Saturday, August 27, 2011

فرجات آخر الشهر : هس السلعوة



* إلى صناع مسلسلي "المواطن اخص" و "خاتم سليمان" .. سؤال واحد : هل كان "صلاح أبو سيف" أحمقاً ومغيباً عندما "لم" يضع مشهداً مقحماً لثورة 1952 في رائعته ورائعة السينما المصرية بحق "الفتوة" رغم أنه وصناع الفيلم افترضوا أن الفيلم تقع أحداثه قبل تلك الثورة، علماً أنه كان بيده أن يفعل ، وكان من المستحسن طبقاً لمنطق السينما الدعائية الفج السائد وقتها أن يفعل؟ هل كان "صلاح أبو سيف" وصناع فيلم "القاهرة 30" سذجاً وأغبياء عندما "لم" يقحموا أي إشارة عن ثورة 1952 في نهاية الفيلم مكتفين فقط بمشهد دال وجميل لـ"علي" (=الذي لعبه "عبد العزيز مكيوي") وهو ينجح في الهرب من ضباط البوليس السياسي مشيراً لانتصار فكرة الاستقلال والحرية ولو بعد حين؟ إذن لماذا فعلتم بنا ما فعلتم في المسلسلين المذكورين؟ مع اختلافي الشديد جداً في الرأي مع ائتلافات الثورة ومع الوجوه التي طفت على سطحها ، إلا أنني أرى أن الثورة بريئة مما فعلتم في "المواطن اخص" و "خاتم سليمان" براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، وسيسجل التاريخ الفني المصري بكل الخزي والعار ما فعلتم كما سجل أفلام الدعاية الفجة التي صاحبت ثورة 1952 والتي كانت وبالاً على تلك الثورة ومكتسباتها..

* أفضل ممثل في رمضان لن يخرج عن "أحمد مكي" و"خالد صالح" و "باسم السمرة".. وعن جدارة..مع احترامي لـ"خالد الصاوي" الذي انتظرنا منه ما هو أفضل في مسلسل أفضل..

* إلى "خالد الصاوي" : أحياناً قد يضر الفنان فنياً أن يترك العنان للثائر والناشط الذي يسكنه على حساب شخصيته الأصلية كفنان.. فيقع في اختيارات خاطئة لا تليق به لا تخدم الفنان ولا الناشط ولا القضايا التي يؤمن بها ويتبناها .. مكانتك لدي تجعلني أقول أنك تستحق التمثيل في مسلسلات أفضل بكثير من نص مهترئ مفتعل كـ"خاتم سليمان" يعيد تذكيرنا بمسلسلات "يسرا"..

* العمل الفني الضعيف المفتعل لا يكتفي بإضرار القضية التي يتبناها أيا كان نبلها ، بل قد يقضي عليها.. ألا هل قد بلغت؟

* بالمناسبة .. لماذا أشعر بأن مسلسل "خاتم سليمان" مسخ من مسلسل "سامحوني ما كانش قصدي" الذي أنتج قبل أحد عشر عاماً وحقق فشلاً موجعاً رغم أن كاتبه هو "يسري الجندي" ومخرجه "إسماعيل عبد الحافظ"؟

* "رانيا فريد شوقي" نموذج للممثلة التي تتفوق على نفسها ، بصراحة هي أدت دورها في "خاتم سليمان" بشكل أسوأ من أدائها لدور الزوجة المتسلطة في مسلسل "الرجل الآخر".. وباعتقادي أن "ريهام عبد الغفور" لقنتها درساً موجعاً في أداء نفس النمط وإن اختلفت طبيعته داخل "الريان" عنه في "خاتم سليمان" .. لو كان التمثيل بالتشنج لحصد كل ممثلي مسلسلات الكفار في الثمانينات جوائز الأوسكار..

* "سامح حسين" فيما يسمى بمسلسل "الزناتي مجاهد"..لا دة كتييير.. :(

* "فريال يوسف" .. آخرها "أزمة سكر"..

* سأفتقد "أوشا" ، والببغاء الزنجباري ، والقط الشيرازي ، وأغنية "هس السلعوة"!

* هل يروق لكم التوزيع "الجديد" لأغنية "اقرأ يا شيخ فقاعة" الذي لحنه "سيد درويش" واستخدم في حملة إعلانات "فودافون" "شكراً"؟ عن نفسي استبوخته..

* معجب بالأداء الصوتي للفنان الكبير "عبد الرحمن أبو زهرة" في إعلان "بنك مصر"..

* هل الصورة تهتز في مسلسل "المواطن اكس" باستمرار ، أم أنه يهيأ لي؟

* الكاراكتر الذي لعبته "دينا الشربيني" خسارة كبيرة في مسلسل سمج كـ"المواطن اخص".."دينا" لمن لا يعلم هي الممثلة التي تقوم بدور سكرتيرة المحامي "طارق" (="محمود عبد المغني") في المسلسل سالف البيان.. إيش يعمل الكاراكتر الحلو في المسلسل العكر؟

* تتر مسلسل "عابد كرمان" مسيل للدموع.. و"رعد خلف" الذي كنت معجباً به في "حرب الجواسيس" صار مثيراً للغضب منذ السخف الذي قدمه العام الماضي في "ملكة في المنفى" وعاد ليستكمله في "عابد كرمان"..

* "آدم"-المطرب .. مش قصدي خالص "آدم" المسلسل- رغم كونه غير مصري الجنسية إلا أنني أشعر أنه أقرب إلى طبيعة عامة الناس خاصةً أهل المناطق الشعبية ، "ابن بلد" كما يقال ، من الممكن أن تجده على "القهوة" يلعب "دومينو" ويرمي إفيهات تضحك من حوله ، عكس "فضل شاكر" الذي يذكرني بمطربي القصور قبل ثورة 1952.. لهذا السبب نسي الناس بسرعة تتر مسلسل "الريان" الذي غناه "شاكر" بينما لا يزال يوجد مكان في الذاكرة لتتر "العار"..

* منتجو المسلسلات ، سواء شركات أو قنوات ، عندما يلجأون لعمل استفتاءات وهمية يبرهنون فيها على النجاح الساحق الماحق لمسلسلاتهم ، أشبه بمن قرر أن "يعمل جمعية لوحده" ويقبضها أولاً!

* من الحسنات القليلة جداً لـ"المواطن اخص" ، غير التتر طبعاً ، أنه أتاح الفرصة للجمهور أن يعرف "أمير كرارة" و "أروى جودة" و "رشا مهدي" كممثلين لم يخدمهم النص المهترئ المفتعل ..الثلاثة يستحقون فرصة "أفضل"..

* لا أستطيع أن أقاوم فضولي الشخصي بقراءة سخافات كتاب الأعمدة التي أتوقعها ، خاصة أنني أتوقع وبشدة أن يقوموا بالتطبيل لمسلسلات بعينها لأسباب بعينها ، أشبه بمتابعة مسلسل ممل معروفة بدايته ونهايته..

* أخيراً .. ما فعله "محمود بركة" بفريق عمل "خاتم سليمان" قام الأخيرون بـ"تخليصه" فينا.. كما غنى "عبد الوهاب" : مين عذبك بتخلصه مني!
* الصورة من Daily Motion..

Monday, August 22, 2011

نجم كل العصور



حفل هذا الشهر بعدد ليس بالقليل من وفيات المشاهير ، لكن ما استوقفني أكثر هو خبر وفاة "كمال الشناوي"..

حين أرادت الفضائيات أن تعرض أفلاماً لـ"عبد الحي أديب" إبان رحيله وجدت نفسها في حيص بيص .. فإنتاج "أديب" كان غزيراً ومهماً ، لدرجة تجعل الاختيار شديد الصعوبة ، والأمر نفسه ينطبق على "كمال الشناوي".. أحد أشهر وأجدر نجوم السينما المصرية على الإطلاق .. وبدون مبالغة.. وكلما تتذكر له فيلماً يأتي على الذاكرة بعد قليل عشرة أفلام أخرى..

"شقاوة أحمد رمزي، وخفة ظل حسن يوسف، وصرامة شكري سرحان".. كما يصفها الصحفي "محمد خير" في جريدة "الأخبار" اللبنانية .. فضلاً عن بساطة الأداء وسلاسته دون افتعال أو تعقيد ، وفهمه لكل شخصية يدخل إليها في كل مغامرة تمثيلية ، أمور جعلته موضع ثقة مخرجين كثر رأوا فيه أشياءً لم يروها في نجوم آخرين انحسرت عنهم الأضواء تقدموا قليلاً في السن وتراجعت وسامتهم ، وجعلت من "الشناوي" نجماً وهو يقترب من التسعين..

