Saturday, September 29, 2012

فرجات آخر الشهر : الألبوم الأخضر!


* قبل أن يصيب الننح صحفياً ما أو مذيعاً ما (خصوصاً لو دخيل على المهنة دي) أن نفراً من الناس قاموا بالتظاهر ضده ، عليه أن يتذكر حملة الإرهاب التي يشنها الإعلام المقروء على اللجوء لكافة الوسائل التي يقرها القانون للاحتجاج على آرائه وأفكاره التي ليست كتاباً مقدساً وتحتمل النقد والهجوم أيضاً ، عندما يهيج الإعلام الدنيا على من يقاضي ، ومن يعترض ، فلن يكون أمام المتضرر سوى وسيلة واحدة ، نتباكى عليها ونحن من دفعناهم إليها..والكلام لـ"عادل حمودة" ولشخص "ما" يعمل لديه في القسم الرياضي..

* ليس معنى أن اسم هذه المدونة مأخوذ من اسم برنامج كان يقدمه "إبراهيم عيسى" أن أكون من المؤيدين له ولحكمه وحكومته على الشاشة وأن أجعل مواقفي السياسية والفكرية (بما إنه من حق أي واحد إنه يتمسك بمطرحه) كوبي وبيست من مواقف سيادته ، العرفان بالجميل شيء ، والمواقف ووجهات نظر شيء آخر..

*كما يتحول "ديفيد بانر" إلى "هالك" المعروف لدينا بـ"الرجل الأخضر" ، تحولت "أصالة" في ألبومها الجديد إلى "سميرة سعيد"!

* ألبوم "محمد حماقي" الأخير فيه حاجات كتير ناقصة..

* أعجبني جداً دور "هالة فاخر" في مسلسل "خرم إبرة".. بغض النظر عن اختلافي معها في مواقفها السياسية إلا أنها من نوع من الفنانين يثبت نفسه بعمله وليس بالجعير في الفضائيات وتقمص دور "جان دارك".. زي ناس..

* حملة الدعاية لفيلم "محمد الفاتح" شيء مثير للشفقة أكثر منه مضحك.. الإمبراطورية تحاول أن تذكر مستعمراتها السابقة بنفسها.. يا عم بلا قرف..

* "محمد الغيطي" : صحفي وسيناريست ورئيس تحرير وشاعر غنائي ومذيع ، وقريباً يصلح راديوهات.. الدرس المستفاد آسحابي أن شغلانة الصحفي "تفقس" سبع أو ثماني "شغلانات" حسب التساهيل.. وعلى ودنه.. اتكل على الله واشتغل صحفي علشان يبقى عندك سبع شغلانات .. في الشهر.. وأستك!

* "وائل الإبراشي" إعلامي صاحب "قدرات خاصة" .. يطلع المش من الدود والغسيل من البقع والمشاهدين من هدومهم..

* "منى عبد الوهاب" وجه جديد مميز في "الغش ممنوع" وكانت تقدم الموسم الأول من "الحكم بعد المزاولة" حسب علمي ، إن كان لي كمشاهد عادي من اقتراح أقترحه عليها ، فهو تجنب العمل في أي فضائية مصرية في الوقت الحالي.. أريد أن يبقى احترامي لها كمشاهد على حاله دون نقصان..

* حالة برنامج "القاهرة اليوم" الحالية هي الأنسب لـ"عمرو أديب" للقفز من السفينة بأقصى سرعة.. فار حي ولا أسد ميت!

* مولد "ملتم أكبول" في مهرجان الإسكندرية السينمائي .. لن نتغير..

* أشعر بمود "محمد رحيم" في معظم ألبوم "إليسا" الأخير ، شيء ممل..

* كونت صداقة مع National Geographic Abu Dhabi أسرع من تلك التي يمكن تكوينها مع "الجزيرة الوثائقية"..

* "عصام عبده" و "أحمد الطيب" في قناة واحدة : الجحيم بعينه..

* أخيراً.. إصرار "نانسي عجرم" على التعامل مع "نبيل خلف" في ألبومها الجديد للأطفال يجعلني بشكل آلي أطلق ضحكة "هاني رمزي" في فينال فيلم "محامي خلع".. آآآآآهاهاهاهاهاهاها..
* الصورة للفنان الراحل "أحمد رمزي" الذي ودع عالمنا بالأمس ، من موقع "كورة 90"..

Wednesday, September 26, 2012

قبضة الهلالي

لماذا يوجه النقاد جل اهتماماتهم إلى السينما الجميلة و/أو السينما التي يعتبرونها كذلك ، دون أن ينصرف إلى "نوع آخر من السينما" يحتاج للتحليل والفهم مثله مثل السينما "الطبيعية" التي يستطيع عقل أي بني آدم تحملها؟ "إيد وود" يستحق الفهم والتحليل والدراسة مثله مثل "ألفريد هيتشكوك" ، و"إبراهيم عفيفي" يستحق الفهم والتحليل والدراسة مثله مثل "يوسف شاهين" و "عاطف الطيب" و"صلاح أبو سيف".. فكما أنه من حق الناس أن تشاهد وتفهم السينما الجميلة وما ينبغي للفن السابع أن يكون عليه ، من حقها أن تفهم أيضاً ما يجب على أي مخرج كامل القوى العقلية أن يتجنبه إن أراد أن يقدم شيئاً لا يستمطر بصاق الجمهور عليه..

"إبراهيم عفيفي" يتشابه مع "يوسف شاهين" في أمور ، منها أن كل منهما بدأ مسيرته بأفلام تقليدية في صناعتها ومواضيعها .. كما كانت معظم أفلام "شاهين" -باستثناء أولها "بابا أ مين" - تقليدية حتى العام 1969 مع بداية ظهور بصماته الفكرية على أفلامه جنباً مع بصماته السينمائية ، كانت أول مجموعة أفلام أخرجها "عفيفي" "عادية" قبل أن "تتبلور" "أفكاره" وتتجلى في ثلاثيته المقدسة "العجوز والبلطجي" ، "قبضة الهلالي" و "أبناء الشيطان".. والتي تعتبر "وعاءاً" لـ"أفكاره" السينمائية وأمثلة على "أسلوبه الإخراجي" الذي لا تخطئه أي عين.. وهذا هو سر استمتاع قطاع كبير من الجماهير بفيلميه الأخيرين ، فهو بأسلوبه "الفريد من نوعه" نجح في تحويل أفلام حركة ليس من أهدافها الإضحاك إلى كوميديات صارخة..

أقل ما في "المعجزة السينمائية" المسماة بـ"قبضة الهلالي" أهمية هو السيناريو ، ومن العادي أن أخبرك بأن فكرة الفيلم لن تبتعد كثيراً عما كتبه موقع "السينما دوت كوم" في رابط الفيلم.. سيناريو عادي جداً على الورق يليق بـ B-Movie أو ما يمكن تسميته بـ"أفلام الترسو" ، خاصةً وأن كاتبه الراحل "بسيوني عثمان" يجيد في تلك المنطقة التي أجاد فيها سيناريست راحل آخر هو "شريف المنيباوي" في فترة الثمانينيات ، ولا يسئل كثيراً عما حدث بعد ذلك في الفيلم!

انتهى دور السيناريست في فيلم "قبضة الهلالي" بمجرد وصول السيناريو إلى المخرج المعجزة (متشكرين قوي وسيبنا نشوف شغلنا) ، والذي رأى أن ينفذه بطريقته الخاصة جداً التي يعرفها من أوقعه الحظ في مشاهدة "العجوز والبلطجي" ثم "رائعته" التاريخية "أبناء الشيطان".. تلك الطريقة التي لها "روح" وأيضاً "رائحة" يشمها من يشاهده!

يمكن القول بأن "قبضة الهلالي" هو التطور الطبيعي لـ"العجوز والبلطجي" ، إذا كان في الأخير بوادر قصة درامية أعاقت حرية حركة "عفيفي" في "إخراج" الفيلم فإن المخرج أدرك أن أول ما يعوقه عن تنفيذ "اللي في دماغه- أياً كان" هو وجود أثر لقصة في الفيلم ، وإن وجدت يجب أن يتم تشتيت ذهن المشاهد عنها بأي طريقة.. وكان سلاحه الأمضى في ذلك هو طاقم التمثيل.. والفرق بين "شاهين" و "عفيفي" أن الأول يختار بطلاً يعكس فلسفته ورؤيته وذاته ، أما "عفيفي" فيعشق العمل الجماعي وبالتالي يقوم باختيار ممثلين يعكسون دماغه ورؤيته للدنيا والوجود وأشياء أخرى..

ولأن "الشجيع" هو أهم ما في تلك النوعية فقد استفاد "المخرج" من الصورة الذهنية التي ثبتها "يوسف منصور" في "العجوز والبلطجي" كبطل لأفلام "الكونغ فو" وفنون القتال ، في المشاهد الأولى التي يظهر فيها طيباً خنوعاً ، يعمل مرشداً سياحياً ، يتكلم بإنجليزية شرق أوسطية هي أقل مناطق الفيلم إضحاكاً ، تذكروا أننا لا نتحدث أصلاً عن فيلم كوميدي ، وسبحان الله ، دائماً ما يمثل ذلك الرجل أدواراً لا تتناسب مع شكله ولا مع قدراته التمثيلية الصارخة ، التي لا يفوقها إلا صراخه هو في حركات "الكونغ فو" سواء في هذا الفيلم "المعجزة" أو "المعجزة" السابقة "العجوز والبلطجي".. وبجانب "الشجيع" يجب تواجد بطلة ذات مواصفات خاصة ، فاختار ممثلة كانت نجمة في ذلك الوقت لا تعرف كيف وافقت على المشاركة في "شيء سينمائي" كهذا ، ويبدو أن "ليلى علوي" قبلت في مجدها الغابر تمثيل ذلك الدور تحت تأثير التنويم المغناطيسي..

ولكي تعرف تأثير "إبراهيم عفيفي" على أي فيلم يخرجه ، تمعن في وجوه الأشرار في الفيلم وطريقة تمثيلهم وتعاملهم مع الكاميرا ، نجح الرجل - الصراحة يعني - في تشكيل "حمدي الوزير" و "ضياء الميرغني" و "نبيل الهواري" (=لاعب سلة سابق ساعدته ضخامته الجسمانية على دخول مجال التمثيل والغناء لاحقاً) بطريقة تجعلهم جزءاً لا يتجزأ من جو الفيلم ، تبريقة "فيومي أبو ركبة" (="حمدي الوزير") وملابسه ، و "ضياء الميرغني" الذي يعد جزءاً من "التوليفة السحرية" لـ"عفيفي" ، وطبعاً "نبيل الهواري" المعروف باسم "وائل" بعد دوره كحارس شخصي لـ"وحيد سيف" في فيلم "المرأة الحديدية" للمخرج "عبد اللطيف زكي" قبلها بقليل.. ليكون منهم عصابة على الطريقة العفيفية..

وفي مواجهة الأشرار يجب في أي فيلم مصري تواجد ضابط شرطة ، وهنا تظهر "عبقرية" "إبراهيم عفيفي" في اختياره للاعب الكرة السابق "شريف عبد المنعم" في تمثيل شخصية الضابط ، وللحق فقد أدى الرجل مشهداً "تاريخياً" لن ينساه جمهور السينما المصرية مدى الحياة (والمصيبة إنه حقيقي مش متفبرك (1) زي ما مكتوب في "اليوتيوب") ، المشهد الذي شاهده ربع المليون إلا قليلاً على "يوتيوب" تحملوا في تضحية نادرة وشجاعة منقطعة النظير مشاهدة الرجل وهو يصرخ صرخته الأشهر "قتلتيها ليه.. ليه.. قتلتيها ليه .. ليه".. وللحق فقد كان لـ"شريف عبد المنعم" مشهد آخر قبل عرض المشبوهين على "ليلى" يثبت قدرته الخارقة كضابط شرطة ، ولو كان "عفيفي" قد أطال ذلك المشهد لدقيقتين أخرتين لرأينا عبقرية الضابط وهو ينجح في إجبار المجني عليها- لا المجرم- على الاعتراف بكل شيء!

ولأن غرض "بسيوني عثمان" من كتابة الفيلم هو عمل تقليد مصري لأفلام الحركة الهوليودية والآسيوية ، لاعباً على التيمة التي أحبها جمهور سينمات الدرجة الثالثة في ذلك الوقت وهي تيمة الهزيمة ثم الانتقام -تذكروا "الهلالي" وهو لقب الشخصية الرئيسة في فيلم شهير في تاريخ السينما المصرية هو "أمير الانتقام"- ، وهو ما أعجب "عفيفي" وحفزه على إخراج ما لديه في وجه المتفرجين ، فكان لابد من لحظة فارقة تتغير فيها حياة البطل ويبدأ فيها في تعلم فنون القتال من أجل الثأر والانتقام ، وقد قدم المخرج - الصراحة يعني - مشهداً من أعجب وأغرب ما يمكن في هذا الصدد ، لم تنتج مثله السينما الأمريكية ولا الهندية في حقبة "السعبان" و"جانجا جامونا ساراسواتي" التي اكتسبت فيها "سمعتها إياها".. والمؤسف فعلاً أن الموسيقى المصاحبة لذلك المشهد العجيب والموسيقى التصويرية للفيلم كانت للراحل "محمد نوح" ، الذي لا أفهم كيف تورط في "شيء" سينمائي كهذا ، وهو الذي وضع الموسيقى التصويرية لأفلام هامة تعد علامات في تاريخ السينما المصرية..

ولأن بعض المحسوبين على النقد السينمائي يحاولون تصنيف "إبراهيم عفيفي" كمخرج لأفلام الحركة ، وأفلام الحركة - وغير الحركة - منه براء براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، فلا يعقل أن تخرج مشاهد القتال في الفيلم -مضافاً إليها مشهد "الأمب لأ" الذي جعل من "ليلى علوي" مادة للسخرية طوال ما بقي من حياتها- من "قبضة" المخرج العالمي ، وإلا .. فمن غير "إبراهيم عفيفي" الذي تستمتع معه بمشاهد كسر الزجاج الذي يهيأ لأي شخص -والعياذ بالله- أنه "سكر" أو "فلين" ، في امتداد لمشهد "تاريخي" من فيلمه السابق "العجوز والبلطجي" ، ومشاهد تشعر أنها سخرية غير مقصودة من مشاهد أفلام "بروس لي" تعود بعدها لتفرك عينيك وتتذكر أن المقصود مما تراه هو خناقة حقيقية وأن ما تراه ليس مزاحاً ثقيلاً..

حقيقي "احنا آسفين يا سبكي".. أفلام السبكيين واضحة الهدف ولا تدعي تقديم مضمون أو فرجة بالمقاييس التي يمكن لنقاد الفن السابع ومشاهديه مناقشتها ، هناك فرق رهيب بين أن تشاهد فيلماً تعرف من البداية أنه "هزار" و"قلش" ، وبين أن تشاهد فيلماً جاداً يحوله "الهبل" في التنفيذ إلى فيلم كوميدي صارخ ينتزع ضحكاتك.. ومن الواضح أنها مدرسة عند ذلك المخرج وأمثاله .. شاهدت الفيلم التالي أو بعد التالي على هذا الفيلم "أبناء الشيطان" مرتين وفي المرة الثانية ، حيث شاهدته على قناة عرضته للمرة الأولى والأخيرة - وضحكت عليه كما لم أضحك على أي فيلم طوال حياتي ، ولا يتخير كثيراً عن "الهلالي" الذي عرض قبل عشرين عاماً ، والذي أرى ، ولا أمزح هذه المرة ، أنه يستحق الدراسة لشدة قبحه ، ولكي يعرف الجميع السينما القبيحة ، أو الأبيحة ، على حقيقتها..
* الصورة من "السينما دوت كوم" ، والفيديوهات من "اليوتيوب" الذي استعملته مضطراً.. (1) أول اتنين "قتلتيها ليه" حقيقيتان ، المشهد الحقيقي ألعن من المفبرك في مقطع اليوتيوب.. 28/10

Saturday, September 22, 2012

تخمينة : هل يكون بديل "الإبراشي" في "العاشرة مساءً" هو "معتز مطر"؟

قلنا نلعب لعبة جديدة ، تشبه فكرة إلقاء حجر في بحيرة راكدة ، ضربت كان بها ، ما ضربتش أهو تفكير بصوت عالي.. من حين لآخر ستطالعون هنا "تخمينات" قد تصيب وقد تخطئ ، لا أنصح بالتسرع في اعتمادها مصدراً لخبر ، لكنها تبقى استنتاجاً ووجهة نظر..

