أنهي هذا العام بنفس ما بدأته به.. السليق والحريق..
في الماضي كانت "المعايير" تطبق بفظاظة ، تخيلوا أن يحرم "إبراهيم الحجار" من أن يكون مغنياً معتمداً بالإذاعة فقط لأن اسمه "الحجار".. وكم من موهوبين حرموا من فرص أمام الميكروفون والشاشة لاعتبارات شكلية شديدة التفاهة ونجحوا هنا وهناك..
والآن .. صارت الميديا بكل ألوانها وملكياتها تفتح الباب لأي شخص .. أي شخص .. لأن يكون مذيعاً.. مرسخةً بذلك لظاهرة "المذيع بصفته".. أي طبيب وأي صحفي بل وأي شخص من الممكن أن يعمل مذيعاً ما دام الكارنيه في جيبه و"مرضي عليه" من "أسخاب المخل".. وإذا كان ذلك يحدث بشكل طبيعي في الإعلام الحكومي والرسمي باعتبار أن المحسوبية ترتع فيه منذ سنوات طويلة ، فإن الجديد هو أن تعج الميديا الخاصة بمثل هؤلاء وهي مؤسسات تسعى إلى النجاح وإلى الربح كما هو يفترض وتدعي أنها تقدم خدمات إعلامية احترافية.. ولدينا "محمد حسن الألفي" و "كرم جبر" و"المسلماني" (سبق ذكره) ورابعهم "حمدي رزق".. كأمثلة فقط!
وتستطيع أن تتذوق بعينيك طعم السليق في طبخة لا تستلزمه وأنت تشاهد وتسمع السيد "حمدي رزق"..
برغم الشكلية الشديدة في تطبيق المعايير في الأمس .. إلا أن مذيعي الأمس "قماشة تانية يا جماعة"- مع الاعتذار لمعلق رياضي- كانت لهم "شمخة" و "كاريزما" على الشاشة .. صوتاً وصورةً .. شكلاً وموضوعاً .. وتخرج الحروف من الفم "بفخامة" وعظمة كما لو كان المذيع يغني.. هي صورة براقة ينسفها ظهور "حمدي رزق" في "القاهرة اليوم"..
لم يكتفي الرجل بحضوره "الظالم" على الشاشة الذي يحاول التخفيف عنه باصطناع المرح والفكاهة منذ أول حرف في تقديمته "صباح البهجة والسعادة" والتي يقولها عادةً قبل أي خبر غير بهيج وغير سعيد .. ولا باختياراته "الغريبة" لضيوفهم ومحاولاته توجيه الضيف في أحيان وفرضه لصحف بعينها في أحيان أخرى.. بل أسس لنفسه أبجدية جديدة موجزة يتم فيها الاستغناء عن الحروف غير ذات الفائدة .. ما فائدة "الدال" و"الضاد" موجودة؟ ما فائدة "السين" و"الصاد" موجودة؟ ما فائدة "التاء" و"الطاء" شغالة كويس؟ إذا كان هناك من آبائنا من رأى أن عربية "شويكار" في أفلامها مع "فؤاد المهندس" خطر على اللغة ، فماذا يكون ما نسمعه في فقرة التعذيب الشهيرة بفقرة الصحافة في "القاهرة اليوم"؟
صحيح أنه من الوارد أن يكون المذيع ألدغاً في حرف أو اثنين وقد ولد بهذه المشكلة ولا يتحمل الكثير من المسئولية عن ذلك ، إلا أن "سوء الإلقاء" خاصةً فيما يمكن تحسينه والتغلب عليه مصيبة ، فهو يعكس أحد أمرين بالنسبة لحالة المذيع بصفته الصحفية .. الأول أنه لا يأبه بسوء إلقائه الذي يشتت المشاهد ويجعله يخصص وقتاً من مشاهدة الفقرة أو البرنامج للتهكم على "العربية" "البيجو" التي ينطقها .. والثاني وهو الأخطر أنه بصفته الصحفية لديه أنا متورمة لا تعترف لصاحبها بإمكانية وقوعه في الخطأ ، وبالتالي فإن الناس ستتقبل - وغصب عن اللي يتشدد لها - ما سيقول أو على أقل تقدير لن تلتفت إليه ، وهو عيب مترسخ في الذهنية الصحفية التي تعاني منه في أطواره المتأخرة!
الكارنيه أصدق إنباءً من الموهبة ، والكاريزما ، والثقافة ، وكل هذه الاعتبارات .. حملة الكارنيهات يقدمون الطبخة وعلى الناس أن تأكل.. ليس إلا.. صحيح أن الناس في ميديا المال السياسي يتشدقون بالريموت كنترول ، لكن منظرهم حيبقى "وحششش" عندما يشيح المشاهدون بريموتاتهم عن قنواتهم ، خاصة وأن أصحاب وصحفيي تلك القنوات لن يجدوا أي اتهام يلصقونه بمن تنتفقع مرارته مما يقدمون.. ألتقيكم في فرجات آخر العام بإذن الله..
* الصورة من موقع جريدة "الوحدة" الإلكترونية السودانية..
* الصورة من موقع جريدة "الوحدة" الإلكترونية السودانية..
No comments:
Post a Comment