Wednesday, March 10, 2010

دبلجة


لعبت الدراما دوراً كبيراً في انتشار لهجات عربية على حساب لهجات أخرى ، كما كان الحال مع اللهجة المصرية التي أسهم الفيلم المصري والمسلسل المصري والأغنية المصرية في انتشارها ورواجها ، إلى درجة دفعت العديد من النجوم العرب للعمل في مصر على فترات ، ولتسابق المطربين العرب حتى الآن (وإن كان بشكل محدود نسبياً) على الغناء باللهجة المصرية .. لنتفق على هذا ابتداءً .. ولنتفق أيضاً على أن هناك ما يشبه التنافس الثقافي بين أجزاء مختلفة من العالم العربي لكل منها هويته الثقافية ولهجته .. وضعوا تحت اللهجة مائة خط..

كان تباين اللهجات عائقاً وراء عرض العديد من المسلسلات الدرامية السورية أو الخليجية أو المغاربية في مصر ، وحتى مع الانتشار المبهر - من وجهة نظر النخبة فقط - للدراما السورية داخل مصر فإن اللهجة تظل معوقاً بين المشاهد المصري وبين تلك المسلسلات..

هكذا كان الوضع قبل أقل من عامين..

بدأ الخليجيون بنفوذهم وأموالهم ، والسوريون واللبنانيون بحضورهم وتواجدهم ، بالفطنة لما يحدث ، وعلى هذا الأساس قاموا بخطوة أعتبرها إيجابية للغاية، وهي دبلجة المسلسلات التركية باللهجات المحلية لا بالعربية الفصحى كما كان الحال مع المسلسلات المكسيكية التي "راحت عليها" ..

نجحت المسلسلات التركية جماهيرياً - بغض النظر عن رأيي ورأيكم في مستواها الفني- وأقبل عليها الجمهور المصري الذي هرب من قنواته إلى القنوات الخليجية ، وعندما لاحظ مسئولو التليفزيون ، ذوي العلاقات "الخاصة" مع تلك القنوات ، الأمر قرروا عرض تلك المسلسلات على القنوات المصرية ، الأرضية منها والفضائية ، وهكذا انتشرت اللهجة الشامية في السوق الدرامي المصري - إذا كان هناك سوق درامي مصري وآخر سوري في عالم السماوات المفتوحة- على مسلسلات الغير أكثر مما انتشرت بمسلسلاتهم هم!

MBC قامت بخطوة أخرى .. حيث دبلجت الأفلام الهندية والأجنبية إلى اللهجة الخليجية .. ورغم اعتراضي على فكرة دبلجة الأفلام في ذاتها إلا أن جمهور "الهندي الجديد" هو الآخر بدأ يعتاد اللهجة الخليجية .. وبين هذا الجمهور مصريون أيضاً..

خطوة صغيرة نعم.. نختلف عليها من حيث هي نعم..لكنها حققت تأثيراً.. ليس بالتأثير الضخم لكنه على الأقل أكبر من حجم الخطوة نفسها .. ومن فعلوها لا يكتفون بها..بل يقومون بخطوة بجانب خطوة بجانب خطوة ..نشر اللهجات بالمسلسلات المدبلجة إلى جانب الملايين التي تنفق على شراء صحف وصحفيين واحتكارات لمطربين ومبدعين ثم وضعهم في الثلاجة ثم..ثم.. .. ماذا فعلنا نحن؟..

نحن أشبه بمن ورث تركة كبيرة ، ينفق منها كيف يشاء وبالطريقة التي يريد .. ولا يفعل أي شيء لكي ينمي تلك الثروة .. ثم ينظر في استغراب إلى ثروته وهي تتناقص..

سيقال أنه كلنا عرب وكلنا نتكامل ولا نتنافس وكلنا .. وكلنا .. ماشي.. لكن ما أعرفه أن العملة القوية تطرد العملة الضعيفة .. النمط الثقافي الأقوى هو الذي يسود .. وللثقافة فن يحميها وأدب يسندها ونفوذ يفرضها.. و"المتكاملون" معنا لا يملون من حين لآخر من الحديث عن "الغزو" "المصري" و "الخطر" "المصري" .. ومن حقنا أن نقلق على المدى الطويل لأسباب أبديت بعضها بشكل ضمني في تدوينة "جدداء المصريين"..إذا كان هؤلاء لا يرضون أن يكونوا تابعين لأحد حتى ولو كان مصر .. فلماذا نرضى نحن؟

هناك حلول وأوراق لدى صناع الفن والدراما والإعلام في مصر.. يبقى أن يستغلوها ..إن كان لدى هؤلاء غيرة حقيقية على مصر.. وليسوا من "جدداء المصريين" سالفي الذكر..
*الصورة من "ع الفرات" دوت كوم..

No comments: