ما نراه على "سي بي سي" ، المحايدة جداً ، الظريفة جداً ، المسلية جداً جداً بمن فيها ، ليس مجرد برنامج سياسي هدفه والعياذ بالله توضيح أفكار المرشحين لمنصب الرئيس ، بل هو على أفضل تقدير مجرد برنامج منوعات ، على غرار Arab Idol أو Arabs got talent.. ولم يكن ينقصه صراحةً سوى "عمرو أديب" كي يقول عبارته الأثيرة في البرنامج الأخير ، وقت أن كان عضواً في لجنة تحكيمه : فلة شمعة منورة..
تاريخ شبكات "الأمين" - "استبن" "منصور عامر" - في اللطش من قنوات الـ MBC أكبر من مجرد توارد مسلسلات تركية مدبلجة و"روبي" .. بل وصل إلى استلهام النموذج "الإم بي سيهي" للفرجة ، إلى درجة تجعلك تبحث عن أوجه شبه بين ديكور البرنامج وديكور Arabs got talent.. أو أقله ، لمن سيرد عليّ بأن هناك اختلافات وسيحلف لي على ذلك بكل يمين ، هناك شبه في تكوين ديكور البرنامج "السياسي" المصري و مقابله في برنامج "المنوعات" الخليجي التقفيل .. وربما يربط البعض بين ديكور نفس "مصر تنتخب الرئيس" وبرنامج "من سيربح المليون" ، الذي عرفه العالم العربي أيضاً من MBC.. وهو ربط له وجاهته ، وما يؤكده..
لا يقدم لك البرنامج مناظرة ، فلا طبيعة القناة ولا مواقفها ولا مذيعوها ولا انتماءاتهم "المعلنة" هم وعموم دولة إعلام "منصور عامر" تؤهل للقيام بعمل يتطلب نوعاً من الحياد ، هو يقدم فقط سلسلة حلقات من "من سيربح الرئاسة" ، هناك متسابق ، عفواً : مرشح ، يتم توجيه أسئلة له على طريقة "قرداحي" ، منها "السريع" ومنها "البطيء"، وطبعاً لكلٍ وقت ، ولم يعد ينقص فعلاً سوى stopwatch تظهر على الشاشة تحدد زمن إجابة المتسابق ، على غرار ما يحدث في كل برامج المسابقات ، وبالمرة خطوط sms لإرسال الرسائل النصية لدعم مرشحك المفضل.. خلي القناة تكسب ..
توغل عيناك في الشو ، فيسرح بصرك في أعضاء لجنة "الخبراء" أو "المحلفين" الذين يشبهون حكام Arabs got talent.. هم أيضاً نقاوة القناة ، "الفرح فرحنا الفرح فرحنا الفرح فرحنا ...الخ".. أشعر عن نفسي كانطباع أول أنه تم مراعاة "تباين الدور" الذي يلعبه كل منهم ، دور المتشدد ودور اللين ودور الموضوعي ، مع الفرق أن هؤلاء - طبعاً - لا يقولون رأيهم فيما قال المرشح الرئاسي.. فالرأي متروك لـ"الاستوديو التحليلي" الذي ينصب عقب الحلقة ، أو "الجزء الحواري" في الحلقة.. نحن نختلف عن الآخرين!
لم تشنف عيناي إلى ساعة كتابة هذه السطور - بكل أسف - بمشاهدة الاستوديو التحليلي للكابتن "عماد أديب" ، ومعه نجوم التحليل السياسي "عمرو حمزاوي" و"المعتز بالله عبد الفتاح"..وهو الوحيد من بين الطاقم الذي لا يعمل بـ"سي بي سي".... واحد بس من برة؟ ليه؟ مش برضه "الفرح فرحنا الفرح فرحنا الفرح فرحنا ....الخ".. :(.. لم أعرف إلى الآن كيف يتم "تحليل" أداء المرشح على هذه الطريقة ، ربما كان ذلك عوضاً عن وجود حكام Arabs got talent..
