Friday, November 21, 2008

حساسية


على رئيسية "البديل" لهذا اليوم قرأت أن "حالة من الغضب العارم" انتابت "الأوساط السيناوية" بسبب تصريحات لـ"عمرو أديب" بخصوص هجوم عدد من أبناء القبائل على مراكز الشرطة وإغلاق الطرق و...و.... .

لي تحفظات على الصياغة المضحكة للخبر ، ولي تحفظات على "عمرو أديب" الذي بدأت لا أطيقه (ولكن بدرجة أقل من البريمادونا اللي تتفات لها القارة).. إلا أن الرجل على كل عيوبه ليس غبياً ،هو أذكى من أن يوجه "سباباً جماعياً" لفئة معينة من فئات الشعب وليس بالهَوَج الذي يتخيله الناس فيه حتى حينما يريد أن يبدو مهذاراً.. وهو-مثلي تماماً-غاضب من أن يكون هذا هو أسلوب تعامل كل من له مشكلة مع "الدولة" التي هي أكبر من "الحكومة" و "النظام".. هذه التصريحات بدأت يوم الاثنين وليس الثلاثاء، وفي وجود "مفيد فوزي" الذي "انتقد" "المعالجات الأمنية" لـ"مثل هذه الأزمات".. وليس هذا موضوعنا على أي حال..

أريد فقط أن أربط هذا الغضب القادم من "المجلس المحلي" بعدة وقائع أخرى..

في عام 1997، أنتجت شركة "صوت القاهرة" مسلسلاً يحمل اسم "السرداب" ، عن كتاب للواء "محمد عباس منصور" وسيناريو الراحل "أسامة غازي" وإخراج "صفوت القشيري" ومن بطولة "صلاح السعدني" و "إبراهيم يسري" و "سوسن بدر" مع ضيافة شرفية لـ"سمية الألفي".. يدور المسلسل عن قصة صعود تاجر مخدرات سيناوي اسمه "عواد أبو جرير" (لعبه بشكل أكثر من رائع "صلاح السعدني") الذي يتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي في فترة ما بعد النكسة على النقيض تماماً من عائلته ذات المواقف الوطنية المشرفة ، وبعد حرب 1973 يعود الرجل لينقل نشاطه إلى العاصمة مثيراً شائعات عن أدواره البطولية في مقاومة الإسرائيليين ، ويرشح نفسه لمجلس الشعب عن دائرة في سيناء وتتحداه شقيقته "نصرة" (لعبتها "سوسن بدر")التي تعرف ماضيه على حقيقته..

علم صناع المسلسل أن هناك حساسيات قد تنجم عن عرضه .. فبدأوا بـ Disclamer يؤكدوا فيه على أن هذه الشخصيات (="عوَّاد" وآخرين) لا تمثل المجتمع السيناوي صاحب الدور النضالي في مقاومة الاحتلال الصهيوني ..

ورغم أن المسلسل هو أفضل سيناريو للراحل "أسامة غازي" (وأفضل ألف مرة من "أوبرا عايدة") ، ورغم تألق فريق التمثيل فيه بشكل واضح ، إلا أن هذا لم يمنع من منع عرض المسلسل داخل مصر..

وهي واقعة تعيد للأذهان قصة "وادي فيران" لـ"عبده مباشر" التي حولت إلى مسلسل أخرجه الراحل "علاء كريم"، رغم سوء المسلسل إلا أنه سلط الضوء على محاولات إسرائيل تغيير هوية سيناء وتحريض السيناويين على طلب حق تقرير المصير وإدخال زراعة المخدرات إلى شبه الجزيرة السيناوية ، ومنعت إعادة المسلسل رغم عرضه لمرة أولى -وأخيرة- في العام 1999..