قد يحتاج "البعض" لبعض الوسامة وهو يمثل دور "الحبيب" -بكسر وتشديد الباء- الذي يصر على تمثيله بأي طريقة وفي أي وقت ، لكنه يحتاج إلى موهبة كبيرة لأن يكون في نذالة "شاهين" في "أمير الانتقام" أو "عباس" في "المرأة المجهولة" ، أو في نفاق "رءوف علوان" في "اللص والكلاب" ، أو يعيش جنون السلطة كـ"خالد صفوان" في "الكرنك" أو تحت ضغوطها في "الإرهاب والكباب" أو تكون شماعته لتحقيق ملذاته في "الواد محروس بتاع الوزير" ، أو يجد نفسه في صراع نفسي كما كان الحال في "المستحيل" ..أو انطوائياً لا يعرف الكثير عن عالمه وعن الناس بشكل عام كـ"الدكتور نعمان" ، تسجنه الثروة "لدواع أمنية" ، أو ترفعه الثورة كما في "زينب والعرش" ، طاغية في "ضربة معلم" و"الوحل" ، مهزوماً في "فضيحة العمر" و...و...و.... ويحتاج إلى إرادة قوية ورغبة عارمة في التحدي تنقله من دور لدور ومن لعبة للعبة و من تجربة لتجربة ، لا تبقيه حبيس قالب ما ، ولا رهينة لشكل أعجب منتجين ومخرجين وراق يوماً للجمهور.. بل تجعله يطير ويحلق .. ويبقى في الذاكرة لأنه نجح لأن يكون كل هؤلاء الأشخاص المذكورين أعلاه أمام الكاميرا ، وآخرين قد لا تستطيع الذاكرة استجماعهم دفعة واحدة..

يبقى "كمال الشناوي" نجماً في كل عصر دخل فيه البلاتوه ، وظاهرة فنية يصعب إن لم يكن يستحيل تكرارها..رحمه الله ورحم أمواتنا جميعاً..
* الصورة من موقع "الجريدة"..

Monday, August 08, 2011

نموذج لـ"القلش" الصحفي



أنا مهما قلشت صغير..

وعلى من يريد تعلم ، أو فهم آليات "القلش" ، التعلم من أساتذة كبار ، لهم شنة ورنة ويكتبون في الصحف ، مش أي حد.. وهم يكتبون - بصراحة - قلشاً يخدع من يقرأه بصرياً فلا يتصوره قلشاً بأي حال من الأحوال.. المثال "الظريف" للكاتبة "ماجدة خير الله" من تقرير نشرته "بوابة الأهرام" بتاريخ السادس من أغسطس 2011 ، حيث ترى أن :

مسلسلى سمارة وكيد النسا ميلودراما يناسب فترة الثلاثينات او الاربعينات ولا تناسب مصر بعد ثورة 25 يناير

من حقها ومن حقي ومن حقكم أن تهاجموا أي مسلسل كان ، لكن هناك فرق بين الهجوم بسند وأساس ، كما يفترض بـ"ناقدة" كبيرة أن تفعل ، وأن تقع -بدايةً- في خطأ منطقي مضحك للغاية لا يليق باسمها وتاريخها..قبل أن تكتشف أنك أمام "قلشة" من العيار الثقيل ، كما سيلي التوضيح بعد قليل.. الصبر طيب..:)

"سمارة" حسب علمي ، وأيا كان الرأي فيه ، تم إعداده وبدأ العمل فيه قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير بما يزيد عن نصف عام كامل.. وهو ما ينطبق على أعمال أخرى تم إعدادها على أساس ظروف ومناخ إنتاجي لم يكن في أكثر أحلامه وخيالاته جموحاً وتوحشاً أن تقوم ثورة في مصر ، أن يسقط نظام ، أن نجد وزير إعلام يحاكم ، وخريطة توزيع قوى إنتاجية تسير وبأقصى سرعة تجاه المجهول.. والمطلوب طبقاً للناقدة الكبيرة أن تقوم كل الجهات الإنتاجية التي تورطت في إنتاج هذه المسلسلات قبل رمضان بفترة قصيرة ، ووضبت أمورها على هذا الأساس ، أن تعدل ، لمجرد التعديل ، من سيناريوهاتها بحيث "تواكب" أحداث الثورة أو تقدم "دراما تناسب أحداث الثورة" بعد ستة أشهر تقريباً من اندلاعها!

