استقبلت اللازمات التي شاهدها الملايين في فيلم "أحمد مكي" "اتش دبور" - طبعاً من قبل من يعرفون معناها- بشكل متباين .. منهم من رأى فيها نوعاً من الجرأة حتى وإن وردت مشفرة لألفاظ "أخرى" أكثر "أَباحة"- اختلف في كتابتها بالعامية بالألف أو القاف- وقليلون في تقديري وجدوا فيها نوعاً من الوقاحة في ذاتها..
بعيداً عما يقال عادة عن الإفيهات الجنسية وتأثيرها على "الضحك" أو "لفت الانتباه" وغيرها من الأهداف الأخرى التي يسعى لها بعض كتاب السيناريو أثناء عملهم.. يرد صناع هذه الإفيهات "المشفرة" بحجة تستحق التفكير : دي لغة حوار الناس العاديين ودة الواقع..
يبدو ما سبق صحيحاً.. شئنا أم أبينا..
في اللغة التي نتخاطب بها مع بعضنا البعض هناك نسبة من "المحتوى الجنسي" ، غالباً يصب في بحر "الشتائم" .. ويكون معظم إن لم يكن كل من ما يعرف باسم الـF-Words (=الكلام اللي بيترجم في التليفزيونات بعبارات زي "السافل" "الوغد" ...الخ).. واللافت للنظر أن نسبة هذا المحتوى داخل لغة الحوار العادية في تزايد مستمر.. سواء الألفاظ "النابية" الأجنبية بين أوساط "الهاي سوسايتي" أو الألفاظ "النابية" "البيئة" بين أوساط "عامة الشعب".. وبدأت الألفاظ التي لها مدلول جنسي تأخذ معانٍ أخرى داخل اللغة بعيدة عن معناها الحقيقي ، وتستخدم للتعبير عن الغضب ، أو الاستحسان في بعض الأحيان (هناك مقال لزميلنا رسام الكاريكاتير أشرف حمدي في الموضوع) ..
السباب بالأب والأم وبالدين واستخدام العبارات إياها كلها أمور لا تعد قبيحة أو مستنكرة ممن يستعملونها باستمرار ويعلمون "شفرتها" جيداً.. ولكنها ليست كذلك بالنسبة لمن لا يخاطبون بعضهم البعض بها .. ولا لمن لا يتوقعها في الفن والإعلام .. فالسينما لهؤلاء تعتبر حلماً لا يجب أن تنغصه لغة كتلك .. كما أن مرور فيلم من تحت أنياب المؤسسة الرقابية يعطي شعوراً للمتلقي أن هناك قبولاً من السلطة لذلك..
وبمناسبة السلطة .. لا أعتقد أن صناع الفيلم - مع احترامي لهم - قد فعلوا ذلك خوفاً من المجتمع "المحافظ" أو الذي يزداد- في آراء كثيرة- محافظةً بمرور الوقت (فكثير من المحافظين وطبعاً من المتشددين كبروا الـG واتخذوا مواقف متشددة من كل ما هو فن).. فهم يعلمون تمام العلم سعة استخدام تلك المصطلحات بين شرائح كبيرة من المجتمع على اختلاف مستواها الطبقي .. وإن كان استخدام تلك اللغة - ولو مشفرة- سيغضب المحافظين (الغير مبالين بالفن كما سبق الكلام) فإنه بالتأكيد سيسعد آخرين .. زد على ذلك أنه لا يوجد استياء مجتمعي من سماع تلك الألفاظ صراحةً واستخدامها في مباريات كرة القدم التي يشاهدها ويسمعها الملايين..وقد يأتي اليوم الذي يقبل فيه الجميع "غصبن عن عين التخين" استعمال هذه اللغة صراحةً في الأفلام والمسلسلات ، خاصةً وأنه جاء يوم علينا كان استعمال مصطلح "ابن الكلب" في فيلم شهير جريمة الجرائم قبل أن تصبح واحدة من أكثر الشتائم أدباً في الدراما المصرية..
بالعكس.. لجأ صناع الفيلم لذلك تحاشياً لغضب السلطة.. الممثلة في جهاز الرقابة على المصنفات الفنية.. ليس إلا.. هم أناس يعرفون قدرهم جيداً ونيتهم واضحة في تقديم فيلم كوميدي خفيف .. دون الخروج بمانشيتات ثورية زاعقة ماركة "خالد يوسف" يصبون فيها جام غضبهم على المجتمع المتشدد والرقابة المتشددة والسينما المتشددة والهواء المتشدد والماء المتشدد ..كل ما هنالك أنهم لا يريدون صداماً يحول بينهم وبين تقديم فيلم يرونه "مطرقعاً" وقد يهدر بضعة ملايين أنفقتها السيدة "إسعاد يونس" على إنتاجه!
"الحوار" كله يضع ظلالاً حول عدة أمور .. أولها علاقة صناع الدراما بالرقابة ، وأن إكليشيه "لا رقيب على حرية المبدع سوى ضميره" يسقط على الأرض أحياناً سواء بالخوف من الرقيب أو اكتفاء شره .. وثانيها إصرار بعض صناع الأفلام بمن فيهم أفلام أكثر "جدية" و "جدلية" على تقديم كوبي وبيست للناس من حياتهم حتى في الشتائم .. وثالثها علاقتنا الغريبة والعجيبة بـ"قلة الأدب"..التي ندينها ونستخدمها في نفس الوقت!
سطر أخير: الانطباع الأول لدي عن شخصية "دبور" سيء للغاية ، وأتمنى إن شاهدت الفيلم كاملاً ألا يكون لدي كلام "أسوأ" عنها.. وألا يتبقى من الفيلم سوى "لزماته" التي فاقته شهرةً.. تماماً مثلما اشتهرت أغاني فيلم "لخمة رأس".. وسقط الفيلم!..
* الصورة من "إيلاف"..
* الصورة من "إيلاف"..
4 comments:
شفت حوار مذيعة ايجى فيلم مع البتاع هيثم دبور ده؟
الدقيقتين تلاتة دول يتكتب عنهم كتاب عن تقنين الهيافة
لما سالته عن اسم الفيلم و قصة الفيلم, مذكرش غير معلومات ممكن تجيبها من بحث عن فريق العمل
اما تصوره لقصة الفيلم, فقال الكلمتين الدارجين اليومين دول ((المجتمع بقه طبقتين و مبقاش فيه طبقة متوسطة))
طبعا كلام غير منطقى, بس بيبين ان صاحبه اصلا انسان تافه
ياريت تزور المجموعة دى على الفيس بوك
http://www.facebook.com/group.php?gid=26061186719
اعتقد ان الرقابة مقطعتش الكلام ده لانها مفهمتهوش
انا نفسي مكنتش فاهمة يقصد اية
باية سفن اية
لحد ما حد اصغر مني قالي
حاجة تكسف
اوروفوار
شاهدت اعلان الفيلم واثار انتباهى ايضا موضوع الكلمات والتعبيرات التى يتم تحريفها والموجودة فى الاعلان
ارى ببساطة انها وسيلة جديدة لجذب الجمهور بدأ فيها هذا الممثل الجديد او من كتب له الحوار
ومع ذلك تظل افلامنا رغم ما يمكن ان يقال مؤدبة جدا جدا فى حوارها عن افلام امريكية او فرنسية او حتى لبنانية فقد شاهدت منذ سنوات فى الخارج عرض لفيلم غرب بيروت للمخرج زياد دويرى واصبت بصدمة من جراءة الحوار
فالحوار فى النهاية مثله كالعمل يجب ان يكون انعكاسا للحوار الواقعى مع حد ادنى من احترام متطلبات الرقابة
أنا كمان لم أكن أفهم كثير جدّا من تعبيرات الإعلان لدرجة مرّه استفسرت بصوت على عن "إيه يعنى اللىّ بيضحّك فى كلمة كذا كذا كذا" !! و ماكانش حد من اللىّ باسألهم فاهم
لحد ما زميلاتى فى الشغل شافوا الفيلم و كانت واحده فيهم مع أخوها فشرح لها ما خفى عنها من ألفاظ لم أصدّق فعلا أن يجرؤ الفيلم على تناولها حتى لو كانت متشفّره ولا يفهما إلاّ اللبيب و اكتشتف إنّى لا طلعت لبيبه ولا حاجه و طلعت رجل كرسى بالكتير أوى
Post a Comment