لنعد بالذاكرة لعام 1992.. وقت أن عرض مسلسل The Bold and The Beautiful لأول مرة على شاشة القناة الثانية الأرضية في مصر..
عرض المسلسل قبيل الزلزال بأشهر .. استقبله الناس كأي مسلسل عادي ، وأقل من العادي أول الأمر ، على أساس "شِبَع" جمهور المسلسلات الأجنبية في مصر في ذلك الوقت من Falcon Crest و Knots Landing ، إلى أن بدأ يتسرب ويتوغل .. لم يحل زلزال 1992 دون استمرار نجاحه المدوي جداً وغير المتوقع ..
تحول المسلسل إلى ظاهرة ، ازدادت نسبة مشاهدته بنسبة عالية للغاية ، ولم يوقف تقليص عرض المسلسل من سبعة أيام في الأسبوع إلى double bill في يوم الخميس المد الإعلاني الجارف عليه .. وصل الأمر إلى أن استغرقت الفترة الإعلانية السابقة للمسلسل في أمسية الخميس إلى خمس وأربعين دقيقة كاملة .. كما لو كانت مباراة الأهلي والزمالك!
ثم أوقف عرض المسلسل لأسباب اختلف فيها ، قيل لدواعٍ رقابية ، وقيل لأسباب أخرى..
ثم نسي الناس بسرعة..وانتهى الأمر به منبوذاً إلى قناة دريم دون أن يتابعه أحد في الوقت الراهن..
لن تجد سبباً واضحاً لنجاح The Bold and The Beautiful.. إلا العبارة المصرية الشهيرة التي تسمعها من البسطاء في مثل تلك المواقف "أرزاق".. وهي بالفعل كذلك.. فالمسلسل بصرياً "فيديو" مثله مثل المسلسلات العربية وليس بصورة سينمائية كما هي العادة في المسلسلات الهوليودية التقليدية ، بطيء الأحداث بشكل خانق ، يفتقد لمتعة ودقة صناعة الدراما وبناء الشخصيات وحتى لعناصر الإبهار والتشويق.. Soap Opera صنعنا مثله وأفضل منه في بلادنا..
كان من "رزق" المسلسل الذي لم ينجح خارج أمريكا إلا لدينا هنا أنه كان يعرض على شاشة التليفزيون المصري .. وقت أن كان الخيار الوحيد لمعظم المصريين من غير مالكي "الأدشاش".. كان خياراً وحيداً قوياً له سلطته وهيبته وهيلمانه .. كلنا ونحن صغار تسمرنا يوماً ما أمام "اخترنا لك" وقت أن كان يذاع في سهرة الأربعاء .. وكانت أعجوبة الأعاجيب أن نشاهد McGiver أو The X-Files ومن قبلهما The Dark Room و Night Rider..
الآن لم يعد لدى المصريين "خيار" واحد ، بل لديهم "السلطة" بكاملها .. سواء بفتح السين واللام أو بضم السين وتسكين اللام.. قائمة طويلة عريضة من القنوات يمكن التقليب بينها بضغطة زر في وصلة لا تكلف المواطن البسيط الشيء الكثير.. صار من الصعب أن تشاهد تليفزيوناً واحداً يشغل القناتين الأولى والثانية حتى في قلب رمضان .. حيث استحوذت قنوات البترودولار القوية على الكعكة التي كان ماسبيرو يحتكرها دون غيره.. وأصبح عرض المسلسلات بالنسبة لنجومها على القناتين المصريتين الأرضيتين أمراً كمالياً..
غربت شمس The Bold and The Beautiful لتشرق شمس "نور" من بعده.. جاء اليوم الذي يذيع فيه التليفزيون الأرضي المصري مسلسلاً بناءً على نجاحه الساحق في قناة فضائية أخرى من بلد آخر.. وربما لن يكترث له أحد هنا إلا من أراد أن يتابع السلسلة من البداية ، ولأن توقيت الشراء جاء "غاية في الذكاء" قبل رمضان بأربع أسابيع فلن تجد له متابعة كبيرة .. فعلاً على رأي المطرب السوري "علي الديك".. رحم الله الدكنجي.. ولبضاعة الـ كان يبيعا.. واااااا.. عبيدووووووو!
* الصورة من موقع soap opera digest..
* الصورة من موقع soap opera digest..
No comments:
Post a Comment