Monday, August 20, 2012

الحصاد الإعلاني الرمضاني : اتصالات وموبينيل وإعلانات أخرى

0-أستطيع أن أكتب بأريحية أكثر عن الإعلانات منها عن المسلسلات ، فبين كل عشر دقائق في أي مسلسل يمكن للمرء أن يشاهد نصف ساعة كاملة من الإعلانات ينتفخ فيها المسلسل بقدرة قادر من خمس وأربعين دقيقة إلى ما يزيد بقليل على الساعة ونصف الساعة..

1-هناك إعلانات ليست بالإعلانات ، وربما يشك المرء أن لبعضها علاقة بالسياسة أو موجهة لشيء آخر لا نعرفه ، "موبينيل" قدمت بالفعل ما هو "إعلانها" في بداية الشهر "مبرووك انت كسبت جايزة فزززيييييعة....الخ".. وهو إعلان طريف ومضحك في بعض نسخه ويقدم عرضاً في نهايته كأي إعلان معتاد لشركة موبايل ، لكن على مدى الشهر جاءت نفس الشركة لتقدم ما يشبه الأغنية الجماعية أو الاستعراض أو الأوبريت (بمفهومه السطحي لدى كتبة الأعمدة في مصر) "علشان دايماً نكون مع بعض" ، والتي أطلقتها الشركة كاملةً فيما بعد .. والأغنية تتضمن مقاطع أو فقرات تمثل شرائح مختلفة من المجتمع المصري وعدة أساليب موسيقية ما بين الراب والمزمار الصعيدي والموسيقى الريفية وموسيقى "المهرجان" وأغاني الألتراس والفلكلور السيناوي وموسيقى خط القنال.. بالتأكيد لم تغب الأقاليم عن دعايات "موبينيل" عبر تاريخها ولكن كجزء من مزيجها الدعائي ضمن حملات "آلو" السابقة .. لكن هذه المرة لا يبدو الأمر له علاقة بالدعاية ، أغنية طويلة عريضة هدفها أن أفهم أنه "عشان دايماً نكون مع بعض ، عشان شايلانا نفس الأرض ، عشان بكرة ، اللي مستني ، ومش لازم يفرق حد".. أو بمعنى أدق أن أجتر الشعار الجديد للشركة في حملتها الدعائية.. أظن صعب.. إذن لا داعي لأن يغضب البعض من أن يفسر الإعلان بأي تفسير آخر حتى ولو كان سياسياً ويحاول أن يربطه حتى بتأسيسية الدستور التي يريد صاحب "موبينيل" وآخرون أن تمثل بشكل شكلي ومسطح كل فئات الشعب فقط لتبصيمهم عليه.. تبقى معلومة صغيرة وهي أن كاتب الأغنية هو الشاعر الموهوب "نصر الدين الناجي" ، ولا يعيبه أن يكتب للإعلانات لأن هناك من سبقه وكان أعظم منه موهبة وقد فعلها في وقت سابق ، وأعني الراحل الكبير "عصام عبد الله" الذي كتب ثلث إرث "طارق نور" الإعلاني ، وملحن الأغنية وموزعها هو "أحمد فرحات" ملحن وموزع "إزاي".. وجاء التلحين والتوزيع تقليديين.. باستثناء تجربة المهرجان التي لم تخل من مغامرة..

الشيء نفسه ينطبق على إعلانات "اتحاد الأطباء العرب" التي ظهرت مع نهاية الثلث الأول من رمضان ، لم يقدم الاتحاد طوال تاريخه أي إعلان من أي نوع ، إلا - وسبحان الله - بعد أيام من انطلاق حزب "مصر القوية" الذي يقوده الأمين العام لذلك الاتحاد ومرشح الرئاسة السابق "عبد المنعم أبو الفتوح".. والإعلان قام بتوصيل رسائل مهمة وذات دلالة ، منها أن الاتحاد "يعمل في مصر" وهذه مفاجأة لم نكن نعرفها من قبل ، وأن الاتحاد "لا علاقة له بالإخوان" وأنه على قده خالص ويستحق تبرعات ، وهو ما عكسته الميزانية البسيطة لدرجة التواضع التي جاءت بها الإعلانات والتي جاءت في مضمونها هي الأخرى بسيطة.. يفترض أن تتركنا السياسة لحالنا قليلاً مع بعض الشياطين ، إن كان حديث تصفيد الشياطين صحيحاً (ويقال أن به ضعفاً بالمناسبة)..

2-من الملاحظات الغريبة أيضاً هو الظهور المتكرر والمكثف لمفتي الديار المصرية الشيخ "علي جمعة" في العديد من الإعلانات ، ليتصدر أكثر الشخصيات العامة ظهوراً في إعلانات رمضان هذا العام!

3-لم يأت استخدام المشاهير في الإعلانات بأي جديد ، حملة "فودافون" التي استعانت بفنانين معروفين على مدى الشهر لتقديم اسكتشات ليتم تقفيلها بالاسكتش الختامي الذي يتعافى فيه كل الفنانون المشاركون من إصاباتهم ويعودون لتصوير إعلان الـ "12 قرش".. لم يكن الإعلان موفقاً في جملته ، باستثناء "سمير غانم" الذي يحاول تذكيرنا بمستواه في الماضي حين كان فارسيراً لا يبارى ، وإفيه "سامي العدل" على "مظهر أبو النجا"..

"بيبسي" أحرجت "دنيا سمير غانم" في حملتها الدعائية وخاصةً الإعلان التي رقصت فيه وأثار استياءاً عارماً في رمضان ، رغم أن "نيللي" كانت ترقص في الفوازير في قلب رمضان ولم يكن أحد ليعترض ، ظهرت "دنيا" أبهت من العام الماضي حيث كانت نجمة الحملة عن جدارة كما كانت نجمة في "الكبير قوي".. أما شريكها في "الكبير" "أحمد مكي" فظهر مرتين ، الأولى بشخصه في إعلان مقبول لـ"نسكافيه" ، تشاركه فيها ممثلة ضخمة الجثة وخفيفة الظل تقوم بدور مديرته المتسلطة التي يحاول الحصول منها على أجازة بأي طريقة ، والثانية بصفته دون الظهور بنفسه في الإعلان كما سيأتي الكلام عنه لاحقاً..

وإذا كانت "بيبسي" قد أحرجت "دنيا" فإن "ندى بسيوني" أحرجت نفسها بنفسها بالظهور في إعلان "سمن ألماظ" الذي استمطر عليها سخريات معظمها مهين من قبل المشاهدين.. أما "نانسي عجرم" فواصلت هي الأخرى الخصم من الرصيد بمشاركة غنائية باهتة في حملة "كوكا كولا" الإعلانية ، وساعد على ذلك البهوت اللحن نفسه الذي حاول إضافة حالة من الكرنفالية تتماشى مع شعار الحملة "افرح" لكنه أخفق..

المشهور الوحيد الذي استفاد من إعلانات رمضان بل وما مر من هذا العام هو "غسان مطر" الذي دخل عالم النجومية بعد سنوات طويلة من العمل في الحقل الفني المصري، أحب الجمهور الجانب الكوميدي في شخصية "مطر" الذي لم يظهر بسبب ملامح وجهه الجادة وتواجده المستمر في منطقة أدوار الشر والأدوار المتجهمة في المسلسلات التاريخية ، كمسلسل "الأبطال" لمكتشفه "حسام الدين مصطفى".. الحملة جاءت بوجه عام طريفة وخفيفة الظل ، وربما استفادت منها الشركة بالفعل!

4-الضحك الذي افتقدناه في دراما رمضان هذا العام كان سلاح أنجح الحملات الدعائية ، خاصةً لدى الشركات التي تؤمن بأن الترفيه ، ومنه الكوميديا بالتأكيد رغم صعوبتها الشديدة ، يخدم ما تريد الإعلانات عنه أكثر مما تضره .. "اتصالات" هي بطل إعلانات رمضان بجدارة واستحقاق ، حملة خفيفة الظل ومبتكرة للغاية ، ولا يقلل منها كثيراً السخرية المبطنة من "فودافون" و"موبينيل" ، يكاد يكون الإعلان مقسماً لجزئين ، الجزء الإعلاني الحقيقي ولا يستغرق كله عشر ثوان ، والجزء السابق عليه وهو الموقف ، وهو مضحك للغاية ، ولم يشعر المشاهدون معه بأي استغراب ، وقائم على فكرة يراها أصحابها وجيهة : الانفصال عن الشبكة صعب مثله مثل الانفصال عن خطيبتك.. وبالتالي كُتِبَت المواقف كما لو كانت مواقف "فركشة" و "فسخ خطوبة" أكثر منها ترك شبكة اتصالات يمكن للمرء أن يتخذه بدم بارد ودون إخطار للطرف الآخر.. الاحترافية لم تقف فقط عن تصميم الموقف نفسه ولغة الحوار وإفيهاته التي حققت شهرة مدوية ، بل على استعمال تقنية تركيب رأس بشري على رسم ، وهي تقنية جربتها "اتصالات" من قبل ، وهذه المرة حققت نجاحاً كبيراً.. قد لا يستحسن المرء أداء "اتصالات" كشبكة محمول ، لكن حتى إن فشل العرض في اجتذاب زبائن فسيكون قد نجح في جذب أنظار أكبر عدد من الناس إليه عن طريق ترفيه متقن الصنع يخدم الفكرة ويدعمها ، هكذا يحسبونها في "اتصالات" ، ولم تخيب الحسبة إلى الآن..

