عن "اللمبي" أتحدث..
بعد خمس سنوات من ظهور اللمبي لم يتوقف الجدل حول الفيلم والشخصية معاً ، من الناس من لا يزال يعد اللمبي إلى الآن جريمة سينمائية شعواء لا يمحوها إلا الدم ، وآخرون يرون الفيلم مسلياً ومضحكاً وهذا في حد ذاته ليس جريمة ، وفريق ثالث يرى أن اللمبي (يبدو أنه قد) عكس جزءاً من واقع بدا من السخف بمكان مناقشته وعرضه على العقل ، وأنا من أنصار هذا الفريق ، مع تصديقي القاطع بأن أحمد عبد الله عندما كتب الفيلم لم يكن يقصد أبداً مناقشة أي من مظاهر الواقع..
مؤلف اللمبي ببساطة لعب على وتر نجاح شخصية ، واعتمد على الكاراكتر الذي لا يزال أحد أمضى أسلحة الإضحاك في الدراما عموماً أياً كان شكل الكاراكتر ، أو "الشيء الما" بداخل شخصيته الذي يجعلنا نضحك عليه..
إلا أن ما دفعني للاعتقاد بأن هذا المسطول يعكس جزءاً من حياتنا بطريقة أو بأخرى هو كم المصادفات وأوجه الشبه بين الشخصية ، وبين المجتمع الذي أعتقد أنه أفرز الشخصية..دليلي على ذلك هو تحليل بسيط لتلك الشخصية من وجهة نظر متفرج عادي جداً ، عن طريق تحديد معالم الشخصية (كما يفعل كتاب السيناريو قبل كتابة سيناريوهاتهم عادةً) ومواصفاتها ، والبحث عن ما يشبهها على أرض الواقع إن وجد..
اللمبي باختصار هو أحد أبناء الطبقة الدنيا أو ما قد يسمى بطبقة الفقراء الجدد ، شخص أرعن يستعمل القوة (مطواته) أكثر مما يستعمل عقله غير المنظم وغير المرتب ، مغيب عن ما حوله بصورة لافتة للنظر تنعكس على طريقة تخاطبه مع غيره نتيجة تعاطيه للمخدرات ، لا مهنة له تقريباً وهو أقرب إلى البلطجي منه إلى أي شيء آخر..
هناك في حياتنا لمبيون بطريقة أو بأخرى ، ففي الطبقة الدنيا أو طبقة الفقراء الجدد أناس لا يملكون مهارة معينة تعينهم على الوصول للثروة والسلطة بعكس فقراء آخرين "صنايعية" تؤهلهم حرفتهم للثراء (ككثيرين سافروا للعمل في دول الخليج وعادوا بثروات) ، أو أذكياء يؤهلهم طموحهم وقدراتهم العقلية للوصول إلى القوة والنفوذ (رأينا ذلك في الدراما في قالب الفقير المتمرد الساعي للنجاح بالالتفاف على القانون أو حتى في قالب الفقير المكافح الذي يكافح حتى يصل إلى غايته كما في شخصيات أبطال مسلسلات المنتج المنفذ)!
لهذا السبب يلجأ اللمبيون الحقيقيون إلى القوة ، "الدراع" للخروج من دائرة التهميش وحجز مكان وسط الكبار والصغار أيضاً.. لعل رمز تلك القوة هو "مطواة" اللمبي ، سلاحه الذي يحمله جيئة وذهاباً ويتحكم فيه بدقة أكثر من تحكمه في لسانه!
اللمبي "الحشاش" يتعاطى المخدرات لسبب آخر يختلف عن سبب تعاطي شخصية الشيخ حسني في فيلم الكيت كات ، ففي الوقت الذي يبدو فيه الشيخ حسني "مزجنجياً" يبحث في نشوة المخدرات عن مهرب من الواقع المرير وإحباطاته ، نجد اللمبي يتعاطى المخدرات لأنه يعتبرها ، مثل استخدام الـf-words قيمة إيجابية ، دلالة رجولة ونضج وشجاعة و"جدعنة" ، معتقد سائد في بعض الأوساط في مصر والتي تستنكر أن شخصاً ما لم يتعاطى الحشيش طوال حياته كما تنظر بنظرة دونية بعض الشيء للشخص الذي لا يجيد استخدام الشتائم كما يجب ، ولولا الرقابة وقيودها لرأينا من اللمبي والست فرنسا ما لا نراه في كوابيس الدراما (لكننا نراه قطعاً ونحتك به في الشارع)!
