Wednesday, November 10, 2010

تخاريف الفرجة والحراك : ملاحظات عامة على "سينما الحراك"


1-حدث ما كان يطالب به المثقفون والنقاد وكتبة الأعمدة بأن تنوعت مواضيع الأفلام وقوالبها ، وكسرت حاجز الارتماء في أحضان الكوميديا التي كانت سبباً لنشاط السينما التجارية منذ عشر سنوات ، واختلف في سبب هذا "التنوع" ما بين مخاطرة المنتجين بتقديم سينما جديدة ومختلفة ، وما بين رواج الخطاب الإعلامي للمال السياسي عن طريق قنواته الفضائية أو صحفه ، واستغلال رأس المال المنتج لذلك عن اقتناع أو بحثاً عن سبوبة.. في وجود صناع أفلام مؤدلجين لهم انتماءات سياسية معلنة -"خالد يوسف" مثلاً..

2-وكان لهذا التنوع أكثر من نتيجة ، أهمها انتقال السينما إلى عدة أماكن غير مألوفة وكانت تعد غير مرغوبة تجارياً ، مثل العشوائيات.. قامت الدنيا ولم تقعد على "رضوان الكاشف" ومن قبله "داوود عبد السيد" عندما صورا أفلاماً في مناطق شبيهة بالعشوائيات ، أما الآن فصارت تلك الأماكن تحفاً سينمائية أفرزت أفلاماً من عينة "حين ميسرة" .. كما ناقشت شرائح مهمشة لم تتناولها الأفلام في فترات سابقة مثل أطفال الشوارع في "الغابة".. كما دخلت الصناعة السينمائية التجارية في مناطق لم يتوقعها أحد ، سياسياً واجتماعياً ودينياً ، وظهرت أفلام لا تزال تثير جدلاً وعواصف إلى الآن من عينة "بحب السيما".. الذي يدور بكامل محيطه في أوساط المجتمع المسيحي في مصر على غير المعهود تماماً من السينما المصرية التي لم تتعامل مع المسيحيين بشكل "جدي"..

3-وبتغير المواضيع والقوالب تغيرت خريطة نجوم السينما التجارية ، ولم يعد الأمر قاصراً فقط على "أحمد السقا" و "كريم عبد العزيز" ، بل تبعهم أيضاً "هاني سلامة" الذي حصل على بطولات مطلقة ، وعاد "باسم سمرة" للأضواء ، وفرض "أحمد عزمي" اسمه بقوة ، وظهر "محمود عبد المغني" .. حتى داخل الكوميديا أصبح إلى جانب "سعد" و "حلمي" و "هنيدي" "رامز جلال" ثم "أحمد مكي" الذي صعد بسرعة الصاروخ خلال العامين الأخيرين .. ولم تظهر ممثلات كثيرات من الجيل الشاب الحالي باستثناءات بسيطة مثل "دنيا سمير غانم" ..ولا ننسَ الحضور القوي لأسماء وافدة رغم اختلافي مع - وعلى - ما يقال عن قدراتهن كممثلات من أمثال "هند صبري" و "نور" ..والقائمة تطول..

ووجدت الأسماء الأكبر سناً ، والمختفية منذ فترة ، والمصنفون كممثلي تليفزيون أنفسهم في سينما ما بعد 2005 ، وأصبحنا نشاهد "سامح الصريطي" و "محمد وفيق" و "شعبان حسين" وبالطبع المتألق "لطفي لبيب" في أفلام سينمائية عدة ، بل وظهرت بعض الممثلات القديمات نسبياً بمستوى قوي عندما غيرن "جلدهن" فنياً من أمثال "هالة فاخر" الكوميديانة حتى النخاع التي تجيد في التراجيديا و"دلال عبد العزيز" التي استفادت في السينما من خبرتها التليفزيونية .. بل حفز التنوع الذي طرأ على خريطة السينما أسماءً بثقل "نور الشريف" و"محمود ياسين" و "محمود عبد العزيز" على العمل مع الشباب والتألق بقوة وسطهم..

4-أصبحت للأفلام الجديدة مكرراتها هي الأخرى ، خاصةً تلك التي تتمتع بميول "حراكية" .. وعلى رأسها "زواج المال والسلطة" ، ومن العادي أن تجد تحالفاً بين المال الذي يمثله رجال أعمال نافذين و"إيدهم طايلة" والسلطة -التي يمثلها عضو مجلس شعب أو يمثلها أعضاء في جهاز الشرطة على اختلاف رتبهم- .. ولم يكن من المعتاد تقديم جهاز الشرطة بصورة سلبية قبل 2005 إلا في حالات قليلة وفي ظروف خاصة مثل فيلم "زوجة رجل مهم" .. وأصبح ذلك معتاداً في غير فيلم سينمائي .. بل والجديد أنه لأول مرة يتم تقديم رتبة صغيرة من رتب الشرطة في فيلم سينمائي كقوة طاغية كما حدث في "هي فوضى".. رغم أن الفساد عادةً ما يُعتاد من الكبار في كل وسط..

5-تفنن صناع سينما الحراك ، وخاصةً السياسي منها في جعل أفلامهم صادمة بشكل مبالغ فيه ، صادمة دينياً ، وسياسياً -مباشرة وخطابية وشغل منشورات - ، وفكرياً ، بل وأحياناً على سبيل الصورة واللغة ، أصبحت أفلام ما بعد 2005 أعنف من حيث التناول والأحداث والمشاهد واللغة أيضاً ، وأصبح مألوفاً الاستماع لشتائم وبذاءات بشكل صريح أو محرف لأغراض رقابية ، وعادت المشاهد إياها - بجملة الصدمة - لتفرض نفسها ، والتبريرات الجاهزة موجودة ، انطلى بعضها على البعض ، ولم ينطلي على الآخر .. ودفعت أفلام من كـ"لحظات أنوثة" و "بدون رقابة" الثمن غالياً.. ولم تعد تحظى إلا بضحكات وسخريات متابعي السينما بوجه عام نتيجة ما اعتقده صناعه "جرأة"!

6-بظهور "وسط البلد" كفاعل في الحراك السياسي ، بحكم انتماء صناع المظاهرات والاعتصاميين في معظمهم إلى تلك الشريحة ، ناهيك عن اهتمام رموز المال السياسي ، والناشرين بهم ، التركيز الإعلامي على "ساقية الصاوي" التي تقدم ما يعد نموذجهم للفن ، ظهور كتاب جدد كثيرين من هؤلاء وغيرهم تبنتهم دور النشر وراهنت عليهم وأصبحوا نجوماً كما نجوم السينما .. وصار هؤلاء شريحة يعمل لها منتج السينما ألف حساب .. مثلهم مثل شريحة الفقراء الجدد الذين يحبون أحياناً أن يروا أنفسهم -كتعويض معنوي عن التهميش السياسي والاقتصادي الذي يتعرضون له وعلاقة "سلسلة المفاتيح" التي تجمعهم بالحزبوطني ومليارديرات الفضائيات والناشطين- ويسخروا منها أحياناً ، ويبحثون عن ترفيه يجدونه في أفلام منتجين معروفين كـ"آل السبكي" .. يصنف "وسط البلد" كـ"طبقة وسطى جديدة" أحياناً - رغم أن مستوى معظمهم المعيشي أعلى بكثير من مستوى معيشة الطبقة المتوسطة المتعارف عليها- ويعتبرهم المعارضون والمال السياسي أساس العملية التغييرية ، وبالتالي كان يجب أن يحظى هؤلاء أصحاب الذوق الخاص والمختلف عن السائد بمعاملة خاصة من منتجي السينما أحد أشهر الفنون الجماهيرية في العالم..

7-شكلي طولت.. إيه ملاحظاتكم؟
*الصورة من Image shack

2 comments:

ذو النون المصري said...

لا مطولتش
اول مدنة سينيمائية اشوفها بين المدونات
انا عملت واحدة في الفن التشكيلي
و بحثت عن كثير غيرها
لكن سينما لا
اشكرك علي تحليلك المميز و نتمني المزيد
كل عام انتم بخير
تحياتي

قلم جاف said...

ضيفي العزيز ذو النون المصري:

كل عام أنت والجميع بألف خير..وتبقى لي ملاحظة..

"فرجة" دي مش مدونة سينمائية متخصصة، بأتكلم هنا على اللي بنتفرج عليه ، دراما وأغاني و ساعات سينما.. وبأكتب هنا وهناك كمتفرج مش ناقد ، فيه في الواقع مدونات سينمائية أقوى من هنا كتير جداً وفيهم ناس أكثر ثقافة وتخصصاً..