تركت "البريمادونا" جزيرة "دريم" إلى "إم بي سي مصرية" ، في صفقة لا أتوقع أن تدوم ، ربما ، وهذا تخمين ، تنتقل إلى "سي بي سي" المرتبطة مع "إم بي سي" بما يشبه التحالف ، إلى درجة أن شائعات انتشرت - فعلاً - على وسائل الإعلام تتحدث عن عملية شراء "إم بي سي" لمجموعة قنوات "سي بي سي" المملوكة ، هي وقنوات أخرى ، من الباطن لـ"منصور عامر" عن طريق "استبنه" "محمد الأمين" .. المهم .. اختارت إدارة "دريم" "وائل الإبراشي" كبديل لها بعد مشاورات ، وشائعات تناثرت هنا وهناك عن اختيار أسماء أخرى في "دريم" محسوبة على "نفس المعسكر".. وضعوا تحت الكلمتين الأخيرتين خطاً..

السبب أن نظرية جديدة تتحدث عن انقسام سياسي وإعلامي بين معسكرين ، المعسكر الأول ويضم كل من "منصور عامر" و "السيد البدوي" صاحب قنوات الحياة ورئيس حزب "الوفد" ومعهم صاحب اليوم السابع ، ويقال "عماد الدين أديب" ، ومعسكر آخر قوي يضم كل من "أحمد بهجت" و "نجيب ساويرس" و "إبراهيم المعلم"، ويقال "طارق نور" ، ولكل معسكر تكتلاته السياسية (حيث يدعم الأول تحالف "الأمة المصرية" وهو عبارة عن "الوفد"+ "المؤتمر" ، أما الثاني فيدعم "التيار الشعبي" المكون من حزب "الدستور" وحزب "الكرامة" الذي يرأسه "حمدين صباحي") ، والإعلامية .. (فضائيات "سي بي سي" و "النهار" و "الحياة" و"اليوم" وصحف "الفجر" ، "اليوم السابع" ، "الموجز" ، "الوطن" بالنسبة للمعسكر الأول ، وفضائيات "أون" و "دريم" وصحف "المصري اليوم" و "الشروق" و "التحرير" و "صوت الأمة" بالنسبة للمعسكر الثاني).. وبين المعسكرين حروب مصالح معروفة ومعلنة وخناقات إعلانية وتشليق إعلامي وصحفي وصراع على خطف نجوم الفضائيات يشبه ما يحدث في فرق كرة القدم..وهناك من تم خطفه بالفعل ، ومن ينتظر..

ما يظهر لي كمشاهد - تذكروا أني أتحدث عن "تخمين"- أن "وائل الإبراشي" على ثوريته التي تظهر لي ولك ولمن يستهدفهم شغل الجلا جلا الذي يمارسه ، موظف مطيع يرى أن بقاءه في منصبه مرهون بإظهار ولائه لسادته ، ومنهم بالتأكيد "أحمد بهجت" الذي منحه الفرصة ليستفرد بنا كمذيع ، لكن مستوى موهبته ، بدليل التجربة ، لا يؤهله للظهور في برنامج يعد الوجبة الرئيسية main course من عينة "العاشرة مساءً" ، ولا حتى في برنامج "مستخبي" مثل "الحقيقة" لا يحظى بربع نسبة مشاهدة "العاشرة مساءً" أو نظرائه على فضائيات منافسة ، والحاصل فعلاً الآن على أرض الواقع أن هناك استياءاً عارماً منه ، من قبل مشاهدي ومتابعي "دريم" ، سواء من كان يحب منهم "البريمادونا" أو من كان يكرهها ، خاصةً بعد حلقته مع المرشح الرئاسي السابق الفريق "أحمد شفيق"..

مرة أخرى ، كما يحدث في فرق كرة القدم ، وتذكروا : لا زلت في دائرة التخمين والتوقع والتخيل ، سيميل المعسكر البهجتي الساويري ...الخ إلى استقدام لاعب جديد ينضم لقنواته من المعسكر الآخر ، بعد أن ثبت أن مذيعي "دريم" من الصحفيين وغير الصحفيين "ما بيستروش" ، ويا حبذا لو كان ممن أضيروا من المعسكر الآخر وقياداته ، وربما يجد ضالته في "معتز مطر"..

لست من محبي "معتز مطر" وأشعر أنه مذيع برامج رياضية ضل طريقه إلى برامج التوك شو السياسية ، لكني أشعر أنه الخيار الأنسب حالياً لـ"دريم" لخلافة "وائل الإبراشي" لعدة أسباب ، منها كراهيته الشديدة للتحالف "الآخر" الذي سبق وأن اعتبره السبب في إيقاف برنامجه وتركه لـ"مودرن" ، ودعمه لرمز التحالف الشعبي "حمدين صباحي" في الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة قبل أشهر ، وكونه من المحسوبين على "فانز" "البوب" "محمد البرادعي" ، كما أنه وصل لمرحلة من النجومية الإعلامية لا يقلل منها بقاءه لمدة سبعة أشهر بلا عمل ، ويمكن أن ينطلق منها إلى منطقة "منى الشاذلي" التي لم تكن "سوبر ستار" حين عملت في فضائية "بهجت".. كما أنه قنوع ولن يطلب الكثير في الوقت الحالي ، بما أن المسألة "عند" ، وإن ألقى إليه "بهججة" السنارة فلن يتردد في قبول العقد.. لا تنسوا أن انتخابات مجلس الشعب القادمة ، وانتخابات الرئاسة إن أعيد إجراؤها مرة أخرى ، ستتطلب إعلامياً ذا ولاء للمعسكر البهجتي الساويري في مواجهة إعلاميي التحالف العامري البدوي .. والأهم : أن لديه سابق خبرة في تقديم برامج التوك شو ، قد لا يكون قد حقق فيها جماهيرية كاسحة ، لكنه لن يحتاج لـ"إديله فرصة تانية" كما الحال مع "الإبراشي"..

