Thursday, December 06, 2012

السادة الإعلاميون ، والنقد ، وطبق الكشري

عزيزي الإعلامي النايتي ، طالما عملت في صناعة تقتضي أن ينتشر إنتاجها في العلن فيجب أن تنتظر النقد ، وكما يهلل لك البعض توقع أن يهلل آخرون ضدك ، حتى لو كان أولئك الآخرون هم أنفسهم البعض الذي "زيط" لك يوماً ما.. وإلا فستتحول إلى نسخة من شخصيات فنية بعينها ، لا أقصد الموجودين بالصورة ، قررت تكرار أخطائها التي قررت ألا تراها لمجرد أن سيناً من الناس نبه إليها...

الإعلام يختلف عن أي طبق تقرر أكله إرضاءً لصاحب العزومة ومجاملةً له ، يجب أن يكون لك ولي وله ولها ولهم ولهن رأي فيه ، لأن هذا الطبق موجه إلى عقلك وعاطفتك ، أو العكس كما هي الحالة لدينا ، ويقتضي منك أن تحكم عليه ، نقد محتوى الإعلام يبقى حقاً لك حتى لو قلت لي أنك حر في استخدام ذلك الحق من عدمه .. ونقد تقنيات الإعلام حق أيضاً للمتخصصين الفاهمين الدارسين ، الذين لا يعتبر كاتب السطور نفسه واحداً منهم ، عندما أكتب - مثلاً - فإني أكتب كمتلقي عادي غير متخصص من حقه أن يفهم..لأن الرسالة موجهة بالأساس له وليست للجيران..

يحتاج الإعلاميون للنقد أكثر منا جميعاً ، إن كانوا عند ما يقولون من إكليشيهات عن النقد لا تختلف عن مثيلاتها لدى الفنانين ، والمصيبة أنهم يضيقون ويضجون بالنقد ، فهم يعتبرون أنفسهم الوكيل الحصري للحق والحقيقة معاً ، والوكيل الحصري دائماً على حق ، ولذا فقد تشنج رئيس تحرير يرى أنه "عادل" وسيرته دائماً مـ"حمودة" بين الناس عندما تظاهر بعضهم ذات يوم ضد جريدته وضد فضائية بيعت مؤخراً ، كما لو كان ليس من حق الأغبياء ، حتى لو كانوا كذلك ، التظاهر والاحتجاج والرفض كما أنه من حقهم الإشادة والتقبل والقبول والتهليل والتزييط.. وطالما أنك تفترض أن زبونك أو متلقيك أحمق وبريالة فلن يمثل لك ، لا هو ولا رأيه ، أي قيمة.. وهذا يشبه ما يحدث في دول الاقتصاد الموجه ، حيث يأكل الشعب ويلبس ويقرأ كل ما تنتجه الحكومة مهما كان رديئاً وليس من حقه أن يحتج..

"يسنج" بعضهم الناس بقوله أننا إعلام القارئ وبالقارئ ومع القارئ وفي القارئ ، في حين لا يمثل القارئ لديهم أي قيمة من أي نوع كان ، طب غصبن عنكو ياليل ، طب غصبن عنكو يا عين ، المذيع السيء سيبقى في قناته وفضائيته وبرنامجه لأن صاحب القناة أراد ذلك وليس الناس ، تماماً عندما يقرر منتج فرض مسلسله من جزئين وثلاثة حتى لو فشل الجزء الأول والثاني والثالث.. عدم حساسية سوق الإعلام المصري لنبض الشارع الذي يتشدق بعضهم به كارثة بكل المقاييس ، وتجعل حتى من يعمل منهم بجد لا يحصل على أي إضاءة عن الخط الذي يسير فيه فيتخبط فيعجبه الوضع فيتخبط أكثر وأكثر.. فيصبح الإعلامي في النهاية ديكتاتوراً أكثر من السلطة التي ينتقدها ، والأمثلة على قفا من يشيل..

يجب على الإعلامي أن يشعر من قبل عامة الناس ومن قبل الكتاب أنه تحت المنظار وفي دائرة النقد ، وليس مالكاً حصرياً للحقيقة لا تجوز مناقشته ، كي لا يتحول الإعلام إلى سلطة متغولة لا يجوز نقدها ، كما يحدث الآن ، حيث يصبح سب النظام السياسي أسهل من مجرد توجيه ملاحظة لإعلامي بعينه ، ينتفض معها أشاوسه المغاوير لتوجيه الشتائم رداً على النقد .. ولكاتب السطور تجارب في هذا الصدد بعضها كان هنا..

لا نريد أن نصنع من الإعلام صنماً ، وسلطة فوق السلطات ، ولا أن نجعل من النخبة كما جعلت النظم الثيوقراطية من رجال الدين ، الأستاذ الذي يعلم وباقي الشعب يأكل كما الأنعام ، تماماً كما يحدث الآن ، ولا يجب أن نقبل ، عن أنفسنا ، أن يعيرنا بعضهم بدوره في الثورة خاصةً إن كان دوره وهمياً وإن كان متربحاً من "مبارك" و المباركية ، ولا يجب أن نحولهم إلى سحرة ننبهر بسحرهم ونقبل انطلاء حيلهم علينا بالمزاج والكيف..

أنت تنتج إعلاماً ، يجب أن يكون لنا رأي فيه ، وعليك تقبله ، فلا أنت "ضبش" ولا نحن "سلطان"..
* الصورة من موقع "كايداهم" دوت كوم.. أه والله!

No comments: