Wednesday, January 06, 2010

جدداء المصريين!


بيزنس "الهوية المصرية".. بكل أسف..

المسألة لا علاقة لها بمباراة الجزائر الشهيرة وتوابعها كما يتصور البعض ، أو للدقة كما يتصور أغلبنا ، المسألة شعور عام لدي كمتفرج شرير أن مصر لدى العديد من القنوات الحكومية والمالسياسية "موضة" .. تذكرك بـ"سامي العدل" في فيلم "خالتي فرنسا" وهو ينصب حفلاً لعدد من رجال الأعمال يحييهم فيه ويؤكد لهم أنه يدعوهم لقضاء سهرة مع "مصر".. حيث كل شيء في الحفل "مصري صرف" .. من الكراسي إلى الطعام إلى "المشروبات الروحية"..بالنسبة للفضائيات أرى الحال مختلفاً-بعض الشيء..

في حفل الفضائيات المصرية يجد المشاهد المصري قبل غير المصري نفسه في سهرة مع مصر .. بلا أي شيء مصري..

قد يرى البعض السطور القادمة نوعاً من الحنجوري المقيت وتسبيب ما لا سبب له ، لكنها مجرد ملاحظات متفرج أدعوكم معي لتأملها.. ولن تخسروا شيئاً..

1-أبسط شيء.. عنوان الجواب الذي يظهر منه .. أسماء البرامج التي أصبحت نسبة معتبرة حسابياً منها أجنبية .. بل إن أسماء عدد من القنوات الفضائية المصرية أجنبي صرف.. "دريم" ، "أون" ، "أو" ..

2-ولأن الفرجة على التليفزيون فرجة وسماع ، فستصطدم أذناك بقائمة طويلة من المقطوعات الأجنبية كموسيقى للتترات والفواصل في معظم القنوات الفضائية المصرية ، كما لو كان هذا البلد قد عقم عن إنجاب موسيقيين شكلوا الأذن المصرية والعربية ، ومن المخزي أن قناة "النيل الثقافية" التي تعبر عن هوية مصر الثقافية هي قلعة من قلاع التغريب الموسيقي الفضائي .. كمزيد من التكريس ربما للنظرة الدونية لكل ما هو "مصري عربي" ولاقتران التثقف بالشرق والغرب.. وهي نفس النظرة التي يمكنك لمحها من فرجة عابرة على قناة اتخذت العلم المصري شعاراً لها : أو تي في!

3-أتابع أحياناً "صباحك سكر زيادة" .. ومقدموه أشخاص لطفاء في مجملهم ، باسثتناء الطهاة ، وبخاصة السيدة إياها التي تعوج لسانها بالنطق الإيطالي والفرنسي لكل شيء ، وما أن يخبط ناظراك طاولة مقادير الوصفة حتى تفاجأ بأكبر كم ممكن من المكونات "غير المصرية" والمسميات "غير المصرية" .. حالة الفرنجة تلك تطاردك حتى في برنامج "من كل بلد أكلة" الذي كان ملكية لـ"ممدوح علوان" بالمشاع مع "شريف مدكور" ، ثم انتقلت ملكيته إلى السيد "علوان" مع شيفاته الذين صنع منهم نجوماً بالعافية والخوجنة.. تذكروا أن البرنامج يذاع على "قناة النيل للأسرة والطفل" - قناة "ميري"..

مع احترامي لكل من لا يكترثون للطعام ، يبقى الطعام جزءاً من هوية البلد ، أي بلد ، وتقترن بها ، كما تقترن الـ"باستا" بـ"إيطاليا" ، و"البوريتو" و "التورتيا" بـ"المكسيك" ، و"السوشي" بـ"اليابان" ، و"الكبسة" بـ"السعودية" ، و"التبولة" بـ"لبنان".. أي مشاهد لتلك القنوات ، خاصةً إن لم يكن مصرياً ، سوف يتساءل في اذبهلال : وماذا يأكل المصريون إذن إذا كانوا يقدمون في فضائياتهم طعاماً من كل بلدان العالم ، إلا بلدهم الذي يعد من أقدم بلدان العالم؟

4-رابعة الأثافي .. رغم أن "الأثافي" تقترن عادةً بالشيء "الثالث"..

الفصحى يا سادة .. رغم أنها القاسم المشترك بين كل العرب .. إلا أنك تستطيع بمجرد السمع أن تميز بها هوية المذيع المصري والسوري واللبناني والمغاربي.. جزء من ثقافة وهوية البلد أيضاً.. ورغم ذلك صوب ريموتك إلى "النيلة للأخبار" ، وستشاهد بعينيك وستسمع بأذنيك العجب العجاب .. مذيعون ومذيعات "مصريون" تفاجأ لسانهم وقد تمت موالفته على الفصحى الشامية ، كأنك تستمع لفلسطينيين أو سوريين أو أردنيين وليس إلى مصريين .. رغم أن القناة تتشتح بعبارة "قناة مصر الإخبارية" .. "قناة مصر الإخبارية" بأصوات شبه سورية كما لو كانت الفصحى المصرية وصوتياتها المميزة سبة يجب أن يتخلص منها المذيع لكي "يفلح"..

الأسوأ.. مراسلة في برنامج "العاشرة مساءً" .. لا أعرف اسمها ، ولا يشرف "فرجة" ولا مدونها في أي شيء ذكر اسمها إن عرفه والعياذ بالله ، ولا داعي في الاستفاضة في وصفها بدقة لاعتبارات تتعلق بالأدب المفضل على الهمبورجر ، مصرية صرفة بالاسم والجنسية - فقط- تفتعل اللهجة الشامية بشكل عنيف جداً ومبتذل جداً جداً كما لو كانت سيادتها مراسلة في برنامج على "الجزيرة" أو "العربية" أو "الأتوبيس".. إيه القرف دة؟

أنت مدعو عزيزي المتفرج لسهرة .. ليس مع مصر الحقيقية .. بل مع "جدداء المصريين" .. مذيعين ومدراء وأصحاب فضائيات.. ماركة "تاحيا ميسر".. ولا "تحيا Egypt".. يذكرونك من بعيد بالنسخة السياحية للمواطن المصري التي جرى الترويج لها من الصحافة المسماة بالقومية إبان بطولة أمم أفريقيا 2006.. مع الفرق بأن "جدداء المصريين" -العكس الحرفي الساخر لـ"قدماء المصريين"- أقرب إلى الشخص المتباهي مظهرياً بانتمائه -علم وأغنيتين وطنيتين وكام توك شو حراق و"يا حبيتشي يا مصر يا مصر"- الكاره باطنياً لنفسه و"المستعر" من هويته .. فبحث عن موسيقى غربية ولسان شامي يختفي وراءه .. ويداري عجزه خلفه ..مصري بالاسم وجواز السفر فقط ويود في قرارة نفسه إزالة كل ما هو مصري من حياته بماء النار.. على الرغم من أنهم يعملون في فضائيات تدفع لهم الشيء الفلاني(1) ، ويتقاضون آخر الشهر مبلغاً وقدره.. والعبارة السابقة لمن يرون فيما يأخذه الشخص من الوطن "مبرراً" لانتمائه له .. نظرية أوضحها الشاعر الكبير "بهاء جاهين" في كلمات أغنية كتبها لمسرحية "الزعيم" : "وأنا أبقى ليه وطني.. هوة الوطن وطني؟".. وهو ما أختلف معه بشدة..

تذكرت بالمناسبة مشهداً شهيراً من فيلم "الحفل" للمخرج الأمريكي الكبير "بليك إدواردز" .. الشخصية الرئيسة في الفيلم "كومبارس" هندي كاد أن يطرد من هوليوود بسبب خطأ رهيب ارتكبه أثناء تصوير مشهد تفجير في فيلم ،وقُصِدَ اختياره هندياً بكل النظرة الدونية والساخرة للهنود في المجتمعات الغربية في الستينيات ، إلا أن هذا الممثل الهندي رفض وبكل إباء توجيه أي سخرية لبلاده ، أو للفيل الذي يراه رمزاً لها..

كل الاحترام للآخرين.. لكن لماذا لا تكن نفسك .. سواء أكنت صاحب حضارة ضاربة بجذورها في الزمن أم لا؟.. فلا هم اختاروا أن يكونوا كذلك ولا أنت..دمتم بخير..
(1)منذ التسعينيات وبدأ أصحاب الفضائيات العربية في تسويق أنماط استهلاكية تعطي نوعاً من الـ inferiority لكل ما هو مصري ، أي تضعه في منزلة أدنى من كل بديل له عربياً كان أم أجنبياً.. ومع الوقت بدأت الفضائيات المصرية الخاصة والحكومية في اللعب على نفس الوتر ..خاصة تلك المتشدقة بمصر وهوية مصر..
*العلم المصري من جروب تابع لـ"مكتوب" دوت كوم..

4 comments:

اقصوصه said...

في زمن انعدام الهويه

ما اعصب الحفاظ على باياها!

احمد بسيونى said...

و الله انا كرهت الكورة بعد ماتش مصر و الجزائر
حنموت بعض علشان ماتش!!!!!!!!!!!!!

whynot said...

just a side comment .. sushi always refers to Japan and not China !! ;)

قلم جاف said...

why not:

thanks for your useful not, and i ve just corrected what concerns Sushi few moments ago..

أحمد بسيوني:

الموسيقار الكبير "عمار الشريعي" دعي إلى عمل أغنية تهاجم الجزائر ورفض.. وكانت فكرته ببساطة أنه لا يريد عمل شيء يندم عليه بعد ذلك.. في إشارة ضمنية إلى حملات الهجوم التي بدأت على "فتح" بعد اغتيال "يوسف السباعي" ثم انقلب الحال تماماً بعد توافق المصلحة بين "فتح" والنظام.. كلام عقلاني جداً ومحترم من موسيقار كبير ومحترم..

أقصوصة :

أتفق حرفياً.. بل إن بعضنا يستكثر علينا أن تكون لنا هوية من أساسه..