Saturday, December 22, 2007

فرجات آخر العام

* من أدق الأوصاف التي يمكن إطلاقها على هذا العام أنه عام "الغرور" .. سمة ميزت العديد من الشخصيات التي قفزت على شريط الأحداث سواء من الوسط الإعلامي أو الفني أو السياسي أو الفكري.. مراجعة بسيطة للشريط تؤكد وجهة نظر العبد لله المتواضعة جداً..

* إذا كان مسئولو ماسبيرو يفتخرون بأن "النايل تي في" هي "ابنة" شرعية له ، فلماذا تتمتع بكل الحنان الذي تمتعت به "بديعة" من قبل أمها "ريا" في مسلسل "ريا وسكينة"؟

* لو كنت مكان "مودي الإمام" لرفعت دعوى قضائية على "عصام الشماع" مخرج ما يسمى بمسلسل "نافذة على العالم" بسبب السوء الفاضح في تسجيل الصوت في تترات البداية والنهاية والموسيقى التصويرية.. ولكنت اعترفت بخطئي بالتعامل مع هذا الشخص أصلاً!

* أول القصيدة .. "خالد سليم" في ألبومه الأول في مشرحة "محسن جابر" يظهر على البوستر كما لو كان "إنريكي إجليسياس".. ليه يا "خوليو" ليه؟

* بالمناسبة .. لم نسمع صوت الصحافة فيما يخص بوستر ألبوم "محمد فؤاد" المسروق من بوستر ألبوم لـ"روبي ويليامز".. والذي نبهنا إليه زميلنا العزيز "شباك" هنا..ولا على "التشابه الشديد للغاية" بين موسيقى أغنية "مي كساب" "أحلى من الكلام" و "أنا لَحَبيبي" لجارة القمر "فيروز".. السرقتان في رأيي من أكثر سرقات العام صراخة .. فعلاً كل ما السرقة تكبر .. الصحافة "سيمة"!

* وبمناسبة "مي كساب" .. أتعجب من القسوة الشديدة على "هيثم أحمد زكي" وكأنه الوحيد الذي يتم "تنجيمه" بالعافية في الوسط الفني هذه الأيام.. المساواة في "التقطيع" عدل!

* لماذا غضبت "غادة عادل" من عدم التصريح بأغنية "حلوة يا بلدي" التي "غنتها" في فيلم "خليج نعمة"؟ هذا الحرمان -لو تعلم هي- "نعمة" كبيرة!

* أستغرب من نزول فيلمي أكشن متشابهين في كثير في موسم عيد الأضحى .. الأمر الذي يؤكد بكل جلاء ووضوح أن هذا الموسم السينمائي يشهد أكبر "شكلة" من نوعها!

* من "قلم جاف" إلى "مي عز الدين" .. لقد أوشك رصيدكم الفني على النفاذ.. برجاء إعادة "شحن"-أو حتى "شحت"-البطاقة!

* من الظواهر الغريبة جداً في أغاني هذا العام أن يأتي النجاح من آخر مكان متوقع ، فألبوم "هشام عباس" فشل فشلاً ذريعاً وكذلك أغنيته في فيلم "كدة رضا" بينما تنجح مقدمة "يتربى في عزو".. وأن يفشل شريط "إيهاب توفيق" بعد نجاح single غناه مع "مدحت صالح" في فيلم "عجميستا" .. وأن يحقق single آخر لـ"تامر حسني" في فيلم "عمر وسلمى" نجاحاً يفوق نجاح ألبومه!

* عرش الأغنية الشعبية اهتز في خواتيم 2007 تحت قدمي "سعد الصغير" على يد مطرب "غير معروف" اسمه "سيد الشيخ" على ما أعتقد قدم واحدة من أكثر أغاني العام دوياً هي أغنية "المحكمة".. الظاهر الموضة السنة الجاية حتبقى "الحزيييييييييين"!

* أحد أسباب نجاح "مصطفى كامل" فيما يبدو هي "الكحة" الموجودة في صوته والتي تظهر في 99% فقط من أغانيه .. و"الكحة" و "البلغم" في صوت أي شخص ليستا مشكلة في ذاتهما .. إلا إذا سولت نفس الفنان-الأمارة بالسوء-لهذا الشخص .. أن يغني!

* بمناسبة استقدام "الروزجية" الذين يحتلون "البيت" في البرنامج إياه لـ"هبة الأباصيري" خلفاً لـ"منى الشرقاوي" ، هل من الممكن أن يخبرونا عن الأفضلية التي يرونها ، ولا أراها كمشاهد بالعين المجردة ولا بالميكروسكوب الإلكتروني ، في المذيعات اللاتي يعملن ، أو سبق لهن العمل في ما يسمى بـ"راديو وتليفزيون العرب" كي يتم جلبهم للعمل في ماسبيرو؟

* في 2007 تفوق "جمال سليمان" على "إيهاب توفيق" و"هشام عباس" و "محمد فؤاد" في شيء واحد فقط!

* في 2006 بكت الكوميديا ، في 2007 بكت الموسيقى في مصر..

* وعلى ذكر الراحلين ، أضع خطاً تحت اسم "رجاء بلمليح" .. جمال الصوت ..وشجاعة الشخصية..

* أتمنى أن يكون فيلم "الجزيرة" اعتذاراً عملياً من جانب "السقا" عن " أفلامه مع السيناريست "تامر حبيب"!

* رغم أنني لم أحظَ بـ"شرف" مشاهدة "عجميستا" و"البلياتشو" إلا أنني أشعر بأن أغاني تلك الأفلام ستبقى في الذاكرة لفترة أطول من الفترة التي ستبقاها الأفلام نفسها!

* أتوقع أن يكون "هيثم دبور" لعنة على "أحمد مكي" أكثر ربما مما كان "اللمبي" على "محمد سعد"!

* شهد 2007 دخول عدد من المخرجين "غير المصريين" للساحة الدرامية المصرية.. شعرت بـ"حاتم علي" ، واحترمت مجهود "عزيزية" .. بس!

* لو ترك "عمرو دياب" "روطانا" فستكون ضربة معلم حقيقية.. وسيلقنها درساً يجعل الوجه الباسم في شعار تلك الشركة وجهاً عبوساً قمطريراً!

* يعد التليفزيون المصري لمسلسل عن الزعيم الراحل "جمال عبد الناصر" "رداً على" مسلسل "الملك فاروق".. ويزعم مسئولوه أن المسلسل سيكون بتمويل مصري خالص.. هل تصدقون هذا الهراء؟

* إلى "ياسر عبد الرحمن" .. ياريتك ترجع .. إلى "أحمد حلمي" .. ياريتك تغير.. وإلى "اللي في بالي".. ياريتك تروَّح!

* نار "مي الشربيني" ولا جنة غيرها.. والأيام بيننا!

* هذا ما كان من أمر فرجات 2007 ، ليست هذه هي كل ملاحظاتي لهذا العام ولكن ما خطر على البال منها فقط .. كل عام وأنتم بخير .. ولنطوي معاً صفحة 2007 ونستعد لـ 2008 إن أراد لنا الله البقاء لفترة أطول في عالم الأحياء.. كل عام أنتم جميعاً بألف خير..

Friday, December 14, 2007

عاد لينتحر!


عندما يكون الذكاء "سيء السمعة" في مجتمع ما ، ويقترن دائماً لدى وسائل الإعلام ومن ثَمَّ الشارع بـ"الفهلوة" و "تفتيح المخ" و"شيلني وأشيلك" و"تقديم التنازلات" على سبيل التعميم الأهوج ، يتحول الغباء إلى قيمة ، ونجد الميديا تحترم و"تطبطب" على الفنان "متواضع الذكاء" وتلتمس له الأعذار حتى وهو يخطئ ويسيء اختياراته ويهيل التراب على مسيرته الفنية..

خير مثال على ذلك مشهد غنائي بسيط للغاية..

"محمد فؤاد" و "هشام عباس".. اسمان كانا يوماً من الأيام من "النجوم" .. ليشهد هذا العام انهيارهما التام .. انهيار لا يتحمل الجمهور مسئوليته (كما يتم تحميله ذنب فشل أي فيلم أو ألبوم يلعب الغباء دوراً كبيراً في صنعه).. بل هو نتيجة طبيعية لسلسلة طويلة من الأخطاء ارتكباها على مدى سنوات..

