Monday, December 06, 2010

استعمال نجم!


منذ أربع سنوات كتبت هنا عن ضرورة أن يبحث "النجم" من وقت لآخر عن جلد جديد وشكل جديد ، مستشهداً بحالة "أحمد حلمي" بالتحديد .. ومنذ ذلك الوقت جد أكثر من جديد ، ليس فقط بالنسبة لـ"حلمي" الذي كان أكثر أبناء جيله سعياً لعمل شيء "مختلف" وللتغيير فيما يعتبره هو ، وصادف أن اعتبره الجمهور أيضاً ، الشيء الأنسب ، ولكن حتى بالنسبة لقناعاتي الشخصية بخصوص تلك المسألة ، بمعنى أنني بدأت أقتنع بأنه لا يمكن تحميل التكرار الذي يصل لحافة الملل على "النجوم" فقط دون غيرهم.. هم مسئولون بدرجة كبيرة ، ولكنهم ليسوا بمفردهم..

1-النجوم على ثلاثة أصناف ، صنف مغامر يعشق التغيير والانتقال من جلد لجلد ومن شخصية لشخصية ومن قالب لقالب ، وهؤلاء لهم ما للمغامرين وعليهم ما عليهم ، والصنف الآخر يفضل البقاء على ما هو عليه استسهالاً أو استملاحاً للنجاح الذي حققوه في قالب ما أو في دور ما أو في شكل ما ، والصنف الأخير يريد التغيير ولكنه لا يفعل ، وعنه سأتحدث بشكل مفصل وضمني فيما بعد..

ولكل من الثلاثة في ظل الظروف الحالية بعض العذر ، دون إعفائهم من نصيبهم (الذي قد يكون كبيراً) من الخطأ..بمن فيهم من قرروا بمحض إرادتهم أن يبقوا على الحال التي عرفهم الناس وحفظوهم عليها ، والذين وقعوا في حب نجاحاتهم ونسوا أن من الحب ما قتل ، كما قتلت الدبة صاحبها ذات يوم..

2-لنعترف أن هذا الجيل من الممثلين لم يجد مرشداً أو ملهماً أو أستاذاً ، معظم الجيل إن لم يكن كله بدأ من تحت الصفر بقليل ، وافتقد لميزة وجود "الدماغ" التي توجه، والأخ الأكبر الذي يستشار ، كما كان حال "أبو السعود الإبياري" مع "إسماعيل ياسين" ، و"صلاح جاهين" مع "سعاد حسني" ، أقله في مرحلة معينة من المشوار الفني للممثل أو الممثلة.. ووجوده كان ليحدث بعض الفارق فيمَ يتعلق بهؤلاء ، خصوصاً لو كان ذلك "البيج براذر" فاهماً عارفاً بأصول اللعبة..غياب التوجيه ساعد ذوات كثير من النجوم على التضخم ، خصوصاً وأنهم يرون من حولهم من النجوم يسيرون على درب ما ، وهم الأقدم والأكثر تمرساً ، فمن الصعب ألا يقلدهم الجدد في قليل على الأقل..

3-ولنعترف - أيضاً - بأن هذه المرحلة تشهد ضعفاً واضحاً في مستوى الكتاب والمخرجين إلا قليلين جداً هم الأقدم نسبياً في الوسط السينمائي من غيرهم.. فلم يعد هناك المؤلف "النجم" ولا المخرج "النجم" الذي يبيع الفيلم على حسهما ، وباستثناء "خان" تقريباً لم يعد هناك المخرج ذو الكاريزما الذي يجبر أكبر الأسماء على احترامه بعد وفاة "عاطف الطيب" ، وأصبح هؤلاء بين اعتصامي ومؤدلج و"عايش في الدور" ومفتعل للصراعات والمشاكل ومتسول لآهات كتاب الأعمدة .. أصبحت القاعدة أنه يجب أن يكون المؤلف والمخرج "كوكو الضعيف" الخاضع الخانع لنفوذ النجم أو النجمة والمنتج .. وبالتالي لم يعد أمام أي نجم بدائل جيدة يفاضل بينها ، ولا من يقنعه ببضاعته التي يريد أن يبيعها له.. كأن الوضع قد قلب فأصبح الشاري هو من يقنع البائع بالبضاعة وليس العكس..وياريت البضاعة عدلة!

4-فالمؤلفون والمخرجون الحاليون لا يملكون ثقافة التعامل مع نجم ،وليست لديهم أدوار ولا قصص "استعمال نجم" ، يقف ابداعهم عند مرحلة معينة ويقف .. في الماضي كانت هناك سيناريوهات للجميع ، نظام "الكل حيلعب" .. في فترة السبعينات مثلاً كانت هناك أدوار وسيناريوهات للجميع ، من أول نجم الكوميديا الواعد وقتها "عادل إمام" ، ومعه "سمير غانم" ، مروراً بـ"محمود ياسين" و "حسين فهمي" و "نور الشريف" ، نهايةً بالكبار "فريد شوقي" و "محمود مرسي" و"شكري سرحان" و "رشدي أباظة".. أي نجم مهما كان سنه ومهما كان حجمه له فرصة ونصيب في الحضور دون أن يعامل كـ"خيل الحكومة" ..

هم باختصار يفكرون بعقلية التليفزيون "أنا عندي دور جميل على مقاسك" لا "أنا عندي دور حينجمك وحتمثل فيه" ، منها يرضي غرور النجم ويرضي غروره هو كمؤلف أو مخرج ، هذا إن كان للمؤلف أو المخرج الحالي أي غرور بما أن هناك من أقنعه بأن هذا النوع من الغرور "وحش"و"الطيب أحسن ما بلاش نعاند بعضنا"..وإن فكر في إرضاء غرور النجم فنراه يفعل ذلك بمنطق "تسليك المصلحة" .. "انت اللي كل البنات حتترمى عليك في الفيلم" .."انت اللي حتظهر في تسعين في المية من مشاهد الفيلم".. نفس ما نراه في التليفزيون ، وإن كان لم يرقَ بعد لمستوى بشاعة ما يحدث في الفيديو!

من الطبيعي في ظروف كهذه أن يهدر عدد من الممثلين الجيدين جداً طاقاتهم في أدوار ضعيفة ومكررة ، أن يفشل "محمد سعد" في التخلص من "اللمبي" لمجرد أن النجاح التليفزيوني والفضائي للشخصية أقنعه بذلك ، وأن يبقى "هاني رمزي" محلك سر لأنه لم يجد من يعرض عليه شيئاً أفضل ، وأن يتوه "أشرف عبد الباقي" فيفضل حرق نفسه في الفيديو على أن يخوض تجربة مختلفة في شكلها بعد "صياد اليمام" فقط لأنه لم يعثر على شيء يناسب أكثر أبناء جيله موهبة..لكن يصبح خطأ كل هؤلاء أعظم لو استسلموا للأمر الواقع أكبر فترة ممكنة..دون محاولة فتح "سكة جديدة" أو الدخول في مغامرة لن تكون خسائرها بضخامة خسائر الوضع الحالي..
* إهداء خاص للزميلة العزيزة "آخر أيام الخريف" .. الصورة من موقع تحميل اسمه "جودزيلا"!

2 comments:

د/دودى said...

تحليل رائع لواقع ملموس...

آخر أيام الخريف said...

ميرسى على الإهداء الرقيق انت بتدينى اكتر بكتير من حقى :)

مقال مميز كالعادة , حطيت ايدك ع جروح مفتوحة و شخصت المرض صح , و يا سلام بقى لو تمتعنا بوست تانى عن رؤيتك للعلاج ...يهمنى بجد أعرف وجهة نظرك

خالص تحياتى و ميرسى مرة تانية للإهداء اللى أسعدنى بجد :))