Sunday, November 25, 2012

فرجات آخر الشهر : الطفل المعجزة في "القاهرة اليوم"

*"محمد مصطفى شردي" الطفل المعجزة في حزب الوفد ، مال أهالينا بيه؟ لازم يطلع مواهبه الفذة في وشنا ، الإعلامي الصحفي المذيع الكل حاجة ، إيه القرف دة؟

* مناحة "دريم" طلعت زي الكاميرا الخفية .."بمبة" على رأي المطرب الشعبي "سوسو أبو شامة" في "أصحاب ولا بيزنس"..

* "وفاء الكيلاني" في "إم بي سي".. إن دبلت البصلة .....

* ما شاء الله ، "منى الشاذلي" بطلت تهتهة وبربشة ، ثمانية مليون جنيه تفعل المستحيل..

* لم يبالغ أحد النقاد حين وصف "عبده موتة" بأنه "إبراهيم الاسود"!

* لم يقف مخلوق بجانب "أوكا وأورتيجا" عندما قرر أحد المتحدثين باسم الدين مقاضاة الفيلم على شيء لا يستحق الالتفات إليه وغناه آخرون في نفس السياق قبلهما وبعدهما دون احتجاج أو تململ .. حرية الفن والإبداع حق لأي فيلم مهما كان مستواه ، وحسابه النقدي على النقاد والدنيوي والأخروي على الله عز وجل .. لكن ازدواجية معايير بالشكل دة .. ياخي .....

* "سيد رجب" كان المحطة الوحيدة للضحك في فيلم "عبده موتة" بعبارته الشهيرة "تطلعات"!

* اسم "خالد جلال" في أي سياق بيقفلني منه وش..

* "داود الشريان" يقدم برنامجاً على "ام بي سي" .. بس "برنس" ، "تركي الدخيل" صحفي آخر يقدم برامج ، "باشا" ، على النقيض من صحفيينا الذين يبحثون عن "كاراكتر" يتقمصونه ويستجدون بل ويتسول بعضهم ضحك الناس وانتباههم.. حاجة تكسف..

* "عماد أديب" تحول إلى ممثل تقادمت به السن ليؤدي أدوار الأب والجد ، وبالتالي يرضى بأن يظهر اسمه خلف أسماء كثيرة في "السيس بي سي" بعد أن كان "وحش الشاشة" في الأوربيت.. من البطولة لـ"رجل 1" و "رجل 2"!

* أتمنى مشاهدة مشاجرة بين "لميس الحديدي" و "وفاء الكيلاني" ، ستكون مفيدة للأجيال الجديدة التي لم تر خناقات شراشيح من قبل!

* أتمنى أن تضرب "ياسمين عبد العزيز" ولو لمرة واحدة توقعات المشاهد عن فيلم تمثل فيه..

* "ضياء رشوان" انضم لقائمة "بتوع كله" في الإعلام المصري.. مذيع آخر بصفته .. بلطجة إعلامية..

* منظر "سي بي سي" سيء وهي تؤجل عرض الجزء الثاني من مسلسل "فاطمة جول" إلى بعد إذاعة "ام بي سي" له.. تبعية ودلدلة..

* "خالد الصاوي" : لا نريد "خاتم سليمان" جديد .. أبوس إيدك..

* مشهد عودة "عبده موتة" من السجن في بداية الفيلم يذكرني تماماً بالجرافيك القميء ثقيل الظل للمخرج "طارق راشد" إبان حملة الدعاية لخدمة الإنترنت التي يقدمها بهجت .. زيرو تلات سبعات .. خمس تلاف..

* وأخيراً.. يخطئ أي إعلامي يظن أن سلطته لا يجب أن تجابه بمعارضة ، الإعلام بالذات يحتاج لأقوى معارضة تحتاجها سلطة في أي بلد ، خاصةً إذا كان يبيع الوهم في قزايز للشعب ويسوق لهم حفنة من أدعياء السياسة والفن والأدب والاقتصاد.. هذه المدونة شكل من أشكال المعارضة التي يحتاجها هؤلاء لتحسين مسارهم ، أو لإبراء ذمتها مما يفعل هؤلاء..
* الصورة من الخيال التعبيري للمدون..

Saturday, November 24, 2012

فيلم المقاولات .. كيف نفهمه؟

الآتي بعد هو وجهة نظر مشاهد أفلام عادي غير متخصص الشخصية ، ولا ألزم بها أحداً..

بدايةً ، مصطلح أفلام المقاولات أطلقه عدد من كتبة الأعمدة ، أغلبهم ستيني ، على مجموعة مما يعرف عالمياً بالـ B-movies ، وهي عادة ما تكون أقل جودة ، أو أردأ إذا ما أسمينا الأشياء بما هي عليه ، وهؤلاء لم يطلقوا عليها تلك التسمية لأنها رديئة ، بل لأنها تخالف النموذج الستيني الذي لا قبله ولا بعده ، سلفية ثقافية لا تختلف كثيراً عن السلفية الدينية المتشددة..

ولا تنتظر من صناعة السينما في أي مكان في العالم بما فيه هوليود أن تنتج أفلاماً كلها من الفئة الأولى ، هناك B-movies حتى في السينما الأمريكية ، الأفلام التي تشبع بها سوق الفيديو في مرحلة الثمانينيات ، والظاهرة قديمة قدم السينما الهوليودية وقدم تاريخ السينما بشكل عام ، وتفرع من تلك التقسيمة أفلام تصنف C-Movies و Z-Movies مثل فيلم plan 9 from the outer space وهو فيلم صنفه بعض النقاد ضمن أسوأ الأفلام في التاريخ..

إذن .. الـB-movie هو فيلم قليل التكاليف صمم لجمهور معين ، ولوسائط معينة ، كالفيديو الذي اعتبر من قبل نقاد - وأرى أنهم محقون في ذلك - التليفزيون الموازي لتليفزيون الدولة ، والذي يمكن من خلاله مشاهدة محتوى قد لا يظهر على شاشة تليفزيون الدولة ، والمفارقة أن تلك الظاهرة اتسعت في الوقت الذي عاش فيه التليفزيون عصره الذهبي ، ووصلت فيه الدراما إلى مستوى استحال على دراما الآن الوصول إليه.. وانحنت السينما في الثمانينيات رغم غزارة إنتاجها للفيديو ، حيث أصبح الفيديو هو السوق الذي يتم فيه توزيع الفيلم السينمائي قبل أن ينتهي به الأمر شريطاً في مكتبة التليفزيون ، وكان سوقاً واسعة لم يقتصر فقط على مصر بل امتد لدول عربية عدة من بينها بالتأكيد دول خليجية..

الـ B-movies في جميع أنحاء العالم وفي مصر بالتحديد هي محاولة لتقليد السائد ، خاصةً إذا ما كان عليه إلحاح ، يتباكى كتبة الأعمدة على زمن السينما الاستعراضية ، فيقدم البعض سينما استعراضية على طريقته ، يتباكى كتبة الأعمدة على السينما القديمة ، فيقدم هؤلاء نسخته من السينما التقليدية ، وكله موجود ، ضرب تلاقي ، أغاني تلاقي ، واطبخي يا جارية كلف يا سيدي..

الفيلم قليل التكلفة - وليس المستقل رغم أن السينما المستقلة قليلة التكلفة أيضاً ولكنها غير تجارية وبعض بل معظم أفلامها تجريبي صرف- يحتوي على عناصر فنية لا تكلف صاحبها كثيراً ، ممثلين على استعداد للتمثيل مقابل المال تحت أي ظرف (ومنهم أسماء معروفة) مجاملة للمنتج الذي قد يكون ريجيسيراً صغيراً أو شخصاً يريد استثمار أمواله في استثمار سينمائي مضمون ، حتى إن لم يجد الفيلم طريقه إلى صالات السينما فالفيديو هو المحك حيث يصنع الزبون المطلوب ، وهؤلاء يرون من وجهة نظرهم أن تلك الأفلام حماية لهم من عوامل الزمن التي تجعل الممثل كخيل الحكومة، ومخرجين يجيدون الخلطة التي تعجب مشاهد الفيديو المعني بهذا الكلام وليس مشاهد السينما الذي لا يهمهم في كثير ، بل من مخرجي تلك الأفلام من كان واقعياً جداً "وأنا أعمل إيه وسط سينما "عادل إمام" ولا "نادية الجندي" اللي الجمهور عليها طوابير في العيد وفي مواسم السينما اللي الشعب كله عارفها"..رغم أن بعض مخرجي تلك الأفلام يفتخر بأن السينما تكون حين عرضها "كامل العدد"..

