Thursday, January 29, 2009

فرجات آخر الشهر

* بجدارة ، انتزع "خالد منتصر" لقب "الطفل المعجزة" من الطبيب -الآخر- الذي يقدم برنامج "الطبيب" على "المحور".. صحيح أن "منتصر" الذي لم نعرفه كمذيع قبل أقل من عامين طبيب ، وكاتب سيناريو ، و"ناقد" فني ، ومفكر ، إلا أنه -هووووب- في خلال تلك الفترة القصيرة أصبح مذيعاً على قناتين مختلفتين متنافستين -"دريم" و "On Tv"- يقدم برنامجين مختلفين -نصف حلقة "العاشرة" و "خارج النص" على الترتيب- في يومين متتاليين -الاثنين والثلاثاء.. بهذا المعدل فلا أستبعد أن نراه في نهاية العام على قنوات "روتانا" و "مودرن سبورت" و "فتافيت".. فعلاً نار- عفواً: عصير- "محمود سعد" أرحم!

* اقتنعت مؤخراً بأن نوعيات معينة من المشاهدين تساهم في إفساد البرامج التي تشاهدها على أغلبية المشاهدين .. فبعد أن ارتاح "من كل بلد أكلة"- ونحن معه بالتأكيد - من "شريف مدكور" الذي حول البرنامج من مجرد برنامج طبخ "طبيعي" إلى منصة لإطلاق المواعظ الاجتماعية.. وبعد أن أسندت إدارة القناة تقديم البرنامج للطهاة الذين كان يسرق منهم "شريف" الكاميرا طول الوقت .. وجدنا عينة من المشاهدين - الحقيقيين وليست الاتصالات المفبركة إياها "والتي يسهل على طفل كشفها" - تطالب السادة الطهاة بتقديم بعض النصائح من وقت لآخر على الطريقة "الشريفية المدكورية" بدءاً من "تعاطي" السلطة إلى تشجير الشوارع.. حكم!

* عندما سمعت "إلهام شاهين" عن المقال الذي كتبه الكاتب والصحفي والسيناريست السوري الشهير "حكم البابا" منتقداً فيه "خلطة فوزية" استخفت واستسخفت بكاتب المقال مؤكدة أنها "أول مرة تسمع عنه".. لا تعليق..

* من عدم الذكاء بمكان أن يقبل المطرب أن يضع في ألبومه أغنية لفيلم.. وقع "محمد حماقي" في هذا الخطأ عندما استغل نجاح أغنية "واحدة واحدة" لفيلم "جعلتني مجرماً"- والتي حفظها الجمهور عن ظهر قلب حتى كاد أن يجترها- وحشرها في ألبومه فجاءت بلا طعم ولا لون ولا رائحة .. والخطأ الأكبر وقعت فيه "أصالة نصري" بجعل أغنية "نص حالة" - أغنية فيلم "ميكانو" - رأساً للألبوم الذي صدر قبل الفيلم بفترة طويلة كانت كافية لأن يحفظها الجمهور ، وينساها قبل الفيلم!

* "محسن جابر" لا يزال يذيع "الضمير العربي" وإعلانات رناته تظهر على الفضائيات من حين لآخر.. ما أحلى "النضال" "المربح"!

* مفاجأة إن صحت : هناك مقاطع تم حذفها من كليب "دوللي شاهين" الأخير.. كان يجب على مخرج الكليب أن يتعلم من "خالد يوسف" كيف أن له "حقوقاً أدبية" على الكليب.. وأن عليه أن يقاضي القناة -الوحيدة- التي قبلت إذاعته!

* من مساخر الشهر الخناقة الضروس بين "نجمتي" "الإغراء"-كما تُصَنَّفان- "غادة عبد الرازق" و "علا غانم" واللتين يقدمهما كتاب الأعمدة كنموذجين لـ"الفنانة" "الثائرة" "المتحررة" .. كلتاهما عندهما حق .. فهما بصراحة نجمتا "إغراء" .. بالهمزة أو بالقاف.. واسألوا عن إيرادات "تسعين دقيقة" و "البلد دي فيها حكومة"!

* هل هناك صلة قرابة بين "شريهان أبو حسن" مذيعة برنامج "إسرائيل من الداخل" و الصحفي "خالد صلاح"؟ من شاهد البرنامج يعرف لماذا سألت هذا السؤال..

* "هايدي النسر" مراسلة "OTV" حلت بديلة مؤقتة لـ"رنا عرفة" التي وضعت مولودتها قبل أيام .. نحن ننتظر عودة "رنا" لكي "تحلق" "هايدي" بعيداً إلى مكانها السابق كمراسلة.. بصراحة كفاية عليها كدة!

* سيجبرني "أفيش وتشبيه" على تحمل قناة "نايل كوميدي"..

* تولي "مصطفى بكري" رئاسة قناة "الساعة" وتسييسه المفرط لها سيجعل منها مع الوقت قناة "ساعة لقلبك"!

* أصبحت "بانوراما الدراما" قناة للإعلانات تتخللها مجموعة من المسلسلات..

* اختيارات "Fox Series" للمسلسلات أفضل في نظري من "MBC4"..

* وصل التليفزيون إلى المرحلة التي ينفق فيها من أموال دافعي الضرائب على مسلسلات مأخوذة عن "أعمال إبداعية" لـ"عمرو عبد السميع".. شاهدت بعض حلقات المسلسل على "الحياة مسلسلات" ولم أطيقه.. إذ أن المسلسل كقصة ، وكتمثيل ، وكإخراج .. يحتاج إلى "زعافة"!

* أحلى الأوقات هي التي لم نعشها بعد ، وأحلى حلقات "حيلهم بينهم" هي التي لم تُعَّد بعد.. وهي الحلقة التي يصبح فيها "عمرو رمزي" ضحية المقلب.. حقيقي يستاهل..

* لماذا تجاهل الإعلام "المصري" العيد الخامس والسبعين للإذاعة "المصرية"؟

* أخيراً.. لمن قرأ ما كتبه "محمود صلاح" وآخرون عن "عادل إمام".. أذكر بأن هذا الأخير كان لدى صحف دار "أخبار اليوم" فناناً "مسفاً" و"مهرجاً" و"كذاب زفة" و"متهرب من الضرائب" على مدى ربع قرن كامل من الزمن ، وصدَّق أناسيُ كثير هذا الكلام وبنوا عليه انطباعاتهم عن "عادل إمام".. وتأتي الدار وصحفها وصحفيوها ليقلبوا أجمعون الصورة مائة وثمانين درجة ليتحول إلى فنان "مثقف" و "واعٍ" و "صاحب موقف".. في تقديري الذي يحتمل بعض الخطأ أنه من الممكن أن يحترم - في يوم من الأيام- أيُ من الذين تشكلت صورة "عادل إمام" لديهم على يد هؤلاء الصحفيين هذا الممثل.. لكن من الصعب جداً عليهم ، وعليّ أيضاً ، أن أحترم هذه النوعية من الصحفيين..

Monday, January 26, 2009

في قلة الأدب : رداً على "طارق الشناوي"


مخطئ من يظن أن "الزعيق" صار حكراً على اتجاه سياسي أو فكري دون غيره ، حتى من يقولون أنهم الأكثر "ليبرالية"..والكلام بمناسبة ما كتبه "طارق الشناوي" في عدد الخميس 22/1/2009 من مجلة أخبار النجوم ، تعقيباً على الدعوى القضائية التي يعتزم "خالد يوسف" رفعها بسبب "حذف" قناة "إيه آر طين سينما" لمشاهد من "حين ميسرة"..

لم يكن الموضوع في رأيي ليتحمل كل هذا الكم من الزعيق والخطابة الحنجورية عن المنح ، والمنع ، والغزو "الوهابي" و...و.... عن نفسي أراه وباختصار أبسط بكثير..

صحيح أن القناة أخطأت باختيارها أصلاً لعرض فيلم به كل هذه "الكمية" "الهائلة" من المشاهد ذات المحاذير الرقابية.. لكن ما أعرفه أن الأفلام لا تعرض على القنوات بـ"كلمة شرف".. بل بعقود .. وطرفا العقد في حالتنا هذه هما السيد "كامل أبو علي"- منتج الفيلم ومالكه القانوني - وأصحاب القناة.. (محدش جاب سيرة "خالد يوسف" دلوقت)..

"كامل أبو علي" يعلم جيداً مع مَن يتعاقد ، وماذا ستفعل القناة بفيلمه المصنف- أصلاً- وقت عرضه "للكبار فقط".. وللك فإن قول "خالد يوسف" بأن "كامل أبو علي" "متعاطف معه تماماً" في مسألة "الحذف" قول يبحث عن مغفل ليصدقه..ولا ينافسه في ذلك إلا قوله لـ"اليوم السابع" أن في تعاقده مع "الباتروس" "بنوداً" "تنص على أنه يمتلك حقوقاً قانونية فى الفيلم، هذا عن تعاقده مع "الباتروس" .. فماذا عن تعاقد "الباتروس" مع "الإيه آر طين"؟ ولماذا لم يرفض السيد "خالد يوسف" تعاقد منتجه "كامل أبو علي" مع القناة منذ البداية بما أن سياسة الحذف التي تتبعها تلك القناة "معروفة" و "متوقعة"؟ وطالما قال "خالد" أنه "كان على استعداد للتفاوض".. فلماذا لم يحضر-بنفسه- مع "كامل أبو علي" التعاقد مع ممثلي القناة .. خاصةً أن رد مسئولة القناة يفيد بأن هناك بنوداً في العقد تتيح الحذف بما يتناسب و "المعايير الرقابية" للقناة.. أياً كان رأي "خالد" أو "الشناوي" أو "نادر عدلي" أو أي شخص آخر فيها..

مسخرة تشبه تماماً ما كتب عنه كاتب هذه السطور في وقت سابق عن مسلسل "الفنار" الذي ارتكبت بحقه مجزرة رقابية أبشع تعدت تماماً حقوق الحذف إلى التدخل في الشريط المعروض .. وكان وراءها اتفاق أكثر "مسخرةً" بين المنتج والقناة ذات المعايير الرقابية العجيبة.. ولم ينبس أحد بِبَنَت شَفَّة..

أياً كانت درجة المرونة أو التعسف من التليفزيون في استخدام معاييره الرقابية ، يبقى وسيطاً ذا طبيعة مختلفة ، يجب على من يتعاملون معه أن يتصرفوا على أساسها ..تماماً ما حدث مع فيلم أمريكي "ما" الذي رفضت محطات عدة في الولايات المتحدة الأمريكية عرض "التريلر" الخاص به بسبب اسمه، بحسب مخرجه..

أحمد الله عز وجل أن السيد "طارق الشناوي" قد اعترف بحق القناة في استعمال التصنيف ، فالبعض من أدعياء الليبرالية يزايد أكثر على هذا الحق في التصنيف حتى ولو كان من جهة محايدة حرفية مستقلة ، ربما أكثر من مزايدة المتشددين والمتطرفين على الفن نفسه.. واللذيذ في الموضوع أن المزايدين هنا وهناك ، الأكثر تشدداً وحتى الأكثر ليبرالية ، يسعون لفرض معاييرهم على الطرف الآخر وعلى الآخرين.. هذا متوقع من المتطرفين .. وجديد -بالنسبة لي-على بعض من يقولون أنهم ليبراليون..

ربما تختلفون معي وبشدة في رؤيتي لما كتبه "طارق الشناوي" أو ما صرح به "خالد يوسف" أو ما تعقيب "نادر عدلي".. لكن تبقى ملاحظة واحدة تتلخص ببساطة في أن لـ"روتانا" - الشركة "السعودية" - علاقة بتوزيع وإنتاج "حين ميسرة"!

وقبل أن أنهي هذه التدوينة أدعوكم لمشاركتي بعض التساؤلات الرزلة .. أولها عن غضب "الشناوي" من وضع القنوات لضوابط - أياً كان الرأي فيها- على عرض الأفلام وغضبه لغياب نفس الضوابط على الفيديو كليب (فأصحاب الفيديو كليب العاري يعتبرونه فناً أيضاً) ، وثانيها عن تسامحه مع الغزو السوري للسينما والدراما المصريتين وغضبه من الغزو الخليجي لهما ، وثالثها عن موقفه إذا احتوى الفيلم على فاصل من الألفاظ "المهذبة" "الرقيقة" ذات المقطعين أو أكثر!
* الصورة من موقع dvd4q8..

Wednesday, January 21, 2009

وأخيراً ظهر..


بعد تجربة السيتكوم المخيبة للآمال ، وبعد البرنامج المفتعل جداً الذي قدمه "خالد جلال" وفرقته في رمضان الماضي ، وحتى بعد "توك شو" الذي ذبل وفقد بريقه ، ظهر أخيراً "سيد أبو حفيظة".. نشرة "الخامسة والعشرون" تستحق أن تكون أولى قصص النجاح في عام 2009 .. ويستحق "أبو حفيظة" أن يكون أول صورة يضعها زميلنا "أحمد شقير" في ألبوم صوره لأحداث العام في ديسمبر بإذن الله..

1-أعترف أن "الخامسة والعشرون" حقق نوعاً من الإشباع للجانب الشرير في شخصيتي .. البرنامج هو فاصل من التهكم على فترة "الساعة الرابعة والعشرون" التي تذاع على شاشة قناة النيلة للأخبار .. أخيراً جاء الوقت الذي نرى فيه برنامجاً يضع فيه شخص أو تضع فيه مجموعة من الأشخاص تلك القناة في حجمها الطبيعي ، بعد سلسلة من الإشادات الصحفية الملوخية التي صورت لنا تلك القناة "ياما هنا ياما هناك".. ومذيعيها الأشبه بالنسخة المفتعلة من شخصية "هشام سليم" في فيلم "رأفت الميهي" "ميت فل".. خاصةً في "استعرارهم" من شخصيتهم المصرية وسعيهم لتقليد أقرانهم الشوام في "الجزيرة" و"العربية"..

صحيح أن البرنامج ليس في طول الفترة الإخبارية المشار إليها ، لكنه استمد تتراته ، ووضعية مذيعه من فولكلور قناة النيلة للأخبار.. كأنك ترى جرعة مركزة من أسخف فترة إخبارية على القنوات العربية .. ولكن بشكل مختلف..

2-لنقترب أكثر من مذيع البرنامج "أكرم حسني" .. رجل تعرفه آذان القاهريين جيداً لأن إذاعة "نجوم إف إم" تستقبل بوضوح في القاهرة أكثر من غيرها .. كل "سميعة" الإذاعة - وكاتب السطور بينهم - يرسمون صوراً تخيلية لمن يسمعوهم من مذيعين ومذيعات .. لكن وعلى العكس من "إسعاد يونس" و "هالة أبو علم" (كانتا مذيعتين في "الشرق الأوسط") و "بثينة كامل" و "أسامة منير".. قرر "أكرم" القيام بالمخاطرة بظهوره-الفعلي- لأول مرة كصورة وليس كصوت فقط في شكل "كاراكتر" وليس في شخصيته الحقيقية .. الصورة التي وضعتها هنا في التدوينة لـ"أكرم حسني" الحقيقي .. وليست لـ"سيد أبو حفيظة".. ورغم أن الخروج من الكاراكتر يقتضي شجاعة عدم الاستسلام لنجاحه ، إلا أن مهمة "أكرم" جاءت أسهل من مهمة "أحمد مكي" في الخروج من "اتش دبور".. فـ"أكرم" يُسمع إلى الآن وبوضوح على "نجوم إف إم".. بشخصيته الحقيقية وليس كـ"أبو حفيظة"..

3-الكاراكتر "لذيذ" ومخدوم بابتكارٍ عال.. المذيع الذي يضرب كل المواصفات القياسية للمذيع (كما لو كان "حمدي رزق") .. فهو الـ"مكرَّش" .. شبه الأصلع .. ويزيد على ذلك "المنديل المحلاوي" المربوط حول رقبته .. ويضيف إلى ذلك عبارته التاريخية الشهيرة "أتعس الله مساءكم".. التي تستشعر أنها تكاد تخرج مثلاً من "منى الشاذلي" في "العاشرة مساءً"..يضاف إلى هذا كله "التنشية" الصوتية التي يألفها من تتحمل أعصابه الفرجة على "النيلة" للأخبار!

4-وما يجعل هذا البرنامج أنجح من "توك شو" الذي تقدمه نفس القناة هو أنه ذهب أبعد من مرحلة التقليد الأعمى التي أفسدته ، فبينما يكاد يكون "توك شو" كتاباً مفتوحاً بمجرد ظهور شخصية المذيع أو النجم الذي نعرفه ، يصعب عليك أن تتكهن بالخطوة القادمة التي يمكن لـ"سيد أبو حفيظة" أن يقوم بها ، حتى في الأخبار المليئة بالإفيهات اللفظية حول مهنة معينة مثلاً.. ويخدمه الإخراج في ذلك ببراعة ، بالمؤثرات ، أو بالإكسسوارات، أو بالإيقاع..

نجح "الخامسة والعشرون" أسرع من المتوقع ، وجعل الكثيرين يتجهون لـ"موجة كوميدي" لمدة خمس دقائق على الأقل هي زمن النشرة وهو مكسب حقيقي لقناة في حداثة عمرها.. وسيجعل مهمة "نايل كوميدي" القناة الكوميدية القادمة في غاية الصعوبة.. خاصةً لو سارت سيرة شقيقتها الكبرى "بتاعة الأخبار"..
* تحديث 26/1: زميلنا "رامز" صحح لي معلومة تخص "أكرم حسني" الذي سبق له الظهور في قناة "مودرن تي في" في وقت سابق.. لكن ظهوره في "الخامسة والعشرين" كان الأول فعلياً كما عقبت في التعليقات.. الصورة من "في الفن"..

Monday, January 12, 2009

كاسك يا وطنطن


1-كان الشاعر "بهاء جاهين" موفقاً إلى أبعد حد ممكن عندما سخر من الأغاني الوطنية في فيلم "سمع هس" بأغنية وطنية في اللذاذة يقول مطلعها : أنا وطني وبانشد وباطنطن.. واتباهى بحبك يا وطنطن.. وكان رد مغني الأغنية في الفيلم -مطرب الأوبرا "حسن كامي"- مقنعاً عندما سأله "حمص"- لعبه "ممدوح عبد العليم"- عن المقصود بـ"وطنطن".. "بأدلع الوطن"!

لا فرق بين تسعين بالمائة على الأقل من الأغاني الوطنية التي نعرفها - وليست الأغاني الوطنية الحقيقية - وبين أغنية فيلم "سمع هس".. لا في الشكل ولا في المنطق.. فالأغاني الوطنية التي نعرفها هي أكثر الأغاني كذباً وافتعالاً وتشنجاً واشتغالاً .. ذلك أنها لا تنطلق - عادةً - من حب أو إيمان بالوطن قدر ما هو انتفاع ورغبة في الانتفاع به.. فالمنتفع والمرتفع "ما يقولش إيه ادتنا مصر" لأنه قد أخذ واستفاد بالفعل ، ولا يقول "حندي إيه لمصر" لأنه ببساطة لن يعطيها أي شيء!

2-والأغنية الوطنية التي نعرفها تخرج كل عفاريت التفسير السياسي للفن من قماقمها ، وعلى حق وليس على سبيل الاستنتاج والتخرص ، فمن الصعب أن ننكر أن الأغاني الوطنية على مر تاريخ بلد عريق كمصر ارتبطت وبشكل وثيق بالنظم السياسية التي حكمت البلاد ربما منذ أيام الخديو إسماعيل وحتى اللحظة.. وبتغير الزمن والظروف والنظم تغيرت بدورها قواعد اللعبة ، من شعر المناسبات التقليدي الرصين إلى أغاني عبده حريقة ، ومن المجاملة المستترة إلى النفاق المستفز-خاصةً في الفترات التي كان فيها الفن ككل دعائياً وموجهاً- وكلمة السر في كل الحالات واحدة .. علامة اليساوي الكبيرة بين "الوطن" و "النظام السياسي" في كل عهد ومرحلة ، حتى صارت جزءاً لا يتجزأ من الثقافة السياسية في مصر وفي العالم العربي ككل..

أضف إلى ذلك كون السواد الأعظم من مؤلفي ومطربي تلك الأغاني من "جمعية المنتفعين بالوطن".. منهم من كان مقرباً للسلطة ومنهم من تمتع بامتيازات في عهدها ومنهم ومنهم..ولذلك فإن أعمالهم تتميز بالحرقة الشديدة .. تلك التي تناسب الحب القائم على أساس المصلحة .. الوصف الأدق لعلاقة بعض الناس في الموالاة والمعارضة وحتى في الشارع بالوطن.. تلك كانت القاعدة ولكل قاعدة شواذ .. فالعديد من كتبوا أغانٍ وطنية حقيقية لم ينتفعوا بالوطن بالقدر الكافي ولم يقيموا صداقات قوية مع كل نظام ولم يركبوا الموجة .. بما أن العاطفة لديهم لا ترتبط بمفهوم المصلحة..

2-هناك حقيقة يجب أن نضعها بعين الاعتبار عندما نتحدث عن الأغنية في مصر.. وهي أن أغلب الغناء المصري عاطفي موجه لحبيب أو لحبيبة ، وبالتالي كان لذلك تأثيره حتى على الأغنية الوطنية ، قد يرجع ذلك لكون صورة "مصر" في الوجدان الشعبي المصري هي المرأة "الخصبة" "الولود" -بحسب ما كتب "نائل الطوخي" منتقداً "أحمد فؤاد نجم" في تدوينته الهامة والمثيرة للجدل "في مذمة العدو الأكثر بلاغة"-وهو ما قد يتماشى مع السائد في الشعر الغنائي المصري : أن توجه القصيدة للحبيبة ، سواء على سبيل الغزل العفيف ، أو غير العفيف..

الحال بالنسبة لشلة "عبده حريقة" أسوأ وأكثر سطحية.. تخيل أن "معتز أبو العز" يكتب أغنية يتغنى فيها بجمال "الشاويش نفيسة" في "حكاية ميزو".. (و"معتز" لا يظهر تلك المشاعر لـ"الشاويش نفيسة" حباً فيها لا سمح الله).. "مصر" ليست "الشاويش نفيسة" بالطبع ، لكن كما أن "معتز" يريد الانتفاع بـ"الشاويش نفيسة" يريد هؤلاء الانتفاع بـ"مصر"- النظام هنا..

النتيجة هي فاصل من الافتعال الزاعق "بحبك يا مصر بحبك بحبك بحبك" ، "يا بلدي يا ولدي يا مش عارف إيه" ... والصور المباشرة فاقعة الركاكة "يبقى أنت أكيد أكيد في مصر" .. ويطفح ذلك كله على اللحن.. ومع "الحراك السياسي" تغير شكل الانتهازية الغنائية ليتماشى مع خط "الفكر الجديد" .. لتعود نغمة الوعظ والإرشاد مرة أخرى "لو بتحبوا البلد دي خلوا عيونكم عليها" .. والتي ظهرت في أغانٍ وطنية قديمة مثل "يا حبايب مصر" ..

وعندما تقتضي الضرورة الغناء لقضية عربية كالقضية الفلسطينية أو لمقاومة الاحتلال والعدوان في العراق ولبنان نرى هؤلاء في الموعد ، بنفس الهيستيريا والتشنج الذي يحول أعمالهم التي تفلت من الـ Recycle Bin إلى إفيهات ونكت..

3-للأغاني الوطنية عدة استخدامات في مصر ، تستخدمها مجموعة من المبدعين الرسميين لتوطيد صلاتهم بالنظام (وندم بعضهم على ذلك بعد بعض الإحباطات الكبرى كما كان حال "جاهين" بعد النكسة) ، ويستخدمها المبدع الوافد في محاولة توطيد علاقته بالسوق ، والنظام (لعبة يلعبها المطربون العرب في مصر والمصريون في باقي بلدان العالم العربي وتنتشر هذه الأيام أكثر في بلدان البترودولار) ، وللإذاعة قبل (وبعد) مباريات كرة القدم والفوز بأي جائزة تأتي من بلاد الفرنجة، وكمواد خصبة للسخرية .. وهو أنجع استخدام لأغاني تغنى على الوطن .. وليست له..
* الصورة من "في الفن"