Tuesday, January 01, 2008

بين السليق .. والحريق!


كل سنة وانتم طيبين..

أردت أن "أستفتح" السنة الجديدة بتدوينة في اليوم الأول .. هذه المرة بتدوينة غريبة هي خاطر جال بذهني قبل قليل ..

فكرة "يا سليق .. يا حريق".. فكرة اللاوسط..

مفيش وسط بين إعلام الحزبوطني و"استقبل سيادته" و"الفكر الجديد" و"أعلى مستوى" وبين وسائل الإعلام اللاحزبوطنية التي تضعك أمام صورة أخرى ..بين "الحياة بقى لونها بمبي" في "البيت بيتك" ، و"كتاب حياتي ياعين ما شفت زيه كتاب" في "العاشرة مساءً"!

مفيش وسط بين كلمات أغاني كلها تذلل وخنوع وضعف وكساح ، وبين أغاني كلها تهديد ووعيد وعصبية وشتائم..حتى في الأغاني "الشعبي".. لن تجد وسطاً بين "العنب" و "المحكمة"!

مفيش وسط بين أفلام تدور أحداثها في القرى السياحية وحول علية القوم ، وبين أفلام تأخذك في جولة إلى أفقر أفقر بقاع مصر.. بين أفلام قصص الحب والروشنة والضحك أحياناً وبين أفلام قصص البلطجة والإرهاب والجريمة والفوضى.. بين أفلام تشعر فيها أن الحياة "بمبي بمبي بمي بمممممممبي" ، وأخرى تكتشف أنها أسود من فانلة الحكم التقليدية قبل مونديال 1994.. وحتى ما يكتب عن الأفلام خال من الوسط .. فالأفلام في وجهة نظر عديد الكتاب والصحفيين إما أن تكون في مستوى "الأرض" و "دعاء الكروان" و"Gone With The Wind".. أو أن تكون كوارث وجرائم يستحق أصحابها الإعدام رجماً بالقباقيب القديمة!

أوشكنا على ألا نرى وسطاً حتى بين الإفراط والتفريط في حياتنا..

هل الوسط بين كل هذه المتناقضات مختفي عن عيوننا -كتاباً ونقاداً ومبدعين ومتفرجين- أم أن عيوننا عاجزة عن رؤيته والاعتراف به وتصنيعه؟

الوسط موجود.. بين الامتياز والضاد جيم هناك المقبول والجيد ، بين الممتاز والهابط هناك المتوسط و"المعقول" والـ"مش وحش"، بين العباقرة و الأدعياء هناك المجتهدون والكسالى وناقصو الموهبة والموهوبون ، بين شرم الشيخ والعشوائيات هناك بشر لهم أحلام وطموحات ومشاكل ، بين الترف والفقر هناك عالم بأكمله..

فقط أتمنى من العلي القدير أن يعينني على أن أرى الحياة من حولي بكافة أبعادها ، الجميل ، والقبيح ، وأيضاً الوسط.. دمتم بألف خير..

6 comments:

Ossama said...

صباح الفل يا شريف
بقالي زمان مزرتش مدونتك ولا مدونة اي حد
بجد تدوينة جميلة
كل سنة وانت طيب
السؤال هنا ليه؟؟؟

قلم جاف said...

أستاذنا العزيز .. أشرف بأن تكون أول زوار المدونات الثلاث في العام الجديد..

وح أحاول أشرح منطق التدوينة دي دون أن تخونني عباراتي..

المجتمع مكون من بشر.. ومن البشر دول متلقين..

أنا بني آدم متلقي ، في جيبي فلوس ممكن أدخل بيها فيلم ، وفي إيدي ريموت كنترول ممكن أدوس بيه على أي زرار..وألف بيه على أي قناة تعجبني..

بس دة مش معناه إني في موضع قوة زي ما ناس كتيرة متخيلة..

المتلقي العادي اللي هو أنا وناس كتير ممكن تقول إنه بـ"يتوجه" من قبل المبدعين والإعلاميين علشان يختار بين البدائل..

ودول زيي وزيك وزينا جميعاً .. بشر ومش ملايكة.. ليهم دوافعهم ، وميولهم ،و مصالحهم ، وأفكارهم ، وتصوراتهم ، وتركيباتهم..

لحد كدة الكلام دة عادي وبيحصل في أي مجتمع فيه بني آدمين..

إيه مشكلتنا هنا؟

إنه يا سليق .. يا حريق..

عندنا مناخ غريب من التعصب والإمعان.. بمعنى..

اللي بيتعصب لصورة معينة مبيبقاش قادر يشوف غيرها ولا يعترف بغيرها.. حاجة كدة عاملة زي "من ليس معنا فهو علينا" واحنا اللي ابتكرناها قبل الأمريكان بزمان .. عبارة يلخصها الإكليشيه الإعلاني الشهير :إن ما كانش فرج الله .."يفتح الله"!

فيه من الكتاب اللي شايف إن مفيش مصر إلا في الستينات ، ومفيش تقدم اجتماعي ولا عدالة اجتماعية إلا في الستينات ومفيش فن ولا سينما إلا في الستينات.. وإن ما كانش فرج الله يفتح الله.. قيس على دة حاجات كتير قوي..

هو حر في تصوره ، بس هو بيحب يسوقهولي ، ويزودها حبتين..

اللي شايف إن مصر زي الزفت بيزودها قوي وبيمعن في كدة زي ما بيتقال على الأفلام الجديدة اللي طالعة مؤخراً ومسميها ناس كتير منهم الصحفي المصري أحمد المسلماني "سينما اليسار".. واللي شايف مصر مية فل وعشرتاشر ومصر بتتقدم بينا والفكر الجديد والمش عارف إيه برضه بيزودها قوي..

وأنا كواحد بيتفرج أفتح القناة دي ألاقي ناس تقول كله في الحضيض ، وناس تانية تقول كله في السليم .. ومش شايف حاجة في النص لإن لا اللي بيهاجم معترف بإن فيه حاجة حلوة في البلد ولا اللي بيطنطن معترف بوجود سلبيات .. ولإن الزن ع الودان أمر من السحر فطبيعي أنا كشخص ماشوفش وسط..ولا اعترف بيه..

لما بتبقى كل قايمة الخيارات في مجتمعك متطرفة حتختار الاعتدال منين وازاي؟

طبيعي كلنا ما نشوفش الوسط ولا نعرفه.. وكله عندنا يبقى يا سليق .. يا حريق..

وطول ما كله عندنا يا سليق يا حريق .. صعب أي رؤية "تستوي" في دماغنا وصعب نفهم صح..

أتمنى أكون وصلت فكرتي بشكل صحيح ، وعذراً جداً للتطويل..

uogena said...

مرحبا قلم جاف
المشكله ليست فقط فى التفكير والتزمن للشمال فقط او اليمين فقط
المجتمع نفسه اما طبقه كادحه طبيعى عينها ملونه اجبارى بالاسود
وطبقه مرفهه لابد وعينها بمبى
يعنى لنبحث عن الوسطيه لابد من وجود مناخ او بيئه مستعده لاستقبالها
بيئه فيها مقومات التفكير العقلانى التوسطى
الكل بيتكلم من منظوره ومن معايشته وحاليا باعتقد زى مالطبقه الوسطى بتندثر يبقى الفكر الوسطى لو كان موجود هيختفى

abderrahman said...

فيه مصيبة بيرتكبها الاعلاميين، والمبدعين كمان في إنهم بيعبروا عن طبقتهم أو وسطهم، وعند تناول فئات أخرى بتبقى عينة مجهرية للسخرية منها أو الاشفاق عليها.. أو لتقديسها في حالات أخرى.. المشكلة هي انعزال فئات المبدعين والاعلاميين في كثير من الأوقات عن الواقع.. دي مشكلة حقيقية نتيجة الخضوع للأفكار السائدة في الوسط اللي بيعرض المشهد سواء إعلامي أو فني
**
فكرة الحريق والسليق :) أعتقد أنه ممكن كل واحد عايز يقدم حاجة مختلفة فبيبقى فيه مبالغات.. وده في النهاية برضو عشان البعد عن الواقع

قلم جاف said...

عبود : قلت اللي في دماغي ، واللي لسة ح أكتب عنه قريب إن شاء الله..

قلم جاف said...

يوجينا:

أنا شخصياً أرى أن مناخ استقبال الوسطية وفهمها أوشك على التلاشي.. وأصبح في مجتمعنا اتجاه للميل تجاه كل ما هو متطرف ، سواء في الدين أو في السياسة أو في الفن.. بل وصار المعتدل ينظر له في بعض الأحيان على صورة الشخص الذي يمسك العصا من النصف ويوصف في بعض بعض تلك الأحيان على أنه معدوم المبادئ.. وبيتاخد بنظام العاطل في الباطل مع معدومي المبادئ اللي بحق وحقيق!