"فؤاد" وصل يوماً ما إلى القمة ، وكان منافساً لـ"عمرو دياب".. لكن خطه البياني بدأ في الهبوط بشدة بعد ألبوم "حبينا" في منتصف التسعينيات ، واستمر في حالة من التوهان ما بين تقمص دور "عبد الحليم حافظ" في ألبومات "حيران" و "القلب الطيب" و "قلبي وروحي وعمري" .. وما بين محاولة تقديم شكل خاص به للأغنية جاء مستهلكاً وضعيفاً فيما تلا هذا الألبوم ، ويدخل في ذلك "شاريني" الذي عُدَّ أنجح ألبومات تلك المرحلة من مشوار "فؤاد" "تجارياً" ..قبل أن يعود للهبوط من جديد في ألبوميه الأخيرين..

"هشام عباس" كان يوماً من الأيام من نجوم الأغنية حتى ألبوم "فينه" في العام 2001 أو 2002..لكنه أبدى فيما بعد رعونة فائقة في التعامل مع عنصر "الزمن" الذي يمر علينا جميعاً ويبدل ملامحنا .. لا يزال يغني بنفس الطريقة ويبحث عن نفس الكلمات والألحان التي كان يغنيها في بداية مشواره كما لو كان في سن "حماقي" و "هيثم شاكر".. والأنكى أنه اختفى لفترة تزيد عن العامين توقعنا فيها أنه سيدخل مرحلة جديدة وقوية تعيده بقوة إلى المنافسة بشكل يتناسب مع كل نجاحاته السابقة ، ليصدمنا بألبوم فشل فنياً وتجارياً في نفس الوقت.. حاجة كدة "عاد لينتحر"!

والاثنان يشتركان في خطأ فادح وقع فيه نجم آخر أفل مؤخراً هو "إيهاب توفيق" .. التعامل الإنتاجي مع "صديق السوء" ..صحيح أن "روطانا" لعبت دوراً في القضاء على "محمد فؤاد" ، مثلها تماماً مثل "عالم الفن" مع "هشام عباس" على نحو سبق بيانه في تدوينة سابقة ، لكن "محدش ضرب" "هشام" و "فؤاد" على أيديهما لاختيار شركات إنتاج لا تحترم مطربيها!

نفس المصير -بكل أسف - يهدد من هم أكثر موهبة من السالف ذكرهم أمثال "الحجار" و "مدحت صالح" و "الحلو" و"أنغام".. هذه الأصوات التي اجتهدت على مدى عقود في اختيار كلمة ولحن وتوزيع "محترم" ثم تفرغت للمشاكل وعدم الاستقرار والكسل والسحب من الرصيد..

النجاح يُكتَب - عادة- لمن يستوعب الدروس ، لمن يحترم الزمن والناس و-قبل كل شيء-نفسه ، لمن يتعلم من أخطائه ، لمن يراجع نفسه .. وليس لمن يقاتل طواحين الهواء ، ويكتفي بـ"هذا القدر" ، ولا يكلف نفسه عناء النظر للمستقبل والتفكير في الخطوة القادمة ، أياً كانت موهبته ، وقدراته ، ورصيده السابق..النجاح يُكتَب لمن يخاطر بحساب ، ليس لمن ينتحر ثم يلقي هو أو المقربون له من الصحفيين باللائمة على الآخرين..
* الصورة من مدونةٍ ما على جيران لا داعي لذكر اسمها لتضمنها للغة بذيئة..

Thursday, December 13, 2007

تسقط الشركة ، ويحيا القرد!


زميلنا أحمد شقير قدم في ختام العام الماضي حصاداً للعام في صور لأهم الشخصيات التي ساهمت في صناعة الأحداث فيه .. وأشير عليه في حالة رغبته في تكرار التجربة أن يضيف هذه الصورة إلى قائمة صور شخصيات هذا العام..

قرد "موبينيل" هو رمز للحملة الدعائية الضخمة التي دشَّنتها الشركة في محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من حصتها في السوق في مواجهة "فودافون" و"اتصالات".. ومن المفارقات الغريبة أن تنجح "موبينيل" في امتحان البروباجاندا بينما تفشل في امتحان السوق..

أزعم أن أنجح إعلانات الدعاية سالفة الذكر لم تكن في سلسلة الإعلانات التي كانت بطلتها "ياسمين عبد العزيز" رغم كمية الإبهار والنفقات الباهظة التي أنفقت عليها ..بل كانت في الإعلانات التي جمعتها (=ياسمين) بهذا القرد الجرافيكي "اللِّمض" والذي يرى في نفسه نجماً لا يقل نجومية وشهرة عن "ياسمين عبد العزيز" بطلة إعلانات "آلوهات" السابقة!

هي إعلانات بسيطة ، وساخرة ، وربما كان أقل تكلفةً مما سبقه.. ولهذا السبب لفتت أنظار الكثيرين هذا العام للقرد ، وليس للشركة!

تتذكر في هذه الإعلانات "طارق نور" في أيامه الأولى ، هذا المخرج الذي لا ينكر أحد أنه غيَّر شكل الإعلان في مصر ، وأذكى من لعب على وتر الجاذبية الطبقية في إعلاناته ، حتى من "ساويرس" في "أو تي في".. تشعر أنه كان يعلن عن نفسه أكثر ما يعلن عن المنتجات التي قبض ثمن إعلانها ، فقد كان يعلن عن منتجات في معظمها "تعبانة" ، وكان يرى في ذلك تحدياً لقدراته كمسوق ومخرج ، صحيح أن تلك المنتجات لم تكن لتحقق مبيعات كبيرة حسب علمي المتواضع ، لكن كل مصر كانت تردد وتتندر بإفيهات ما يقدمه "نور" من إعلانات عنها ، حتى أن أطفال الثمانينيات - وأنا منهم- كانوا يحفظون أغاني إعلاناته عن ظهر قلب.. استفاد "نور" كثيراً ولم يغضب منه معلنوه الذين ظلوا أوفياء لما قدمه لأسماء شركاتهم من خدمات!

وكما "قد" تذكرك الإعلانات بـ"طارق نور" ، أعتقد أن "ساويرس" سيذكرك بمن يعلنون لديه ، فهو صبور على الحملات الدعائية وينفق عليها بسخاء غير عادي ، ويبدو أنه لا يستعجل على أثرها على الإطلاق ، بدليل أن كثيراً من مشتركي "موبينيل" لا يزالون يعانون منها حتى الآن.. وربما كان سعيداً طبقاً لعقلي القاصر بأن الناس تحب قرد "موبينيل"..أكثر من "موبينيل"!

تحديث 22/12: زميلنا العزيز شقير أضاف القرد لتدوينته عن حصاد العام ..عند حسن الظن كما عودتنا دائماً يا بوحميد..:)
*الصورة هذه المرة من بروفايل في منتدى رياضي ، حملتها عندي وهي أول upload لي على blogger! :)

Wednesday, December 05, 2007

دِلالة .. الدِلالة


تراهما في أي فضائية هذه الأيام .. لا فرق في ذلك بين "الناس" أو "الحكمة" أو "المحور" أو...أو....

اثنان من المساكين فعلاً ، أعطتهما شركة التسوق يونيفورماً رديء الصنع ، وفوق البيعة كورس في الكتب السمجة حول "البيع الناجح" و "البيع الفعال" و "رجل المبيعات الفعال" يقومان بتطبيقه وتسميعه.. زن و"لت" و"عجن".. لا يختلفان عن البائعين الذين يقتحمون مكاتب الموظفين في القطاع العام وغير العام .. الفرق أن هؤلاء "استعمال تليفزيون" .. قيمة وسيمة ويونيفورم ..لا لشيء إلا لـ"منظر الشركة" و "واجهة الشركة"..

أشعر بسعادتهما بالنقلة التي طرأت على حياتيهما ، فبعد أن كانت الشركة تمتص دمهما في الشارع صار ذلك يجري بأسلوب مختلف عبر الشاشات ، للتليفزيون "شمخة" و "هيبة" وكل من يظهر فيه يحصل على نصيب من الشهرة سواء أكان "فاروق الباز" أو حتى أي مجرم في البرنامج المقبور "وراء الأسوار".. وربما كانت لبعضهم طموحات في الشهرة بطريقة أو بأخرى كدخول عالم الرياضة أو التمثيل ، وانهارت تلك الطموحات بشكل أو بآخر ، وكان التعويض بالظهور بهذا الشكل الذي قد يراه البعض مهيناً ومهدِراً للآدمية..

المستفيد الحقيقي من تلك الفواصل البيعية المملة والسمجة هو الشركات التي تمتص عرق ومجهود هؤلاء البسطاء الذين لم يلجأوا منفذاً لـ"القببان على وش الدنيا" إلاها.. تلك الشركات أشبه بمقاول الأنفار في الريف، الذي يحصل هو كل الغلة لنفسه ، ويترك الفتات لمن اضطرهم القدر للوقوع تحت ضرسه..

صحيح أن دوام الحال عين المحال ، وأن تلك الشركات ستسيطر على قنوات بأكملها بعد أن تخترقها على طريقة الفيروس ، وستطلق مصطلحات براقة على الدِلالة التليفزيونية التي تمارسها من عينة "فكر اقتصادي" وما أشبه ذلك ، لكن الشيء الوحيد الذي سيبقى هو الاستغلال ، وطالما أن هناك من يستغِل ، فهناك أيضاً من يُستَغَل.. إن كان من بسطاء مندوبي المبيعات المساكين ، أو من المشاهدين المساكين الذين قد ينخدعون بمظهر البضاعة الخادع ويشترون ويكتشفون أنهم حصلوا على صابونة من العيار الجامبو..

ويجعله سعادة ، وتوفيق ، وبركة.. وسلامتها كالعادة أم حسن..
* الصورة من مدونة أجنبية..

Saturday, December 01, 2007

من سيربح القطيع؟


دائماً ما نعيب على الأمريكان أنهم قطيع تسيرهم أجهزة إعلامهم كيف شاءوا ، وهو أمر صحيح في ذاته ، واسألوا فيه صديقي ابن عبد العزيز ومن عاش في الولايات المتحدة وتابع إعلامها .. نشرات الإيه بي سي التي هي في الغالب محلية ، وتهتم بـ"آنا نيكول سميث" و "باريس هيلتون" أكثر بكثير من أمور أهم حتى في الداخل الأمريكي .. ولا ننسى نشرة "المقرر" الخارجية التي تذيعها سي إن إن .. احفظ من أخبار العالم ما يملى عليك!

لكن أليس هذا ما يحدث في عالمنا العربي ، وفي مصر بالتحديد؟

ما يحدث عندنا لا يشبه ما يحدث في بلاد عمو سام فقط بل هو ألعن منه..

بدأت الأمور عندنا في السنوات التي احتكرت فيها الدولة كل كل شيء (وهناك طبعاً من يتمنى لتلك الأيام أن تعود) بما فيها الميديا .. تذكروا أن اسم "وزارة الإعلام" في مصر كان في فترة من الفترات "الإرشاد القومي".. وعليه فكانت الصحف والإذاعة والتليفزيون تلقننا المعلومة والرأي وتسيرنا وراءها مثل القطيع.. والهدف هو "مصلحة البلد" - سواء أكانت مصلحة النظام، أو مصلحة الحزبوطني ، أو مصلحة البلد بحق وحقيق- وبقي الموضوع كما هو عليه لسنوات طويلة ، حتى في أيام "صفوت الشريف" وإكليشيهات "الزمن الجميل" من عينة "إعلام الريادة" و"السماوات المفتوحة"..

كانت الدولة في تلك الفترات هي "الأستاذ" الذي "يعرف أكثر" .. كانت لكل كلمة تنشر في "الأخبار" و"الأهرام" و"الجمهورية" وتذاع على تليفزيون الدولة الرسمي وإذاعتها مرجعية بحكم قوة الدولة وأجهزتها التنفيذية.. وعليه فكنا نسير وراء تلك الأجهزة مغمضي العينين..

ثم تغيرت مصر .. وتغيرت طبعاً قواعد اللعبة..

ظهر المال السياسي والديني ، المحلي منه والخارجي ، المعلوم منه والمبني للمجهول ، وكان من الطبيعي أن تصطدم مصالح كبار رجال الأعمال بمصالح البيروقراط المشتغلين في السياسة في الحزبوطني ومعها مصالح رجال الأعمال الذين رأوا أن مصالحهم مع الحزبوطني ، سواء بسبب الطموحات الاقتصادية أو السياسية لرجال الأعمال.. ومن هنا قرر أصحاب الملايين اللعب في الإعلام .. مولوا صحفاً من الظاهر ومن الباطن ، وأنشأوا برؤوس أموالهم فضائيات ومولوها أيضاً من الظاهر والباطن..وصرفوا عليها كما ينبغي أن يكون..وصنعوا نجوماً نافست نجوميتهم حتى بعض الممثلين والمطربين ولاعبي الكرة..

لا أحد ينكر أن ما بناه المال السياسي من فضائيات وصحف غير شكل الإعلام في مصر ، لكنه سار في نفس الاتجاه الذي سارت فيه ميديا الحزبوطني بل وألعن .. فالميديا الجديدة لعبت على نغمة العداء السائد بين الناس والنظام ، أي نظام ، واعتمدت لعبة الإثارة والتهييج بمانشيتاتها الحراقة بطريقة تستنفز طبيعتنا العاطفية جداً .. تهدف إلى إحداث حالة من "السخط العام" في أوساط الشارع على النظام وتضغط عليه ، فيصبح النظام مجبراً على تقديم تنازلات من أي نوع لصالح أصحاب المال..

عاطفيتنا و"زنّهم" أوصلتنا لدرجة من تحويل صنائع المال السياسي في عالم الميديا إلى تابوهات لا يجوز عرض تصرفاتها على العقل ، من باب أن "عدو عدوي" هو صديقي .. وأننا "اصحاب صحابنا" و"اللي يرش صاحبي بالميَّة أرشه بالدي دي تي"..كثيراً ما لمحت ذلك في نقاشات حادة لي مع أناس يقفزون بهؤلاء إلى درجة شبه التقديس..وربما في ظل طوفان جماهيريتهم العاطفية الكاسحة يتحول كل من ينتقد هؤلاء إلى خائن وعميل وحزبوطني من "ديش العدو"!

الحال هنا ألعن من أمريكا .. في أمريكا على الأقل رأس المال هو صانع الإعلام والسياسة ، قيادة واحدة وموحدة للقطيع في عموم بلاد الأمريكان ، أما في بلادنا فالأمر هو "شد حبل" ، استقطاب واستقطاب مضاد ، الحزبوطني وأحمد عز وأبو العينين وغيرهم ورجالتهم ، في مواجهة بهجت وساويرس وآل أديب ورجالتهم .. وكل واحد منهم يريد من الجموع السير في مظاهرة تأييد له .. وليذهب في ستين ألف داهية كل ما كنا نتلقنه في "قعدات" "الموساككافييين" من عبارات عن الإعلام ودوره في صناعة "الرأي العام" ..

أتفق مع زميلنا محمد عادل في ما وصفه هو بـ"التفسير المعتاد" لكون حكم-وأضيف : تسيير -قطيع من الحمقى في مظاهرات أسهل بكثير من فعل ذلك مع المثقفين الأذكياء.. ولو كان الهدف من أي من الإعلامين في بلادنا هو تثقيف الفرد وتوسيع مداركه والإسهام في جعله يحكم على الأمور بشكل حصيف في أي اتجاه ، وليس تحويله إلى عصاية أمن مركزي أو "دبشة" في مظاهرة لاختلف الأمر ألف مرة عما نحن عليه.. ولما انقسمنا لقطيع هنا .. وقطيع هناك .. ومتفرجون على برنامج "من سيربح القطيع"!

ذو صلة: في نفس الاتجاه أبدع محمد عادل..
*الصورة من موقع أجنبي..