Sunday, September 14, 2008

وكأنه مكتوب علينا


مصر بلد لا ينام على بركة من النفط ، كما أنه لا يملك مساحات واسعة من الأراضي ، ولا ثروات معدنية مهولة ، ولا أيدي عاملة مدربة ، ولا أي شيء من الهراء الذي تم حشو أدمغتنا به من قبل نظام التعليم الرابسوماتيكي المتخلف .. لكنه -بمعايير موضوعية- ليس أفقر بلد عربي .. هناك بلدان عربية تتمتع بمستويات معيشية متواضعة قياساً على مصر.. لنتفق..

ما دام ذلك كذلك.. لماذا تستمر على مدى ما يقرب من العقد الكامل من الزمن أكبر حملة تسول متلفزة على مرضى السرطان؟ ألم يستشعر القائمون عليها من ذوي الجلد السميك بالحرج البالغ الذي يعيشه مصريو المهجر والاغتراب من "اتبرع ولو بجنيه.. اتبرع باللي تقدر عليه" خاصةً بعد إذاعة تلك الإعلانات ليل ونهار في فضائيات دول النفط؟ قد يقول قائل أن السبب في ذلك أن تلك الفضائيات هي الأعلى مشاهدةً حتى من التليفزيون "النظامي" المصري.. لكن ماذا سيقول هذا القائل في التطور الذي وصلت إليه تلك الحملة في وقت سابق "اتبرع ولو بجنيه ..ولو بدولار.."؟ .. هل من المقصود أن تصل الشحاتة إلى بلاد المهجر والاغتراب أم أن المصريين وخصوصاً مصريي الداخل (الذين كانت تتسول الحملة على حسابهم بالجنيه وباللي يقدروا عليه) يذهبون لشراء حاجياتهم باليورو والكريديت كارت؟

وبما أن الشيء بالشيء يذكر.. لماذا أصبحت فضائيات دول النفط معرضاً لحملة التسول الضريبي "الضرائب .. مصلحتك أولاً"؟ هل لتلك الحجة البلهاء سالفة الذكر في الفقرة السابقة؟ أنا شخصياً "أسمع" أن جباية الضرائب من مصريي المهجر والاغتراب غير دستورية وصدرت أحكام بذلك..ليه كل دة؟..لماذا نرى الشيء نفسه في حملة دعاية "ابني بيتك" التي هي حملة دعاية مبطنة لصاحب "بيت العز يا بيتنا"؟ هل سيبني المصريون المقيمون في دول الخليج العربي بيوتهم في مصر بحديد "عز"؟ .. مال المصريين المقيمين في دول الخليج وغير الخليج بحديد "عز"، وبحزب "عز"؟

إشمعنى احنا؟ لماذا لم نر حملة دعاية لمستشفى سوري مثلاً لعلاج مرضى السرطان تحت شعار "تبرع خيّو ولو بليرة"، أو حملة لتوعية لبنانيي المهجر بضرورة دفع ضرائبهم؟ والدولتان تتمتعان بجاليات كبيرة - وقوية وفعالة بحق وحقيق- في معظم أنحاء البسيطة ، ما دام الغرض كما ندعي عندنا هو توصيل الرسالة لكل مواطن من البلد في جميع أنحاء المعمورة؟

الفقر ليس مبرراً للتسول ولا بالتالي لنشره عند القريب والغريب.. ونحن لسنا أغنياء ولسنا أيضاً فقراء.. هل أصبح قدرنا أن نكون الشعب الوحيد الذي يهينه ويتسول على حسابه بعض المنتسبين إليه؟ هل أصبحنا أعداء أنفسنا إلى هذا الدرك المهين؟

"طارق نور" صاحب المدرسة الطبقية في الإعلان في مصر والمشرف على حملتي مستشفى السرطان والضرائب مصلحتك أولاً ، القائمون على حملة "ابني بيتك" ، وآخرون: أشوف فيكم أسبوع يا بُعَدَا..
* الصورة من منتدى أبناء مصر..

5 comments:

77Math. said...

تفتكر الموضوع له علاقة بالكرامة؟ والتقدير الذاتي للذات ؟

لا أدري

لكن فعلا .. لو كان للتسول جنسية لكان مصريًا .. للأسف

mostafa rayan said...

مصر يا صديقيبلد غنية جدا لكن اللي ماسكنها شوية حرامية والناس قالبة تاخد فوق دماغها
وبخصوص الشحاتة الحكومية العلنية فسبق وان كتب الكاتب الكبير وحيد حامد في روزاليوسف عن اعلانات الضرائب التي تعرض في الفضائيات وطالب بمحاسبةوزير المالية على هذا الأمر لكن طبعا في مصر ماحدش بيحاسب حد
والحكومة المصرية خلاص اتعودت على الشحاتة ومابقتش بتتكسف
وتحياتي لك

دار العين said...

لو عندك أ سئلة بخصوص سياسة النشر في دار العين
يرجى مراسلتنا على الايميل
ainpublish@hotmail.com
……….

قلم جاف said...

العزيزة math77:

الكرامة لا نعرفها إلا في الشعارات والمظاهرات والصحف وبرامج هلس التوك شو.. فقط.. العزة والكرامة الكرامة والعزة .. وع المحك ما تلاقيش أي حاجة..

ضيفي مصطفى ريان:

لولا بقية من حياء لاتعملت تنويهات "ضعف المياه عن مناطق كذا وكذا" 33 مم واتذاعت على قنوات الوليد بن طلال!

إنه السين .. فاء ..هاء!

Arsenal Way said...

للأسف يا أخي ربما المشكلة ليست في مصر بل هي سياسات الحكومات
المفروض ان إسبانيا دولة اوروبيه غنيه - لنتفق
انا كنت اشاهد احدى المباريات على قناة اسبانية وجدت اعلان يطلب تبرعات لمستشفى اسباني لعلاج سرطان الاطفال
وجايبيين اطفال برضه يتكلموا وناس تتكلم وتناشد
وكان منهم بعض لاعبي المنتخب الاسباني
عادي عادي
مش مصر بس اللي وحشه يعني