Monday, August 08, 2011

نموذج لـ"القلش" الصحفي



أنا مهما قلشت صغير..

وعلى من يريد تعلم ، أو فهم آليات "القلش" ، التعلم من أساتذة كبار ، لهم شنة ورنة ويكتبون في الصحف ، مش أي حد.. وهم يكتبون - بصراحة - قلشاً يخدع من يقرأه بصرياً فلا يتصوره قلشاً بأي حال من الأحوال.. المثال "الظريف" للكاتبة "ماجدة خير الله" من تقرير نشرته "بوابة الأهرام" بتاريخ السادس من أغسطس 2011 ، حيث ترى أن :

مسلسلى سمارة وكيد النسا ميلودراما يناسب فترة الثلاثينات او الاربعينات ولا تناسب مصر بعد ثورة 25 يناير

من حقها ومن حقي ومن حقكم أن تهاجموا أي مسلسل كان ، لكن هناك فرق بين الهجوم بسند وأساس ، كما يفترض بـ"ناقدة" كبيرة أن تفعل ، وأن تقع -بدايةً- في خطأ منطقي مضحك للغاية لا يليق باسمها وتاريخها..قبل أن تكتشف أنك أمام "قلشة" من العيار الثقيل ، كما سيلي التوضيح بعد قليل.. الصبر طيب..:)

"سمارة" حسب علمي ، وأيا كان الرأي فيه ، تم إعداده وبدأ العمل فيه قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير بما يزيد عن نصف عام كامل.. وهو ما ينطبق على أعمال أخرى تم إعدادها على أساس ظروف ومناخ إنتاجي لم يكن في أكثر أحلامه وخيالاته جموحاً وتوحشاً أن تقوم ثورة في مصر ، أن يسقط نظام ، أن نجد وزير إعلام يحاكم ، وخريطة توزيع قوى إنتاجية تسير وبأقصى سرعة تجاه المجهول.. والمطلوب طبقاً للناقدة الكبيرة أن تقوم كل الجهات الإنتاجية التي تورطت في إنتاج هذه المسلسلات قبل رمضان بفترة قصيرة ، ووضبت أمورها على هذا الأساس ، أن تعدل ، لمجرد التعديل ، من سيناريوهاتها بحيث "تواكب" أحداث الثورة أو تقدم "دراما تناسب أحداث الثورة" بعد ستة أشهر تقريباً من اندلاعها!

منطق قليش..

قمة الاستخفاف بحدث بأهمية الثورة وبأهمية المناخ السياسي الجديد الذي ظهر أن تتم متابعته بمسلسلات وأفلام يتم صنعها على طريقة "عبده حريقة" ، لف حلقتين في رغيف وكله يبقى تمام ، ولمن لا يصدق أذكره فقط ببعض أغاني "عبده حريقة" التي واكبت الثورة من عينة نكتة "شهداء خمسة وعشرين يناير ماتوا في أحداث يناير" ، أي حاجة من أجل تعبئة الليلة ..

يريد بعض النقاد وكتبة الأعمدة تكرار نفس الخطأ الفادح الذي وقعت فيه ثورة 1952 حين قدمت وعلى مدى عقدين أفلاماً دعائية ضعيفة القيمة رغم ضخامة الأسماء المشاركة فيها فقط من أجل "مواكبة الثورة" ، لتفقد كل تلك الأفلام بصناعها بمن تورطوا فيها نصيباً هائلاً من مصداقيتهم بعد نكسة 1967.. ولأن من يعي الماضي قلة ، ومن يستوعب الدرس قلة القلة ، فحرص العديد من كتاب السيناريو على اتباع نصائح السيدة "ماجدة خير الله" وغيرها زنجة زنجة وداراً داراً .. ولا مانع أن يتكرر منطق "شهداء خمسة وعشرين يناير ماتوا في أحداث يناير" ، وأن تصبح هناك قوالب جاهزة لكتابة المسلسلات والأفلام فيما بعد الثورة ، فمثلما كان الكلام في ثورة 1952 عن الباشا الإقطاعي المستبد والمظاهرات و"سعد سعد يحيا سعد" ، ستدور اللعبة عن وزير وعضو مجلس شعب وأي رتبة في مباحث أمن الدولة ، وسلطاتك وعيش.. وأينما ظهرت القوالب ظهرت التفاهة ، ولنا في قوالب وإكليشيهات دراما المقاولات في السنوات العشر الأخيرة ما يغني عن مزيد كتابة..

الحد الأدنى من احترام عقل المشاهد ، الذي يفترض أن يوجه إليه أي فن كان ، يقتضي شيئاً من التريث ، وقدراً كبيراً جداً من قوة الملاحظة والمتابعة ، لمجتمع بأكمله ، بفقرائه ، وأغنيائه ، وببسطائه قبل مثقفيه أحياناً ، كي لا تخرج الأعمال الفنية زاعقة ومباشرة وشديدة السطحية وذات بعد دعائي ..قارنوا بين سخافة وسطحية "رد قلبي" (1957) وبين فيلم "العصفور" لـ"يوسف شاهين" (1972).. الذي قدم تناولاً هو بكل المقاييس أكثر جدية واحتراماً للعقل لحال المجتمع المصري بعد خمسة عشر عاماً من الثورة ، بما أن الفيلم تدور أحداثه قبيل النكسة..

كما أن فكرة "المواكبة" و "المناسبة" شيء لا يمكن للعقل حالياً قبوله ، لأن الثورة الحالية سبقها ثلاث عقود ، تغير فيها المجتمع المصري بشكل مهد لما حدث في يناير الماضي ، وبالتالي كان على أي كاتب سيناريو يحترم نفسه ويحترم عقل المتفرجين أن ينقب عن المجتمع المصري وتغيراته خلال الثلاثين عاماً ، بعد أن حصل الكاتب على أشياء كثيرة لم تكن في يده قبل ستة أشهر ، سقف أعلى من الحرية ، وانتهاء الحقبة المباركية بما يسهل تناولها بشكل موضوعي دون أن يجعلنا نقول "ولا يوم من أيامك يا ريس" ولا أن ننسى أيضاً أن الثورة كأي جهد بشري لا تخلُ من أخطاء ونقاط ضعف ومحاولات سرقة.. أما إن كان سيادته سيقصر القصة على المظاهرات والناشطين والخمس سنوات الأخيرة من حكم "مبارك" فهذا شأنه..

أما "ملاءمة الدراما للثورة" فهي نكتة النكات ، في الميديا يقال لنا أن الثورة لكي تنتج ثمارها تحتاج لسنوات ، وبالتالي سننتظر لسنوات لكي تقدم الثورة أدبها وفنها الحقيقيين ، لا أغاني فرق ارتبطت بمجموعات ارتبطت بالثورة ، ولا مسلسل أقحمت فيه أحداث الثورة إقحاماً ، ولا فيلم تم "تفويره" لصنع سبوبة من "اللي هية" تصلح للعرض في العيد ، ولا إنتاج لمجموعات من المتسلقين من الفنانين والكتاب والمخرجين عهدنا وجود أمثالهم عقب أي تغير سياسي ، حتى داخل العهد المباركي نفسه..

باختصار ، ربما كانت هناك مشاكل بين "ماجدة خير الله" و"مصطفى محرم" جعل الأولى تتبرع للهجوم على مسلسل أراه كانطباع أول سخيف ولا يصلح للعرض في رمضان ، لكن من فضلك يا مدام "ماجدة".. بلاش سيرة الثورة والفلول والشهداء.. أزعل.. إنما للقلش حدود..
* تقول بعض المواقع أن فيلم "العصفور" إنتاج 1974 ، والبعض الآخر يقول أن الفيلم إنتاج 1972 ومنع من العرض لمدة عامين كاملين لأسباب رقابية في واحدة من أوائل الأزمات الرقابية لـ"شاهين".. الصورة لـ"ماجدة خير الله" من "الساقع"..

2 comments:

د/دودى said...

بص هو المسلسل من وجه نظرى "سئ" لكن مفيش علاقه بين الموضوع ده و بين الثوره طبعا!!!!هو سئ قبل الثوره و بعدها و نصها كمان

سيبك منها انا بتخنق من الست ده و مبخدش على كلامها عموما ...اصل الكل بقى ثورى فجأه

ملحوظه :اظن العصفور انتاج 72 لان معلوماتى انه اتعمل قبل اكتوبر و الا فى وجه نظرى لفقد نصف بريقه

قلم جاف said...

بالمناسبة.."العصفور" أنتج 72 وقعد سنتين ممنوع من العرض لغاية 1974.. والله أعلم..

فيه مسلسل مغمور اتضرب في الخلاط اسمه "صفحات شبابية" بييجي على "النيل للدراما"..درس عملي في كيفية ضرب الثورة في الخلاط لتنتج مسلسلاً!..

يفترض إن الثورة جت تكنس الوسط الفني والثقافي والإعلامي من السبوبة .. لكن صناع "صفحات شبابية" واللي عايزين يغيروا في مسلسلاتهم لزوم الثورة ما وصلتلهمش الرسالة..