Friday, April 13, 2012

ليه يا دكتور؟

الكتاب الكبار يسقطون سقطات كبيرة ، وفي بحر مجاملتهم في الدفاع عن أصدقائهم ومحاسيبهم ينسون أشياء يرونها تافهة ، من بينها أنهم لا يكتبون لقراء أغبياء..

لطالما احترمت ، وأعجبت بكاتب مثل الدكتور "أحمد خالد توفيق" .. لكن هذا الأخير أحبطني بفاصل من السفسطة والكلام الفارغ يدافع به عن إعلاميين يتضح في كل يوم أن الراقصات التقليديات في أفلام السينما المصرية في الأربعينيات كن أشرف منهم وبمراحل..

يتحدث الرجل عن سياسة "اجعلهم يحسدون" التي ربطها أولاً بالإعلام الحكومي ، وإحقاقاً للحق فإن تلك السياسة أيضاً كان يمارسها إعلام المال السياسي وبشكل فج للغاية ، والله يرحم أيام "إبراهيم عيسى" في الإصدار الأول من "الدستور" وقت أن كانت جريدته أول جريدة تغطي أفراح "النوفو ريش" في مصر ، ووصف ذلك وقتئذ بكونه نوعاً من الذكاء الإعلامي ، يقلد فيه ما كان يفعله "محمد التابعي" في أيام "آخر ساعة" الأولى.. كان الغرض أكثر هو مصمصة الشفاة وإثارة الحسد وتساؤلات من عينة"همة بيجيبوا الفلوس دي منين" وعبارات مثل "ولاد البوبي واكلين البلد والعة".. يقول الكاتب لا فوض فوه أن "سياسة اجعلهم يحسدون لا تفشل أبدا. وتنجح دائما فى تفريق الغضب أو تفتيته على طريقة فرق تسد".. ماشي.. إذن كانت "الدستور" و"الميدان" ثم الآن "عين" و "وشوشة" شريكة في تطبيق نفس السياسة لنفس الهدف.. ولا إيه؟

يعود الرجل ليكرر منطقه المسلي واللذيذ في الدفاع بالحق والباطل عن "محمود سعد" .. فيقول :

كلنا نعرف مناورة أنس الفقى وزير الإعلام، مع محمود سعد فى مداخلة على الهواء، قال فيها إن محمود سعد يتقاضى تسعة ملايين جنيه فى العام. نسى الناس كراهيتهم للفقى ونسوا كل شىء.. كانت هذه ضربة قاتلة لمحمود سعد، وأعتقد أنه لم يستعد شعبيته قط منذ ذلك الحين. وظهر المواطن «صابر صبرى عبد الصبور»، الذى يؤكد أنه يقبض 300 جنيه، عليه أن يعول ستة أطفال منها. الحقيقة أن أحدا لم يتساءل عما يتقاضاه أنس الفقى نفسه.. ثانيا محمود سعد لم يسرق ولم يلو ذراع أحد.. لديه سلعة، رأى البعض أنها تستحق ذلك، وتم كل شىء فى النور. أنا أعرض الموبايل العتيق الخربان الخاص بى للبيع وأطلب مئة ألف جنيه.. أنا حر يا أخى.. لو قبل أحد شراءه فلا تثريب عليه ولا علىّ. ثالثا، هل محمود سعد يدفع الضرائب المستحقة عليه؟ لا تنف ذلك لأننا لا نعرف.

امنعوا الضحك..

1-بما أن سمعة الإعلام المصري الحكومي قبل الثورة لا تخف على أحد ، وبما أن له علاقات أمنية وسياسية متشعبة إبان "أمانة السياسات" ، كيف وقع اختيار "أنس الفقي" على السيد "محمود سعد" لتقديم برنامج كهذا؟

2-بما أن السيد "محمود سعد" لم يسرق ، وإن كنت أرى أنه كان يحاول لي ذراع أحد ، فلماذا لا يتحدث على الملأ عن خلافاته المالية كما يفعل لاعبو الكرة؟ لماذا حين تمارس أي فضائية سلطتها التي تملكها بحكم العقد الموثق في الشهر العقاري (يعني مش ورقة عرفي) نجد السيد "محمود" والسيدة "دينا" وغيرهم يصرخون عن الاضطهاد وتهديد الحريات؟ أيصبح ذلك حلالاً زلالاً مثلاً لصاحب عمارة حين يقرر عدم تجديد العقد لصاحب محل في نفس العمارة يؤجره بملاليم ، ويصبح حراماً على قناة - أياً كان رأيي فيها وفيمن يمولها وفي توجهها - تدفع لـ "س" أو "ص" بالملايين؟ هل الحديث عن المال المشروع "يكسف" كما لو كان الحديث عن تقسيمة عوائد عملية تهريب مخدرات؟ أيصبح ذلك "كخاً" على ممثل تنشر نفس الصحيفة أجره العالي الذي يعلن عنه بشكل واضح و"دحَّاً" لـ"إعلامي" يخجل من اتفاق مشروع وعقد مشهر؟

3-يبدو أن مجاملة الرجل للسيد "إبراهيم عيسى" - مع احترامي - قد جعلته ينسى ما سبق ذكره بأن سياسة "الرنجة الحمراء" سبق وأن مارسها هذا الأخير في أيام "الدستور" - الإصدار الأول - ثم بعد العودة ، ولا زالت تمارسه أغلب الصحف "الثورية" أكثر وأكثر .. والمنطق ذكره الكاتب نفسه - مش حد تاني - في نفس المقال : أسلوب الرنجة الحمراء الذى يشتتون به كلاب الصيد فتنسى هدفها الأصلى. هذا الأسلوب يستخدمه الإعلام كثيرا وفى كل مرة ينسى الناس الهدف الأصلى وينقضون على من يقال إنه ثرى. لا غرابة فى هذا فمعظم الناس فقراء كما قال شارلى شابلن، والدرس الذى تعلمه من أفلامه الكوميدية كذلك هو أن الناس تحب أن ترى الأغنياء يلقون ألعن مصير ممكن.. المرأة المتغطرسة التى تتعثر وتسقط تضحك الجميع، بينما لا أحد يضحك على المتسول الذى يسقط..

إذن بنفس النظرية ونفس المنطق .. فإن رموز المال السياسي ، بثرواتهم التي يعلم الله وحده كيف جاءت وعن أي طريق ، يسعون هم الآخرين لتفتيت الغضب عنهم ، بما أنهم شركاء في صناعة التفاوت الطبقي الرهيب الذي تحدث عنه الكاتب بعضمة لسانه وضغطة كيبورده، بنشر الأخبار عن لصوص آخرين ، فينسون صور الأفراح والليالي الملاح ، أمام الشعارات الرنانة ومعلقات الحنجوري.. وساعتها لن تنظر الناس أكثر للإعلان الذي يأكل النصف السفلي من الصفحة الأولى لمعظم صحف تلك النوع ، ولن تسأل عن الطريقة التي حصل بها هؤلاء على معلوماتهم عن الحرامية ، ولا لمصلحة من كان السكوت طوال تلك الفترة.. أيعقل أن تنسى يا دكترة من كان يتحدث طوال الوقت باسم المواطن "صابر عبد الصبور"؟ .. أزعل!

ختاماً.. أسوأ أنواع الكلام الفارغ كلام يبدو في ظاهره منطقياً ، وأسوأ أنواع الكذب ما يبدو من الخارج صدقاً بواحاً ، وأسوأ أنواع الغش هو ما يعتمد في أحيان كثيرة ، على حقائق.. تمنيت أن يكون الكاتب الذي لطالما احترمته أكثر موضوعية ووضوحاً.. خسارة..
* الصورة لـ"محمود سعد" من الموقع الرسمي لجريدة "الوسط" الناطقة بلسان الحزب الذي يحمل نفس الاسم..ومن المحتمل أن نتناول "محمود سعد" نفسه لاحقاً..

No comments: