هيا لنفعل كما يفعل المطرب الكبير ، ونطلق على كل من غنوا أغاني كوميدية ، من أول "إسماعيل ياسين" و "شكوكو" و "ثريا حلمي" ونهايةً بـ"أبو الريش" لقب "بهلافان" كما كان ينطقها الراحل الكبير "عبد المنعم إبراهيم" في فيلم "فطين عبد الوهاب" الأخير "أضواء المدينة"..
هيا بنا نخبط كل الحلل في بعضها البعض ، ونربط الأسلاك ونعقدها فنتعرقل فيها فنستمتع بسبابها ، هيا نخلط بين الجد والهزار ، بين القصيدة والمونولوج ، بين الأغنية السياسية وأغنية الأطفال ، بين "أيظن أنني لعبة بيديه" و "أيظن إني ح ألعب بيه" ، بين "أسألك الرحيلا" و "أنا مش خرونج" ، وبين "قلب الوطن مجروح" و "فين فلوسي ياه" ، وأهه كله عند العرب أغاني.. ولا مانع أن نعامل الجميع نفس المعاملة ، ما هو كله أغاني..
هيا بنا نضع كل من لا يعجبونا في نفس القفص مع أقرانهم من القرود ، بما أنه احنا البني آدمين وغيرنا القرود، اليوم "أبو الريش" الذي لم يخرج علينا يوماً ليقدم نفسه كـ"علي الحجار" ، جنباً إلى جنب مع مطرب "بحبك يا حمار".. رغم أن "أبو الريش" لم يطلب منا أن نعامله كـ"علي الحجار" أو "الحلو" أو "مدحت صالح".. هو مجرد مطرب يغني "قلش" ، يعلم هو ذلك ونعلم نحن أيضاً ، وهو اتفاق غير مكتوب بيننا وبينه ، شأنه شأن أي فنان عندما يقدم لنا نفسه ، وإن خالف ذلك الاتفاق أو تلاعب به - هو أو غيره مهما كان تاريخه وكانت ضخامة اسمه -يصبح لنا كمتفرجين موقف آخر ، واختلافنا معه جاء حول مستوى القلش وليس حول غنائه للقلش ، القلش مشروع ، السخرية من همومنا ومن أنفسنا مشروعة ، الضحك مشروع وليس فتنة ولا عيباً ولا حراماً ، وعداءنا للبهجة بكافة أشكالها أمر غير مفهوم ، وتعاملنا معها كذنب أمر غير مفهوم ، ونتطهر منه بطريقة غير مفهومة هي الأخرى ، كأن نطلب من المطرب في فرح شعبي أو نشغل في "الدي جي" أغنية "الموت علينا حق"..
هيا نفرض تصورنا للفن على الجميع ، واللي مش عاجبه قفص القرود موجووود ويحتمل أكتر ، ومهما جبت قروووود حيقول لي هات أكتر ، وإن كثر القرود نخصص لهم من برنا وإحساننا جبلاية نجعل فسحة أطفالنا الفرجة عليهم والقهقهة ، منهين إياها بالقول "لو ما سمعتش كلام بابا وماما حتبقى زي عمو الوحش دة" ، وبهذا المنطق سنجد كل من لم يغنِ على طريقة "الحجار" و "الحلو" - مع احترامي للمدرسة التقليدية - في القفص أو الجبلاية .. بل وسيأتي اليوم - بهذه الطريقة - الذي نلقي فيه بالموز في وجه كل من اختار مثلاً التعبير على حساب التطريب ، والكيبوردات على حساب الوتريات والآلات الحية ، وكل من جعل مدة الأغنية أقصر من ست دقائق.. وإن قررت بعض الفرق غناء "راب" حتى ولو كان عنيفاً وبذيئاً على الطريقة الغربية فلتحجز مكانها من الآن ، رغم أن فرقاً أخرى يتم وضعها على الحجر رغم شدة ما تقدمه من تغريب لا يعجبني ، وبالتأكيد لا يوائم أسس المطرب الكبير في تقييم المطربين زملائه..
الفن للناس وبالناس ، هم أحرار في أن يختاروا ، وأنا حر في القبول أو الرفض ، لكن ليحترم كل منا حق الآخر في القبول أو الرفض ، أي عمل فني "علق" مع الناس حتى ولو لفترة قصيرة يحوي بالتأكيد شيئاً استرعى انتباههم ، أو منح الناس لحظة بهجة أو سعادة أو "فش" خلقهم.. الناس قادرون على التمييز على ما ينجح لديهم مهما كان غريباً أو تافهاً أو غبياً من وجهة نظرنا ، وبين ما يتم إنجاحه بفعل فاعلين وبحكم الاستمرار والميديا .. الناس هم جمهور "الحجار" وجمهور "سعد الصغير" وجمهور "أبو الريش" وجمهور "آمال ماهر" وجمهور "أمينة".. وهناك من الناس من يحب أولئك جميعاً ومنهم من يكرههم جميعاً..
الفن يسع لكل الأفكار ولكل الأذواق ، والكرة في ملعبنا جميعاً نتفرج ونسمع وننتقي ونختار ونقبل ونرفض ، هو نفسه قالها ليعود لمناقضتها..
وفي الزمن الذي يتباكى عليه ويتباكى كثر ، حتى في ظل التنافس والعداء بين مطربين كثيرين يغنون في نفس المنطقة ، كما كان الحال بين "عبد الحليم حافظ" و "فريد الأطرش" إلا أننا لم نسمع عن أحدهما يتكلم عن "إسماعيل ياسين" بنصف الطريقة التي يتكلم بها المطرب الكبير عن "أبو الريش" ، ولم يصف أحد "عبد السلام النابلسي" بالمهرج والأراجوز ، وكانت هناك علاقة طيبة تجمع حتى أطراف النقيض ، علاقة "عدوية" كانت طيبة جداً بـ"عبد الحليم حافظ" ، و"مأمون الشناوي" وهو من هو كتب لـ"عدوية" ، الذي غنى معه نفس المطرب الكبير في فيلم "أنياب" .. و"حسين السيد" كتب لـ"سمير غانم" .. ولا يوجد أكثر من الأمثلة..
أذكر نفسي والمطرب الكبير بأن شعاع الضوء الأبيض الواحد مكون من سبعة ألوان.. ولو كان اللون الأبيض موجوداً بحالته لما كان للسبعة ألوان وجود..
كل احترامي لـ"علي الحجار".. وكل تقديري له كقيمة فنية كبيرة ، وكواحد من أفضل الأصوات المصرية على مدى حياتي بأكملها ، لكني كنت أنتظر أن يتعامل "الحجار" مع كل من يختلف معه سياسياً وفكرياً وغنائياً بأسلوب أفضل.. الكبار دائماً يرتكبون أخطاءاً كبيرة..
* الصورة من "في الفن"..
* الصورة من "في الفن"..
2 comments:
بغض النظر عن موضوع البوست ، هاروح في جنب شوية بس على نفس الطريق !
كنت كتبت في رد سابق على موضوعك عن فريد الاطرش وقلت اني باكرهه جدا لانه مفتعل وغير صادق وده نفس احساسي بالنسبة لعلي الحجار !
في التعسينات وقت كنا صغيرين كان علي ملء السمع والبصر واغاني زي اسكندرية ودي مكتوبالي ومن غير ما تتكلمي واخيار في قلب الليل كانت علامات فارقة وقتها على كل المستويات
ورغم كده مقدرتش احبه ابدا وكنت شايفه اوفر جدا
والطامة الكبرى لما اتعرضت حفلاته وشفت بيغني ازاي
كنت اتمنى اني اكسر التلفزيون وقتها !
حتى صوته مش شايف انه قادر يعمل ويسوي زي ما النقاد قارفيينا بيه
مشوفتوش مثلا في اغنية قال عُربة حلوة ولا طلع جواب عالي يسلطن
ممكن يكون كويس جدا ع المستوي التقني وخاصة ان صوته رخيم
هو حرفي جيد او صنايعي ممتاز
انما مش مطرب كبير
ده رأيي لا أكثر ولا أقل
واشكرك لاتحاة الفرصة دي
بدايةً لا شكر على واجب ، بيتك ومطرحك ، و"فرجة" منورة بزوارها اللي همة أهلها .. :)
ثانياً.. نخش في حوار "الحجار"..
ممكن نقسم "الحجار" لايف لمرحلتين: مرحلة ما قبل 1992 ومرحلة ما بعد 1992..
قبل 1992 كان هو الحجار اللي بيخرم الحيطة بصوته ودة عصره الذهبي ..
بعد 1992 في الحفلات تلاقي فيه عنده حتة حادة شوية مبوظة صوته..
بحب "حجار" التمانينات و"مدحت" التمانينات و"الحلو" التمانينات لأسباب مالهاش علاقة كبيرة بذكريات التمانينات بالنسبة لي ولكن علشان كانت الكلمات في التمانينات بشكل عام أحسن كتير رغم تعرض كل الفترة دي لظلم بين من النقاد وكتبة الأعمدة..
لكن "حجار الثورة" يقفلك من "حجار" التمانينات والتسعينات مع بعض ، ألبومين بلا معنى ، وأسلوب مش حلو فيما يتعلق بـ"أبو الليف" أو "أبو الريش".. ما تقدرش تقارن متر بكيلو جرام ، "أبو الريش" ما جاش يغني عاطفي علشان "الحجار" يعتبره بهذا السوء..
لكل نوع من الغناء مقاييسه ، احنا اللي رافضين نستوعب دة ، اللي ينفع في المونولوج ما ينفعش في القصيدة والأغنية التطريبية ، واللي يمشي في الراب ما يمشيش في الراي ، وفيه حاجات في اللون النوبي أو في اللون السيناوي ما تمشيش في الغناء "القاهري" التقليدي ..
وبعدين اللي بيهاجم "أبو الليف" بيغني في حفلاته "الهؤة المؤة الزلمؤة" اللي بيغنيها في مسلسل "أبو العلا البشري" !
Post a Comment