وليس الأمر قاصراً على سيناء فقط .. ففي عام 1985 على ما أذكر عرض مسلسل اسمه "الهاويس" ينتقد تأثير الانفتاح على بورسعيد .. وصوحب المسلسل بغضب عارم أثناء عرضه بحجة أن اللكنة التي يتكلم بها أبطال المسلسل لا تمت للكنة بورسعيد بصلة (رغم أن أخطاء "أولاد الليل" كانت أكبر) ، وعلى عكس سنة التليفزيون في إعادة عرض مسلسلاته لم يعاد عرض هذا المسلسل أبداً منذ تاريخه وحتى كتابة هذه السطور.. وكاد نفس المصير أن يلاحق فيلم "أبو العربي".. طبعاً ليس لاعتبارات فنية..

في كل تجمع بشري هناك الطيب والشرير ، الجيد والسيء، النبيل والنذل ، والممارسات السوية والانحرافات.. وفي كل تجمع في مصر هناك قادة غير رسميين (وإن كانوا منتخبين في بعض الحالات) هم الذين يحركون المسائل ، ويتحدثون بخطاب شعبوي تهييجي عن "صورة البلد" و "أولاد البلد" و..و... وطالما أن لرأي عامة الناس "صفر" أهمية فهؤلاء أمام كل من يعيش بعيداً عن تلك المدن والمحافظات هم صوت عامة الناس.. وهذا كلام فارغ..

للتذكير.. كنت في بورسعيد إبان الأزمة التي افتعلتها "الأسبوع" ونواب ذوي انتماءات يسارية وناصرية حول تمثال "الملك فؤاد" في بورفؤاد.. من يقرأ الصحف يفاجأ ببورفؤاد أخرى غير بورفؤاد التي يراها بعينه ويلمسها من الحديث مع البورفؤاديين البسطاء.. والذين كان أغلبهم رافضين لكل الهوجة التي أثيرت حول تمثال "الملك فؤاد" أياً كانت سيئاته ، صحيح أن الجميع يرفض عودة تمثال "دليسبس" ، لكن "الملك فؤاد" على كل سيئاته ليس "دليسبس".. ويبقى تاريخاً مثله مثل شوارع كثير في العاصمة أطلقت على أشخاص فعلوا ما هو أسوأ ، مثل "عبد الخالق ثروت" مثلاً!

الحساسيات موجودة في الشارع ، هناك من يحركها ويؤججها لتحقيق مصلحة أو للتغطية على "خيبة بالويبة".. كان ينبغي على الطاقة التي نلمسها في الاحتجاجات والشجب والاستنكار أن توجه بشكل مثمر لضرب هذه السلبيات في مقتل.. ولو "الكلام الجميل" و "الإشادات" حلت في يوم مشكلة لحلت مشاكل اليوم والغد..

أما عن علاقة الإعلام والميديا والدراما بثقافة "رفض الدولة" وشريعة الغاب وأكل الحقوق.. فتلك قصة أخرى.. لي عنها كلام بإن الله..
* الصورة من إسلام أون لاين دوت نت..

5 comments:

زمان الوصل said...

لازلت أرى أنّه ليس من العدل أن يكون لدى طرف من الأطراف نافذه إعلاميه- لن أقول بوق- للتعبير عن وجهة نظره و استكثار أن يرد الطرف الآخر من خلال نافذه إعلاميه أخرى

أخذ العاطل بالباطل هو ديدن الداخليه فى كل العصور و من ثمّ ليس من المقبول أن يكون هناك من يمهّد لقبول ما تنتوى الداخليه القيام به -انتقاما لخطف ضبّاطها الأشاوس و تجريدهم من أسلحتهم الميرى- على خلفية دور بدو "سيناء" فى التعاون مع العدو الإسرائيلى !! فأنت لا تجد هذا الخطاب الشجاع على لسان "الأديب" الوسطانى حين يتعلّق الأمر بالتعاون من اليهود بتصدير الغاز المدعوم لهم !! لن تجد نفس الخطاب التهييجى حين يتعلّق الأمر بتجارة رجال الأعمال المصريين مع الصهاينه !! ولاّ عشان بدو "سينا" همّا الحيطه المايله "أديب" الأوسط هيصدّق نفسه و يعيش الدور !!

وسائل إعلامنا عنصريه؟ طبعا هى عنصريه و نص و تلات اربع كمان !! وهى تتعامل من منطلق اللىّ مالوش ضهر ينضرب على قفاه .. و طريقة "إن كنتو نسيتوا اللىّ جرى" لا تصلح سوى للتعامل بين شراشيح الحوارى لا أن تكون لغة تعامل مقدّم برنامج يصنّف نفسه على أنّه موجّه للصفوه .. إلا إذا كان يعى "صفوه" الراقصه يبقى ده كلام تانى

abderrahman said...

بوست جميل يا شريف، كمان كنت عايز أضيف حاجة عن غياب صوت سيناء فيما يحدث، أعتقد اننا لا نعرف سيناء جيدا، والمصادر اللي بتطلع في الجرايد مش هتطلع إلا عشان تقول اللي حتاخده الجريدة..
الكتابة مركزية قاهرية في النهاية، تختلف درجاتها وانتماءاتها وحساباتها
ويمكن مثال بورفؤاد اللي انت ذكرته يوضح القصة أكتر

blackcairorose said...

معلش بس انا بشوف ان نفس البوست هو بشكل ما استكمال للبوست اللى فات عن الاعلان، وبالتالى برضه تعليقى هيكون استكمال

امتى يكون التاجر السيناوى المتعامل مع الاسرائيليين مثال لنفسه وامتى يكون مثال لكل اهالى سيناء؟

امتى نشوف حالة واضحة وضخمة ومع ذلك تفضل فى نظرنا حالة، من غير ما نعممها ونضخمها ونصر على انها بتسىء للكل وبترمز للكل؟

نقص وعى ونقص صحة تقدير ووضع كل موضوع فى حجمه الصحيح


وبالتأكيد مع زمان الوصل فى ان وسائل اعلامنا عنصرية ومتحيزة، وبضيف مش بس وسائل الاعلام ولكن كلنا كافراد وحكومة وثقافة

يعنى مثلا عمالين نقول لو كان الدكاترة بتوع السعودية كانوا المان ولا امريكان كانت السعودية قدرت تعمل فيهم كده؟؟

طيب برضه ما نسأل

لو كان المعترضين الافارقة فى جامعة الدول العربية اللى مات منهم 15 واحد، لو كانوا امريكان ولا المان كنا استجرينا نعمل فيهم ربع كده؟؟

اللى ليه ظهر مثل بنعمله احنا كل يوم قبل ما نتهم بيه غيرنا كل يوم

قلم جاف said...

الجميع:

هل تأخذ الداخلية العاطل في الباطل؟ صحيح..

ونحن أيضاً..

أشيد بعبارة لأماني وفرت عليّ مجهود انتقاء ألفاظ دقيقة توصل الفكرة بشكل دقيق:

امتى نشوف حالة واضحة وضخمة ومع ذلك تفضل فى نظرنا حالة، من غير ما نعممها ونضخمها ونصر على انها بتسىء للكل وبترمز للكل؟

الإعلام بيعمل كدة عموماً .. سواء أكان قريب من السلطة أو معادي ليها ، وبرضه شلة الأوصياء .. إزاااااي؟

الإعلام بياخد حالة واحدة "تجار المخدرات المتعاملين مع سيناء" ويعممها على الكل رغم إنها حالة فردية..

والأوصياء بياخدوا نفس الحالة الفردية اللي بتظهر في فيلم (المحامون مع فيلم الأفوكاتو) أو مسلسل (الأوصياء مع مسلسل السرداب) وبيعتبروها تعميم على الكل مهما شدد صناع العمل الفني أو كتاب المقال أو..أو.. على إنها حالة فردية .. وبيقودوا هنا بقى حرب ضده ويشعلوها نيران..

في الأوساط المهنية حتلمسوا الحتة دي أكثر ، خاصةً لما الحالات الفردية بتكتر وبتبقى مشكلة بتهدد المهنة ، زي اللي بيحصل في الانحرافات اللي بتنتشر مثلاً في أوساط الأطباء والمحامين على سبيل المثال..

والمخزي إن الأوصياء في الحالة المهنية منهم اللي بيكون داخل مجالس إدارات النقابات ، يعني ناس تقدر تتحرك وتحل وماهماش بعاد عن الوسط مغلولي اليد عن الحركة زينا..

هل إعلامنا الرسمي عنصري؟ نعم.. إلى حد كبير .. وأضيف أن الإعلام المعارض منافق وانتهازي.. وكلاهما والحمد لله لا يعرف الصعيد وسيناء ومرسى مطروح ومجتمعات الصيادين الفقيرة والمناطق العشوائية إلا فيمَ يخدم نفسه فقط..

يتبع..

قلم جاف said...

هنا ييجي كلام عبود..

الكتابة مركزية قاهرية في النهاية، تختلف درجاتها وانتماءاتها وحساباتها

وللسبب دة حطوا "البديل"-يسار- مع "الجمهورية"-حزبوطني- وهمة بيغطوا نفس الأحداث .. الحزبوطني واليسار بيفترضوا الوصاية على المجتمع السيناوي ، زيهم زي المجلس المحلي السيناوي اللي أغلبه حسب علمي (وصححوني إن أخطأت) برضه حزبوطني..

الحزبوطني بيفترض الوصاية لنفسه على المجتمع السيناوي على خلفية إن كله تمام وإن مفيش مشاكل وإن الأمن مننا وعلينا وإن النظام والقانون شغال على الكل (الحزبوطني يدعم علناً الحلول العرفية على حساب القانون ، ثم يتساءل إعلامه في سنتحة ليه الكبار والأغنياء بيدوسوا على الغلابة والفقراء والضعفاء) .. واليسار الناحية التانية بيفترض إن كل شيء (#@$@#) × (ًٌُ@#$@#$) تربيع .. (واليسار الذي لم يتخلص من شورعته بعد كأي قوة سياسية تحب التواجد في شرائح تعاني من إهمال أو تهميش ليصنع منهم عوامل ضغط)..

وكل منهم بيكتب من أوضته المكيفة الهواء..

ألفت النظر لتجربة مماثلة في المنصورة كتبت عنها في "الصحافة فين التعليم أهه"..لما طلعت إشاعة تلوث المياه في المنصورة من كذا سنة.. طلعلنا أحد حملة الدرجات العلمية في علم الاجتماع واللي بيشاهد كثيراً في ما يسمى بجريدة "الجمهورية" وأفتى من مكانه في سنة من السنين إن مياه الشرب نظيفة نظيفة نظيفة.. وغيره أفتى أنها ملوثة ملوثة ملوثة.. والواقع إن خصائصها الفيزيقية وطعمها - وقتها- متغير ودة اللي أنا كشخص لمسته بنفسي ولمسه الخمسمية ستمية ألف بني آدم اللي عايشين في المنصورة..

لو لينا كأهل البلد وأصحاب الشأن صوت بعيداً عن الأوصياء اللي مع السلطة أو ضدها كانت المشكلة اتحددت واتحلت بشكل أسرع وأكثر دقة من الشكل اللي اتحلت بيه بدون تهويل ولا دفن الرءوس في التراب.. لكن تقولوا إيه؟

صوت الأقاليم .. من القاااااهرة! :(


على جنب : العلاقة بين الصحافة والأمن مسلية جداً .. فـ"روزا اليوسف" دايبة في دباديب وأرانيب الأمن بحكم إن صحفييها -حتى اللي مسكوا جرايد مستقلة- كانوا مندوبين في الداخلية ، زي "وائل الإبراشي" و "حمدي رزق".. وطبعاً بتظهر الأمن على إنهم ملايكة البني آدمين.. أما صحف اليسار والتيارات الدينية والقومية فعلى العكس بتشتغل للأمن في كل درجات الأزرق فقط لمجرد إنه اعتقل ناس منهم.. ولو كان الأمن مهاود مع اليسار أو التيار الديني وما دخلش حد فيهم السجن في لجنة لتغير شكل تعاملهم مع الأمن..

ولله تعالى في خلقه شئون..