شجيع السيمة .. أبو شنب بريمة كما كتب صلاح جاهين في "الليلة الكبيرة".. يقفوا صقرين على شنابه يا صلاة الزين .. قاهر الأشرار .. الجتة .. الوسيم .. سارق قلوب العذارى.. يتذكره الجمهور حتى ولو كان الشرير في الفيلم يفوقه من حيث المقدرة التمثيلية بمراحل .. والأهم من ذلك الشخص الذي يباع على اسمه الفيلم ولا يذكر إلا به .. رغم أنه مجرد ترس في آلة ضخمة يمولها المنتج ويخطط لها السيناريست ويشرف على تنفيذها المخرج..
السبب أن الناس تدخل الفيلم كما سبق ذكره على اسم البطل..
والجميع (الصناع والنقاد والجمهور) هم أولاً وأخيراً أبناء شرعيون لثقافة "الشجيع" .. البطل الفرد الملهم العبقري والمخلص والمنقذ ، في السياسة أو في الاقتصاد أو في الرياضة أو في الفن ، الكل في انتظار المخلص الذي يحركه ويخرجه مما هو فيه من وكسة وخيبة مربعة.. في انتظار الفتوة الذي يكون الجميع "حرافيشه" كحرافيش الأفلام المأخوذة عن روايات نجيب محفوظ!
ولكل زمن مقاييسه ومعاييره التي تقاس على أساسها "الشجعنة"..ففيما قبل الثورة وما بعدها بقليل كان الناس يعشقون من يذكروهم بتايرون باور وكلارك جيبل ، ومال الناس إلى البطل الشعبي فيما بعد كما جسده فريد شوقي ، بعدها بسنوات اصطف الكثيرون خاصة الفقراء حول عادل إمام بوصفه شجيع الانفتاح الذي يواجه "قوى الشر" بـ"دراعه" رغم محدودية قوته الجسمانية مقارنة بـ"شجعان" العصور السينمائية الماضية والذين مارسوا المصارعة والملاكمة قبل التحاقهم بالعمل التمثيلي.. ويبدو أنه كلما كان الشجيع أقرب للناس من حيث الشكل وطريقة الأداء كلما كان أنجح ، تذكروا أحمد زكي على سبيل المثال..
ومع الكل كنا نتعاطف ، ونصدق ، كنا نؤمن بهم ، وبما يفعلون إيماناً مطلقاً ، حتى الأخطاء والجرائم ، فلها بالتأكيد ما يبررها لدى كاتب السيناريو ، وإن لم يكن فلها لدينا ما يبررها.. حتى لو كان البطل نفسه شريراً كما في "الإمبراطور"..حالة يسميها البعض "التوحد مع البطل"..استغلها الكتاب والمنتجون تارة لتمرير رسائل أو وجهات نظر معينة (وانطبع ذلك في أذهاننا حتى أن كثيراً من الناس وربما الصحفيين والنقاد يصر على أن يكون البطل مثالياً خالياً من العيوب ، ويتعامل بحساسية شديدة مع كون البطل شريراً أو ذا حماقات ونزوات) ، واستغلوها أخرى فقط لتقديم ما يغري الناس أكثر وأكثر بدفع ثمن التذاكر ، خاصة في المواسم ، وقت أن كان للسينما في مصر مواسم!
في ظل وضع كهذا أصبح للنجم سطوة ، صحيح أن للنجم في جميع أنحاء العالم سطوة لكن ليس بهذه الطريقة الذي يحدث عندنا في مصر ، فالنجم صار في الثمانينيات وما بعد -بشكل صارخ- هو حجر الأساس الذي يبنى عليه العمل الفني كله..وبعده يتم عمل كل شيء.. وانتقلت العدوى بشكل أكثر فجاجة إلى التليفزيون في ظل "جنة" المنتج المنفذ ، الفرق أن العديد ممن أحيلوا إلى سن التقاعد سينمائياً قرروا الاستئساد على ممثلي التليفزيون والقيام بدور الشجيع الديكتاتور في منطقة غير المنطقة الذين فشلوا في تحقيق نجومية تذكر فيها!