ولا أستطيع ألا أربط بين عقلية اللمبي والطريقة السائدة للتفكير داخل المجتمع الذي أفرزه ، تغييب العقل الذي تم تناوله على استحياء في الصحافة والميديا التقليدية وتناولناه كمدونين بطرق مختلفة كل حسب انتماءاتنا وقناعاتنا ، فالعقلية التي تحت يدها كل أجهزة الدولة البحثية وإمكاناتها المادية والبشرية - مثلاً - والتي تفشل في إيجاد سبب علمي مقنع لظاهرة السحابة السوداء هي عقلية لمباوية صرفة ، كما أنني لا أرى فرقاً كبيراً بين خروج وزير عقب كارثة قطارات بقوله أنه سيصلح مرايا القطارات وأن كل شيء تمام،وبين الخطاب "البليغ" الذي ألقاه اللمبي في فيلم "اللي بالي بالك" في حضور ممثلي "جمعيات حقوق الإنسان".. على الأقل فإن عبارات اللمبي المفتقدة لأبسط قواعد المنطق يمكن "بلعها" من شخصية هذه مواصفاتها على الورق أكثر من عبارات "الوزير السابق" التي لا تليق بوزير شطرنج!
عاب الشخصية على شاشة السينما المبالغة الشديدة في بعض حركاتها وطريقة كلامها ، والتي لا يزال محمد سعد يرى لها نجاعة وفعالية في إضحاك الناس ، رغم أن المبالغة في ذاتها هي عصب الكوميديا سواء في مواصفات الشخصية أو في طريقة تعامل الشخصيات مع المواقف داخل العمل الدرامي، إلا أن كثيراً من الملح قد يفسد الوصفة كما يقال ، كذلك لم يعمل محمد سعد بالنصيحة التي وجهها الأستاذ الراحل فؤاد المهندس للكبير محمد صبحي عقب المسلسل الشهير "فرصة العمر" ، والتي طلب فيها المهندس من صبحي خلع جلباب "علي بيه مظهر" بأسرع ما يمكن حتى يتذكر الناس الممثل أكثر من الكاراكتر الذي أداه .. وصلنا إلى درجة أصبحنا لا نتخيل فيها محمد سعد إلا "اللمبي" ، تماماً كما يحدث عندما أرى "جيم كاري" يتحدث في مقابلة ولا أصدق أن هذا الشخص الذي شاهدناه في dumb and dumber يستطيع الكلام بشكل عادي مثلنا تماماً!
ورغم ذلك ، أزعم أن سبب نجاح اللمبي قبل خمس سنوات لم يكن فقط حاجة الناس للضحك بأي وسيلة ، بل كان حاجة شرائح معينة من الجمهور لأن ترى جانباً من صورتها وتسخر منه ومن نفسها ، قد لا يوجد في الواقع من في غباء ومبالغات وهيستيريا شخصيات جيم كاري ، إلا أن في الشخصية التي رأيناها في "اللمبي" خيوطاً من شخصيات أناس يمشون بيننا.. وفي مجتمعنا ساسة ونخبويون بهم بعض خصائص اللمبي المميزة ، يفكرون مثله حتى وإن كانوا لا يمشون ولا يرقصون ولا يحملون المطاوي على طريقته الخاصة!
* الصورة من موقع "في البلد"..
* الصورة من موقع "في البلد"..
15 comments:
تخيل بقى داخل أقول لك إيه ؟؟؟؟
يا سي قلم رصااااص :)
أنا ما بطيقش اللمبي ده أبــدًا
بس إنتا مدعو للقاء المدونين الجمعة الجاية السادسة مساءً في ..... كافيتريا مركز الإبداع بالأوبر
تشرفنا+ تنورنا في اللقاء الثالث للمدونيين
المفروض ان الاسلوب ده قصير العمر الاعتماد علي توليفة واحدة وتكرارها في مواقف مختلفة وتتحرق
زي اسماعيل يس في ... في اي حاجة من اللي كان فيهم
بس في خطأ ما في مكان ما بيمنع الاكسدة من الشخصية دي الناس لسة بتتفرج علي احمد حلمي اللي لو شلت مشهد من فيلم وحطيت مشهد من التاني محدش هياخد بالة،ولسه بتتفرج علي اللمبي بصوتة ولبسة وشكلة اللي اتحفظ يمكن اللي اتحرقت بسرعة كانت شخصية فرنسا بس عموما الفكرة دي (النسائية )كانت قصيرة العمر دايما
عندك حق ان الطبقات المهمشة لقت فيه شئ منها مهمش بجد مش افاق لابس بدلة جينز وعامل سيشوار زي عادل امام ولا فقير بيثري بكل الطرق ويموت في اخر الفيلم زي احمد زكي