لا يمكن ذكر السينما الـ "بي" في مصر ، سواء كانت "بي" من "B" أو "بي" من "بيئة" دون ذكر كوميديان موهوب انتحر فنياً بسوء اختياراته هو "سعيد صالح" ، وممثلون "كسر" من عينة "سميرة صدقي" التي كانت بريمادونا أفلام المقاولات ، و"سمير غانم" الذي يرى أن الإيد البطالة نجسة وصعب على الفنان أن يبقى بلا عمل بحجة اختيار عمل فني جيد ، هذا غير "نبيلة كرم" و"غادة الشمعة" وآخرين ، أما من المخرجين فهناك "صلاح الدين سري" و "ناصر حسين" و"سيد سيف" و "إسماعيل حسن" ، والغريب أنه ليس منهم "إيد وود" مصر "إبراهيم عفيفي" صاحب الكوارث السينمائية التي لا تجدها ضمن التصنيف التقليدي للـ B-movies... ذلك أنه اختصر المسافة من الـ A-movies إلى الـ Z-movies بسرعة الضوء ، ولا "هشام أبو النصر" صاحب مسخرة سينمائية اسمها "العصابة".. ولا ننسى منتجين من عينة "جلال زهرة" -ريجيسير سابق-و"إبراهيم عزقلاني" و "فؤاد الألفي" و-ما تستغربوش - "آل العدل" الذين كونوا جزءاً من تاريخهم من إنتاج تلك النوعية التي يصفها البعض بأنها "أفلام ساقطة"!

يفتخر "ناصر حسين" صاحب أيقونة سينما الـ B المصرية "المشاغبون في نويبع" ، والذي يحتوي على كم من الهبل قل أن تجده حتى في أفلام "عفيفي" ، بأنه رجل "منظم جداً" ، يصور الفيلم في ثلاثة أسابيع من العمل الدءوب ، الذي لا يتاح - طبقاً لمنطقه - لأي فيلم طبيعي من الأفلام التي تصمم للمكان الذي يفترض أن تعرض فيه الأفلام .. السينما يعني .. وإن كنت ستطالب بسقوط "النظام" الذي يأتي من تحت رأسه أشياء كـ"المشاغبون في نويبع"!

تغير كل شيء ، وأصبحت تلك السينما هي ما يبتزنا به أصحاب فضائيات النفط ، ويعرضون أفلامها ليل نهار جنباً إلى جنب مع الأفلام التجارية التي حققت نجاحاً (حقيقياً) في دور العرض.. لك أن تتخيل أن مقاطع كثيرة من مقاطع "المشاغبون في نويبع" حصل عليها جمهور اليو تيوب من نسخة عرضتها "روتانا سينما" ، وكلما ظهر خطأ صارخ في المشهد تسمع من طرف خفي تلك العبارة "يا عم دة تمثيل".. دة تمثيل فعلاً بس مش للدرجة دي نهائي!:(

يتحدث نقاد وصحفيون عن أن الفضائيات ستكون السوق القادم لأفلام الفئة B بعد الفيديو ومن قبله سينمات الدرجة الثانية والثالثة التي بدأت تنحسر أقله خارج العاصمة ، وبالفعل تعرض فضائيات فيما تعرض أفلام B لرخص أسعارها ولملء الميادين الفارغة في جداول إذاعة برامجها..

واللي يشوف B الغير تهون عليه بلوته ، شاهدت مقاطع من أفلام B تركية ، من أبطالها "شونيت أركين" وهو ممثل يعادل في شهرته "عادل إمام" و "فريد شوقي" في تركيا إلى حد ما ، وهو يقدم ما لم يظهر في أسوأ كوابيس "ناصر حسين" السينمائية ، بل إن "ناصر" بالنسبة له "فيديريكو فيلليني"، تلك الأفلام التي صارت تعرض في سينما "علي بابا" وأقرانها خارج العاصمة ، في الفترة التي كانت لا تزال دور العرض تلك موجودة فيها..

نهايته .. السينما فن جماهيري بالأساس ، قوته في وصوله لأكبر عدد ممكن من الناس ، تجاري بحيث يؤهله للصرف على نفسه .. وكلما كانت نشاطاً مربحاً كلما أفرز عدداً أكبر من الأفلام منها بالتأكيد الجميل والجيد والمحترِم لعقلية المشاهد ، ومنها بالتأكيد أيضاً السخيف والسمج والمتخلف عقلياً .. وإن كان هناك من محرك للـ B-movies لدينا فهو الإلحاح الإعلامي السمج على صورة ما للسينما يستحيل تقديمها لدى المنتجين الكبار فيحاول الصغار تقديمها بشكل "يرضي الزبون" ويتماهى مع "الذوق الرسمي" على طريقته ، ومن حسنات المرحلة الحالية أنه يصعب فيها أن تجد فيلم مقاولات بالمعنى المتعارف عليه ، وإن كان يمكنك أن تعثر على أفلام ، ومسلسلات ، أسوأ من أي فيلم مقاولات رأيته في حياتك.. دمتم بكل خير..
* لقطات من "المشاغبين في نويبع" من اليوتيوب..

Tuesday, November 20, 2012

الفور إم : باعة الفرح

لن أوغل في تحليل موسيقى "الفور إم" كواحد من أكثر الفرق شعبية لدى جيل الثمانينات ، ولن أحاول البحث عن فلسفة عميييييقة في أغانيهم كما كان الحال مع فرق غنائية أخرى ظهرت في نفس الفترة التي ثارت فيها الأغنية المصرية على فرديتها وفتحت ذراعيها ولو لسنوات معدودة للعمل الجماعي ، فقط أكتفي مبدئياً بالقول بأن ذلك الفريق يقدم الموسيقى الأكثر مرحاً وبهجةً بين كل الفرق الأخرى..

"عزت أبو عوف" الذي لا يعرف الكثيرون أنه كان عازف الأورج في أيقونة "نجاة" "آه لو تعرف" بدأ حياته الفنية بعد هجره للطب وربما قبلها بالعمل في مصنع النجوم "بيتي شاه" قرر بعدها تكوين فريق غنائي مكون منه وشقيقاته .. وهو واضع موسيقى تصويرية جيد ، ومن أشهر أعماله القليلة مسرحية "الدخول بالملابس الرسمية" والكوميديا التليفزيونية الكلاسيكية "حكاية ميزو" وأفلام بعضها تليفزيوني وبعضها سينمائي قبل أن يتحول إلى التمثيل بعد تفكك الفريق ويرأس لاحقاً مهرجان القاهرة السينمائي الدولي!

وكما كانت "فرقة المصريين" هي محطة انطلاق الراحل الجميل "عمر فتحي" كانت الفور إم هي منصة انطلاق "محمد فؤاد" الذي تأثر في بداياته الفنية بموسيقى "الفور إم" في فترة ما قبل ألبومه الغنائي المدوي "إسألي" والتي بدأت به مرحلة جديدة في تاريخه الغنائي ، قدم مع "الفور إم" أغان منها "أنا سلطان زماني" التي أعاد الموزع "معتز بسيوني" توزيعها من جديد في نهاية القرن الماضي ، وأغنية "متغربين" التي حملت اسم أحد ألبومات "الفور إم"..

قدمت "الفور ام" ثمانية ألبومات غنائية منها واحد للأطفال ، في فترة شهدت ألبومات غنائية أخرى للأطفال منها "الديك الشركسي" للراحل "يونس شلبي" وبعض أغانيه كانت - ما تستغربوش - للشاعر الراحل الرائع "عصام عبد الله" .. مستغلين نجاح موسيقاهم التي غزت المصايف والحفلات على مدى فترة سطوع هذا الفريق الغنائي الشهير.. بل -برضه ما تستغربوش- قدموا أغنية "جدو يا طيب يا بو عصاية" التي غناها لاحقاً "محمد منير" بلحن آخر عام 1993 في ألبومه الشهير "الطول واللون والحرية".. لتصبح من الأغاني المصرية القليلة التي أعيدت بلحنين ، منها "أنا ما اتنسيش" التي قدمت قديماً وأعاد الموسيقار "زياد الطويل" تلحينها..

موسيقى مرحة بتنفيذ غربي ، جملة تلخص ببساطة فلسفة أكثر فرق الثمانينات مرحاً ، حتى وهم يعيدون توزيع "الليلة الكبيرة" ، بقوا في توزيع عدد كبير من أغانيهم مع الإيقاع "المقسوم" الذي يعد الإيقاع الرسمي للأغنية المصرية على الأقل في تلك الفترة ، وكانت كلمات الأغاني في مجملها خفيفة غير محملة بمضامين فكرية وفلسفية كما كان الحال مع "المصريين" وأحياناً مع "الأصدقاء".. صنعت جزءاً لا يستهان به من ذكريات من كانوا أطفالاً في الثمانينات - ككاتب هذه السطور - ومن كانوا شباناً في ذلك الوقت..

ربما تحاكم فكرة الفور إم الآن بمعايير مختلفة ، ويتساءل البعض عن المبرر الذي يكون فيه شخص فريقاً عائلياً كهذا ، لكن دعونا نستمع إليها كما استمعنا إليها صغاراً من قبل ، إلى الأغاني المرحة كما عرفناها وأحببناها..
* الصورة من الموقع الجدع قوي معانا dvd4arab.. منجم صور لا ينضب :)

فرقة "طيبة" والغواصة الصفراء

من الصعب أن نواصل تدويناتنا عن فرق الثمانينات دون أن نأتي على ذكر فرقة "طيبة" ، أحد أهم تلك الفرق وأسوأها حظاً على مستوى الفترة بكاملها..

كوّن "طيبة" الشقيقان "حسين" و "مودي الإمام" كواحدة من الفرق الغنائية التي ظهرت في مصر في تلك الفترة، ومر عليهما لبعض الوقت - صدق أو لا تصدق- "أحمد عز" أحد أكبر رجالات الحزبوطني فيما بعد ، واحد من طابور طويل من المشاهير بدأ من الموسيقا لينتقل لمجالات أخرى.. وإذا كان "صلاح جاهين" هو من صاغ دماغ فرقة "المصريين" ، فإن دماغ "طيبة" صنعها شاعر كبير فناً صغير سناً هو الراحل "عصام عبد الله"..

إذا كانت الويكيبيديا تقول أن الفرقة قد أسست في العام 1984 ، فإن تلك المجموعة عملت معاً ودون اسم محدد قبلها بثلاث سنوات ، ولعل الشيء الوحيد من حسن حظ تلك الفرقة أنها الوحيدة من بين كل الفرق الغنائية المصرية التي قدمت نفسها في السينما ، وبفيلم هام جداً ومثير للجدل هو "أنياب" للمخرج الراحل "محمد شبل" ، ولأنه هام جداً ومثير للجدل فلا تجد فضائيةً تعرضه إلا فيما ندر جداً ، ليدخل غيابات النسيان مثله مثل إنتاج الفرقة الذي اقتصر على ألبومين اثنين فقط هما "الدنيا صغيرة" و "الحب حكايتي"..

تجربة ما قبل "طيبة" تعيد إلى الأذهان فيلم "الغواصة الصفراء" (1968) وهو فيلم فانتازي موسيقي ينتمي لفئة الرسوم المتحركة من بطولة موسيقى فريق البيتلز ، أحد أشهر الفرق في التاريخ ، الفيلم الذي وصف بأنه بداية تحرر الرسوم المتحركة من عالم الأطفال لاستخدامها في قوالب أخرى من السينما ، وبقدر ما كان مطربو العرب بدءاً من "محمد عبد الوهاب" إلى أحدث الأسماء التي دخلت التجربة مقبلين على السينما ، بقدر ما تهيبت فرق أخرى ، أو لم يخطر ببالها ، دخول المجال السينمائي ، خوفاً ربما من الفشل بحكم أن للسينما معايير أخرى ، أو من سوء الحظ الذي لازم أسماء عاصرتهم في المجال السينمائي ، فلم يوفق "هاني شاكر" كممثل في "هذا أحبه وهذا أريده" ، ولم يختلف الأمر كثيراً بالنسبة للراحل "عبد اللطيف التلباني" أو الراحل الآخر "عماد عبد الحليم".. وبدت خطوات "عمر فتحي" شديدة الحذر ولم يمثل إلا فيلماً واحداً هو "رحلة الشقاء والحب".. ولم يكن أمامه مزيد من الوقت للتفكير في مغامرة أخرى..

قصر الكلام ، اكتسبت أغاني "طيبة" من روح "عصام عبد الله" الوثابة المنطلقة ، واستخدامه المبتكر للكلمات بشكل جعل "صلاح جاهين" يصفه بأنه مستقبل الأغنية في مصر ، "عصام" كتب معظم أغاني "أنياب" باستثناء "يا لهو بالي" لـ"أحمد عدوية" ، حتى "عدوية" غنى من موسيقى ثنائي "طيبة" في الفيلم وشارك في أغنية الختام ، كما عاد "عصام" للعمل مع "مودي الإمام" بعد أن انحل الفريق قبل واحد وعشرين عاماً في فيلم "الأقزام قادمون" مع صديقهم المشترك المخرج الكبير "شريف عرفة" وكان بداية هذا الأخير السينمائية..

انتهت "طيبة" ، اختفت أغانيها ، يحاول "مودي الإمام" البحث عن نسخ صالحة للتسجيلات ، يسير كل من الشقيقين في اتجاه ، يلحن "حسين الإمام" ويمثل أحياناً ، ويتألق "مودي الإمام" في الموسيقى التصويرية ويصبح أحد أهم سحرتها في دراما اليوم ، حتى غواصة الفريق الصفراء لا تزال في قلب البحر إلى الآن..
* الصورة من ويكيبيديا..

Saturday, November 17, 2012

أسديكي .. كم تساوي؟

والمقصود ليس طبعاً فيلم "يا صديقي كم تساوي" الذي كتبه وأخرجه الفنان متعدد المواهب "يوسف فرانسيس" ولم يحقق نجاحاً تجارياً كبيراً ولم تقبل الفضائيات على إذاعته .. ولكن المقصود شيء آخر له علاقة من تحت لتحت بفكرة الفيلم عندما تناقش خارج سياقها وربما بأحد مواضيع "فرجة"..

"صاحبي وصاحبك هناك ع القهوة" .. عبارة من فيلم آخر له علاقة بالموضوع "سلام يا صاحبي".. تطلق بعدها عنوان الفيلم سالف الذكر بعد أن تنكشف حقيقتك لمن يصادقك ، أو تكتشف أنك خدعت في صديقك أو أصدقاءك كما يحدث معي باستمرار ليصدق فيَّ قول "هاني رمزي" في "غبي منه فيه" : "يا عيني اتصدم"..

الإنسان كائن اجتماعي ، ربما السبب في ذلك أصله الحيواني ، والحيوانات تفضل العيش في جماعات حتى لو كانت تلك الجماعات منغلقة على نفسها بحكم قانون الغابة ، صحيح أنك لا ترى قطاً وسط قطيع من الكلاب لكن من الصعب أن تجد قطاً يعيش بمفرده دون أن يمشي مع قطط حتى لو كانت ألوانها مختلفة ، والشيء نفسه بالنسبة للكلاب والأفيال والفئران وحتى الحشرات.. إذا كانت الغريزة هي من تحرك القط ليسير مع قطط لا يعرفها ، فإن حب الإنسان الأزلي لأن يكون محبوباً وسط محيطه وقطاعه يعادل في تأثيره تأثير الغريزة عند الحيوانات..

ولأننا نتكلم عن حب فنحن نتكلم عن عاطفة ، وحين تعمل العاطفة يتوقف العقل عن العمل ، تذكرت مسلسل "وعاد النهار" الذي حقق نجاحاً كبيراً في وقته ، "هاشم" النزق الذي يحب "يسرية" ويستعد لفعل أي شيء من أجلها ، ولا يصدق أنها خانته مع "ممدوح" ولفقت له (=أي لـ"هاشم") قضية هو بريء منها تماماً ، ولم يفق إلا بعد فوات الأوان..

تتفق أنت وس من الناس على قضية ، تشعر بالتشابه معه ، فتصبحا صديقين ، مزايا وعيوب وهراء من ذلك القبيل "ما أعطلكش" ، لذلك تصبح الصدمة عنيفة عندما تكتشف تماماً حقيقة الشخص الذي صادقته.. كما اكتشف "كمال" كيف كان "خميس" نذلاً في "على باب الوزير"..

وبعض الناس يصادقون مبادءهم وزعماءهم على نفس المنوال الذين يصادقون فيه بعضهم بعضا ، ولدينا إعلام قادر على تحويل "راسبوتن" إلى ولي من أولياء الله الصالحين ، ولدينا في مجتمعنا المصري ، وأعترف بذلك ، أسوأ طرق التأثير على العقل الجمعي للأفراد ، واحد يهتف في مظاهرة الكل يهتف معاه بلا سبب مقنع وبلا "انت بتقول إيييييه"..

تستمتع بكون أحدهم نجح في استغبائك ، تتلذذ بكل صدمة يفعلها أحدهم بك ، ويكررها ، وأنت مستمتع ، حقك على عيني ، يا مطلع لي عيني ، لحل الوفا بديني ، إضربني تاني كمان..

أعترف بكوني شخصاً عاطفياً أحمقاً يقع في تجارب من هذا النوع ، ينكشف لي كثير من أصدقائي عند أول خلاف أو اختلاف ، وبدأت اللعبة "ما تلذش" بالنسبة لي ، هو كل يوم ضرب ضرب ضرب ، مفيش شتيمة.. نفس ملل "إسماعيل ياسين" مما يفعله كل يوم كما غنى في واحد من أروع مونولوجاته "الدنيا دي متعبة جداً"..

الدنيا دى متعبه جدا جدا جدا جدا جدا..اه من الدنيا..من اكل وشرب وشرب واكل قلع و لبس و لبس و قلع واصناف تانيه..اه اه من الدنيا يايايايا اه من الدنيا يايايايا اه اه من الدنيا اه..اجى اكل امضغ امضغ امضغ امضغ لما اعض لسانى..و اشرب على البارد سخن و سخن و بارد و بارد وافضل اشرب لما اهد سنانى

شاعر الأغنية "ابن الليل" - لو حد عارف عنه معلومة يقول لي - كان صريح مع نفسه بما يكفي ، هو زهقان بس مش قادر يبطل ، أحاول فلسفة الصداقة عن نفسي وأسأل "يا صديقي كم تساوي" ولا أكف عن البحث عن أصدقاء ولا أكف عن الحصول على صدمات عنيفة فيهم.. دمتم بخير..
* الصورة من منتدى "النادي"

Friday, November 16, 2012

ما يصعبش عليكو دريم

يعرف عني المقربون مني من زملاء التدوين أني شخص مجامل ، لكن إلى حد معين ، ولست والحمد لله على ذلك من أصحاب "س شخص سافل وحقير لكني أكن له كل تقدير واحترام" ..

الكلام بمناسبة "دريم" ، وبمناسبة ما قاله زميل التدوين العزيز "عمرو عزت" منتقداً القرار الذي على أساسه أغلقت "دريم" .. أرد أولاً على الزميل العزيز أنه ، وإحقاقاً للحق لا أكثر ، قد يبدو سبب إغلاق قناة "دريم" بيروقراطياً ومعجزاً للعديد من القنوات ، لكن القناة قبلت تلك الشروط كما عليه ، وهناك عشرات القنوات من أمثال "سي بي سي" و "المحور" تبث من ستوديوهات داخل مدينة الإنتاج الإعلامي..

"دريم" حصلت على استثناء بموجب علاقتها بأحد ابني المخلوع قبل ست سنوات ، هذا الاستثناء ينتهي اليوم الجمعة السادس عشر من نوفمبر ، وكان أجدر بالقناة بدلاً من التذاكي والعيش على "الاستثناءات" التي لا تبدو غريبة على السلوك العام للسيد "أحمد بهجت" في مجال البيزنس ، أن تبحث عن توفيق الأوضاع وأن تتصل بالجهات المعنية وتخاطبهم في هذا الشأن ، بدلاً من محاولة تسول التعاطف كما يتم تسول الامتيازات..

"دريم" ليست جريدة "الشعب" التي دفعت ثمن حملة هي الأجرأ في تاريخ الصحافة المصرية في مواجهة وزارة الداخلية ، التي كان على رأسها وزير قوي بمعنى الكلمة هو "حسن الألفي" ، لم نسمع أن "دريم" عارضت أو واجهت فساداً ، وكان أولى بالسيد "خيري رمضان" وهو يقود وصلة دفاع مفتعلة غير مقصودة عن قناة تمثل المعسكر المضاد لسيده "منصور عامر" بألا يتبع أسلوب "لا تقربوا الصلاة" وهو يتحدث عن مناقب القناة العزيزة الغالية أ...ما علينا ، كان أولى به أن يذكر بدور "دريم" في تأييد المباركية ، دور أدته طائعة راضية وليس تحت تأثير السلاح أو الحاجة الأصفرة ، كان أولى به أن يذكر بدور "دريم" في مهزلة الجزائر ، وكيف أنها كانت البوق الذي يتحدث منه ابن المخلوع الذي تقول شائعات شديدة القوة أنه كان أحد ملاكها..

يقول "خيري بيه" أن القناة استضافت "محمد حسنين هيكل" وقت أن كان ممنوعاً على الميديا ، أود أن أعرف على المستوى الشخصي كيف ولماذا كان ممنوعاً إن كان الكلام صحيحاً ، ولماذا لم تحتج القاهرة على استضافة "جيزال خوري" لـ"هيكل" في برنامج "حوار العمر" الذي أذيع في فترة كان فيها "هيكل" ذا قيمة على مستوى المعارضة والصحافة المصرية ، علماً بأن القاهرة نفسها كانت السبب في "قلش" "جيزال خوري" من "ال بي سي" على خلفية لقاء مع المخلوع!

وإذا كان "خيري بيه" يعدد استضافات "دريم" لزعماء المعارضة وشخصياتها ، أضيف له "حمدي قنديل" الذي تم طرده من القناة ، و"إبراهيم عيسى" الذي لم يعجبه فيما يبدو "الحال المالي المايل" للقناة فتركها لوسيلة إعلام "مقرشة" أكثر تستطيع أن تلبي احتياجاته بما يتناسب مع ما يعتبره قيمته المضافة لرصيد المعارضة المصرية.. غير أنه (="خيري") يذكرنا بأن القناة استضافت "هالة سرحان" ، وأضيف له أن "هالة" كانت أول رئيس لقناة "دريم" ، ولم تتركها إلا بفضيحة ، أما عن حكاية أن "هالة" رمز معارض ، فسأكتفي بذكر عبارة : "خيري" .. قلبي الصغير لا يحتمل!

"دريم" كما كتب المدون من قبل تقدم ديكور معارضة لا أكثر ، لم يعارض في أي قضية بحق وحقيق ، بل إن "دريم" عدت الذراع الطويل لصاحبها يبتز بها من يشاء ويهاجم بها من لا ترضى عنه الذات البهجتية ، حتى أن المدون شبهها في وقت معين بقناة "الجزيرة" التي جعلت من بلد عربي صغير المساحة والسكان لاعباً مهماً في السياسة العربية الحالية .. وأذكر فقط بفقرة من التدوينة :

7-يهيسأ للمتابع أول الأمر أنه أمام حزب معارض غير رسمي ، يستطيع الحديث بصوت عال في أي موضوع وفي مواجهة أي شخصية مهما كان ثقلها ووزنها ، وتنقل نبض الشارع الثائر الساخط المش عارف إيه ، لكن هذ الانبهار يسقط مع الوقت ، وبسرعة .. عن نفسي اكتشفت أنها تعارض على طريقة "بيت الأشباح" - التدوينة قبل السابقة - تهييج ثم تهميد فتعويد.. وتنقلك من "مصر الأخرى" المهمشة إلى قرى ومنتجعات مستر "دريم" في فواصلها الإعلانية أثناء عرض "الطبعة الأولى" أو "واحد من الناس".. حاملاً رسالة تفيد بأن "رامبو" - "بهجت" يعني- سيقود المصريين من "واحد من الناس" إلى "دريم لاند".. والأهم أن "حزب دريم المعارض" يحرص من حين لآخر على البقاء على مسافة بين المعارضة والنظام ، لا هو "عز" ولا هو "أيمن نور" .. وضع يجعله يربح أكثر .. مثل "السمسار" .. وسيط يعني (مع الاعتذار لمسرحية "سكة السلامة 2000)!

أما عن "القيمة المضافة" لـ"رصيد" "الإعلام المصري" فقد ننجر للحديث عن عاهات مثل "البريمادونا" متضخمة الإيجو ، و"المسلماني" متصنع الثقافة ، وثالثهما "الإبراشي" ، والذي حول "العاشرة مساءً" الذي استولى عليه بنفس طريقة استيلائه على برنامج "الحقيقة" التي تقدمه سيدته "هالة سرحان" إلى قاعة أفراح و"بيشيشن" على رأي ابن أخي.. ولا داعي للتذكير بـ"خالد الغندور" و "أمينة شلباية" و"جيهان منصور" ، خاصةً أن "موجة كوميدي" وفت الاثنين الأولين حقهما وكما ينبغي..

هناك فرق بين أن يغضب شخص لإغلاق قناة كهذه لسبب بيروقراطي ، وبين أن يغضب شخص لإغلاق نفس القناة لهوى شخصي ، مع احترامي للهوى الشخصي والرأي الشخصي أعود لأسأل : ماذا لو تم إغلاق القناة من قبل لجنة مختصة مستقلة محترفة بسبب مخالفات صارخة لميثاق الشرف الإعلامي وبعد استنفاذ مرات لفت النظر ، هل ستصرخ على نفس الطريقة "الدريمية" التي يتباكى فيها صاحبها على "حرية الرأي" و "الاستثمار".. آل يعني..

ما يصعبش عليكم غالي ، ولا يصعب عليكم "دريم" .. وخلوا التصعيب لحاجة عدلة.. مات الكلام..
* الصورة من "الفن التعبيري" - واخد بالك يا حسين - للمدون! :)

Wednesday, November 14, 2012

السبكي vs كامل أبو علي!

ليست السطور القادمة دفاعاً عن "السبكي" ، الذي خرجت للتو من مشاهدة واحد من أكثر ما أنتج سوءاً وهو فيلم "عبده موتة" ، ولكن هي محاولة لرؤية الواقع لا أكثر..

"السبكي" الذي تحول إلى "ميش ديش" ، ويشعر البعض بأنه يتقرب إلى الله عز وجل بمعايرته ومعايرة عائلته بأنها "عيلة جزارين" يبدو عندي واضحاً ومحترماً ألف مرة أكثر من "كامل أبو علي" وغيره ممن يهلل لهم النقاد وكتبة الأعمدة..

"السبكي" واضح وصريح ، أنا راجل بأنتج أفلام علشان أكسب منها ، وهناك العشرات من المنتجين عبر التاريخ الطويل للسينما المصرية يفكرون بنفس الطريقة ، سواء "محمد مختار" أو الراحل "واصف فايز" صاحب شركة أفلام "مصر العربية" التي أنتجت ما يقترب من ربع أفلام "عادل إمام" وأكثرها أهمية وجدلاً ، أما "كامل أبو علي" فلا تعرف ماذا يريد ، يحكم مدينةً من الباطن ويهيل هالة من التمجيد الإعلامي والأهمية على شخصه وعلى ما ينتج.. ولا يعرف أحد ماذا كان مقابل إنتاجه ، أو مشاركته المعلنة مثلاً في مسلسل "الجماعة" الذي لا تزال تثار علامات الاستفهام حول إنتاجه الضخم جداً في العام الذي سبق الثورة.. رغم أن المسلسل "قطم وسط" لأي منتج ، ومن شاهدوه يعرفون هذا تماماً..

"السبكي" الجزار واضح ، ويعرض بضاعته كما يعرضها الجزارين مكشوفة ، والدور والباقي على الزبون ومستوى إدراكه وفهمه لـ"اللحمة" ، ومعرفته الفرق بين "الفخدة" و "الشغت" ، بل وأزعم أنه لا يمارس السياسة بتعريف الراحل "نجاح الموجي" بأنها "إنك تدخل على الزبون وتبيع له اللحمة الجملي على إنها عجالي" ، و"السبكي" كأي جزار شاطر لديه من كل البضاعة ، بعضم ومشفي ، "عبده موتة" و "ساعة ونصف" ، "عمر وسلمى" و "الفرح" ، أفلام الدرجة B وأفلام حقيقية ، بعبارة أكثر صراحة ، هو يستخدم توابل السوق وبهاراته بشكل صريح وواضح وربما فج ، ولا يخجل من ذلك ، اللي تغلب به العب به ، عكس "كامل أبو علي" الذي يمثل في سينما الحياة دور الشهيد والضحية للمجتمع والرقابة والدنيا باللي فيها.. "السبكي" في "موتة" جمع أكبر عدد ممكن من أدوات الجذب المعروفة في السينما المصرية منذ فجر تاريخها ، الجنس والموسيقى والأغنية والرقصة وحتى الإفيه الكوميدي (الذي فشل "محمد رمضان" في تقديمه)، أما الآخر فمارس تلك الأشياء نفسها في فيلم كـ"كلمني شكراً" الذي كان باكورة إنتاج تحالف شركته مع "ساويرس" فيما يسمى "مصر للسينما" وحاول أن يغلفها بالعافية بمضمون ، كما لو كان جزاراً يحاول تغليف اللحمة بورق اللحمة حتى لا يعرف الزبون ماذا يشتري ويقتنع بما يريد الجزار أن يعممه به ، والشيء نفسه عندما أراد أن يبيع لنا "هيفاء وهبي" في "دكانة شحاتة" لنفس التحالف ، فقط يغطي الموضوع بالمناحة على العهد الناصري ومشاهد الأمن والمتطرفين ، بل ويتفنن "كامل أبو علي" في تمثيل دور الشهيد عندما يستخدم السياسة والجنس والدين لإظهار أنه ضحية ، في البداية كان اسم فيلم "خيانة مشروعة" الأصلي "خيانة شرعية" ، وفند كاتب السطور اختيار ذلك الاسم الأصلي في حينه ، بعدها "احكي يا شهرزاد" و"فيلم" "منى زكي" المصاحب له ، كما لو كان "يسري نصر الله" يحتاج لهذا الهراء ليروج فيلماً له وهو المخرج الذي "له جمهوره" من متذوقي الفن السابع وعشاق أستاذه "يوسف شاهين" ، حتى "كلمني شكراً" لم يختلف الأمر فيه للدرجة ، ويمكن وصفه بأنه "عبده موتة" نسخة "خالد يوسف" ، وبين الفيلمين وجه تشابه.. بالمناسبة..

السبكي صاحب الوش المكشوف والبضاعة المكشوفة يتحدث للصحافة على المكشوف ويتصرف معها بوضوح ، وهو قليل الظهور صحفياً مقارنة بمنتجين آخرين في الوسط السينمائي، والكثيرون في الوسط الصحفي يستثقلون دمه ، وبعض كتبة الأعمدة يعتبرون ظهوره في الوسط السينمائي مثل ظهوره -المقحم وغير الدرامي في رأيي الشخصي- في أفلامه ، "كامل أبو علي" لا يجيد إلا اللف والدوران وتسمية الأشياء بغير ما تسمى به وما هي عليه ، ومع ذلك تدافع عنه الصحافة وتمجده.. ولا تتحدث عنه كثيراً ، خصوصاً كتاب الأعمدة ذوي النزعات الأخلاقية الذين أبدوا "امتعاضاً" على استحياء من خلطة "كلمني شكراً" على سبيل المثال..

"السبكي" ذكي ويستطيع مواءمة نفسه على أي وضع كان ، حتى لو حكمت حركة "طالبان" مصر ، الآخر مثل لصوص المال السياسي ، يريد أن تكون اللعبة كلها له ولصالحه فقط ، سوقاً سينمائياً جاهزاً لاستيعاب الاحتكار وقبوله ، خاصةً من حوت من عينة "مصر للسينما"..

حتى لو نسي الناس "السبكي" وسيحدث ذلك في أي وقت فلن يتذكروا "كامل أبو علي".. فـ"السبكي" كما ذكرت يبقى واحداً ممن أنتجوا للسينما بدافع أكل العيش ، أو حتى البيتي با ، مثل طابور طويل من منتجي السينما في مصر الذين كانوا من الوضوح في تعاملهم معها دون مواربة أو تورية ، أما "كامل" فاختار أن يمثل دور الشهيد والضحية في وسط وفي حقبة زمنية تشهد تمرداً على كل شيء ، بما فيها "كامل" نفسه وقيمه كمنتج إن كان له قيم بحق وحقيق.. دمتم بكل خير..
* الصورة من الفيس بوك..

Tuesday, November 06, 2012

ممثلو التوك شو : محاولة للفهم

التمثيل في مكانه عمل محترم ، في غير مكانه لا يصبح عملاً ولا محترماً.. أعرف عن التمثيل على خشبة المسرح وفي ستوديوهات الإذاعة والتليفزيون وبلاتوهات السينما ، لكن يوجد نوع من التمثيل يعد في غير مكانه رغم أنه يتم أمام الكاميرات ، لأن من يقوم به ببساطة الشخص الخطأ ، أعني هنا بالتحديد ممثلو التوك شو الأفاضل..

إذا عدنا للوراء ما يقرب من العشرين عاماً في فوازير رمضان للراحل "عبد السلام أمين" كانت في سنة من السنوات تتحدث عن مذيعين مشهورين في زمن القناتين الأولى والثانية ، وكانت قائمة في كثير على تقليدهما ، كان آخر المذيعين في تلك الفترة "العلامة المميزة" ، هي بالتأكيد ليست "ضربة مطوة .. لطشة سكينة" إلى آخر ما قيل في "شاهد ما شافش حاجة" في تعريف صاحب "العلامة المميزة" .. لكن هنا أتحدث عن لازمة حركية أو لغوية أو "بوزيشن" معين أمام الكاميرا في حالة الراحلة "فريال صالح" على سبيل المثال.. فيم عدا ذلك فهم أناس طبيعيون ليسوا مرضى بهسهس التمثيل..

ما نراه الآن هو كاراكترات ، يصحو المذيع من نومه ويذهب للعمل كأي شخص عادي ، ما أن يظهر أمام الكاميرات حتى يبدأ في تقمص الشخصية ، أو ما يسميه عامة الناس "يعيش الدور" ، يعرف من لهم علاقة بعلم التمثيل أن الكاراكتر ليس مجرد لازمة حركية ، بل شكل وطريقة كلام وطريقة تفكير ، حزمة مواصفات وعلامات مميزة ، تذكروا "اللمبي" و "اتش دبور" و حتى "خالتي فرنسا" ، وهذا ما نراه في برامج التوك شو أيضاً ، كل ما هنالك أن تلك الكاراكترات لا تحتاج إلى تغييرات في المظهر أو إلى ملابس معينة على غرار ملابس الراحلة الكبيرة "سامية الإتربي" في برنامج "حكاوي القهاوي" ، المهم أي علامة مميزة ، وإديله في شيكارة..

كاراكتر بنت البلد - مثلاً- تمثله السيدة "ريم ماجد" بفجاجة منقطعة الخلف ، ومن الصعب على مرارة الشخص العادي أن تتقبل أن مذيعة نشرة فرنسية سابقة لها من الثقافة ما لها تفتعل الحديث بلغة كانت لغة البسطاء منذ خمسين عاماً فقط ، ألفاظ شديدة التقادم لا يعرف بعضها جيل آبائنا متعه الله بالصحة والعافية وطول العمر ، أمر يجعلنا أمام مونولوجست - بما أننا الشخص الوحيد الذي ابتدع تلك العبارة اللوذعية..

إذا كانت "ريم ماجد" تمثل كاراكتر بنت البلد ، فهناك آخرون يمثلون كاراكترات أخرى ويعيشون في الدور ، محاولات "لبنى عسل" استدرار عطف الجمهور بصرياً بنظرة تظهر فيها بوادر دموع وربما تكون هذه طبيعتها في الحقيقة، محاولات "لميس الحديدي" الظهور بمظهر "المصرية الجدعة قوية الشخصية" على طريقة "الغجرية ست جيرانها" بالزعيق ونبرة الصوت المبالغ فيها جداً بشكل لا يتناسب مع التليفزيون ولا البوتاجاز ، خاصةً عندما تصدر تلك التصرفات من مذيعة دخلت المجال "استخصار" على أساس أنه من المعيب أن يكون زوجها مذيعاً وشقيق زوجها مذيعاً وهي لا.. وهناك غير من سبق ذكره كاراكترات أخرى فيها من التناكة وإحداث النجومية ما فيها ، "جيهان منصور" و "دينا عبد الرحمن" وباقي حدف مدرسة "دريم" للإعتام لا للإعلام.. مدرسة "شريفة شريفة شريفة" على رأي "عبلة كامل" في فيلم "خالتي فرنسا" ، المضحك أن "خالتي فرنسا" لقب أطلقه في العادة على كاراكتر لم آت على ذكره كثيراً في هذه المدونة ، وهو كاراكتر "سهير جودة" زوجة الصحفي "محمد هاني" والتي كانت تقدم برنامجاً في الإيه أر طين والمراسلة الفاشلة في "إل بي سي" والرجل القوي في برامج من بينها "الستات ما يعرفوش يكذبوا" بحكم كون زوجها الرجل القوي في "سيس بي سي".. كاراكتر هذه المرأة هو مقياس حقيقي لقوة التحمل وصلابة المرارة عند الإنسان المعاصر..

درجة حب الشخص لنفسه تحدد إلى حد كبير موقعه في لعبة الكاراكترات ، كاراكتر البريمادونا هو البريمادونا نفسها ، بميل وجهها على الكاميرا ، والتأتأة شبه المفتعلة ، ومحاولة الحديث بالفصحى على طريقة مذيعي إذاعة الشباب والرياضة وهم يفقعون مراراتنا وهم يذكرون نتيجة مباراة ما ، الأمر الذي جعلها ملقفاً للتقليد ، وجعلها من أبرز ضحايا "إيمان السيد" في برنامج "توك شو" على قناة "موجة كوميدي" ، قبل أن نعرفها (="إيمان") كممثلة لاحقاً..

والبعض يتصرف ككوميديانات الاستاند أب ، قالب أمريكي النشأة على ما أظن ، يقوم فيه شخص بدور الصديق المرح الذي "ياخد ويدي في الكلام" و "يخش معاك قوافي" إن لزم الأمر ، "عمرو أديب" مجرد مثال على ذلك ، وفي اعتقادي أنه كان سينجح كممثل استاند أب كوميدي لو لم يحقق شهرة كمذيع ، يرى في نفسه entertainer أو حسب ما أترجمها "مسلواتي" يجعل المشاهد جالساً متابعاً لبرنامجه حتى وإن بدا موضوع الحلقة مملاً وكئيباً ، حقق نجاحاً بالتأكيد في هذا القالب ، بمساعدة موهبته الكامنة كممثل والتي لم يستغلها كما يجب ، لكن سرعان ما أصبح الموضوع نقمة عليه ، وأصاب الغرور "أديب الصغير" مما جعله شخصاً غير مقبول ، وذلك منذ انتخابات 2005 عندما تحول برنامجه من الترفيه إلى السياسة.. ميزة أخرى في "أديب" هي العمل الجماعي على طريقة ممثلي المسرح ، فبعض ممثلي المسرح الكوميدي الخاص وقدامى الفارسيرات من أمثال "وحيد سيف" و"سمير غانم" يؤمن بأن الإضحاك عمل جماعي يمكن تقسيمه على طريقة مباراة كرة القدم ، واحد يباصي والتاني يرفع والتالت يجيب الجون بدماغه ، لكن تلك الخلطة لدى "عمرو أديب" تفشل أكثر مما تنجح ، يعزو البعض ذلك إلى حب "أديب" سرقة الكاميرا ممن حوله ، والبعض الآخر إلى ثقل ظل كثيرين يظهرون معه في البرنامج ويحاولون التفنن في تمثيل كاراكتراتهم التي بموجبها يرون أنهم ولجوا عتبة "القاهرة اليوم" ، كالصحفي مدعي الثقافة "محمد مصطفى شردي" والمحامي الألمعي الذي لا يصلح للظهور في مسلسل كرتون "خالد أبو بكر" ، والمثقف الأكاديمي "ضياء رشوان" ، وحتى "عزت أبو عوف" اللي مالوش في الجد على طريقة الإعلان إياه ، ولا ننسى جبل الجليد السويدي "شافكي المنيري".. التي جعلتنا نترحم على أيام الست "نيرفانا"!

"إبراهيم عيسى" يلعب نفس اللعبة بشيء كبير من الابتذال ، يغلفه بشعارات فضفاضة من عينة العدالة والعدل والحاكم العادل والديمقراطية والشفافية ، وهو أقل حرفيةً من "أديب" كممثل ، يحاول أن يفعل أي شيء لجذب الانتباه ، يستعين بأكسسوارات أحياناً ، يحاول اللعب بنبرات صوته وحركات وجهه على الطريقة الأديبية فتخونه تلك التعبيرات ، يحرص على الظهور أكثر بمظهر المثقف المحرض ، يستغل في ذلك ديكوراً مخصوصاً له ، فبينما يجلس "أديب" على "ترابيزة" عليها أكثر من مقعد لاحتمال حضور الضيوف ولجعل المشاهد يرى أن ظهوره بمفرده أمر اضطراري ، "يستربع" السيد "إبراهيم عيسى" على منضدة عليها كرسي واحد فقط في منتصف الشاشة التي يبتلع من مساحتها مساحة لا يفوقها إلا المساحة التي تبتلعها "لبنى عسل" على "الحياة"!

هوس النجومية والبحث عن القوة هو القاسم المشترك بين كل المذكورين وغير المذكورين أعلاه ، المذيع صار نجماً مثل الممثل وأكثر ، وكيف لا وهناك مذيعون دخلوا التجربة ، واللافت أنهم لم يكونوا كاراكترات ، لا يستطيع شخص أن يقول عن "عبد الرحمن علي" الراحل الكبير وأحد أشهر مذيعي البرامج الدينية في النصف الأول من تاريخ التليفزيون المصري وهو صاحب النبرة الهادئة والوجه الأهدأ أنه كاراكتر(1) ، رغم أنه كان ممثلاً جيداً وسيء الحظ بسبب المرض الذي قتله بالتصوير البطيء ، كما أن "نجوى إبراهيم" ليست بالكاراكتر الزاعق الناعق وإن كانت لم تنجح كممثلة ، واقتربت عروض التمثيل من مذيعات أخريات كـ"هالة أبو علم" و"خديجة خطاب" وكلتاهما رفضتا من باب "رحم الله امرئ عرف قدر نفسه" ، كما أنه حتى الجيل الحالي من المذيعين الممثلين أشخاص عاديون لا يعيشون الدور.. "كريم كوجاك" و"نجلاء بدر" التي أعتبرها ممثلة جيدة من خلال أدوارها في "ريش نعام" و "شارع عبد العزيز"..

مرة أخيرة .. المذيع ليس ممثلاً ، وليس من عمله التمثيل ، حتى وإن بدت الشخصية عاملاً من عوامل قوته وتألقه ، إلا إذا كانت البرامج كلها من عينة المصارعة الحرة ، أشخاص يضربون بعضهم في الحلبة ويسهرون معاً في الحانة!
(1)من يبدأ التمثيل مع "صلاح أبو سيف" لا يمثل إلا بعد فترات طويلة وعلى مسافات متباعدة لأن هذا المخرج يصعب على أي ممثل العمل كثيراً مع غيره ، تذكروا "حمدي أحمد" الطاقة الرائعة في "القاهرة 30".. الصورة من "محيط"

Monday, November 05, 2012

فضة المعداوي

خلافاً للكثيرين ، أرى أن دور "فضة المعداوي" التي لعبته الراحلة الكبيرة "سناء جميل" هو الأصعب طوال مسيرتها الفنية ، وأحسب أنه تطلب منها مجهوداً كبيراً كممثلة..

مسز دولار ، سيدة جاهلة أمية أصبح معها مبلغ من المال، تفنن المسلسل في تقديم جوانب سوقيتها وماديتها وفجاجتها وهوسها بالسيطرة على كل شي ، في شكل يعيد للأذهان شخصية "جمال إسماعيل" في "السكرتير الفني" لكن بطبعة الثمانينيات الصالحة لكل زمان ومكان ،قُصْر الكلام ، قررت تلك السيدة في حين غفلة شراء قصر كانت نفسها تهوي إليه وهي صغيرة ، بغرض تحطيمه وتحويله إلى برج أو مول تجاري بلغة اليوم ، لا تأبه لحسابات "مفيد أبو الغار" التي تتحدث عن قيمة الشيء لا عن سعره ، والتي ترى في الدنيا أشياءً أبعد من حسابات البيع والشراء والحساب بالمليم..

مسلسل "الراية البيضاء" الذي عرض في التليفزيون المصري لأول مرة قبل ما يقرب من الربع قرن ، حافل بالعديد من الرموز والإسقاطات ، ولعله كان أكثر أعمال الراحل "أسامة أنور عكاشة" احتواءً على رموز من باقي ما كتب للتليفزيون من مسلسلات طوال تاريخه الدرامي الطويل ، وتشعر بعد ربع قرن من الزمان أن أحداثه ما زالت تجري الآن ، وإن اختلفت الشخوص ،والأماكن ..”مفيد أبو الغار” وفريقه ، “فضة المعداوي” وفريقها ، علاقة الحب التي تربط “فضة” بـ”مفيد أبو الغار” من جانب واحد كرمز لطموح “فضة” في أن تحسب نفسها على طبقة لا تنتمي إليها ، علاقة تحولت كما تتحول أي علاقة حب عكسياً إلى رغبة في التدمير والإذلال بأي شكل وبأية وسيلة ، حتى اسم المسلسل نفسه مستوحى من لغة الحروب على أساس أن “الراية البيضاء” هي علامة الاستسلام..

المال السياسي لا يختلف كثيراً عن السيدة "فضة المعداوي" ، إقطاعيو ما قبل 1952 كانوا يتعاملون مع الثقافة وما يقرب إليها من قول أو عمل بأسلوب أقل فظاظة وفجاجة ، بل كانوا يعدون الوجاهة الثقافية ضمن مكونات ما ينبغي لنبيل من الأسرة المالكة أو من يسعى لأن يحسب نفسه على طبقة النبلاء.. وكان من العادي أن تقوم أسر كبيرة بتسفير أبنائها للتعلم في الخارج والنهول من الثقافة الأوروبية بما كان لها من تفوق ، وبما كان لها أيضاً من وجاهة إعلامية تلخصها العبارة المصرية الدارجة "ألا فرانكا" ، وقدمت تلك الأسر نماذجاً للثقافة الأوروبية الغربية بما لها وبما عليها..

الفرق الوحيد بين "فضة المعداوي" وبين المال السياسي المصري الحالي بسيط ، أن المال السياسي أبى إلا أن يؤثر ويحكم ، طموحه أبعد من مساحة فيلا بها نقوش نادرة ومكتبة بها أمهات الكتب وأشياء من التي يراها المثقفون -وحدهم- بالعين المجردة كما يعتقد أمثال "فضة" ، إذا كانت معركة فيلا "مفيد أبو الغار" هي محاولة لاستعراض القوة ، وأن أموال الست "فضة" تستطيع أن تفعل أي شيء وقتما تشاء وتريد ، فإن معركة الاستيلاء على بلد بأكمله ، وتغيير قواعده وقوانينه بما يناسب المزاج والمصلحة والكيف لا تقل لدى هؤلاء عن فيلا "أبو الغار" بالنسبة لها..

والمضحك أن المال السياسي المصري يتحدث عن الثقافة كأحد حماتها ، بشكل يذكرنا بمشهد مؤتمر "فضة المعداوي" الانتخابي ، أحد أعلى نقاط الضحك في المسلسل ككل ، وهي تتحدث عن الثقافة ، والاسكندر ذو القرنين ، وهتيفتها يهتفون بشكل كوميدي من ورائها إعجاباً بالدرر التي تطلقها السيدة "فضة" من لسانها .. وبعيداً عن "ذو القرنين .. ذو القرنين" ، و"حياة الناس .. حياة الناس" يصفون أنفسهم بأنهم حماة الفكر والثقافة والفنون ، وهم يخدرون عقول الناس بإعلام لا يفكر ولا يساعد على التفكير ، نسخة أخرى من الإعلام الشمولي التلقيني الذي يقدم نفسه كمالك حصري لحقوق بث الحقيقة ، ولا يتعامل بسماحة ولا بسماحية مع أي مساحة نقد توجه له ولخطابه ، ويميل إلى تخنين وتخوين المخالف والمختلف..

نهاية مسلسل "الراية البيضاء" الذي نعيشه لا يعلمها إلا الله عزوجل ، وإن كان مشهد المواجهة بين مجتمع وبين زكائب المال التي تسعى لحكمه قد اقترب ، وربما أقرب مما نتخيله أجمعين.. فكروا فيها بعيداً عن اتهامي بحشر "المال السياسي" في أي جملة مفيدة .. وااايا حامووووووو.. التمساحة يالة..
* الصورة من "إيجي ستارز"..

Thursday, November 01, 2012

ساعة ونصف

لم يكن لي أحد فيمن قضوا في قطار الصعيد عام 2002 ، لكني كنت واحداً من آلاف المصريين الذين غلوا عضباً مما حدث ، واعتبروه ليس بالأمر الهين كما تم تصويره لاحقاً ، بل وممن مثل لهم الحكم ببراءة جميع المتهمين ثم عدم محاسبة الوزير الفاشل وربما الفاسد السابق الذي كان في منصبه وقت احترق القطار صفعة مدوية وعنيفة على أقفيتهم ، ضعف ما سببه مهرجان البراءة للجميع في أحداث جمعة الغضب ، كانت تلك الحقائق جزءاً كبيراً من فضولي لمشاهدة فيلم "ساعة ونصف" الذي أبدع فيه مؤلفه "أحمد عبد الله" ومخرجه "وائل إحسان" ويمكن تصنيفه كأحد أفضل أفلام العام في موسم سينمائي عجيب..

للتنويه ، لم يتناول الفيلم حادثاً بعينه من الحادثين ، هو فقط افترض أن الأحداث وقعت قبل الثورة ، بلعبة بصرية بسيطة تظهر فيها قصاصة جريدة في بداية الفيلم تتحدث عن الاهتمام "المصطنع" بعبارة "السلام" ، أي أن الأحداث وقعت بعد العام 2006 ، وبالتالي فإن المقصود ليس المحرقة التي حدثت قبل عشر سنوات ، وربما ليس قطار العياط الثاني ، الخطأ المنطقي الوحيد في الفيلم كان مشهداً لـ"سوسن بدر" وهي تلعب على جهاز تليفونها المحمول لعبة angry birds رمز المرحلة الحالية!

حاول "أحمد عبد الله" أن يقدم فيلماً تدور أحداثه في نفس فترته الزمنية ، ساعة ونصف ، أمر يشبه ما يحدث في مسلسل "24" الشهير ، لم يعد تقديم عدد كبير من الشخصيات في مكان وحيز زمني ضيقين بالمغامرة بالنسبة له ، لأنه فعل أموراً مشابهة في مشروعيه السينمائيين مع "سامح عبد العزيز" .. وبرغم نضج "سامح" كمخرج إلا أن خبرة "وائل" كانت أكبر بشكل جعلت ذلك الفيلم يخرج مختلفاً..

صحيح أن كتابة الفيلم عابها النزعة المسرحية ، والمونولوجات المطولة لبعض الشخصيات ، بشكل يجعلك أمام عمل مسرحي أكثر منه سينمائي ، لكن "أحمد عبد الله" سيطر على الإيقاع ، وكان له حساباته التي أثبتت صحتها : المسافة بين "محطة مصر" وبين المنطقة التي تم خلع القضبان فيها قريبة من مسافتها في الفيلم طولاً وزمناً ، وبالتالي لم يعرف الركاب أن القضبان قد تم نزعها إلا في هذا التوقيت الذي فشلوا معه في عمل أي شيء حياله.. وبالمناسبة ، يحسب لـ"عبد الله" أنه لعب على حبكة كيفية الحدوث وليس حبكة الحدث ، تماماً كما فعل "عبد الحي أديب" في فيلم "الطاووس" البوليسي ، القطار كان سينقلب سينقلب ، بطريقة أو بأخرى ، وبالتالي حاول أن يظهر للناس كيف سيواجه هؤلاء مصيرهم..