عليه ، أخمن وأتوقع أن يكون "معتز مطر" هو مذيع "العاشرة مساءً" القادم خلفاً لـ"الإبراشي" الذي لم يقنع أحداً طوال فترة عمله كمذيع بالعافية على "دريم" شأنه في ذلك شأن نظيره على الضفة الأخرى "مجدي الجلاد".. مرة أخيرة .. أتحدث عن تخمين قد يصيب وقد يخطئ ، كيف ترون الموضوع؟
* الصورة من "الشروق" المحسوبة على المعسكر الثاني!

Friday, September 14, 2012

إسماعيل عبد الحافظ

فقدنا بالأمس شيخ حارة الدراما المصرية المخرج الكبير "إسماعيل عبد الحافظ".. أحد عمالقة الدراما المصرية ، وصناع تاريخها ونجاحاتها على مدى ما يزيد على أربع عقود..

"إسماعيل عبد الحافظ" أحد أوفى مخرجي الدراما التليفزيونية لتقاليد التليفزيون على مستوى الصورة ، له كادر وحركة كاميرا مميزة يعرفها من شاهد أعمالاً كثيرةً له ، شديدة السرعة في بعض الأحيان تشبه حركة عين الإنسان تجاه الشخص المتكلم ، بشكل يشعر المشاهد أنه موجود بالفعل في قلب المشهد الدرامي.. كما نجح في صناعة حالة من الألفة بين عين المشاهد والمكان الذي تدور فيه أحداث المشهد ، مثله مثل مخرجين كبار آخرين في نفس الحقل ، كلُ بطريقته..

كان "أسامة أنور عكاشة" حين يريد التوغل في قلب الحارة كان يعتمد على "إسماعيل عبد الحافظ" ، والذي وجد فيه ضالته بعد رحيل توأمه الفني "فخر الدين صلاح" ، وقدما معاً مجموعة من أهم الأعمال الدرامية المصرية ، بينهما اثنين أعدهما ضمن أهم المسلسلات العربية على الإطلاق ، هما "الشهد والدموع" بجزئيه ، و"ليالي الحلمية" خصوصاً في جزئه الأول الذي يعد حالة درامية استثنائية تستحق التدريس ، وتقترب من الأدب التليفزيوني في أفضل الصور التي عرفها به جمهور دراما التليفزيون في العالم العربي كله..

بالفعل كانت الحارة في دراما "إسماعيل عبد الحافظ" هي الملعب المفضل له ، يراها على ضيق مساحتها واسعة وكبيرة (ربما بفضل ديكورات السينما التي يعمل معها مخرجو التليفزيون ، والتي تصور الحارة أكبر من ملعب كرة قدم قانوني) ، ومزدحمة بأنماط إنسانية عدة متباينة في طباعها وخصائصها ، كما كان الحال عليه في "ليالي الحلمية" و "الشهد والدموع" و "أهالينا" و"كناريا وشركاه".. ولا ننسى "شارع المواردي" أنجح تجربة له مع الكاتب "يسري الجندي" الذي أعاد ضخ الدماء لرواية "محمد جلال" ليكتب لها مقدمة هي جزء المسلسل الأول في إبداع يصعب تكراره..

أعاد تقديم العديد من ممثلي المسرح الذين اتجهوا إلى التليفزيون بعد أن رفضت السينما الابتسام في وجههم ، ليصبحوا من كبار فناني الدراما التليفزيونية على مستوى العالم العربي ، منهم من رحل عن عالمنا كـ"شوقي شامخ" و "سيد عبد الكريم" و "سيد عزمي" ومنهم من هم أحياء بيننا كـ"محمد متولي" و"فتوح أحمد" و "إسماعيل محمود".. وشكل هؤلاء ما أسماه البعض بـ"فرقة الحرافيش التليفزيونية" التي كان عمادها الراحلان "أسامة أنور عكاشة" و "إسماعيل عبد الحافظ".. ونجح الأخيران في تشكيلهم وتشكيل غيرهم فنياً لدرجة تشعر المشاهد بأنه رآهم من قبل أو يراهم كل يوم.. ولا يقلل من "إسماعيل عبد الحافظ" ضعف مستوى بعض أعماله ، حين حاول أن يصلح سوء مستوى نصوص كـ"عدى النهار" وأن يحاول أن يصنع ممثلة من "رزان مغربي" و "نيكول سابا" في نفس المسلسل المذكور.. وحين حاول أن يخرج عن ملعبه وعن كتاب فهمهم وفهموه.. فبدا كالسمكة التي تحاول الخروج عن البحر الذي اعتادت أجواءه والسباحة بين أمواجه..

رحمه الله رحمةً واسعة ،وغفر له ولنا..
* الصورة من موقع قناة "العربية"..

Monday, September 03, 2012

عن "الحدوتة" أتكلم..

جزء كبير من علاقتنا كمتفرجين بأي فيلم أو مسلسل يكمن في قصة الفيلم أو المسلسل ، أو "الحدوتة" التي تدور حولها أحداث أي منهما.. أكثر ربما من أي شيء آخر.. يستوي في ذلك المسلسل والفيلم .. على الأقل هنا..

وتعتبر "الحدوتة" جزء من تقييمنا لأي فيلم ، بل تشكل معظم تقييمنا لذلك الفيلم أكثر من عناصره الفنية الأخرى من صوت وإضاءة وتمثيل ، وحتى مما يمكن أن ترمز له أحداث القصة .. الفيلم عندنا باختصار "قصة" ، أي فيلم لا قصة له لا يعد فيلماً محترماً.. كما يظهر في تعبيرنا الدارج "الفيلم دة قصة ولا مناظر"..وأول ما نسأل عنه في أي فيلم هو ملخص القصة ثم يأتي كل شيء بعد ذلك..

عن نفسي أرى أننا نظلم الأفلام عندما نختصرها في مجرد قصة .. بداية ووسط ونهاية وحوار بين الشخصيات "فلان قابل علان وترتان مش عارف إيه ....الخ".. وإلا فما الفرق بينها وبين القصة أو الرواية التي تقرأها.. الدراما هي الحركة ، والحركة في السينما مدعومة بالصوت والصورة والضوء والضوء والظل والأداء التمثيلي وأشياء أخرى وليست قاصرةً فقط على جمل حوارية.. حتى أن بعض النقاد يرون أن أنه كلما قلت جمل الحوار في فيلم سينمائي كلما كان الفيلم أفضل.. كما أنه في السينما لا يشترط أن تكون القصة كما نعرفها وأن تبدأ وتستمر وتنتهي كما نريد .. من الوارد أن ينهي المؤلف والسيناريست الفيلم بنهاية صادمة أو غير متوقعة كجرس إنذار أو علامة استفهام ، أو بنهاية مفتوحة تحتمل كل الاحتمالات .. ومن الوارد ألا يدور الفيلم حول قصة بصورتها الروائية في أذهاننا ، بل قد يدور حول موقف ما أو حالة ما ، كما في حالة فيلم "بين السماء والأرض" الذي أخرجه "صلاح أبو سيف" والذي تدور معظم أحداثه عن مجموعة من الناس يعلقون في مصعد..

في التليفزيون تصبح الحدوتة هي سيد الموقف ، وتصبح أهم من أي شيء آخر في المسلسل ، بعبارة أخرى ، في المسلسل التليفزيوني يجد المؤلف أمامه مساحة أكبر من الوقت ليفرش عليها قصته التي قد يصعب اختزالها وتركيزها في ساعتين فقط كما في حالة الفيلم السينمائي.. القصة التي تقوم كل عناصر المسلسل الأخرى بالتخديم عليها وتغطية عيوبها بشكل أكبر مما يحدث في السينما.. بل من الممكن أن يبلع المشاهد إخراجاً أشبه بإخراج مباريات كرة القدم إذا ما وجد في قصة المسلسل وأحداثها ما يشده.. وصعوبة التحدي هنا تكمن في بناء حدوتة قوية متماسكة تكفي لإبقاء المشاهد أطول فترة ممكنة أمام المسلسل ، حتى فقط لمجرد معرفة ما سينتهي عليه المسلسل الممل والطويل طول كوبري 6 أكتوبر..

والحدوتة هي الأخرى فيها صنعة.. من الممكن أن يكتب ألف شخص ألف قصة عن نفس الموضوع ، لكن طريقة عرض فلان تختلف عن طريقة عرض علان ، وحرفة فلان في سرد الأحداث والتنقل من مرحلة لأخرى تختلف عن تلك لدى علان، وإجادة فلان لعمل حبكات متقنة ومنطقية أكثر بكثير من علان ، تلك الصنعة التي جعلت كتاب السيناريو في المسلسلات طبقات وفئات ، ويصبح وجودها أو غيابها عاملاً حاسماً في تفوق دراما بلد على دراما بلد آخر.. وعنصر الصنعة والبعد الجمالي في الحدوتة ، كما في غيرها ، عامل جذب كبير لجمهور المسلسلات ، ومن الممكن جداً ، كما في بعض المسلسلات التركية ، أن يبقى المشاهد متعلقاً بمسلسل فقط لأن صنعة كتابة الحدوتة فيه أفضل من مسلسلات مصرية وسورية ولبنانية أخرى حتى لو كانت تلك الحدوتة بلا أي مضمون أو قيمة من أي نوع..

والحواديت عندي كمشاهد غير متخصص أنواع ، ومن ضمن تقسيماتها لدي تقسيمها بحسب ما تشبهه في فنون أخرى ، هناك الحدوتة المسرحية المفرطة في طول ورمزية جمل الحوار والأحداث والنهاية لدرجة تشعرك أنك أمام مسرحية لا مسلسل ، وهناك الحدوتة السينمائية المعتمدة على الحركة وسرعة الإيقاع كما لو كنت تشاهد فيلماً ، وفي بعض الأحيان يكون ذلك أسرع بكثير مما اعتاد عليه مشاهد التليفزيون ، وهناك الحدوتة الروائية التي تشبه كثيراً الرواية في طريقة كتابتها وإيقاعها ، ويصبح الحوار لا الأحداث وحدة بنائها ، بعكس الحدوتة الأقرب للقصة التقليدية أو السرد القصصي التي يصبح فيها الحدث لا الحوار وحدة البناء ، وهناك الحدوتة الصحفية التي تشبه قصص صفحات الحوادث.. وتعد لدى كثيرين الأردأ بين كل ما سبق.. ما عزز تلك التقسيمة هو أن العديد من كتاب السيناريو للدراما التليفزيونية جاءوا من خلفيات مختلفة ، منهم من كان صحفياً ومنهم من كان قاصاً ومنهم من كتب للسينما ومنهم من كان كاتباً مسرحياً.. ولكل فن وتخصص مزايا وعيوب بحسب ما هو مقبول في التليفزيون وما هو مرفوض.. ويبقى لمشاهد التليفزيون الحق في أن يشاهد مسلسلاً تليفزيونياً ، لا شيئاً آخر والاسم مسلسل.. كما حدث ويحدث كثيراً..

لماذا كل ذلك الحنجوري الرخم؟

فيمَ تمكنت من متابعته من دراما خلال السنوات الخمس أو الست الأخيرة وجدت أن المسلسلات لدينا تطورت تقنياً ، كاميرات وزوايا تصوير وإخراج سينمائي وأشياء جلبها مخرجو السينما معهم إلى التليفزيون ، أما الحدوتة فهي منطلقة إلى الخلف ، بعض المسلسلات كانت مباشرة لدرجة مقززة تشعرك أن تقرأ منشوراً سياسياً ، وبعضها الآخر مبني على حواديت مستهلكة ومملة تتناول نفس مواضيع نعرفها من قديم الأزل وبنفس الطريقة ، ومعظمها خلا من الابتكار ، ولم يتطرق لموضوعات وزوايا وأماكن قريبة من قلب الناس وعقولهم ، ويفتقد لحرفة الحكي وكتابة جمل حوارية لا تشعر المشاهد بالملل ولا تستمطر سخريته ، حتى التنوع الفكري في تناول المواضيع من زوايا عدة ومن وجهات نظر مختلفة افتقدناه لدرجة تشعرني كثيراً أن الدراما التليفزيونية المصرية واقعة تحت سيطرة تيارات سياسية معينة منذ عقود دون ترك المساحة لتيارات أخرى لأن تتكلم من نافذة الدراما بصفتها الفن الأكثر تأثيراً في الوقت الحالي على عقل الناس ووجدانهم.. كل ذلك يبقى ترهات من وجهة نظر صناع الدراما الحاليين ومنتجيها ، فلديهم سوق يريدون التوزيع فيه ، وصحفيون وتيارات وحركات وجماعات وناشطين بل ونظم سياسية يجب نفاقهم وإرضاؤهم بأي وسيلة ، إما بالمدح أو عدم الاستفزاز ، ونجم أو نجمة يجب أن يحصل/تحصل على برستيجه/ـا كاملاً بما أن التوزيع يتم على اسمه أو اسمها.. ياكلوا حلاوة ياكلوا جاتوه .. ياكلوا كل اللي يحبوه .. بغض النظر عن "التسويس" الذي يحصل عليه المشاهد.. ناهيك عن الإعلانات ، ثم الإعلانات ، ثم الإعلانات (على غرار "الأنجاجيه ، ثم الأنجاجيه ، ثم الأنجاجيه" مع الاعتذار للراحل "شفيق جلال")..

حواديت أكثر ابتكاراً ، أمتن بنيةً ، أقوى صنعةً ، أكثر جاذبية ، يمكنها إذن أن تجعل أفلامنا السينمائية أكثر جاذبية وأن تعيد للدراما التليفزيونية المصرية ما كان لها من مجد قبل فوضى المنتج المنفذ في تسعينيات القرن الماضي.. الكرة في ملعب كتاب الحواديت ، وفي ملعب مشاهديها أيضاً .. دمتم بكل ود..
* الصورة من مدونة الزميل "محمد الشيمي"..

Saturday, September 01, 2012

وحش طوروس

مقدمة: من قرأ منكم مسرحية "وحش طوروس" للكاتب التركي الراحل "عزيز نسين" ورأى خطأ في الآتي بعد يخص قصة المسرحية فليصحح لي ، بما أنني والحمد لله فشلت في العثور على ملخص محترم للمسرحية على الإنترنت يروي قصتها على العكس من مسرحيات أخرى كثيرة أسعدني الحظ بالعثور على تفاصيلها ..

أعرف "وحش طوروس" من الفيلم المصري المقتبس عنها "أقوى الرجال" ، الذي كتب السيناريو له الراحل "بسيوني عثمان" وأخرجه "أحمد السبعاوي".. وفكرة الفيلم - التي "أشعر" أنها تشبه المسرحية إلى حد كبير - تتلخص في رجل مسالم جداً -"زكي" (=الذي لعب دوره "نور الشريف") - الذي يعمل محصلاً بشركة النقل العام ويحاول صاحب البيت طرده من الشقة ، وتتحول حياته إلى جحيم عندما يقبض عليه البوليس بحجة أنه يشبه "الوحش" (=الذي لعبه "خليل مرسي") المجرم الخطير وصاحب السوابق لشدة الشبه بينهما ، ورغم ثبوت براءته إلا أن الناس تتعامل معه على أنه الوحش ، تتغير معاملتهم له ، وبعد أن كانوا يهزأون به ويسخرون منه أصبحوا يخافوه ويعملون له ألف حساب ، مما يثير غضب الوحش الحقيقي وعتاة المجرمين الذين اكتشفوا أن "زكي" ليس الوحش ، ومع محاولتهم قتل ابنه واغتصاب زوجته يتحول "زكي" المسالم إلى وحش حقيقي لا يكتفي بقتلهم بل يذهب إلى الوحش نفسه ويقتله.. الغريب أنه حتى في فينال الفيلم يلمح "الوحش" الحقيقي أنه كان هو الآخر إنساناً طيباً ومسالماً قبل أن يتحول إلى مجرم.. وكأن الأمر أشبه بحلقة مفرغة..

يصنف "نسين" على أنه من أشهر كتاب الكوميديا السوداء ، المبنية على مفارقات مضحكة مبكية في نفس الوقت ، كتلك التي نراها في مسرحيته و/أو الفيلم المأخوذ عنها ، أن يتحول شخص مسالم للغاية و"غلبان" لمجرد شبه مع شخص آخر إلى مجرم تنسج حوله الأساطير خاصةً فيما يخص قوته وشره المستطير..

عن نفسي لو أردت إعادة هذا الفيلم الآن لأعدته بطريقة مختلفة ، هي تقريباً الطريقة التي ينفذ بها هذا الفيلم في الواقع ، لن يكون هناك "زكي" ، بل مجرم حقيقي ، ليس بالتأكيد "الوحش" ولا واحد على ألف منه ، ولا يشبه أي وحش ، فالوحش في هذه الحالة غير موجود ، يصنعه الجهل بمشاركة وحوش السياسة الحقيقيين بصحفهم وقنواتهم ، والناس تصدق بسرعة ، ويا سلام لو أوصلت لهم الكذبة في صورة حدوتة أو أسطورة يحكون بها ويتحاكون.. الناس طيبين قوي قوي ياخال وبيصدقوا آساحبي.. وكيف لا ونحن هواة صناعة الأساطير ، نفعل بها كما نفعل بالتاريخ الحقيقي ، نصنع منه صنماً من عجوة ، وحين نجوع نأكله..

"صبري نخنوخ" بلطجي ، مجرد بلطجي ، قد يكون من القطط السمان في عالم البلطجة والإجرام لكن ليس إلى الدرجة التي تجعله متهماً في جريمة القديسين ومجزرة بورسعيد وقتل المتظاهرين وربما تفجير برجي نيويورك وهزيمة "عرابي" .. القبض على أي بلطجي ومعاملته كبلطجي (وليس كما يفعل "البعض" الذين يرفعون بلطجية الصالات إلى مصاف سجناء الرأي ومعتقليه) بالتأكيد خبر سار وباعث على التفاؤل خاصةً لمن يعتقدون أن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً حتى يعود الأمن إلى الشارع المصري ، وبالتالي فإن سقوط أي بلطجي ، ولو حرقاً كما حدث مع بلطجي "عزبة البرج" ، هو أمر مثير للتفاؤل لدى الناس (حتى مع رفض كثير منهم لطريقة عقابهم شعبياً كما حدث في "عزبة البرج" ومن قبل في محافظات عدة)، من حيث أن "البلطجية نقصوا واحد"..

لكن إعلام المصالح ، من وراءه ممن يصممون على لعب السياسة بطريقة "الشغل الشمال" -مع الاعتذار للمجرمين- رأى أن الوقت مناسب لصنع أسطورة ، بكل ما تحمله الكلمة من معان ، تصلح ربما لعمل فيلم هابط عنها بعد سنوات ، أسطورة يحكي الناس عنها ويتحاكون ، مع اللعب طبعاً على وتر كراهية الناس البلطجة (والتي اعتمد عليها بعض رموز "إياهم" في توطيد نفوذهم قبل أن يعلنوا أنهم الثورة والثورة هم) ،وتسمع كلاماً من عينة "دة صنييييعة النظام الساااااابق" (والواقع بيقول إن النظام السابق ساعد على تواجد تربة خصبة ليهم ، لكن اللي ضد قوانين البلطجة خدموهم أكتر من "مبارك" واللي معاه) ، "دة كان صاحب "مبارك" وصديق للعائلة المباركية" ، مع الإسهاب في حجم علاقاته "دة له علاقة بالفنان الفلاني والفنان العلاني ولعيب الكرة الترتاني" (حتى لو اتشاف معاهم في الشارع بالصدفة)، وإن لم تكن الحكايات الحقيقية كافية نلهم الآخرين لتأليف حكايات "أوسع" ، تضفي عليه قوة خارقة لم تتوافر لأي "سوبر هيرو"، وأهو كله في خدمة "الحكيوة" التي تسلي الناس وتلهيهم وتخدرهم "دة عنده أسدين" "دة مربي ديناصور صغير في الجنينة" ، وربما يتم تحويله من قبل "إياهم" بعد نهاية المصلحة إلى "أدهم الشرقاوي" أو "عزت حنفي" أو حتى "علي الزيبق"، ولهؤلاء سوابق مع "متهمين" منهم "مجرمين" أعلنوا (="إياهم") براءتهم قبل المحاكمات كما لو كان مكان تلك المحاكمات هو شاشات التليفزيون وصفحات الجرائد.. ولن يعدموا إيجاد مبرر ولو كان مفتعلاً لتحويل "وحش طوروس" إلى "زكي الطيب" مرة أخرى.. "ليه قبضوا عليه دلوقتي" "همة عايزين يلفقوا له تهم" "دة أكيد يعرف حاجات كتييييييير وحيموتوووووووه علشان ما يقررررررش" "دة مش بلطجي أصلاً" .. "دة برييييييييييء" "دة صفقة عملتها الداخلية" (فاكرين "أخبار سفكة البلالين إيه"...الخ؟)..

كما يقول المدبلجون (بكسر اللام) في المسلسلات التركية : "حاج بقى ، اصحك بقى ولا.. بيكفي بنوب" ، يكفينا أفلامانات وتحويلات من "زكي الطيب" إلى "وحش طوروس" وبالعكس.. لقد وجعتنا أقفيتنا وأصابنا الملل ، نريد أن نرى شيئاً واحداً قبل أن نموت في حجمه الطبيعي ، حتى لو كان "صبري نخنوخ"..
* الصورة لـ"نخنوخ" مبتسماً من "مصراوي" ..