ستخرج بملاحظات قد تتفق وقد تختلف مع ما خرجت به ، عن نفسي أستغرب تغيير طاقم المذيعين على طريقة "صباح الخير يا مصر" - لمن يتذكره أو لا يزال - ، في حلقة نرى "خيري رمضان" و "مجدي الجلاد" وفي أخرى "دينا عبد الرحمن" و "عادل حمودة" ...وهكذا.. هل يتم ذلك التغيير وفقاً لنوعية المرشح الموجود؟ أو - لنكن صرحاء - لموقف دولة "منصور عامر" بـ"فجرها" و "نهارها" و "وطنها" و "سي بي سي"ـهها من المرشح وطروحه وانتمائه السياسي؟
شيء آخر ، إذا سلمنا جدلاً بأن الغرض من تلك الحلقات هو أن نسمع لكل مرشح على حدة ، ونفرز كلامه ونعرضه على العقل ، كلام جميل وكلام معقول في ظاهره ، أي نوعية من المذيعين يحتاجها برنامج كهذا؟ عن نفسي ولو سئلت في ذلك كمشاهد عادي جداً أرى أن الحلقة تحتاج لمذيع "محاور" وليس لمذيع "مستجوِب" ككل قائمة مذيعي البرنامج تقريباً .. وبالذات الصحفيين.. أجزاء من حلقة "خالد علي" الأولى كانت أقرب إلى تحقيق يجريه وكيل نيابة مع متهم كي "يقر" بمعلومات ، لا حوار مع مرشح كي نعرف أفكاره.. وما سيقلقني أكثر كمشاهد عادي أبيض الصوت - كما أعلنتها وبوضوح - أن تتغير طريقة ، ومعاملة ، و "أتموسفير" الاستجواب بتغير المرشح وتغير موقف "البارتيتة" منه..
كثرة عدد المرشحين جاءت فيما يبدو في صالح "سي بي سي".. فمناظرة واحدة تجمعهم أشبه بميكروباص يحاول تباعه وسائقه حشر خمسين راكباً فيه ، بتلك الحلقات تضرب القناة عدة عصافير بحجر ، حلقات أكثر إعلانات أكثر رعاة أكثر ، صنع حدث يأتي بعد أعلى ساعات المشاهدة على "سي بي سي" - نتيجة عرض مسلسل "فاطمة جول" الذي تعرضه بالتزامن مع MBC- في وقت يصعب فيه أن يشاهد أحد برنامج توك شو في نفس الوقت وفي وجود حالة ملل عامة من "منى الشاذلي" و "عمرو أديب" و"معتز الدمرداش" و -طبعاً- "محمود سعد"..وأي دبة نملة ستنشر في كل الجرائد التي تمتلكها "عامر جروب"..
قد تراها فرجة مسلية ، سواء على "عادل حمودة" الصحفي الذي لطالما تباهى بـ"تاريخه" في مواجهة فساد رأس المال ليتحول اليوم إلى موظف في قناة وجريدة يملكها أحد رموز رأس المال ، أو "دينا عبد الرحمن" المثيرة فعلاً للشفقة التي تحولت من نجمة "توك شو" - حتى وإن كانت تلك النجومية قضاءً وقدر- إلى مذيعة أقرب لمذيعات برامج المسابقات المبتدئات ، أو "الجلاد" ومحضر العفاريت " خيري رمضان" ، أو على المرشحين وقد فقعوا في الوخ ، أقصد هنا المرشحين "الوحشين" الذين لا يقعون تحت العين ولا تقصدهم النية ، و"زغرات" الأكاديميين لهم أحياناً ، أو منظر الاستوديو وجماهيره التي تصفق تصفيقاً حاداً منظماً منمقاً كعادة برامج التوك شو العربية وغير العربية.. قد تراها كما أراها مجرد مسلسل أقل مللاً من "روبي" ورخامة من "الزهرة البيضاء" وربما رتابةً من "فاطمة جول".. وربما تراها بطريقة تختلف عما شاهدته وكتبت فيه.. وإن كنت أرى أن "الشو" عندما يدخل إلى السياسة يزيدها ابتذالاً إلى ابتذالها..
* ولو أني لا أحب هذه الجريدة ، الصورة من "التحرير"..
* ولو أني لا أحب هذه الجريدة ، الصورة من "التحرير"..
No comments:
Post a Comment