منطق قليش..

قمة الاستخفاف بحدث بأهمية الثورة وبأهمية المناخ السياسي الجديد الذي ظهر أن تتم متابعته بمسلسلات وأفلام يتم صنعها على طريقة "عبده حريقة" ، لف حلقتين في رغيف وكله يبقى تمام ، ولمن لا يصدق أذكره فقط ببعض أغاني "عبده حريقة" التي واكبت الثورة من عينة نكتة "شهداء خمسة وعشرين يناير ماتوا في أحداث يناير" ، أي حاجة من أجل تعبئة الليلة ..

يريد بعض النقاد وكتبة الأعمدة تكرار نفس الخطأ الفادح الذي وقعت فيه ثورة 1952 حين قدمت وعلى مدى عقدين أفلاماً دعائية ضعيفة القيمة رغم ضخامة الأسماء المشاركة فيها فقط من أجل "مواكبة الثورة" ، لتفقد كل تلك الأفلام بصناعها بمن تورطوا فيها نصيباً هائلاً من مصداقيتهم بعد نكسة 1967.. ولأن من يعي الماضي قلة ، ومن يستوعب الدرس قلة القلة ، فحرص العديد من كتاب السيناريو على اتباع نصائح السيدة "ماجدة خير الله" وغيرها زنجة زنجة وداراً داراً .. ولا مانع أن يتكرر منطق "شهداء خمسة وعشرين يناير ماتوا في أحداث يناير" ، وأن تصبح هناك قوالب جاهزة لكتابة المسلسلات والأفلام فيما بعد الثورة ، فمثلما كان الكلام في ثورة 1952 عن الباشا الإقطاعي المستبد والمظاهرات و"سعد سعد يحيا سعد" ، ستدور اللعبة عن وزير وعضو مجلس شعب وأي رتبة في مباحث أمن الدولة ، وسلطاتك وعيش.. وأينما ظهرت القوالب ظهرت التفاهة ، ولنا في قوالب وإكليشيهات دراما المقاولات في السنوات العشر الأخيرة ما يغني عن مزيد كتابة..

الحد الأدنى من احترام عقل المشاهد ، الذي يفترض أن يوجه إليه أي فن كان ، يقتضي شيئاً من التريث ، وقدراً كبيراً جداً من قوة الملاحظة والمتابعة ، لمجتمع بأكمله ، بفقرائه ، وأغنيائه ، وببسطائه قبل مثقفيه أحياناً ، كي لا تخرج الأعمال الفنية زاعقة ومباشرة وشديدة السطحية وذات بعد دعائي ..قارنوا بين سخافة وسطحية "رد قلبي" (1957) وبين فيلم "العصفور" لـ"يوسف شاهين" (1972).. الذي قدم تناولاً هو بكل المقاييس أكثر جدية واحتراماً للعقل لحال المجتمع المصري بعد خمسة عشر عاماً من الثورة ، بما أن الفيلم تدور أحداثه قبيل النكسة..

كما أن فكرة "المواكبة" و "المناسبة" شيء لا يمكن للعقل حالياً قبوله ، لأن الثورة الحالية سبقها ثلاث عقود ، تغير فيها المجتمع المصري بشكل مهد لما حدث في يناير الماضي ، وبالتالي كان على أي كاتب سيناريو يحترم نفسه ويحترم عقل المتفرجين أن ينقب عن المجتمع المصري وتغيراته خلال الثلاثين عاماً ، بعد أن حصل الكاتب على أشياء كثيرة لم تكن في يده قبل ستة أشهر ، سقف أعلى من الحرية ، وانتهاء الحقبة المباركية بما يسهل تناولها بشكل موضوعي دون أن يجعلنا نقول "ولا يوم من أيامك يا ريس" ولا أن ننسى أيضاً أن الثورة كأي جهد بشري لا تخلُ من أخطاء ونقاط ضعف ومحاولات سرقة.. أما إن كان سيادته سيقصر القصة على المظاهرات والناشطين والخمس سنوات الأخيرة من حكم "مبارك" فهذا شأنه..

أما "ملاءمة الدراما للثورة" فهي نكتة النكات ، في الميديا يقال لنا أن الثورة لكي تنتج ثمارها تحتاج لسنوات ، وبالتالي سننتظر لسنوات لكي تقدم الثورة أدبها وفنها الحقيقيين ، لا أغاني فرق ارتبطت بمجموعات ارتبطت بالثورة ، ولا مسلسل أقحمت فيه أحداث الثورة إقحاماً ، ولا فيلم تم "تفويره" لصنع سبوبة من "اللي هية" تصلح للعرض في العيد ، ولا إنتاج لمجموعات من المتسلقين من الفنانين والكتاب والمخرجين عهدنا وجود أمثالهم عقب أي تغير سياسي ، حتى داخل العهد المباركي نفسه..

باختصار ، ربما كانت هناك مشاكل بين "ماجدة خير الله" و"مصطفى محرم" جعل الأولى تتبرع للهجوم على مسلسل أراه كانطباع أول سخيف ولا يصلح للعرض في رمضان ، لكن من فضلك يا مدام "ماجدة".. بلاش سيرة الثورة والفلول والشهداء.. أزعل.. إنما للقلش حدود..
* تقول بعض المواقع أن فيلم "العصفور" إنتاج 1974 ، والبعض الآخر يقول أن الفيلم إنتاج 1972 ومنع من العرض لمدة عامين كاملين لأسباب رقابية في واحدة من أوائل الأزمات الرقابية لـ"شاهين".. الصورة لـ"ماجدة خير الله" من "الساقع"..

Friday, August 05, 2011

تترات رمضان هذا العام : مجموعة ملاحظات



لم تتح لي الفرصة كاملة لمتابعة معظم مسلسلات رمضان هذا العام .. لحسن الحظ أم لسوء الحظ لا أعرف .. وبما أن "الجمهور" عندي في المنزل مقبل على "المواطن اكس" فقد يكون ذلك المسلسل هو الوحيد الذي سأكتب عنه تفصيلاً ، إن أراد لي الله عز وجل البقاء والتذكر.. لكن في المقابل قدمت قنوات "الأوربت" خدمة خمس نجوم بإذاعتها تترات المسلسلات التي ستذاع عليها على سبيل الترويج ، فضلاً عن تتر هنا وتتر هناك .. خرج منها كاتب السطور بملاحظات تصلح لملء تدوينة..

1-"المواطن اكس" : يكسب "محمد عدوية" كل يوم أرضاً جديدة بعد نجاح ألبومه "المولد" ، وبعد أن قرر خوض تجربة الغناء "الدرامي" بغناء أول تتر له لمسلسل "اكس".. صحيح أنه وقع في نفس الفخ الذي وقع فيه مطرب آخر سنأتي بعد قليل على ذكره ، وهو الاستسلام للمواهب الفنية المدفونة لمنتج ألبوماته ، إلا أن لحن "عدوية الابن" المتناسب تماماً مع إمكانياته الصوتية و أداءه "المصري جداً" رغم احتياجه للتمرين بشكل أفضل على مخارج الألفاظ، مضافاً إليه التوزيع الموسيقي لـ"أحمد العسال" -وسبق أن عمل كثيراً مع "عدوية" الابن- جعلوا من هذا التتر الأكثر تميزاً فيما سمعت ، حتى صباح اليوم فقط .. إيقاع محبب لأذن الجمهور المصري ، مساحات تطريب ، مضمون أيضاً يروق لشرائح واسعة من الناس .. ربما يكون هذا التتر على طريق تتر "العار" الذي كان واحداً من أنجح أغاني العام الماضي وليس فقط من أنجح تتراته ..

2-"شارع عبد العزيز": أغرب عملية تغيير تتر في تاريخ الدراما المصرية والعربية.. صحيح أنه سبق وأن تعمد المؤلف والملحن تغيير أجزاء من التترات بحسب الهدف الدرامي كما حدث في رائعة الدراما المصرية "الشهد والدموع ج1" ، إلا أن ما حدث ولأسباب إنتاجية وفنية ولأسباب لا نعلمها ، ولحسن حظنا ، أن التتر تغير تماماً وبكامل فريق عمله , بعد عدة حلقات من المسلسل ، اليوم فقط سمعت التتر الجديد الذي أفاقني من كابوس تتر المسلسل القديم الذي كتبه الموهوب "خميس عز العرب" وأفسده "خالد جودة" مع صوت مجتهد نسبياً اسمه "أحمد عفت"..

التتر الجديد شيء آخر يختلف ، كتبه شاعر مخضرم هو "جمال بخيت" ، ولحنه وغناه "أحمد سعد" الذي نتفق ونختلف عليه كمطرب وملحن ، والسيء في الأمر أنه لم يتم ذكر اسم الموزع في التترات (وجايز ما أكونش شفته بوضوح علشان ما نظلمش حد) وهو البطل الحقيقي لهذا التتر الرائع الذي اقتنص المركز الأول في تقييمي من تتر "اكس"..

من سمع التتر القديم ، ومن يتوقع تترات مسلسلات الدراما الشعبية ، التي تدور أحداثها في مناطق وأحياء شعبية ، ينتظر بالتأكيد إيقاعات شعبية ، على صوت مطرب من مطربي "الشعبي الجديد" يصول ويجول أياً كانت إمكانياته الصوتية ، أوكورديون على ناي على قانون ، على كلمات عن الحارة وأهل الحارة وناسها الطيبين و..و..لكنه لم ينتظر ما قدمه الثلاثي "بخيت" و "سعد" والموزع الذي لا أعرفه ، وضعوا تحت الأخير عشرة خطوط..

ضرب الموزع كل التوقعات واحداً واحداً في مقتل ، وقرر مع "سعد" و"بخيت" تقديم شيء صادم ومختلف ، من وحي المسلسل وفكرته ، حي شعبي في العام 2011 تجعل الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية الحياة فيه شديدة القسوة..ما كان من الرجل أولاً إلا أن قرر عمل كوكتيل عجيب ، بين لحن شديد الشرقية (وشاكك إنه فلكلور بالمناسبة) بدأه على خلفية جيتار كهربي وإيقاعات بمقطع من ابتهال شهير للشيخ "سيد النقشبندي" ، به المساحات الصوتية التي يحب "أحمد سعد" غناءها (زي أغاني دكان شحاتة واللي كانت برضه مع "جمال بخيت) ، وإيقاع غربي عنيف ومستمر بدون وقفات أو تغيير يذكر في الرتم ،وطبعاً مع الجيتار الكهربائي الذي تحول إلى آلة ثورية (لارتباطه على الأقل في أذهاننا بـ"إزاي")وأصبح له مكان في الأغنية التجارية المصرية منذ سنوات .. الإيقاع ، الجيتار ، مع اللحن البسيط جداً المكون من جملة واحدة والذي تتغير عليه المقاطع كما هي عادة أغاني الفلكلور أو الأغاني المستوحاة منها (زي "مظلوم" "محمد محيي" مع شوية اختلافات) .. وإن كان لديك مشكلة مع صوت "سعد" .. فإن تتر الختام هو نفس تتر المقدمة ، ولكن instrumental ، موسيقى فقط ..

3-ليه يا "ياسر": كان لسان حالي يقول عندما سمعت تتر مسلسل "آدم" "ليه يا ياسر.. ليه يا ياسر"؟

أكبر خطأ وقع فيه واحد من أفضل واضعي الموسيقى التصويرية في العالم العربي كله "ياسر عبد الرحمن" الذي قدم للدراما العربية روائع لا تنسى ، هو أنه قبل ، وبمحض إرادته ، وفي كامل قواه العقلية ، أن يتعامل مع أضعف صوت تعامل معه طوال تاريخه الذي يمتد -كملحن- لعشرين عاماً ، شعرت عندما سمعت الأغنية أن "تامر" أشبه بمن يقفز ليطال سوراً عالياً ليتسلقه دون طائل..بل كان "ينهج" في بعض أجزاء الأغنية .. لست متخصصاً في الموسيقى لكني أشعر أن لغة "ياسر عبد الرحمن" الموسيقية أعلى بكثير من إمكانيات "تامر حسني".. الذي لا يستطيع أداء أي نوع من الغناء في الوقت الحالي سوى ما يقدمه في ألبوماته..كان هذا التتر بصراحة يحتاج لصوت مصري كبير اسمه "مدحت صالح".. الذي سبق له التعامل مع كاتب التتر "أحمد فؤاد نجم" و"ياسر عبد الرحمن" في "حضرة المتهم أبي".. و"مدحت" بعمره الطويل في الوسط الغنائي يعلو أداؤه ويهبط مع اللحن ، ومع "ياسر عبد الرحمن" لا يستطيع أن يقاوم التحدي الذي تقدمه له جمل الوتريات التي تخصص فيها الملحن الموهوب فيتحول إلى وحش غنائي بكل ما تحمل الكلمة من معنى..

