Friday, October 26, 2012

فرجات آخر الشهر : دريم كبدة

*قبل الكلام : كل عام أنتم جميعاً بخير .. وربنا يخلي كل أيامنا أعياد..

* تواصل "دريم" تخطي كل ما هو مقبول ، فبعد أن تحول برنامج "الطبعة الأولى" في وقت سابق إلى صفحة اجتماعيات لمذيعه السيد "أحمد المسلماني" ، بدأنا نرى ما هو أغرب عند السيد "وائل الإبراشي" ، لا يكفي أن يقدم برنامجاً يومياً في شهرة "العاشرة مساءً" رغم أنه لا يصلح للظهور أمام شاشات التليفزيون أصلاً ، بل فوجئنا بأن الشريط الإخباري الموجود بأسفل الشاشة يعرض لأهم أخبار العدد القادم من جريدة "الصباح" المملوكة لـ"بهجت" والتي يرأس تحريرها - سبحان الله - "وائل الإبراشي".. شيء لا نراه حتى في عربات بيع الكبدة ، ويذكرني بزوجين متصابيين تعديا الستين بمسافة كبيرة ، يعاكس الزوج ذو الشعر المصبوغ زوجته بصوت عالي في الشارع : يا جميل ، يا مزة ، يا مقلوظ يا قمر! :(

* هل "بوسي شلبي" و "سهير جودة" أقارب ، أم تشابه في ثقل الدم؟

* مع اعتذاري لباعة الكبدة : أليس غريباً أنه من يذكرنا باشمئزازه من كون عائلة "السبكي" عائلة جزارين في الأساس ، أن يحتفي ببائع الكبدة السابق "رجب هلال حميدة"؟

* في بداية الشهر ظهر على اليوتيوب نسخة ساخرة من أغنية "علشان دايماً نكون مع بعض".. النسخة الساخرة أفضل من الأصل وأكثر تماسكاً وأخف ظلاً رغم قسوة المضمون..

* "بوسي" "آه يا دنيا" = "شيرين" "آه يا ليل" + "أمينة" "الحنطور"

* "عبده موتة" = "الألماني" + "شارع الهرم"!

* أغرب موسم عيد في السينما المصرية منذ سنوات طويلة ، توقعت أن يقتحم نجوم الشباك التقليديون سوق السينما في عيد الأضحى بعد غياب في عيد الفطر ، لنفاجأ بموسم أشهر نجماته "ياسمين عبد العزيز" ، مع تقديري لها كممثلة مجتهدة ، ولكونها الوحيدة من ممثلات جيلها القادرة على "شيل فيلم" بعد فشل أسماء أكثر نجومية في تجارب البطولة المطلقة..

* ما هو الفرق بين "سامح حسين" و "محمد سعد"؟ "محمد سعد" ممثل متعدد القدرات يصر على لعب شخصية واحدة فقط ، "سامح حسين" إمكانياته تؤهله للعب شخصية واحدة فقط!

* تذكرت عبارة للاعب السويدي الدولي "زلاتان إبراهيموفيتش" يسخر فيها من ناديه السابق "برشلونة" على خلفية انتقال محتمل لـ"نيمار" اللاعب البرازيلي الشهير لصفوفه : كلاهما يناسب الآخر فكلاهما متواضع المستوى، وهو ما يمكن قوله على "إبراهيم عيسى" وقناة "القاهرة والناس"!

* أصدقاء السوء الذين يشاركون "عمرو أديب" تقديم "القاهرة اليوم" سيجهزون على كل نجاح وسمعة طيبة صنعها البرنامج طوال السنوات الماضية..

* أشعر ببعض اللخبطة بين إعلاني "عبده موتة" و "مهمة في فيلم قديم" ، لدرجة أنه من العادي بالنسبة لي أن يخرج أحد الممثلين من إعلان فيلم لأراه في إعلان الفيلم الآخر!

* المهم ألا تتحول "نهلة زكي" إلى "يسرا اللوزي" الجديدة ، خاصةً وأن الأخيرة مميزة بأداء سويدي الملامح شديد البرودة تمثيلياً..

* لو كان قد توفر لـ"آمال ماهر" نفس التنفيذ الموسيقي الممتاز لألبوم "أصالة نصري" الأخير لصعدت لمستوى نجومية أعلى بمراحل من مستواها الحالي .. ولكن!

* حزنت لرحيل "د.هناء عبد الفتاح" ، وحزنت أكثر لاستمرار تجاهل الميديا له حياً وميتاً..

* أخيراً.. يعجبني "أحمد الحجار"عندما يلحن للآخرين ، فألحانه للغير أفضل من ألحانه لنفسه ولشقيقه الأكبر..
* الصورة من موقع "المصدر" .. مرة أخرى كل عام أنتم بخير..

Thursday, October 18, 2012

فرقة الأصدقاء : مشروع التمرد المشروع

الفرق بين "الأصدقاء" و"المصريين" هو الفرق بين الإصلاح والثورة ، الثورة تعنى بهدم كل ما هو قديم وإعادة بنائه من جديد على أسس مختلفة ، بينما يعنى الإصلاح باستخدام المكونات الموجودة بشكل مختلف لتحسين أدائها ككل ..

"عمار الشريعي" ، عازف الأوكورديون الموهوب(1) الذي هجره إلى العود ، لتصبح ضربة عوده أبعد من كونها بطاقة شخصية ، هو رمز للتجديد المحافظ في الموسيقى المصرية ، ربما أكون مخطئاً لكن هكذا هو تقديري ، يعد امتداداً لحركة موسيقية غنائية تقليدية ، استمد لغته الموسيقية ليس فقط من التراث والفلكلور ، بل أيضاً من طابور طويل من الملحنين الذين صنعوا شكل الأغنية التقليدية الجماهيرية المصرية ، طابور بدأ بـ"سيد درويش" و "السنباطي" و "القصبجي" و"زكريا أحمد" مروراً بـ"كمال الطويل" و "الموجي" و "منير مراد" و "سيد مكاوي" ، أعاد توظيف ذلك الإرث بشكل جديد يناسب العصر ، وبتكنولوجيا كان من أول من قدموها في مصر والعالم العربي ، ولكن مع الاحتفاظ بنفس الروح المحافظة التقليدية .. المفارقة أنه في الوقت الذي كان يؤلف فيه "هاني شنودة" على الكيبورد ، كان العود ، الآلة التي ترمز لتقليدية الموسيقى العربية وتقاليدها ، الآلة المفضلة لـ"الشريعي" ، والتي تحولت علاقته بها إلى علاقة إنسانية أكثر منها فنية..

حتى عندما قرر "عمار الشريعي" التمرد على نفسه وعلى شكل الموسيقى التقليدي خاض تمرده بشكل محافظ ، استلهم في فرقة "الأصدقاء" روح "الثلاثي المرح"-تجربة "علي إسماعيل" الملهِمة- وهو يختار مطربي فرقته الثلاثة ، الشباب الدارس للموسيقى ، والأصدقاء على المستوى الشخصي "منى عبد الغني" و"حنان" التي اعتزلت واختفت ، و"علاء عبد الخالق".. كان الثلاثة في الواجهة كما كان الثلاثي المرح ، في الوقت الذي لا نعرف فيه الشيء الكثير عن مطربات "المصريين" وعن المطربين الذين حلوا بطريقة "الترانزيت" على "المصريين" من أمثال الراحل الجميل "عمر فتحي" .. خدم ظهور الثلاثي أفراده عندما قرروا الاستقلال فيما بعد ، لأن الجمهور تعرف إليهم بشكل أفضل ، بحكم كونهم "في الوش"..

وأمام دماغ "صلاح جاهين" الثورية الدائمة التمرد كانت الدماغ الإصلاحية لدى "الأصدقاء" هي ما صاغ رؤية الفريق وخطابه الغنائي للناس ، بدءاً بـ"عمر بطيشة" الإذاعي المتمرس والشاعر الذي كتب للأسماء الكبيرة في ذلك الوقت ، ومروراً بـ"سيد حجاب" الذي يشبه "عمار" في كثير ، الشاعر الذي جعل الدراما ديوانه ، والذي سأكتب عنه بإذن الله بشكل مستقل ، استلهم هو الآخر لغته من التراث الشعبي القديم ولغة الناس ليصيغ بها كلمات عاشت في وجدان من سمعها.. وإن كان أضاف لها بعداً درامياً ، سواء على مستوى الحكي أو على مستوى الحركة بعد غلف كثيراً مما كتب فيمَ بعد..

لم تستمر "الأصدقاء" طويلاً ، وإن كان ذلك أمراً متوقعاً بما أنه في الموسيقى المصرية التقليدية والتي - كشأن التراث العربي - لا تعترف بالعمل الجماعي ، لا تعيش الفرق فترات زمنية طويلة ، بل إن ما فاجأني أن عمر الفرقة الغنائي بدا أكثر مما توقعته وأعرفه ، أربع ألبومات ، لم نعرف منها إلا ما أذيع ، ويحمل روح الفرقة ككل ، ولم تحلق طيور "الأصدقاء" الثلاثة طويلاً رغم معرفة الجمهور بهم.. خان "منى عبد الغني" ذكاءها كثيراً ، ولم يصادف التوفيق "حنان" ، ووجد "علاء عبد الخالق" نفسه في مرمى مولد التكفير الغنائي والموسيقي للأغنية الشبابية ، وبرغم عنايته الشديدة في اختيار الكلمة واللحن التي تأتي بعد الثلاثة الكبار "الحجار" و "الحلو" و "منير" ذوى وانزوى.. وحتى عندما عثر "عمار" في "هدى" على ما وجده من قبل في الثلاثي لم تستمر طويلاً واختفت لتعود لتختفي.. بينما استمر "عمار" كملحن ، ثم تحول تركيزه إلى الموسيقى التصويرية فأصبح فيها نجماً ، وحصل فيها على حريته التي كانت تقيدها قوانين الأغنية المصرية وقواعد لعبتها ، وشكل مع "سيد حجاب" ثنائياً يحظى بفصل كامل في تاريخ الدراما العربية..

لكن حتى بعد مرور ما يزيد عن العقدين على تفكك تلك الفرقة تبقى جزءاً من ذاكرة الثمانينيات الموسيقية المفترى عليها ، حتى وإن كانت الجزء "الرسمي" الملاصق والمغازل للذوق الموسيقي الرسمي من حركة موسيقية قررت التمرد على السائد ، ولو على استحياء..
(1) الكلام لـ"الشريعي" نفسه.. والصورة من الويكيبيديا لغلاف أحد ألبومات الفرقة "مطلوب موظف" والذي كتب كلماته بالكامل "عمر بطيشة"..

Monday, October 15, 2012

كيف تكون مذيعاً ناجحاً في مصر؟

في كل يوم أكتشف أن الحياة أسهل مما نتخيلها ، وأنه لا يجعل منها "كلكيعة" إلا نحن ، ولحل هذه المشكلة دأب العبد لله على تقديم سلسلة من الخطوات العملية تكفل لك النجاح والسلكان في أي مجال مثل الشعرة من العجين ، في ضوء قواعد أثبتتها التجربة على أرض الواقع اللي كله قواقع.. وهذه المرة أقدم لك على طبق من فضة بعض النصائح والإرشادات لكي تكون مذيعاً ناجحاً في مصر!

1-خلي بالك من صفتك: المذيع يا بيه مش بشخصه ، المذيع بصفته.. بمعنى أن صفتك ووظيفتك هي التي ستبقيك أمام الكاميرا مهما كنت فاكساً وشليلاً وعديم الحضور وعديم الأهلية والأهالي.. أنجح الصفات الموجودة لكي تعمل في فضائية بمرتب محترم هما صفة الصحفي وصفة الطبيب ..

عن صفة الصحفي : لو سألتك انت صحفي قول لي هيييه ، أيوة صحفي وابن صحفي وكل صحفي الله عليه .. لصفة الصحفي جاذبية خاصة ، سببها المعلن هو قدرة الصحفي على جلب أخبار لزوم الشو ، وعلى علاقاته التي تتنافر كثيراً مع حقن الثوابت التي يبخها في وجه الناس (مثل صحفي يفتخر بمعارضته للمخليوع وهو على علاقة ممتازة بابنيه بمن فيهم الوريث ، واللذيذ أنه كان يهاجم التوريث) .. ما يرفع أكثر من أسهم صفة الصحفي هو حقيقة أن معظم أصحاب القنوات أصحاب صحف ، لو كنت صحفياً في جريدة يملكها صاحب قناة تبقى باضت لك في القفص آسيدي ، وفي هذه الحالة لا يلزمك إلا أن تقدم فروض الولاء والطاعة لصاحب القناة لتضمن التدليل والحظوة التي ستجعل منك نجم القناة شاء المشاهدون أم أبوا.. أنجح الصحفيين في تلك المسألة هم من عملوا من قبل في مؤسسات صحفية حكومية ، حيث يصبح مسح الجوخ والنفاق و"تلميع الأكر" من مسوغات النجاح داخل تلك المؤسسات ، وعندما ظهرت عليهم ، أو أظهروا هم ، أعراض المعارضة على أسنة أقلامهم ومفاتيح كيبورداتهم أخذوا معهم نفس تلك المواهب التي صقلوها بالدراسة في المؤسسات "القومية" إلى صحفهم وقنواتهم الجديدة..

لو لم تكن رئيس تحرير ، و/أو لم تعمل في جريدة يملكها صاحب الفضائية أو صاحب صاحب الفضائية ، تبقى فرصك قائمة ، ولكن سيحتاج الموضوع لشيء من الصبر ، بمعنى ، حاول أن تعصر على نفسك ليمونة منتهية الصلاحية وتبقي على علاقاتك ، باستخدام نفس المواهب السالف الإشارة إليها في الفقرة السابقة ، مع المذيع النجم أو المذيعة النجمة صاحب(ـة) البرنامج ، وتصبح الكل في الكل ، إلى أن يتورم نفوذك فتقوم بقلش المعد ، ثم بقلش المذيع أو المذيعة ، لتتربع على قمة هرم الفتة ، وتحصل في نهاية الشهر على شيكين بمبلغ وقدره بدلاً من شيك واحد!

في كل الحالات أنت مستفيد .. ستسحب معك عدداً من صحفييك إلى البرنامج في فريق الإعداد ، سواء في وظائف حقيقية أو وظائف شرفية ، وسيتكالب الصحفيون في الجريدة على تقبيل الكريمة لقاء وظيفة في برنامجك ، خاصةً أنه من جاور السعيد يسعد ، وأن أي زيادة في نفوذك أو قوتك تصب في مصلحتهم.. وإن كنت أنصح أن تعطي الأولوية لمن لهم ولاء حقيقي لك.. وهذا شيء يستطيع أي ماسح جوخ محترف أن يحكم عليه..

صفة الطبيب من الممكن أن تكون أكثر جاذبية من صفة الصحفي ، لا يهم أن تكون طبيباً مشهوراً أو غير مشهور ، علاقاتك تصنع قوتك ، وهي هنا الإعلانات التي ستتهاطل كالمطر على القناة التي ستحصل على خدماتك.. والإعلانات والاتصالات الهاتفية رأس مال أي برنامج هذه الأيام..

2-خير الكلام ما علّ وشلّ: الموهبة هي أتفه خاصية لدى المذيع الناجح حالياً ، ويمكن أن تستغنى عنها نهائياً ، معندكش يكون أحسن ، لماذا تحتاج للحضور أصلاً ما دمت حاضراً في القناة بأمر صاحبها المستفيد منك والذي يفرضك على الجمهور على أساس أنك من الأ"وائل" في مجالك.. ولعلمك .. المذيع المكروه مثله مثل المذيع المحبوب ، له جمهور ، سيتفرج الناس عليك وهم يكرهونك ويحتقرونك للسخرية منك و"النأورة" عليك ، بل إن كثرة النكات الساخرة على شخصك المتواضع في "تويتر" و"فيس بوك" هي مقياس من مقاييس الـ"توفيق" ودليل على أنك قد "عكشت" النجاح من أطرافه..

أقصد بـ"الموهبة" في الفقرة السابقة هي كل الترهات التي نعرفها عن المذيعين الموهوبين لا سمح الله ، لكنك ستحتاج لموهبتين من نوع آخر ، الأولى هي اللت والعجن ، كن ثرثاراً ، تصرف كـstand-up comedian من النوعية التي تقول نكاتاً وقوافي على المسرح ، ولكن بحذر ، استعمال الدعابة كالديناميت يحتاج لمعاملة خاصة جداً ، كن على استعداد ومقدرة للحديث لمدة ساعة كاملة في البرنامج الذي هو عبارة عن لقاء مدته ربع ساعة يذاع في آخر البرنامج بعد وصلتك العبقرية وخطبك الجهورية ونكاتك المقلية التي تضفي نكهة خاصة على البرنامج المسلوق الذي تقدمه.. والموهبة الثانية هي موهبة الرد على التليفونات وخش القوافي بالمرة مع السادة المشاهدين الأوغاد ، وإن تعذر الحصول على متصلين حقيقيين فهناك حيلة المصوتين الملاكي ، من طرفك أو من طرف مخرج البرنامج ، وهي من الحيل المعروفة والمرتبطة بتاريخ التوك شو في العالم العربي..

3-عيش(ـي) الدور: في التراث العربي نتحدث عن النائحة الثكلى والنائحة المستأجرة ، وتلك الأخيرة تتمادى في العويل والندب كما لو كانت نائحة ثكلى بحق وحقيق ، بالتالي سيكون على المذيع الناجح أو المذيعة الناجحة التمادي في تبني أجندة القناة كما لو كانت تعتبرها حقيقة ، أمر يكفل ضرب عصفورين بحجر واحد ، الأول أن بعض المشاهدين الشذج سيصدقونك ، ويعتبرونك بطلاً أو بطلة ، والثاني أن ذلك يأتي في إطار مسح الجوخ والنفاق وهي من ضروريات النجاح في سوق العمل هذه الأيام وخاصةً عند المالسياسيين.. وكلما "أفورت" كلما كان ذلك أفضل، ويعتبرك المشاهد قيمة و"هيمة" في الإعلام مثلما "شريهان" في الفوازير..وسيكون من أقصى "أماني"ـه في الحياة توقيع الأوتوجراف أو الظهور معك في الحلم ولو لمشهد واحد!

اوهم المشاهد بأنك كنت في التحرير منذ ما قبل الثورة بخمسة آلاف عام ، بأنك سجنت واعتقلت من قبل المغول حين احتلوا فرنسا (وإن لم يكونوا قد احتلوها اوهم المشاهد بأنهم احتلوها ثلاثمائة عام)، وبأنك قد شاركت في زعرمية مظاهرة ضد المخلوع وضد التوريث وضد الحشرة وضد الفار.. وأنك الثورة والثورة أنت .. هناك أناس طيبون للغاية سيصدقونك ، خاصةً عندما يتصل بك متصل "من إياهم" على الهواء ليوهم المشاهدين بأنك وبأنك ، كما نرى في الأفلام عند أي دجال زبون "أجرة" يروي للضحايا كرامات وقدرات الشيخ "زعزوع" القادر على إعادة الشيخ إلى صباه وأشياء أخرى..

للمذيعات ميزة أكثر في هذا المجال ، مش مهم الثقافة نوهائي ، فقط كوني "ملعلطة" كأي محدثة نعمة في المجال ، مفيش حاجة اسمها عيشي سنك ، حاولي أن تصدقي أنك "نانسي عجرم" حتى ولو كنتِ تشبهين "جلبيرتو" في الحقيقة ، لا مانع من أن تقفي أمام المرآة في منزلك لمدة نصف ساعة وأنتِ تقولين لنفسك "أنا نانسي عجرم" ، واحرصي على أن تتم بروزتك جيداً من قبل المخرج وفريق التصوير.. بكادر خاص على طريقة "البريمادونا".. أو أسلوب "السنترة" الذي اتبعه المذيع إياه ، وطبقه لاحقاً على تابعته "حياة" ، صدقيني.. حتى لو كنتِ صحفية درجة عاشرة أو موديل فاشلة في فيديو كليب ، ستتحولين في مصر هذه الأيام إلى "أوبرا وينفري" في زمن قياسي.. باتباع تلك النصائح الموجودة في تلك التدوينة..

4-الضيوف إياهم: احتفظ(ـي) بقائمة من الضيوف إياهم ، ويا حبذا لو تداخلوا في مداخلات على التليفون أثناء البرنامج ، وهم حوالي اثنا عشر شخصاً يقومون بعمل tour يومي على الفضائيات ، ما أن يتركهم شخص على قناة حتى يجدهم على أخرى ، ولا يستبعد أن تجدي نفس الشخص ضيفاً على قناتين في نفس ذات الوقت بما أن بعض الناس هذه الأيام "أبنورمال" مع الاعتذار لنجم الكوميديا الكبير "وحيد سيف"..

ولعلللللمك.. هناك "أوبشن" آخر بالنسبة للضيوف ، الضيوف المستضافون وليس المتداخلين ، وقت أن كان تنظيم "روزا اليوسف" يحتل "الإيه آر طين" كانت هناك مجموعة من الضيوف فرضها التنظيم الروزجي على القناة البترودولارية (بما أن التنظيم الروزجي يؤمن بأن كل شيء بترودولاري "ابن تيت" باستثناء القنوات التي يعملون فيها) ومن بين أولئك الضيوف كان "أمين هويدي" و "أحمد فؤاد نجم" و "منتصر الزيات" و "مرتضى منصور" و "مريم فخر الدين" ، كلما كان الضيف غلاطاً أكثر أو ساعياً للشهرة بشكل محموم كلما كان التأثير أقوى ، وساعتها ستتحول(ـين) إلى "فرخة بكشك" لدى صاحب القناة بما سيحصل عليه من نسبة مشاهدة وإعلانات ورعاة ، يتم ترجمتها إلى حسابك البنكي أساحب(ـتي)..

هذه النصائح شبه مضمونة ، بما أنني تعلمت أن أضع نسبة خطأ لكل شيء ، حتى لو كان مجرباً وكانت نتائجه مسخسخة ونرى آثارها في صورة مذيعين ومذيعات "يعبقون" القنوات بحضورهم الظالم وطلتهم المستبدة وجاذبيتهم الطاغية.. هوة الإعلام إيه غير زكيبة فلوس وشوية مذيعين وصحفيين وحاجات تانية فوق بعض.. عذراً للأسلوب الذي يبدو متناسباً مع واقع "ظرييييييف".. دمتم بخير..
* الصورة من "gololy.com"..

Monday, October 08, 2012

كابوريا : بين "أوكا وأورتيجا" و "حسن هدهد"

مقدمة: "حسن هدهد" لمن لا يعرف كان الشخصية الرئيسة في فيلم "كابوريا" الذي مضى عليه ما يقرب من العقدين ، الفيلم الذي كتبه "عصام الشماع" الذي تحول لاحقاً إلى "إبراهيم عفيفي" تليفزيوني ، وأخرجه "خيري بشارة" في مرحلة من حياته أصبحت أفلامه فيها أكثر إثارةً للجدل كلما بعد الزمن أكثر عن وقت إخراجها.. فيلم يمكن قراءة رموزه ، وكذلك باقي أفلام مشروع "بشارة" المشترك مع "مدحت العدل" كـ"أمريكا شيكا بيكا" و "إشارة مرور" و "قشر البندق" و"حرب الفراولة" ومن قبلهم "آيس كريم في جليم" بطريقة مختلفة في الوقت الحالي عن الأسلوب "الانطباعي" الذي غلف المدح المبالغ فيه لها ، والهجوم المبالغ فيه عليها ، أمر أراه ببساطة يحسب لسينما "خيري بشارة".. وإن كان يحسب أيضاً للسيناريوهات وكتابها بدرجة أقل..

ولمن لا يتذكر الفيلم ، أقول ببساطة أن "حسن هدهد" (=لعبه الراحل "أحمد زكي") هو ملاكم فقير كل طموحه أن يتأهل إلى "الأوليمبية" -الألعاب الأوليمبية- وربما المنافسة على ميدالية أوليمبية ، مرتبط بفتاة والدها يرفضه بحجة أن الملاكمة التي يمتهنها "ما بتأكلش عيش" ، تتغير حياته عندما تجمع المصادفة بينه وبين "حورية" (=لعبتها "رغدة") وهي زوجة لمليونير (=لعب دوره "حسين الإمام") ، تدعو "حورية" "هدهد" وأصدقائه للعب سلسلة مباريات للملاكمة تتراهن فيها وزوجها وأصدقاؤهما عليهم وعلى آخرين من أجل المتعة والتسلية لا أكثر ولا أقل ، وبالمرة تتيح لـ"هدهد" ورفاقه الإقامة في قصرها ، تعجبه التسلية والأموال التي تغدق عليه بينما لا تعجب آخرين من أصحابه يتمردون عليه ويبقى هو في القصر مستمتعاً بما يحدث ومستفيداً، وتصل التسلية إلى ذروتها حين توحي "حورية" إلى "هدهد" أنها تريد إقامة "علاقة" معه ، فيرفض ، فتتركه وتلفظه بعد أن شعرت أن هدفها قد تحقق ، فيتمرد هو على كل شيء ، "حورية" و "سليمان" و حتى "نور" (=لعبتها "سحر رامي") وهي الفتاة الفقيرة التي تعمل في خدمة "حورية" وتحبه بصدق ، ويعود إلى حيه الشعبي ليعاود القتال من أجل أحلامه القديمة على حلبة الملاكمة..

ذات مومنت يثور السؤال : انت جايبنا هنا علشان تسمعنا قصة فيلم؟ إيه الرخامة دي؟

استحملوا الرخامة الصح اللي جاية..

في تحليلي الشخصي ، وفي تحليلات عدة لنقاد ، يبدو "كابوريا" على خفة طابعه ولغة حواره فيلما رمزياً بامتياز ، حافل برموز وإشارات وإسقاطات يفهمها من شاهد الفيلم بتمعن وحاول قراءته.. رموز وإشارات وإسقاطات قفزت إلى الذهن عندما بدأت أذكر علاقة المال السياسي بموسيقى المهرجانات.. وقبل أن تتهموني باستخدام "المال السياسي" في أي جملة مفيدة .. أطلب قليلاً من الصبر..

0-تستطيع أن تتذكر ما كتبه "خالد طاهر جلالة" عن أحد رموز المال السياسي ، أو ما أسميه بثقافة "الكنتنة" ، أن تنشئ طبقات المجتمع ومنها بالطبع المال السياسي ما يشبه الكنتونات وتغلقها على نفسها ، تماماً كما كان الحال بالنسبة لـ"سليمان" و "حورية" ، وكعادة الطبقات الأغنى ، والأكثر استغلالاً - تذكروا إقطاعيي ما قبل 1952 في أغلبهم - تميل تلك الطبقة الأغنى إلى مزاج يعكس نخبويتها ونقاءها مقارنة بـ"الآخرين" ، ذوق موسيقي تغريبي في طابعه ، ذوق ثقافي مائل إلى التغريب ، صحافة رصينة وحنجوري متين من الذي تقدمه وتعرف به دولة "الشروق" ، مزاج يتماشى مع المظهرية السائدة في المجتمع المصري حالياً في الثقافة وفي التدين وفي أشياء أخرى.. مزاج ينظر إلى باقي المجتمع ، وليس لـ"أوكا" و "أورتيجا" وأشباههما بنفس النظرة التي ينظرها "سليمان" و "حورية" لـ"حسن هدهد" وشلته في الأحوال العادية ، طبيعي جداً أن مزاجاً ثقافياً قوامه كتب "هيكل" وروايات "يوسف زيدان" و"الشروقيين الجدد" وموسيقى "وسط البلد" و"اسكندريللا" أن ينظر لأغاني الأفراح والمهرجانات من أعلى لأسفل ، وأن يتعامل في الأحوال العادية بكل قرف مع من يعتبرهم مجموعة من الهلافيت يقدمون فناً هابطاً في أجواء البيرة والحشيش..

1-الشلة المكونة من مليونيرات من عينة "سليمان" و "حورية" ومثقفين يشبهون كثيراً "نور" قررت إقامة علاقة من نوع جديد مع "حسن هدهد" وفصيلته ، علاقة فيها من النفعية السياسية ، بما أن المال السياسي يقدم نفسه كمنقذ لمصر التي بها بالتأكيد فقراء تشكل المهرجانات جزءاً من ذوقه الموسيقي ، وفيها أيضاً من التسلية ، وقد "ترن" في أذنك كما رنت في أذني عبارات الإكليشيه المتعفن المبتذل القميء في السينما والدراما المصرية عندما يتذوق أحد الأغنياء الطعمية "يااااايي أوريجييييناللللل" ، نظرة تشبه انبهار "سليمان" و "حورية" والشلة بـ"حسن هدهد" ومن معه في مشهد ما قبل أغنية الفيلم الشهيرة التي تمايلوا جميعاً على إيقاعها..

2-هذا الانبهار كان كفيلاً بضم "حسن هدهد" لفرقة المسلواتية الذين من أهدافهم تسلية الصفوة وتحسين حالتهم المزاجية ، وبتلميعهم أكثر ، فقرة غنائية في إعلان ، تسليط الأضواء على نوع "أوريجييييييناللللل" من الموسيقى ، الدعاية ، استضافة في برامج في "أون" و "سي بي سي" ، حزمة خدمات وامتيازات يستفيد منها المسلواتية الجدد كما استفاد "هدهد" في "كابوريا" ، حيث باع فنه ، ولعبته ، وموهبته لمن يستفيد ، حتى وإن لم يأخذها ذلك المستفيد على محمل الجد ولم يحترم إنسانية ذلك الموهوب وما تشكله له.. الملاكمة كانت لـ"هدهد" الفن والموهبة والمتنفس ، وكانت لـ"حورية" ومن معها تسلية لذيذة بمشاهدة لعبة مصارعة الفقراء.. أمر يحدث مع من قرروا أن يلعبوا دور "هدهد".. "المهرجانات" بالنسبة للفقراء والبسطاء مساحة للهرب والبحث عن مود جديد بعيداً عما تحفل به حياتهم من إحباط واكتئاب وانسحاق .. وبالنسبة لـ"إياهم" تمثل شيئاً "أوريجيييييييينالللل" من الممكن أن يكون لهم فيه مآرب وأغراض أخرى.. كما سيتقدم..

3-في "كابوريا" الفيلم نجد صفقة داخل صفقة ، على غرار قصة داخل قصة ، الصفقة الداخلية بين "حورية" و "هدهد" تشبه كثيراً ما أشعر أنه يحدث ، وربما أكون مخطئاً جداً ، بين السادة المال سياسيين وبين بعض فناني المهرجانات : كونوا لنا ، نكن لكم ، كونوا جزءاً من مزيجنا الفني السياسي ، كونوا سفراءنا لدى الفقراء المساكين ، كي يكونوا حجارتنا التي ستكون جسرنا للسلطة ، وستبقون في قصرنا المنيف ، مع الصفوة ورموز "العياقة" الثقافية والفنية والاجتماعية ، يرفع الناس ناظريهم لكي يرونهم مجرد رؤية ، وليس العكس..

4-لا توجد صفقة مستديمة ، سيأتي اليوم الذي تنتهي فيه تلك الصفقة ، بنفس الطريقة التي انتهت بها في الفيلم ، أو بطريقة أخرى ، والمحصلة واحدة ، كما عرف "هدهد" أن قوته مخصصة لإسعاد من يحبونه بحق ، ولتحقيق حلم يسعدهم ويسعده ، قد يعرف أولئك أنهم ليسوا ملكاً لأحد ، وأن موسيقاهم مهما اختلفنا على نوعيتها هي ملك لهم ولغيرهم من البسطاء.. كيف ستنتهي الصفقة في الحقيقة؟ الله أعلم.. دمتم بود..
* الصورة من موقع "عين على السينما"..

Tuesday, October 02, 2012

فرقة المصريين : خمسة وثلاثون عاماً

خمسة وثلاثون عاماً مرت على تكوين فرقة "المصريين" ، الفرقة التي لم تُقَدَّر أهميتها نقدياً إلى الآن ، ليس فقط كأنجح تجارب الغناء الجماعي في مصر على مدى القرن العشرين ، بل أيضاً كأحد علامات التغيير في الموسيقى المصرية..

تاريخياً ، وبحسب الويكيبيديا ، لعب شخصان لم يشاركا في الفرقة دوراً هاماً في خروجها للنور ، الأول هو الأديب الكبير الراحل "نجيب محفوظ" والثاني هو "محمد منير".. ويروي "هاني شنودة" أن "نجيب محفوظ" حضر ذات مرة لفريق كونه "هاني" تخصص في الأغاني والموسيقى الغربية ، شأنه شأن "البيتي شاه" الذي كان "هاني شنودة" عضواً فيه ، واقترح "محفوظ" على "هاني" أن يقدم ذلك الفريق أغان جماعية بالعربية ، لكن ذلك الأخير اعترض لأن شكل الأغنية العربية الكلاسيكي في ذلك الوقت لم يكن مناسباً لطبيعة ما يعزفه الفريق..

جاء دور "منير" بشكل غير مقصود ، حينما عمل معه ذلك الفريق بدعوة من الشاعرين الكبيرين "شوقي حجاب" و"عبد الرحيم منصور" ، وقدموا ألبوم "علموني عينيكي" الذي لم ينجح حينما طرح لأول مرة لأسباب هندسية ، وهنا والعهدة على "هاني شنودة" بدأت فكرة تكوين "المصريين" بعد التعثر الذي صادف مغامرته الأولى مع "منير"..

قدمت الفرقة أول ألبوماتها بعنوان "بحبك لا" وحقق نجاحاً كبيراً وغير متوقع ، شجع شركة "سونار" التي كانت وقتئذ تنتج ألبومات "منير" على العمل ثانيةً معه في ألبوم "بنتولد" عام 1978 ، وحقق نجاحاً مدوياً أكسب الفرقة شهرة أكبر ، وحفز فرقاً أخرى على الانطلاق من بينها "النهار" للموسيقار الكبير الراحل "محمد نوح" و"الأصدقاء" للموسيقار الكبير "عمار الشريعي"..

امتلكت "المصريين" مقومات استمرارها لأحد عشر عاماً تعتبر فترة طويلة في حياة الفرق الغنائية في مصر ، ومقومات استمرارها في ذاكرة أجيال لم يولد بعضها وقت أن كانت تلك الفرقة في أوج عنفوانها.. التغيير الذكي في شكل التنفيذ الموسيقي ، وجعله أبسط وأقل من حيث عدد آلاته ، إضافة بعد هارموني للأغنية بحسب "هاني شنودة" ونقاد ، وأيضاً ، وهو الأهم : الدماغ..

كان للفرقة دماغان مفكران ، الأول هو "هاني شنودة" وكان دماغ الفرقة الموسيقي ، ملماً بالموسيقى الشرقية والغربية معاً ، وأكسبته خبرته السابقة في مصنع النجوم "البيتي شاه" خبرة الاحتكاك بجمهور مختلف رأى في بساطة الموسيقى الغربية ما تفتقده أغاني عصر التطريب ، البساطة التي نقلها أيضاً إلى الموسيقى التصويرية التي صار أحد نجومها عن جدارة ، ومن ينسى موسيقى أفلام "المشبوه" و "غريب في بيتي" ومسلسل "فيه حاجة غلط" أحد أنجح درامات الثمانينات ، لكن مع نهاية الثمانينيات بدأ خطه البياني في التراجع ، وأثر العمل في أفلام ضعيفة القيمة عليه بالسلب الشديد..

والدماغ الثاني لفرقة المصريين ، وموجهها الفكري الحقيقي والفعلي ، كان الراحل "صلاح جاهين" ، صحيح أن الفرقة تعاملت مع شعراء كبار وشعراء غير معروفين ، لكن "جاهين" صاغ فلسفة الفرقة وخطابها التي توجهت به إلى شباب تلك الفترة وإلينا أيضاً ، وحدد إلى حد كبير خطها الغنائي التي على أساسه تعاملت الفرقة مع غيره ، خط يتمرد على الحب والغزل التقليدي ، يخرج إلى العالم بمعناه الأوسع ، يغني للتجربة والمحاولة والطريق ، والحياة بشكل عام.. بلغة بسيطة بساطة موسيقى الفرقة التي شكلت إنقلاباً على السائد ، وبروح لا تتوقف عن التمرد والمرح والتفاؤل حتى مع إصابة "جاهين" نفسه بالاكتئاب.. ضخامة دور "جاهين" في "المصريين" تجسدها حقيقة مفادها أن الفرقة استمرت بعد رحيل "عبد الرحيم منصور" عام 1984 ، لكنها لم تستطع الاستمرار طويلاً بعد رحيل "جاهين" في العام 1986..

رحيل "جاهين" و"تحسين يلمظ" أحد أعمدة الفرقة وضعا حداً لمسيرة "المصريين" التي استمرت أحد عشر عاماً ، حاول "هاني" إعادة الفريق بشكل جديد وأسماء مختلفة ، لكنه وجد نجاحات الماضي عملة نادرة قيمة تصعب على التقليد والاستنساخ ..

الآن لدينا فرق لم تستوعب الدرس ، افتقد بعضها للدماغ والاتجاه ، وارتمى بالكامل في أحضان التغريب الذي عد قريناً للوجاهة الثقافية والاجتماعية ، وتطرف بعضها الآخر في التمسك بالخط الجاهيني الحجاري بتقليديته ، فرق لم تخرج كثيراً من حدود الساقية ودار الأوبرا وكوكب وسط البلد إلى عالم أوسع يضم جيلاً من الشباب على اختلاف مشاربه وخلفياته الثقافية والاجتماعية ، ينفخ الإعلام المتربح من الثورة والساعي لحلبها واستغلالها في صور فرق منها ، لكن الأمر يبدو كتغيير أسماء الشوارع إلى أسماء غير التي عرفها عليها الناس وعاشوا وتعايشوا معها.. قد يقبل عليها بعض الشباب الحالي لكن ولاء هؤلاء الشباب الحقيقي لذكريات "المصريين" ومرح "الأصدقاء" وثورية "طيبة" الفريق المظلوم دعائياً ونقدياً..

لا يلزم على أي فريق غنائي أن يسير في نفس اتجاه "المصريين" ، فقط أن يكون له اتجاه ، لا يلزم على أي فريق غنائي أن يقلد موسيقاهم كي يكرر نجاحاتهم ، بل أن يكون له خطه وموجته التي تستطيع آذان الناس أن توالف عليها .. كان نجاح "المصريين" وبقاؤها في ذاكرة أجيال مختلفة من المصريين يتلخص في أن تلك الفرقة اختارت أن تكون نفسها فحسب ، وأن تحتمي بالناس لا أن تنعزل عليهم أو تتقعر عليهم..
* من روائع "المصريين" المنسية : "لما كان البحر أزرق" ، الكلمات للشاعر "هاني زكي" ، الفيديو من "يوتيوب"..

Monday, October 01, 2012

.....ويخيلوا

تذكرت ما كتبه يوما "إسحاق روحي" مدير التحرير الأسبق لجريدة "النبأ" ، والذي مفاده أن القطاع العام أصل الاستهبال ، وأن القطاع الخاص يهرع على أثره ويتبع نفس خطواته .. أمر تؤكده الأخبار والمشاهدات وتثبته في العقل كحقيقة وليس كمجرد افتراض يحتمل الصواب والخطأ..

ولكن لدينا في مصر تعبير جميل مكون من كلمتين بينهما أداة عطف : يعملوها ويخيلوا..

وسواء أكان المقصود "يخيلوا" بكسر الخاء ، أو "يخيِّلوا" بفتح الخاء وتشديد الياء ، المحصلة واحدة ، دائماً ما كان رجال الأعمال وموظفو أبواقهم الإعلامية ما ينتقدون الحكومات المتعاقبة على سوء أدائها المحشو بالمحسوبية المغلف بالواسطة المنقوع في مياه الفساد ، على العكس منهم بما أنهم "مانجة وصفاية موز" - مع الاعتذار لـ"نجيب الريحاني"- وبما أنهم يقدمون أنفسهم لقيادة مصر من حضيض التخلف إلى زمن أفلام "الريحاني" نفسه ، والمفارقة أن ما تراه من نقد عنيف للأداء الحكومي وتلميع ورنيشي لأداء باشاوات البيزنس يقابله على الأرض تقابله أشياء أخرى على أرض الواقع..

في مؤسسات المال السياسي الاقتصادية والإعلامية كوسة وقرع وبتنجان أبو خل من الذي وصى عليه الحكيم "شكوكو" ، والواسطة تجري ورا الواسطة عايزة تطولها ، وتمييز من اللي قلبك يحبه على أساس النوع إن لم يكن على "أسس أخرى" ، وسوء تصرف مسخسخ ، وإدارة حمقاء للأزمات مع المجتمع والسلطة .. أمور لم يعد من المجدي التفكير في إنكارها ، ولا يحتاج المرء لدرجة علمية جامعية عالية في الإدارة ليعرف ، أن المؤسسات الجديدة تتشرب المدرسة السائدة في الإدارة بما لها وبما عليها ، وليس في ذلك مشكلة ، لكن المصيبة أن من ينقد وينتقد ويقول أنه "مش وش ذلك" هو "ذلك" وستين "ذلك".. سأكتفي فقط بأمثلة غريبة تقع في دائرة اهتمام "فرجة" ويراها القاصي والداني..

من المسلي مثلاً أن تجد برامج وصحف تنتقد المحسوبية في تعيين المسئولين والمذيعين في وسائل الإعلام ، في حين نجد في واحد من أكثر البرامج مشاهدةً على مستوى الفضائيات "الخاصة" شخصاً كل مؤهلاته أنه محام ومحكم دولي ليهبط بالباراشوت على ذلك البرنامج الجماهيري مذيعاً ، رغم أن لياقته صوتاً وصورة للوقوف مجرد الوقوف أمام الكاميرا تشبه لياقة الراحل "فؤاد خليل" كمطرب ، لو حدث ذلك في "ماسبيرو" ستجدون ردود أفعال مختلفة تماماً.. في الوقت الذي نجد ذلك جريمةً شنعاء وعاراً وشناراً لا يمحوه إلا الدم في التليفزيون الممول بأموال دافعي الضرائب ، يعتبر ذلك "مية فل وعشرة" في قنوات رجال الأعمال الذين بنوا ثروتهم على الاقتراض من بنوك المال العام!

ويعيب بعضهم على النظام السياسي قبل وبعد الثورة أنه يعمل على منح المناصب "بالزاف" على رأي أشقائنا المغاربة لأشخاص بعينهم ، بل ودبج أحد صحفييهم الملاكي قبل سنوات كتاباً كاملاً ينتقد فيه رئيساً أسبقاً للوزراء بتهمة "التكويش على المناصب" ، في حين نجد أن صاحب القنوات عبقري البيزنس والعقلية الاقتصادية المعملية الفذة يمنح لشخص ما تقديم برنامج "توك شو" جماهيري يومي ، ورئاسة تحرير جريدة يملكها ذلك البيزنسجي تصدر يومياً للرجل الخارق بسلامته الذي يستطيع توظيف عقله الجبار لإدارة جريدة يومية يعمل بها جيش من العاملين والموظفين والصحفيين ، ولإدارة برنامج "التوك شو" اليومي الذي يعمل به جيش من المذكورين لا يتخير عن الجيش الأول ، وينتظر منا ذلك البيزنسجي ألا نسأله عن الثروة التي يغرف منها سيادته لأولئك وهؤلاء ، فيم نرى في برامجه وصحفه الملاكي من ينتقد طول قائمة أسماء برنامج أو مباراة منقولة على الهواء معتبراً ذلك إهداراً للمال العام ، مع أنه (="البيزنسجي") كان يغرف من ذلك المال العام بلا حساب!

ينتقد البيزنسجية الإعلام الرسمي بكل ما أوتوا من قوة ، ويجعلوه لبانتهم التي يمضغونها ليل نهار ، وهم يستعينون في قنواتهم بكوادر منه نفسه ، محملين بكل سلبياته ، وبعقلية الموظف الذي يتقن وضع الحمار في المكان الذي يأمره فيه صاحبه ، ومن العادي أن نجد صحفياً من بتوع "اخترناه اخترناه" في برنامج على قناة "أحدهم" وقد أصبح شعاره "أنا ثوري وأبويا ثوري .. بسماري ولوني ثوري" ، أو أن نجد مذيعة منوعات أو قارئة نشرة فاشلة تعوج لسانها لتقليد مذيعي قنوات الجاز وقد تحولت بقدرة قادر لتقديم برنامج ترطن فيه بنصف قاموس الحنجوري ، تتشنج فيه بعبارات أتحدى إن كانت تعرف ثلث معناها ، وتلهج فيه بلسان ثورة قامت من أجل ألا يقف أمثالها أمام كاميرا ومن أجل أن يلحق مشغلوها السابقون والحاليون بنزيل "طرة"..

الحال إذن من بعضه ، لا فرق بين إدارة حكومية متكلسة متيبسة عفا الزمان على ما يزيد على التسعين في المائة من أساليبها وتكتيكاتها ، وبين مال مراهق قرر الدخول في روليت السياسة القذر أخلاقياً يقدم نفسه على أنه المخلص والمنقذ ودافع عجلة التنمية ، وإن وجد فرق فهو البجاحة وانعدام الدم الذي يتمثل في رمي الآخرين بكل ما فيه من نقائص وعيوب..

استقيموا يرحمكم الله..
* الصورة من "إيجيبتي"..