لا أعرف إن كنتم ستوافقوني أم لا على فكرة بعينها : تعامل "أحمد عبد الله" و "وائل إحسان" مع الفقر يختلف عن تعامل "ناصر عبد الرحمن" و "خالد يوسف" معه.. تعامل "عبد الله /وائل إحسان" جاء أهدأ ، وأكثر إنسانية ، وأكثر اعتماداً على لغة الصورة ، من أول دقيقة لآخر دقيقة ، وربما كان تتر الفيلم واحداً من أكثر تترات الأفلام المصرية في السنوات الأخيرة تعبيراً عن الجو والمناخ المسيطرين على الفيلم ، بدءاً بقطع على مشاهد طحن "الطعمية" وتحميرها ، على مشاهد لمحطة القطار والركاب المسطحين أعلاها من شدة الفقر ، أما "خالد يوسف" كمؤلف وكمخرج ، حتى عندما يخرج نصوصاً للغير ، يبدو تعامله زاعقاً مباشراً تحريضياً ، ولو كان تحريضياً على شيء معقول لأمكن لأمثالي فهمه وتفهمه.. تذكروا "حين ميسرة"..

والفقر هو القاسم المشترك بين تسعين بالمائة من شخصيات الفيلم ، إن استثنينا "أحمد الفيشاوي" الشاب المتفرنج الذي ضبط يقبل فتاة أجنبية في الطريق العام ، و"سوسن بدر" و "ابنتها" في الفيلم "آيتن عامر" ، فيم ينتمي ركاب القطار الآخرين ، وحتى الغفير الذي من مهمته حراسة القضبان (لعب دوره الكبير "أحمد بدير")، وأشرار الفيلم عصابة سرقة القضبان ("أحمد فلوكس" و "محمد عادل إمام" وآخرين) إلى مواطني الدرجة الثالثة الذين يركبون قطار الدرجة الثالثة ولا يشعر بهم أحد من المثقفين أو الساسة أو الناشطين لا سمح الله.. ركاب القطار هم الضحايا الحقيقيين للمباركية أكثر من مجرد شاب تم تعذيبه في القسم ، الرائع "إياد نصار" الذي تحول من الكفاح السياسي في الجامعة إلى بيع كتاب سخيف اسمه "رسائل حب" ، وكادت أعين الحضور معي أن تدمع في مشهد جمعه بالكبيرة "كريمة مختار" وهو يحاول أن يخبرها بأن ابنها يريد أن يلقيها في أقرب دار للمسنين ، "أحمد السعدني" بائع الشاي الذي يخاف على ابنه أكثر من حياته وكان مشهد موته في نهاية الفيلم مأساوياً للغاية ، "محمد رمضان" و "كريم محمود عبد العزيز" اللذان تعرضا لعملية نصب كبيرة ممن أوهموهم أنهم سيسفرونهم للخارج ، ويحملون هم مواجهة أهاليهم ، حتى "عبد العزيز" (لعبه "فتحي عبد الوهاب") بسيط التعليم الذي يغار من زوجته في الفيلم ("يسرا اللوزي") الطبيبة ويرفض سفرها في منحة ، ولكنه يفخر بها عندما تسعف "سوسن بدر" من غيبوبة السكر.. حتى الشرطي الفاسد خفيف الظل الذي يحاول استغلال السجين لكي يزوجه من أخته.. خليفة "جورج سيدهم" في الملاعب "ماجد الكدواني" ابتسامة الفيلم الوحيدة.. وليس من نجوا من ركوب القطار أيضاً ببعيدين عن المباركية التي دهست حياتهم وأحلامهم كما يدهس القطار سيئي الحظ على القضبان..

أتفق بالتأكيد مع ريفيو موقع "في الفن" على أن القصص كانت أكثر عدداً من اللازم ، وأضيف أن بعض الجمل الحوارية جاءت مسرحية ولم يكن ينقصها إلا "ميزانسينات" المسرح ، لكن تلك الكثرة ، والتنقلات بين الشخصيات ولو بشكل عرضي ، أفادت الفيلم وجعلت رواد صالة العرض السينمائي الذي شاهدته فيها في قلب القطار..

كان "وائل إحسان" عقلانياً وهو يعرف أن فيلمه ليس الفيلم الوحيد الذي تم تصوير أحداثه أو معظمها داخل قطار ، وبالتالي فإن تعامله مع القطار سيختلف عن التجارب السابقة ممثلة في فيلم "قطار الليل" (1953) (تصنيفه حركة وجريمة)، و"القطار" (1986) (أقرب لأفلام الكوارث التي انتشرت في تلك الفترة) ، ونهايةً بـ"أنا وأنت وساعات السفر" (1989) (رومانتيك كوميدي) ، أدرك أن لكل نوع وقالب أثره في التعامل مع القطار ، الذي يختلف تماماً عن قالب فيلمه التراجيدي ، بالتالي لم يشأ أن يحبس أنظار مشاهديه داخل القطار كي لا يصيبهم بالملل ، بل نقلهم في بعض الأحيان لخارجه ، كما في مشاهد الغفير والعصابة ، ليؤكد أن ما بداخل القطار مرتبط جداً بما يحدث بخارجه ، درامياً وإنسانياً أيضاً.. فمن كانوا داخل القطار لهم امتدادات وعلاقات على مختلف محطاته ، ليس فقط "الفيشاوي" الذي له أهل ومحامي ينتظرونه بالخارج ، حتى سائق القطار "محمد فريد" الذي كان أقل شخصيات الفيلم ظهوراً الذي يكتشف أن ابنته تعرف شاباً دون علمه ، ولم يكن من لم يركبوا القطار ببعيدين ، سواء كانت "هالة فاخر" التي تبحث عن علاج لابنها المعاق ، أو الشاعر والمطرب اللذان يبحثان عن فرصة في القاهرة ولكنها تموت في مهدها قبل أن تبدأ .. وعلى ذكر "خارج القطار" يحسب جداً للفيلم نقله المشاهد لعالم محطات القطار نفسها ، سواء محطة القاهرة أو محطة الحادث أو محطة الصعيد حيث ابنة السائق وصديقتها ، تلك الأماكن التي يراها المشاهد غير القاهري لأول مرة ، وإن لم يتعمق أكثر في "محطة مصر" حيث توغل فيلم من أكثر أفلام السينما المصرية إثارة للجدل إلى يومنا هذا "باب الحديد"..

لم تكن حبكة الفيلم المعتمدة على فكرة "حافة الهاوية" التي تتدرج فيها الأحداث سرعة وعنفاً إلى أن تصل إلى لحظة الانفجار (أشهر الأفلام العربية التي استخدمت تلك الحبكة "العار") وثراء الشخصيات وتصميمها فقط هي نقطة قوة الفيلم ، بل أضيفت إليها موسيقى "ياسر عبد الرحمن" الذي نجا من قطار الدراما المشتعل هذا العام ليقدم عرضاً مميزاً ، من ملامحه على سبيل المثال الإيقاع في تتر مقدمة وختام الفيلم ، والتي خدمت أيما خدمة العنصر البصري الذي قصده "وائل إحسان" في كل منهما.. والذي خدم بدوره فكرة الفيلم التي بدأت على مواطنين انتهت حياتهم كمانشيت في جريدة ، وانتهت على مواطنين آخرين انتهت حياتهم كمجرد مانشيت آخر في نفس الجريدة..

خرجت من الفيلم بعدة تساؤلات ، أهمها لماذا لم تقم الثورة بعد محرقة قطار الصعيد الأولى؟ ولماذا لم يتخذ إجراء بحق من تسببوا فيها سياسياً وجنائياً؟ هل تعرف الدولة المصرية شيئاً عمن يسرقون قضبان السكك الحديدية بتلك الطريقة التي حدثت في الفيلم ، أو للدقة التي نقلها الفيلم من الواقع؟ وماذا يمكن لأي اتجاه سياسي في مصر من الموجودين حالياً أن يفعل في مواجهة الفقر الذي صنع مأساة شخصيات الفيلم ومأساة آخرين من الذين لا تراهم عين الناشطين بالعين المجردة؟ أحتفظ لنفسي بإجابة السؤال الأخير..

الفيلم يمثل تصاعد الخط الذي بدأ بـ"كباريه" مروراً بـ"الفرح" ، وفي انتظار "الليلة الكبيرة" المغامرة القادمة للسيناريست "أحمد عبد الله" ، أقوى كتاب الجيل الحالي ملاحظة وأكثرهم ملامسة لواقع الناس من أسماء احترفت الإتجار والمتاجرة بهم.. مغامرة قد نجد فيها أسماء ممن شاركت في المغامرات الثلاث السابقة ، وإن كنت أتمنى مشاركة "إياد نصار" الذي أكد أنه النجم القادم للسينما المصرية بلا مبالغة..
* الصورة من موقع مجمل دوت كوم..