لكن السيد "تامر حسني" رأى وهذه وجهة نظره في المسلسل ، وفي التعامل مع شاعر هو آخر من يتصور مخلوق في العالم أنه يتعامل معه يوماً "أحمد فؤاد نجم" ، ومع ملحن تخصصه العمل -في الغالب- مع مطربين بحق وحقيق كـ"مدحت صالح" و"الحجار" و"محمد الحلو" ، محاولة لتحسين صورته التي أفسدها بنفسه ، ولم يفسدها له أحد ، أثناء ثورة الخامس والعشرين من يناير ، رغم أن المسلسل كان يتم الإعداد له قبل الثورة بأشهر..وكان من الممكن أن يستغل سيادته الفرصة لتقديم نفسه كممثل ، لا كمطرب ، بأن يترك غناء المقدمة لمن يصلح.. لكن تقولوا إيه بقى؟

4-"دوران شبرا": رغم القبول الذي يحظى به "بهاء سلطان" لدى شرائح من الجمهور وأنا منهم بالمناسبة ، وتقديمه لألبوم غنائي لم يكن سيئاً قبل رمضان بعدة أسابيع ، ورغم أن "إبراهيم عبد الفتاح" أضاف عمقاً لأداء "سلطان" ، الذي تخلص ولو مؤقتاً من مواهب منتجه "نصر محروس" في عالم الشعر الغنائي ، إلا أنني لم أشعر بأن أغنية المقدمة لـ"دوران شبرا" "سمعت" مع الناس بما يكفي للمقارنة بتتر "اكس" على سبيل المثال..

5-"فضل شاكر" في "الريان" لم يحقق نجاحاً يذكر رغم تعامله مع نفس ثلاثي "العار" -"أيمن بهجت قمر" ، "وليد سعد" ، "عادل عايش" - لأنه دخل ملعباً ليس ملعبه ومنطقة لا تبدو كمنطقته .. "نانسي عجرم" بجماهيريتها فشلت في تجربتها الثانية مع التترات ، هندسة الصوت في تتر "سمارة" سيئة للغاية ، "محمد يحيى" واصل تكرار أخطاء "محمود طلعت" في تطويله غير المبرر لجمل لحنية ، حتى الكلمات من النوع الذي نطلق معه الـ"ههههههههه" إياها.. "وائل جسار" شرحه في "كيد النسا".. ويبدو أن "محمد يحيى" - مع احترامي له - يحتاج لـ"أيمن بهجت قمر" و الموزع "توما" وربما لـ"أبو الريش" لكي تنجح ألحانه درامياً.. وانتظرت من "عمار الشريعي" ما هو أفضل في "الشوارع الخلفية" .. لكن مع أشعار "مدحت العدل" لا داعي لإبقاء سقف التوقعات عالياً..لم أسمع تتر "خاتم سليمان" من بدايته كي أتأكد من اسم من تغنيه ، لكني كمستمع عادي لم أرتح له..ولا لتتر "نونة المأذونة"..

ملاحظة صغيرة ..خلا ما سمعت من تترات تقريباً من أي تتر مقدمة موسيقي فقط ، مثل تتر "بالشمع الأحمر" مثلاً لـ"خالد حماد"..باستثناء "عابد كرمان" فيما عدا ذلك هناك تترات ختام موسيقية فقط كما في "آدم" لـ"ياسر عبد الرحمن" أو نسخة موسيقية فقط من تتر المقدمة كما في "شارع عبد العزيز" - المعدل!

قد تتفقون مع بعض ، أو كل ما كتبت ، وقد تختلفون مع بعض ، أو كل ما كتبت.. وكما هي العادة..تبقى الكرة في ملعبكم..
* الصورة من Nogoom دوت كوم..