وفي جميع الحالات يبقى الشجيع كـ"الديك" لا يحب في عشة الفراخ أي شريك ، زمن البطولات الجماعية اختفى تقريباً ، وكل نجم يحدد وقت ظهور النجم الآخر حتى لا يسرق الأضواء منه ، وتردد ذلك حتى في فيلم كعمارة يعقوبيان ضم عدداً كبيراً من النجوم ، وعن التليفزيون في تلك المسائل حدث ولا حرج..
لهذا كان من المضحك أن يسأل أحد الصحفيين وائل إحسان - مخرج فيلم هنيدي الجديد - عن "ضعفه" أمام نجوم أفلامه واختياره لممثلين "على المقاس" ، فقال في براءة - طبقاً لموقع في البلد - أنا أنفذ ما يقوله لي أبطال أفلامي..
سؤال الصحفي كان مضحكاً وغبياً في نفس الوقت ، لأن ما يفعله "إحسان" فعله كثيرون قبله ويفعله كثيرون الآن وسيفعله من سيأتون بعده ، في السينما وفي التليفزيون وربما في البوتاجاز ، لم تعد تلك الممارسات شيئاً منكراً بل صارت معتادة بقوة الاستمرار..
لكن يبقى رأي آخر ، مفاده أن متفرجي اليوم ربما صاروا أكثر وعياً ، وأقل عاطفية ، بما أن الصدمات المتتابعة أفقدتهم الثقة في معظم ما حولهم من أشياء وأشخاص ، بمن فيهم أبطال الشريط السينمائي.. فلم يعد لدى جيلي فتى ولا فتاة أحلام ، ولا أحلام من أصله.. ربما أتعاطف مع بطل الشريط السينمائي أثناء الفيلم ، ثم أعود لأكتب عنه هنا منتقداً وساخراً ومتهكماً.. فالفيلم خلص يا سادتي الكرام!
ولا يمكنني إنهاء هذه السطور دون أن أدعوكم للمرور على سطور كتبها صديقي مختار العزيزي ، ولكن عن أبطال السينما الهوليودية ، أما عن الحديث عن البطل في السينما عموماً ، لنا بإذن الله كلام ، فالموضوع مفتوح للنقاش طالما نحن نتفرج!
دمتم بألف خير..
* الصورة من موقع أدب وفن..
* الصورة من موقع أدب وفن..
7 comments:
تستوقفني مدوناتك دوماً فهنا لا تستطيع أن تكتفي بمرور الكرام
المواضيع واسلوبك السلس وسخريتك اللاذعة المبطنة احياناً
أردت أن أعلّق حول بعض الممثلين اللذين تحولوا إلى التلفزيون وأصبحت القصص تكتب على مقاسهم على أساس أن هذا الاسم أو ذاك هو الذي يضمن مشاهدة وشعبية للمسلسل الذي يقوم ببطولته
مع أن الذي يحصل على الاقل بالنسبة لي هو أن معظم الممثلين الذين كانوا من المفضلين أو المحترمين في اعتقادي فقدوا أي اهتمام أو متابعة مني وعلى سبيل المثال نور الشريف وأخاف أن أقول يحيى الفخرانيفقد بدأ في تكرار نفسه للأسف
أردت أن القي التحية فاسترسلت المعذرة
:-)وسلامات
لا اعتذار عن الاسترسال ضيفتي العزيزة.. :)
عن نور والفخراني .. أستغرب أن يمعن النجم الكبير في تكرار نفسه لأن الخبرة - هكذا يفترض - علمته أن القوة تظهر بالمنافسة ، إذا كان معي ممثل قوي في فيلم أو مسلسل فهذا يحمسني ويستنفر إمكانياتي ، وطالما أنا لدي ثقة في إمكانياتي فليست هناك مشكلة ، أما إذا كنت ضعيفاً فمن الطبيعي أن أخاف من المنافسة وأسعى لتحويل الجميع معي إلى سنيدة..
الأمر يظهر بشكل صارخ في الممثلات ، خاصة عندما تكون هناك ممثلات أصغر وأجمل في المسلسل يشكلن صداعاً للنجمات اللواتي يردن إرسال رسالة عنيفة مفادها أنهن أقوى من عوامل الزمن!
هذا عن الحالة التليفزيونية وإلى حد ما السينمائية ، بعد أن تحول الجميع إلى نجوم يأمرون وينهون ويحكمون ويتحكمون..
فعلا الجمهور زاد وعيه و قلت عاطفيته و اصبحت شهواته تحرك شباك التذاكر
للاسف
اشكر لك تحليلك الراقي
العدوى انتقلت كذلك إلى البطلات و صارت لدينا "شجيعة السيما" مثل "عبله كامل" صاحبة لقب "اللمباويه" !! و لم لا و فكرة المساواه تنتشر انتشار النار فى الهشيم حتى فى الهيافه ..
المشكله أن النجم أو النجمه لم يعد يدرك أن الصوره المثاليه التى يطلب الظهور بها فى العمل الفنّى باعثه للملل لدرجة التثاؤب .. أذكر أنّى قرأت تعليقا على دور "نور الشريف" فى مسلسل "حضرة المتهم أبى" أنّه
too perfect to be true
إذ كيف يعيش المدرّس المحترم و يربّى أبناءه بصوره جيده بل و يذهب بهم لنادى ذوات دون أن يكون ممّن يعطون الدروس الخصوصيه !! هذه المثاليه المفرطه أدّت بالبطل إلى الانفصال عن الجمهور الذى يعايش واقعا يوميا يبتعد به عن المثاليه يوما بعد يوم لكن من يدرك و من يفهم !!
العزيزة زمان الوصل :
في الفقرة الأولى معك كل الحق..
أما عن دور نور الشريف ، فليس هذا هو الدور الوحيد الذي ينطبق عليه الوصف المذكور ، لن أعيش في جلباب أبي مثلاً!
بيقولوا في مسلسله القادم "الدالي" حيعمل دور وزير حرامي.. ربنا يسهل! :)
نفس ما يقال عن نور الشريف يمكن قوله عن سميرة أحمد ، إن لم يكن بشكل أكثر فجاجة..
العزيزة الكلبوزة ولكن دائماً سامباتييييك:
مش كدة وبس ، دة بقى أكثر قسوة في الحكم على الفيلم أكثر مما نتصور .. خصوصاً الجيل الجديد من الجمهور السينمائي!
لكن أختلف في حكاية الشهوات دي.. لو كان ذلك كذلك لكان فيلم زي الهوا الأعلى في شباك التذاكر بسبب الدعاية الفجة والغبية التي استندت إلى تسليط المزيد من التركيز على مؤهلات داليا البحيري و غادة عبد الرازق.. لكن العكس هو ما حدث حرفياً .. وأفشلت الدعاية الغبية فيلماً تبين لي عندما رأيته أنه فيلم "مش وحش".. إذا ما تم فيه استبدال داليا البحيري بممثلة أخرى!
العمل السينمائي عمل جماعي و إذا كنت ممن يشاهدون الفيلم و ما وراء الفيلم...ستجد أن البطل الحقيقي قد يكون المخرج أو الموسيقي أو الممثل و هكذا حتى أن في بعض التجارب التي يكون فيها المخرج هو البطل فإن البطل الحقيقي قد يكون أحدهما كما كان الحال في فيلم القلب الشجاع,و لا أرى أننا نفتقد البطل اللي من النوع التقيل فنيا لكن السينما المصرية تحتاج إلى هذا الزخم الإعلامي الذي تغلف هوليود به أبطالها بعيداً عن الفيلم فهم بارعون حقاً فيما أسميه صناعة الأسطورة,و اسف على التطويل لكن الواحد والله مبيزهأش كلام في السينما خاصة عندما يمون المستمع سميع سينمائي من العيار الثقيل:)
Post a Comment