بس المشكلة ان شخصيتة كملت (بمبالغاتها )نقط سوء في مقلدية
بقوا اسوا من الاول ..بقي نموذج بدل ما يبقي مثال
-------
:)
قلم رصاص!!!! نوع من التجديد
أنا بقه ما شفتش الفيلم
بس اللي أعرفه إني محمد سعد يقوم بتكرار نفس الدور
أنا مش مقتنعة أبدا بشخصية الليمبي اللي محمد سعد بقى يكررها في كل أفلامه, لحد ما الواحد زهق , وخلاص بقى معروف ان فيلم محمد سعد الجاي هيطلع فيه مسطول وبيتكلم بهبل وهيرقص رقص عبيط , وخلاص بقت حركات معروفة ومكررة ومملة, ويمكن مقتنعتش أوي بأفلامه وبدور الليمبي المتكرراللي بيأدمه فيها أد ما اقتنعت بيه لما طلع في فيلم الناظرمع علاء ولي الدين
عمي شريف
محمد سعد كوميديان كان هيبقي حاجه كويسه ولكنه حصر نفسه في اطار واحد بس خلت التاس كلها تعرف هوه هيقول ايه وده في حد ذاته فشل
ونرجع ونقول برضه ان عندنا دايما افه استغلال النجاح
ونوعيه محمد سعد دي مش بتعمر كتير وبتنتهي
امثال محمد نجم ويونس شلبي
عانيت في الوقت الذي ظهر فيه اللمبي من زباين ركيكة تتشبه به في كل التفاصيل بالطبع أهمها أسلوب الكلام
وفي النهاية... أغلقت المكتب
فكرة اللمبي قد يكون هدفها تسليط الضوء على نوعية معينة من البشر موجودة بيننا
لكننا شعب لا يبحث عن المعاني الخفية فقط نبحث عن ضحكة و إن كانت تافهة و عن مثل أعلى و إن كان منحطا
انا رايي مختلف عنكوا يا جماعة لاني بحب اللمبي جدا. اه والله فعلا بحب افلامة جدا لاني بفطس من الضحك من غير ولا لقطة مخجلة ملهاش لازمة. يعني انا بفضل افلام محمد سعد على عادل امام. ناس هتقول ياااة هو محمد سعد فيين والزعييم فيين. لكن فعلا عادل امام معظم الكوميدية عندة ان مكنش كلها بتعتمد على الايحاءات الجنسية وساعات مبتبقاش ايحاءات وهو عجوز ومكحكح كدة. فانا شخصيا رايي اني ممكن اشوف اي حاجة تضحكني مش لازم تكون بتناقش قضايا الكون المستعصية يعني بس اهم حاجة مشفش حاجة تخليني قاعدة مكسوفة.
بس :)
العزيزة مي 2:
مفيش اتنين في العالم بيشوفوا فيلم واحد بنفس الطريقة ..
فيه المتفرج اللي بيقرا ما بين السطور في الفيلم ، وفيه المتفرج اللي ليه الصورة الحلوة والانطباع اللي بيسيبه فيه الفيلم سواء الإثارة أو الضحك ..
وعليه .. فيه ناس حبت اللمبي من اللي بيقروا بين السطور وفيه ناس من نفس المجموعة كرهته ، والشيء نفسه ينطبق على المجموعة التانية..
حاجات ومحتاجات عاجبها الفيلم ، وباقي الأعزاء اللي ردوا مش عاجبهم الفيلم ولا الشخصية ..نفس الانقسام دة لسة موجود وحيفضل موجود طول ما فيه أفلام..
الفيلم الكويس في رأيي هو اللي بيحقق توازن بين الصورة الحلوة (بما إن السينما فن بصري) وبين المضمون..
حاجات ومحتاجات : أولاً حمد الله ع السلامة وياريت اختفاءاتك ما تطولش..
أنا شخصياً بأضحك على بعض لزم اللمبي وطريقة تفكيره حتى وإن كنت شايف إن طريقة الأداء فيها مبالغة كبيرة..
الأعزاء مروة وأنيما وصديقي مفيد :
كتبت قبل كدة عن سياسة "اللي تغلب به العب به"..
محمد سعد - نفسه - قال إنه حيفضل على النغمة دي طول ما هي عاجبة الناس!
محمد سعد نفسه بيستضاف في البرامج ، ومنهم برامج الست هالة سرحان اللي طلبت منه بإلحاح في حلقة في دريم بتقديم وصلات لمباوية ، في محاولة منها ربما لاستغلال نجاح اللمبي في وقته!
اتفق مع مفيد في إن الراجل ممثل كويس ، بشهادة محمود مرسي اللي كان من أشد رافضي اللمبي ، وبيتمتع بقدرة مميزة على التحكم في صوته ، وممكن يعمل اللي هو أحسن من كدة ، لكنه مصر على حبس نفسه في نفس القمقم..
اللمبي "عَلَّق" مع الناس لإنه كان فكرة كاراكتر جديدة في وقتها ، ما أعتقدش إن فكرة تقديم البلطجي المسطول كبطل ظهرت قبل كدة وإن ظهرت ما كانتش بالشكل دة ، طالما الفكرة نجحت يبقى ممكن أفكار تانية غيرها تنجح ..
مش مشكلة عند الكوميديان إنه يعمل كاراكتر واتنين وتلاتة طالما همة مش شكل بعض ، وكويس جداً إنه يظهر وسط الكاراكترات دي في النص بوجه مغاير ، دة اللي جيم كاري بيحاول يعمله دلوقت..وكان ظاهر حتى عند بيتر سيلرز اللي عمل واحد من أعظم الكاراكترات في تاريخ السينما على الإطلاق..
سيلرز عمل "كلوزو" في أفلام كتيرة نجح بعضها وفشل الآخر ، لكن كان حلمه كان
being there
دور ما فيهش مفتش فرنسي محدود الذكاء بيتكعبل في نمل الأرض ، وكان حياخد عليه الأوسكار!
ح آخد نقطتين مهمين في رد العزيزتين ساسو ومي 2:
بقي نموذج بدل ما يبقي مثال
لكننا شعب لا يبحث عن المعاني الخفية فقط نبحث عن ضحكة و إن كانت تافهة و عن مثل أعلى و إن كان منحطا
جايز تكون المشكلة في طريقة تناول اللمبي ، وفينا كمان!
فيه ناس شافت إن طريقة تقديم اللمبي كانت طريقة تقديم نموذج مش كاراكتر.. ما اتقدمش بشكل مذموم (بشكل مباشر) ، رغم إن البطلة في الفيلم الأولاني حاولت تغيره وتخرجه من حالة السلبية والفهلوة الزيادة اللي كان عايش فيها..
في المقابل ، فيه حقيقة مهمة سقطت منا سهواً :
في عرف الفرجة عندنا فيه حاجة اسمها "التوحد مع البطل".. التعاطف مع البطل ولو كان مجرماً وقتال قتلة..
أي بطل أي فيلم هو النموذج وهو القدوة بالنسبة لنا حتى ولو كنا مش مقتنعين بدة..
دة بيرجع لأسباب كتيرة منها المباشرة الشديدة اللي حفل بيها تاريخ السينما المصرية ، فيه أفلام قليلة كان البطل فيها هو الشرير زي فيلم فريد شوقي "النمرود" وزي فيلم أحمد زكي "الإمبراطور"..
أتفق جداً معاكي في نقطة أن المهمشين فعلاً وجدوا شبهاً بين اللمبي وبينهم..
هيما :
قلم رصاص .. قلم جاف .. بس يكتب! :)
كنت أتمنى حضور اللقاء ، وإن كانت ظروف عملي تجعلني ملتصقاً أكثر بالمنصورة ، وربما كان هذا هو سبب ثقل قدمي نسبيا في التدوين هذه الأيام.. لكن لو ربنا سبحانه وتعالى قدر لي الذهاب لقاهرة المعز وصادف ذلك موعد أي لقاء ، سآتي على الفور..
انا شخصيا بيعجبني
يمكن لسذاجته و عفويته بيضحكك من غير متتعب عقلك
و اتعبه ليه مش كفاية تعبان طول النهار في معترك الحياة
اريحه شوية بفيلم لاسماعيل ياسين او اللمبي او مستر اكس
:)
تحياتي
شاهدت محمد سعد قبل نحو خمسة عشر عاماً على خشبة المسرح، أعتقد أن ذلك كان في مسرحية "قصة الحي الشرقي" للمخرج جلال الشرقاوي. يومها بدا لي محمد سعد ممثلاً كوميدياناً واعداً بأسلوبه التلقائي وقدرته على لفت الأنظار..لكن الرجل تحول في غفلةٍ من الزمن إلى مضحكاتي بأسلوب يميل إلى المبالغات الفجة شكلاً ولفظاً.. فكان ما كان
محمد سعد أفضل من "اللمبي" بكثير..لو أراد
لكنه لا يريد..وكثيرون منا أيضاً لا يريدونه أن يتطور
الأستاذ ياسر :
السطران الأخيران في ردك لخصا كل شيء..
طالما أن اللعبة تعجب المتفرجين فهو مستمر في اللعب ، حتى ولو تراجعت إيرادات أفلامه..
لكن لو الطوبة جت في المعطوبة ، وزهق الجمهور من اللمبي ، هل حيقدر يعمل كاراكتر جديد يضحك الناس ، أم إنه "علق" على اسطوانة اللمبي ، وحيخلي الناس تتذكر اللمبي أكتر من محمد سعد نفسه؟
Post a Comment