Monday, September 05, 2011

تصويت احتجاجي



في الماضي القريب كانت أي حملة يقوم بها ناشط على الإنترنت ، أو مجموعة من الناشطين ، تلقى صدى ايجابياً واسعاً وقبولاً كبيراً ، وكان البعيدون عن عالم التدوين و"الفيس" والمنتديات و..و.. يشعر بأن تلك الحملات مقياس حقيقي للرأي العام ، أو لشرائح واسعة جداً منه ، وأنها ستقابل بتأييد غير عادي من قبل عامة الناس ، الذين لا تطال أصابعهم الكيبورد .. أمر عززته أحداث الثورة ..

لكن أن تقابل حملة على الإنترنت ، من أناس لا يختلفون كثيراً عن سابقهم ، بالرفض ، والعند ، فهذا هو الجديد ، الذي يجد كاتب هذه السطور صعوبة شديدة جداً في فهمه..

نعم هذا ما حدث ، قبل أيام استبق عدد من ناشطي الإنترنت حملة لمقاطعة فيلم "شارع الهرم" ، بحملة وصل عدد المشاركين فيها إلى أربعة وستين ألف شخص أو يزيد .. والنتيجة :

والنتيجة أن حقق الفيلم الذي طالبت جموع الناشطين بمقاطعته رقماً قياسياً لأعلى إيراد يحققه فيلم مصري في يوم واحد ، وأن يصل الأمر لأن يجمع في أيام موسم العيد سبعة ملايين جنيه ، تخيلوا!

إن لم تستعجب بما يكفي ، أذكرك بأن "السبكيين" عودونا على أن يستقبلوا كل عيد بفيلم من تلك العينة الغريبة ، "البيه رومانسي" ، "ابقى قابلني" ، "ولاد البلد" ، وهي أفلام تشبه بعضها تماماً ، ولا يمكن تمييز تريلر أي فيلم منها عن الآخر ، إن تحملت مرارتك فكرة تحمل مخاطرة الذهاب إلى صالة السينما ومشاهدة أي منها ، وحققت تلك الأفلام إيرادات ربما لا تذكر بالمرة رغم أن للسبكيين مبرراتهم "المقنعة" لتقديم مثل تلك الأفلام ، كمحاولة استغلال موسم العيد لتحقيق مكسب مادي مربح ، شأنهم كشأن منتجي السينما العاديين الذين يقدمون أفلاماً "أفضل" من حيث المستوى الفني..

لنفاجأ بفيلم لا يتخير عن سابقيه يحقق رقماً قياسياً لأعلى إيراد لفيلم مصري يحققه في يوم ، ويحقق في عدة أيام رقم احتاجته أفلام أفضل ألف ألف مرة للوصول إليه في شهر!

أول إجابة تتبادر إلى الذهن هي أن الموضوع "دور عند" .. تصويت احتجاجي ، ماشي ، لكن عنداً مع من ، وفي من؟

نذكر بالجملة الافتتاحية للحملة :

مقاطعة فيلم شارع الهرم .. الفيلم يجمع بين الرقص الاستعراضي والغناء .. هي دي مصر اللي عاوزنها بعد الثورة ؟ الناس دي بتاخد ملايين في حاجات هايفة ليه ؟؟
الناس دي لما قامت الثورة كانوا ضدها .. ودلوقتي ركبوا الموجة وبقوا معاها ..
وقتكوا انتهي خلاص .. مصر مش بلد الهلس والهيافة .. لازم نفوق بقي
..

والحملة أو الحدث أنشأته نفس مجموعة القائمين على حملة "مقاطعة أعمال فناني القائمة السوداء" كما يبين من صفحة الحملة على الفيس.. وبالتأكيد أغلب الشعب المصري ضد الفنانين المتلونين ، ومتعاطف مع الحملة ، ولم يكن مقبلاً على نفس تلك النوعية من الأفلام أصلاً قبل الثورة (للي عايز يقول أصل اللي دخل الفيلم ناس هايفة).. ماذا حدث؟

هل تكون عبارات الثورة التي جذبت خمسة وستين ألف شخص إلى المجموعة أو الحدث أو أياً كان سبباً في دور العند الذي لم يمنع مثل هذا العدد أو ضعفه من تحدي الحملة؟ هل هو عند في ناشطي الفيس بوك أنفسهم؟ هل انفصل الناشطون عن مجتمعهم لدرجة دفعت عامة الناس الذين يعرفون بالحملة إلى تصيد أي فرصة للتمرد على سلطة الفيس بوك كما تمردت من قبل على سلطة كتبة أعمدة صحف النظام وصحف المال السياسي فيما بعد؟

أعلم أن تلك الأسئلة سخيفة بما يكفي ، لكنها تبقى مشروعة في محاولة فهم ما حدث..وربما تكون لديكم إجابة أكثر إقناعاً وألحن حجة..

تحديث 6/9: "وجهة نظر" لـ"إبراهيم عيسى" نشرها في موقع "الدستور الأصلي" - زي "كورومبو الأصلي" كدة- قد تختلف عن ما كتبته في التدوينة ، وجهتي نظر مختلفتين ولو من بعيد أفضل من وجهة نظر واحدة ، والكرة دائماً في ملعبكم..
* الصورة من مدونة أطلق صاحبها عليها اسم "الجزيرة نت" ، ولا علاقة لها من قريب أو من بعيد بموقع "الجزيرة نت"!

No comments: