Tuesday, March 10, 2009

رصاصة الرحمة


حينما أراد الصحفي "أمجد مصطفى" في جريدة "الوفد" أن يبحث عن شيء يهاجم به ما حدث في ماسبيرو من تغيرات اتجه إلى الحديث عن إلغاء برنامج "نادي السينما".. مقولة حق من حيث المبدأ لكني لا أعرف بدقة ماذا يراد بها..

أرفض المزايدة فيما يخص موضوع "نادي السينما".. فهذا البرنامج ارتبط بذكريات جيل كامل من المصريين كانوا ينتظرون عرضه من السبت للسبت ، كنا نقطع مذاكراتنا من أجل مشاهدة فيلم يعرضه البرنامج ضاربين بعرض الحائط النداء الشهير "روح ذاكر لك كلمتين ينفعوك" (آل يعني الكلمتين نفعوا حد.. بلا وكسة).. هذا البرنامج كان نافذة على السينما الجادة والحقيقية بعيداً عن الأفلام التجارية التقليدية الدعائية ، يكفي أن البرنامج هو الوحيد في العالم العربي الذي قدم "الساموراي السبعة" -الذي أخذت عنه هوليوود رائعتها "العظماء السبعة" -بنسخته اليابانية التي أخرجها "أكيرا كوروتساوا"..

ولكن لكل شيء إذا ما تم نقصان..

كان البرنامج مثله مثل "اخترنا لك" تحفة في وقته ، وقت أن لم يكن هناك دش ولم نسمع حساً لفضائيات ، كان البرنامج نافذة على السينما عموماً وعلى السينما الجادة خصوصاً ، حتى عندما تم "استمساخ" برامج أخرى منه في داخل التليفزيون الرسمي.. من عينة "حدث بالفعل" و "أوسكار" الذي تحول إلى "الفن السابع" .. اسم لا يليق ببرنامج بهذه "السطحية" التي ينعيها "أمجد مصطفى" على برامج أخرى مثل "الليلة سينما"!

لكن الوقت صار غير الوقت..

فعندنا الآن "عشرمية" فضائية مفتوحة ومشفرة تعرض أفلاماً أجنبية على كل لون ، وإن كان يغلب عليها طبعاً الطابع التجاري الصرف وهو الطابع الأكثر جاذبية لدى المشاهدين.. كلها تعرض أفلامها الرئيسة في توقيتات أفضل بكثير من توقيت "نادي السينما"..

أضف إلى ذلك أن جمهور نوعية الأفلام التي كان يقدمها "نادي السينما" أصبح أقل بكثير مما كان عليه الحال وقت عصر البرنامج الذهبي ، من ذا الذي يريد أن يشاهد فيلماً من عينة "كرامر ضد كرامر" أو "جسر على نهر كواي" أو "451 فهرنهايت" على سبيل المثال على حساب نوعية أخرى من الأفلام صارت تستخدم "للعياقة" الثقافية والطبقية بين "المثقفين الجدد"؟

في ظل ظروف كهذه ، وتحت تأثير عوامل الزمن ، لم يعد هناك جديد يمكن لـ"نادي السينما" تقديمه.. ليضحى شبحاً .. صورة باهتة لأصل براق..نعم كان "نادي السينما" برنامجاً ناجحاً .. ولكننا نصر على تحنيط النجاح دون انحياز للواقعية أو احترام للزمن.. لنحصل في النهاية على مومياء نجاح أو إنجاز!

نعم أغضب إلغاء "نادي السينما" أناسي كثيرين ، لكن ذلك الإلغاء كان بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقت على عزيز برنامج ذل .. لتبقى ذكرياته الجميلة في ذاكرة الثلاثينيين والأربعينيين والخمسينيين من المصريين الذين ارتبط ذلك البرنامج بأحلى فترات حياتهم..

تحديث: للذكرى فقط .. تتر البرنامج .. شكر خاص لمدونة "بنيكة شاي.."
* الصورة من أخبار اليوم..

4 comments:

زمان الوصل said...

ومن الذى قال برغبة صاحبة البرنامج فى الإبقاء عليه كما هو منذ سنوات حتى يستحق رصاصة الرحمه !! كنت قد قرأت أن "دريّه شرف الدين" طلبت أكثر من مرّه تحديث البرنامج بأفلام مواكبه للزمن و أذواق المشاهدين لكن لم يُستَجب لطلبها برغم اندراجه تحت بند "التطوير" الذى يفلقنا به رجال "ماسبيرو" من فتره و عاملين هيصه و زيطه و آدى دقنى لو شفنا تطوير ..

اكتساح الأفلام التجاريه لشاشات الفضائيات فى رأيى أدعى للإبقاء على البرنامج الذى يعرض نوعيه مختلفه و متميّزه من الأفلام و إلاّ كان علينا أن نحمد لموزّعى الأفلام الأجنبيه قصر اختيارهم على الأفلام الأمريكيه لتوزيعها فى دور السينما فى "مصر" مع قصر الاختيار من داخل الأفلام الأمريكيه على الأفلام التجاريه و كأنّه ليس هناك سينما فى "هوليود" غير سينما التفاهه و الآكشن !! و الحقيقه نحن دائمو الانتقاد لاستحواذ الأفلام الأمريكيه التجاريه لمعظم شاشات العرض فى سينمات "مصر" و من ثمّ غير مفهوم فكرة أن الذوق السائد هو الذى يفرض كلمته أو القول بأن البرنامج فيه برامج كتير تشبهه فهذا حال برامج عديده و ربّما يكون تفرّد البرنامج راجع كذلك لثقافة مقدّمته بديلا عن ركاكة أصحاب البرامج الأخرى و تخيّلهم أن الرطن بكلمتين انجليزى من عيّنة
"الرِد كاربت" و "النومينى" و "السكوووب" كافيه لصنع برنامج سينمائى جيّد

عباس العبد said...

جميل جداً
انت فعلاً بتعرف تجرح .. فكرتنى بالذى مضى
انت عارف انا كنت فعلاً بستناه .. انا اجازتى فى المدرسة جمعة و احد
اول ما ارجع من المدرسة انام و اصحى أذاكر استناه
جميل بجد انك تضغط على ذكرياتى التى لا تنسى
و ان كنت زعلت من لفظ رصاصة الرحمة
سميه احسن اعتزال او تكريم لكن بلاش رصاصة الرحمة دى لأنه فعلاً ما يستحقش رصاصة
===
ايه حكاية مصطلح المثقفين الجدد ده ؟
انت تانى واحد يستعمل المصطلح ده
لازم نتحقق منه
انا حبحث فى الموضوع ده
بس ادينى مدخل كده
من هم المثقفين الجدد ؟

قلم جاف said...

العزيزة زمان الوصل:

إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع.. بمعنى..

طب حنطور البرنامج بحيث يلائم المستجدات الجديدة وأذواق المشاهدين (اللي بعدت أكثر عن اللون السينمائي اللي صنع بنسبة كبيرة تميز "نادي السينما") ، إزاي؟ إزاي ح أقدر أعمل من برنامج بيتذاع على قناة أرضية حدث

event

يتشاف في الوقت اللي - من تحت راس "ضحايا التطوير"- مابقتش القناتين الرئيسيتين الأرضيتين بيتشافوا؟ دي حتى الأولى ع الدش (ليه بتتعرض الأولى ساتيلايت وليه كانت الإقليميات بتيجي ع الدش أصلاً؟) بتفصل لما بيتعرض أي فيلم عربي فما بالكم بالأجنبي؟

حيتذاع إمتى؟ الساعة 3 ولا الساعة 4؟ ولا في الفترة اللي فيها كل برامج التوك شو اللي بتستأثر بأكبر ساعات مشاهدة في الفترة ما بين التاسعة والنصف وحتى الواحدة والنصف صباح اليوم التالي؟

مرة تانية .. جمهور السينما غير التجارية قليل جداً ويكاد يقتصر في أغلبه على شريحة بعينها من المثقفين الجدد في وسط البلد ، وربما يستسخف بعضهم الأفلام القديمة التي كان نادي السينما يتميز بها .. وخير دليل على قلة هذا الجمهور الخاص جداً هو عدم وجود أدنى إقبال أو مبالاة من قبل المشاهدين بالسينما الأوروبية التي تنفرد قناة OTV بعرض أفلامها من حين لآخر.. باستثناء شريحة من الشريحة السابق ذكرها..

لا فيه راعي حيرضى يصرف على أفلام جديدة متكلفة ليها علاقة بالسينما غير التجارية (في حين تلاقي على الأفلام التانية عقود رعاية بمبالغ وقدرها)، وبالتالي مفيش نفس الإعلانات اللي كانت بتيجي للبرنامج أيام ما كان عمارة وحيدة وسط صحراء جرداء مقفرة ،ولا فيه حد حيتفرج .. كأنك تستجلبين أوركسترا كاملة للعزف لمقاعد خالية!

آه أنا معاكي في إن التليفزيون له دور تثقيفي ودة محدش ينكره .. لكن "نشر التثقيف" يعني توسيع قاعدة الناس اللي بتتلقى الثقافة أو بتتلقى الفنون الراقية أو ع الأقل الحفاظ على القاعدة الحالية .. دة هدف لازم تشتغل الأجهزة الإعلامية الرسمية على تحقيقه ، وتشتغل صح وبالأوراق اللي تقدر تحقق الهدف .. أنا فاكر إنه كان لأحد السادة "الضحايا" برنامج أهبل عن السينما القصيرة والتسجيلية اسمه "سينما لا تكذب ولا تتجمل" .. كانت مذيعته "هبة رشوان" وكان إعداده ركيك ومتخلف وبيتذاع في ميعاد أكثر تخلفاً والنتيجة إن ما حدش شافه..

علشان اللعبة تتلعب صح العب بأوراق صح لتحقيق الهدف .. وجه الوقت اللي تنزل فيه الملعب فرقة جديدة خالص بفكر جديد خالص .. بدل ما نشوف بعينينا برنامج حبيناه وهو في أسوأ حالاته ويصارع من أجل البقاء..

عذراً للإطالة الشديييييدة..

قلم جاف said...

عبس:

ربما عبارة رصاصة الرحمة قاسية حبتين ، بس بتصف حالة برنامج حبيناه وارتبطنا بيه ومن كتر ما حبيناه وارتبطنا بيه بيصعب علينا نشوفه وهو يذوي.. تماماً مثل "اخترنا لك" اللي تحول إلى "اخترنا عك" لما اتساب لأطول فترة ممكنة ..

أما المثقفين الجدد ، ففي مصر فيه ألف حاجة ممكن نقول عليها "جدد".. عندنا الفقراء الجدد ، والساسة الجدد ، والمتمذهبون الجدد ، والمتدينون الجدد ، والناشطون الجدد ، والثورجية الجدد ، والمثقفون الجدد ، سواء اللي مثقفين بحق وحقيقي ، أو اللي بيتآلطوا على خلق الله بالحنجوري أو بتفاخرهم وتباهيهم بالقراءة لـ"جابرييل جارثيا ماركيش" أو "أورهان باموق".. أو كما يحلو لي وصفهم بسكان جمهورية وسط البلد التي لا ينظرون لأبعد منها ، أو العائشون في "الـ

lala land

" بحد تعبير إحدى الزميلات!