حملة "البنك الأهلي المصري" والتي أنتجها "طارق نور" وأخرجها "مكي" - والعهدة على كاتبة السيناريو "ماجدة خير الله" في حوار لـ"مصراوي" - حلت ثانيةً بعد إبهار "اتصالات" ولم تخل من ابتكار وطرافة وذكاء، فكرة الإعلان قائمة على أن البعض موهوب جداً في عمله ولكنه يضطر للعمل في مجال آخر ويفشل فيه لأنه لم يجد التمويل المناسب لأن يكون له مشروعه الخاص ، اعتمد الإعلان بذكاء شديد على الحركة في توصيل الرسالة أكثر منه على الحوار ، وكلما كانت الحركة "غير متوقعة" كلما كان ذلك أفضل.. المكوجي الذي ضل طريقه لمحطة البنزين فيقوم بـ"البخ" على زجاج السيارة ، النجار الذي ضل طريقه إلى عالم الدليفري ويفحص أبواب المنازل التي يذهب إليها ، والفطاطري الذي ضل طريقه إلى محل بيع الهدايا ، و...و... الجميل أن الحملة لم تتضمن أي إهانة مبطنة لأي مهنة شاركت فيه ، وكل الذين عملوا في مهن غير مهنهم ظهروا كمحترفين في مهنهم الأصلية.. نقطة جميلة أخرى في الإعلان هي الموسيقى التي جاء استعمال القانون فيها مفاجئاً وغير متوقعاً في تيمة موسيقية غربية..

ولا ننسى حملة "ماكسي بون" التي ظهرت قبل رمضان ، وإن كان إعلانها الأول هو الأجمل والأخف ظلاً والأسرع انتشاراً والأكثر تداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي..

5-في المقابل خرجت بعض الإعلانات مستفزة وغريبة ومستهجنة.. ضعوا "بيريل" على جنب بما أنه سبق تناول نظرية "استرجل" هنا منذ أعوام ، وحاول هذا العام أن يوصل رسالة إيجابية مفادها أن الرجولة هي الثبات على الموقف لكنه أخفق ، أقمأ إعلانات الشهر كان إعلان "سمن روابي" الاستعراضي الاستعباطي ، والذي لم يأتِ فقط ضمن هوجة استعمال الأغاني غير المبررة في الإعلانات والتركيب عليها ، بل جاء مفتعلاً في كل أجزائه وتفصيلاته وموسيقاه إلى مدى لا يحتمله أي إنسان.. ويستحق بجدارة أن يتحول إلى مادة للسخرية والتركيب في وقت لاحق.. ولن يتعظ صناعه إلا إذا وجدوا ذلك يحدث في برنامج أمام أعينهم كي يعلموا أن الله هو الحق المبين..

إعلانات "قطونيل" هي الأخرى نالت حظها من الاستهجان ، برغم طرافة بعض أجزائها وبخاصة جزء شاعر الحلزونة الجالس على مقهى في وسط البلد ، ولمن يستغرب من الإعلانات ومحتواها سيستغرب أكثر عندما يعرف أن العقل المدبر وراءها امرأة ، ليس تقليلاً بالمرة من مخرجات الإعلانات ولكن يبدو من الغرابة بمكان أن تقرر مخرجة ، وليس مخرج ، تولي حملة هذه النوعية من المنتجات!

أما تكملة إعلانات "نس تي" فأهالت كمية أكبر من التراب على الكمية الموجودة أصلاً في إعلانات مقدمة الحملة!

ولم يقتصر الاستفزاز فقط على "سوء الترفيه" بل وعلى طريقة التوصيل وأحياناً على المضمون .. اتضح لي مثلاً أنني لم أكن الوحيد الذي كان يأخذ استخدام الأطفال في إعلانات التبرعات لمستشفى سرطان الأطفال بحساسية ، صار الأمر استدراراً للعواطف يصل إلى درجة التسول ، وعن نفسي أراه وصل إلى هذا المدى من سنوات وليس الآن .. نعم وجهت بعض الإعلانات عن تلك المستشفيات عندنا رسالةً إيجابيةً مفادها :"يوجد أمل ، وبمساعدتكم سيزداد" ، ولكن أيضاً بصور أطفال عليهم أيضاً علامات المرض والعلاج الكيماوي رغم ابتسامتهم.. أما الترويج لإعلانات التبرع لمدينة "زويل" العلمية ، رغم أهميتها ، جاء هو الآخر بطريقته تلك مستفزاً ومثيراً للغضب ، والبركة في "أفندينا"..

6-أخيراً.. اللي فيه داء مبيبطلهوش.. لا يزال "طارق نور" يواصل هوايته في استعمال موسيقى الأغاني في الإعلانات ، ولا يزال "طلعت يوحنا" يواصل أسلوب التسعينيات الذي عفا عليه الزمن ، ولا يزال هناك مخرجون لا يملون من تكرار أخطائهم!
* آدي اللي خدته "هالة مهران" من حملة "قطونيل".. الصورة من "فيس بوك"..

2 comments:

مدير التحرير said...

كل سنة بستنى الاعلانات بس الافكار صارت قديمة و في اعلانات شبه القديمة و بيبسي فاشلة بس الاعلانات احسن من مسلسلات على الاقل
أغلبها من دقيقة و أقل

Unknown said...

شركات المحمول تعقد "هدنة" في إعلانات رمضان بعد الساعات الاولى من عرضها

http://amwalalghad.com/index.php?option=com_content&view=article&id=105373&catid=1140&Itemid=264