Saturday, May 16, 2009

سفاح النساء


فضلت ألا أؤذي في هذه التدوينة مشاعر بعض "المُصَقَفين" من يتأففون من "اللايت كوميدي" (وذلك تمهيداً للتنغيص عليهم قريباً بإذن الله) ، ويركبهم عفريت التناكة عندما يذكر اسم "نيازي مصطفى" -أوفتي! يااااي!- مكتفياً بملاحظة واحدة على فيلم من أفلامه عرضته إيه آر طين أفلام 2 قبل يومين.. "سفاح النساء"..

بعيداً عن كون الفيلم بسيطاً وجيداً بالنسبة لمواصفات قالبه الكوميدي الخفيف ، وجمعه بين كوميديا "التهريج" وكوميديا الموقف والمفارقات ، والروح المرحة التي تجدها في أفلام واحد من أكثر المخرجين المصريين "حرفنة" على الصعيد السينمائي ، أريد فقط أن أعرج على فكرة الفيلم التي بدأنا نراها في الحقيقة ، في سياق لا ينتزع الضحك ، بل يثير الغضب..

فكرة الفيلم تدور حول "مفتاح" - لعب دوره "فؤاد المهندس"- الساعي للشهرة بأي ثمن ، والذي يجد في سفاح للنساء ظهر في المدينة مؤخراً بغيته ، فيقوم بفبركة خطة تقضي بأن يعترف بأنه هو السفاح الذي دبر كل تلك الجرائم وآخرها جريمة قتل - مفبركة أيضاً- لخطيبته -لعبتها "شويكار"- لكي يكتب مذكرات يبيعها للصحف بمبلغ وقدره ، ويا حبذا لو وصل الأمر إلى أن يُحكَم عليه بالإعدام ، حتى إذا ما اقترب موعد التنفيذ تظهر خطيبته ومعها براءته ، وطبعاً ينقلب السحر على الساحر..

عرض الفيلم لأول مرة في العام 1970 ، وبعد تسع وثلاثين سنة لم يتغير الوضع الذي جعلنا صناع الفيلم نفكر فيه وننتقده وسط مواقف وإفيهات ضاحكة ، لا يزال هناك إعلام تافه يجعل من المجرمين أبطالاً ويتهافت عليهم ويسخر صفحاته لنشر "بطولاتهم" و"إنجازاتهم" التي ما سبقهم إليها أحد من العالمين .. وهذا ربما يستحث وبدوره فئة من أمثال "مفتاح" للقيام بنفس لعبته .. ولكن طبقاً لمستجدات العصر الحالي بما أننا "بنقفل" العقد الأول في الألفية الثالثة..

يرتكب منهم من يرتكب جريمة بشعة ، أبشع ألف مرة على الأقل من جرائم سفاح مهووس مريض نفسياً يقتل ضحاياه ويحولهم إلى تماثيل من الشمع في الفيلم ، ويعترف ، ثم يظهر بعد قليل ويزعم أنه ليس الفاعل ، وأنه قد تعرض لتعذيب وإكراه ، هنا لا يظهر رئيس تحرير صحيفة تافهة كالذي أداه وبإتقان "عبدالله فرغلي" ، فالبيج بوس لا يلوث يده أبداً بأعمال صبيانه ، وإنما يظهر مراسلو بعض برامج التوك شو التي نعرفها ، على مراسلي صحيفتين مستقلتين لا داعي لذكر اسمهما بما أننا نعرفهما جيداً جداً ، ليجروا بعض الاعتصاميين إليهم ، وربما يتطور الأمر إلى تحويل هذا الرجل إلى "أيمن نور" زمانه وإلى مناضل سياسي ، وإلى "ضحية" لظروف المجتمع (مع الاعتذار لإفيه "كمال الشناوي" في ختام فيلم "الكرنك).. ولا مانع من فبركة قصة مضحكة لتعزيز تلك الفرضية على غرار تلك القصة التي اصطنعها "مفتاح" في الفيلم وقت الحوار مع الصحفيين (المشهد الذي انتهى بمشاجرة بين طبيبين نفسيين "شيزوفرييينيا .. باررانووويا")..

سلطة خطاب هذه النوعية من الإعلام ، معظمها "معارض" بكل أسف ، وأثر التنويم المغناطيسي الذي تقوم به على عقولنا قد يحولنا في النهاية للتعاطف مع المجرم ، ولتصوير كل المجرمين بأنهم ضحايا لمجتمعاتهم وهذا كلام فارغ ، فأي مجتمع ذلك الذي كان "جوزيف فريتزل" ضحيته؟

هذه الممارسات التي أصبحنا نراها صارت مثيرة للسخرية ، وربما للضحك ، وربما عبر عنها "سيد أبو حفيظة" بالأمس في فقرة رائعة تحدث فيها عما يتوقعه هو لـ"تنظيم تبادل الزوجات" بعد انتهاء العقوبة ، وهو يتخلص في بيع مذكرات التنظيم للصحف ،وعروض هائلة من الفضائيات -لم يسمها- للظهور في برامجها من أجل حلقات "ساخنة" ، وبالمرة تعود المتهمة إلى ممارسة عملها في وزارة التربية والتعليم كمربية فاضلة للأجيال!

هذا ما يفعله بعض المجرمين والإعلاميين بمصر والمصريين ، والمصيبة أنهم مثلنا من حملة الجنسية المصرية..
* والصورة للقطة من تتر الفيلم كما نقلها موقع Maziktk Club..

2 comments:

احمد بسيونى said...

منذ 4 ايام كنت اتنقل فى التلفاز بين العاشرة مساء و الحياة و المحور وكلهم كانوا يتحدثون عن نفس الموضوع وهو جرائم القتل المروعة التى حدثت فى الاسابيع الماضية و لكن الخطير هنا هو محاولاتهم تفسير اسباب ارتكابها و محاولات ربطها باسباب اجتماعية و اقتصادية كانهم يحاولون تبرير هذا الجرائم , أتفق معك أن
الاعلام اصبح سلاحا سخيفا هذه الايام

قلم جاف said...

والأسخف يا عزيزي أن استخدام هذا السلاح بشكل السخيف لا يقابله رد من مثقفي المجتمع ونخبته حتى بمجرد الاستهجان..