

فيم عدا ذلك أنت تشاهد جريدة ، هيئة تحرير وكتاب وأعمدة ، والغريب أن "الدستور" – الأصلي الأصلي الأصلي- جريدة تنتمي لصحافة "الرأي" أكثر منها إلى صحافة "الخبر" ، والمشاهد مهما بلغت درجة عاطفيته ، وتمايله مع كل مقال يلعب على أوتار خاصة لديه ، يحتاج لأن يعرف ، بل إن شرائح كبيرة من المشاهدين تصف برنامج "التوك شو" ، أو كما أسميه "Sit-Down Show" ، بأنه برنامج "إخباري" –"بتاع أخبار"، ومن الواضح أن طاقم "الدستور" – عفواً : "التحرير" – قد اتخذ قراره على أن يحول الجريدة بمقالاتها بكافة مشتملاتها إلى قناة.. ليحولوا قلقي –كمشاهد عادي جداً- من القناة إلى أمر واقع..

عذراً لشدة الإطالة.. والكرة في ملعبكم..
* الصورة من المدونة الزميلة "ستاد مصر"..