Friday, August 17, 2012

تترات رمضان هذا العام : فحص عينة

1-من الواضح أن الشعراء الغنائيين الذين كتبوا تترات رمضان هذا العام يعانون معاناة حقيقية في وزن أغانيهم ورص كلماتها ، بما أن معظمهم رصيصة .. وشاهدنا منهم أشياءً غريبة الشكل .. "ياسر حسين" المنتج والشاعر الغنائي وكل حاجة تقريباً يخترع استعمالاً جديداً وغريباً لـ"عا" في "وابعد بعيد عالشر".. التي أصلها ، أو هكذا يفترض ، "أبعد بعيد عن الشر".. لأول مرة في التاريخ والجغرافيا وحساب المثلثات أجد "ع" التي تستعمل بمعنى "على" عادةً تحل محل "عن".. نفس مشكلة "حسين مصطفى محرم" في "معالي الوزيرة" .. أما "أيمن بهجت قمر" فتعودنا منه على أشياء مماثلة وبالتالي لا تعد تلك الأمور غريبة ومستفزة من باب "ما غريب إلا الشيطان"!

2-لأول مرة منذ سنوات أستمع لتترات تعد كوارث فنية بمعنى الكلمة ، تتر "حكايات بنات" جريمة وسبة في حق كل من شارك فيه ، "أيمن بهجت قمر" كتب هذا التتر وهو "منعوس".. أما "وليد سعد" فنجح في أن يرينا جانباً قبيحاً جداً من شخصيته كملحن وهو يقدم "شيئاً" كهذا وهو ملحن نجم - أو هكذا يفترض - تحقق أغانيه نجاحات كبيرة ، لنفاجأ به "يبخ في وشنا" لحناً عبارة عن جثة ، جملتين بلا روح ولا حياة ولا مرح ، حتى الكبير "طارق مدكور" هو الآخر كان في الـ day-off كما يقول الرياضيون ، حاول أن يضفي شيئاً من الحياة على اللحن المقرف بجملة الأكورديون-الناي في افتتاح الأغنية ، لكن اللحن كان جثةً هامدة فاحت رائحتها في صيف قائظ.. وتمنيت لو احترم تاريخه واستعادة مستواه -عن طريق توزيعه لاثنتين من أنجح أغاني العام- برفضه المشاركة في تلك المهزلة.."نانسي عجرم" تنتحر فنياً بتتر كهذا ، ومن الواضح أن مسلسل الانتحار سيستمر ما لم تفق لنفسها..وكيف لا نتحدث عن انتحار فني وقد افتقدت "نانسي" بانفصالها الفني عن مدير أعمالها "جي جي لامارا" العقل المدبر والموجه الذي كان عاملاً كبيراً في ظهور ظاهرة "نانسي عجرم" التي نعرفها ، والتي هي في طريقها السريع للانهيار إذا ما ظلت تسير بـ"دماغها" الحالية..

3-ينجح "راجح داوود" في جعلك تتخطى التكرار الممل في موسيقاه التي تشعر دائماً أنك سمعتها من قبل ، لمسات بسيطة جداً أجراها على تتر "الصفعة" من بينها تسريع الإيقاع والاعتماد على القانون لأول مرة كآلة رئيسة .. أشعر أنه لدى موسيقار كبير كـ"راجح" ما هو أفضل.. لكنه لم يقدمه بعد..

4- من تفوق على "راجح" في هذه النقطة فعلاً هو الملحن "محمد رحيم".. وساعده على ذلك "توما" الموزع الموسيقي في "سيدنا السيد".. الأشعار من أفضل ما كتب "مدحت العدل" ، ولا تقارن بتتر "قضية رأي عام".. وجاءت معبرة بحق عن المسلسل وحالته الدرامية وموده.. هدوء "رحيم" يروق فيما يبدو لـ"محمد الحلو" الذي افتقدناه في تحديات غنائية كالتي يضعه فيها الغائب عن رمضان هذا العام "ياسر عبد الرحمن".. وكان أداء "الحلو" للأغنيتين مقدمةً وختاماً مقنعاً جداً.. توزيع "توما" لتتر المقدمة جاء مبتكراً وغريباً.. يبدأ صعيدياً تقليدياً مستلهماً تيمة "الصبر طيب" الشعبية المعروفة في الدلتا والصعيد (وصححوني إن أخطأت) لينزل منها على إيقاع غربي بدءاً من "مدد مدد سيدنا السيد ...الخ" ثم يعود لـ"الصبر طيب" كجملة موسيقية وفاصل.. على العكس من تتر الختام التقليدي والذي بدا عذباً للغاية برغم تحفظاتي على مود "رحيم" الذي لا يغيره كثيراً..

5-لكن إذا أردنا أن نتحدث عن الـ goodness of fit أو حسن الملاءمة للموضوع فمن الصعب أن نتجاهل "عمرو إسماعيل" في "رقم مجهول" وهو يقدم موسيقى ممتازة تليق بمسلسل حركة وتشويق وجريمة ، سواء من حيث الخطة أو الإيقاع أو السرعة.. تحدث كاتب السطور في وقت سابق عن "الوعي الدرامي" لدى "عمرو" الذي نراه في لمسات خاطفة في موسيقاه التصويرية التي يستمدها من قراءته للعمل الدرامي ومكانه وظروفه.. تتر "رقم مجهول" هو أفضل تتر غير غنائي سمعته في رمضان هذا العام.. "عمرو" أيضاً كان حسنة تتر مقدمة "معالي الوزيرة" الوحيدة ، رغم كونه غير متمرس كملحن بنفس درجة تمكنه كمؤلف موسيقى تصويرية.. تعامل "عمرو" بواقعية شديدة مع صوت "ريهام عبد الحكيم" ، وهو صوت رغم قوته وجماله إلا أنه يحتاج لمعاملة خاصة في التلحين بالذات في الأغنية المعاصرة غير التطريبية ، اعتمد "عمرو" الجمل القصيرة التي تخصص فيها ملحن كبير آخر هو "محمد ضياء الدين" وبالفعل أجادت فيها "ريهام"..

6-بنى صوت "طارق الشيخ" حائطاً بيني وبين تتر "عرفة البحر".. مع احترامي الشديد جداً للأغنية الشعبية بكل مدارسها من مدرسة "عبد المطلب" إلى مدرسة "رشدي" و "العزبي" إلى مدرسة "عدوية" إلى مدرسة "شعبان عبد الرحيم" و "عبد الباسط حمودة" ونهاية بأغاني "المهرجان" وموسيقى التوك توك.. إلا أن منطقة "طارق الشيخ" من المطربين بمن فيهم "طارق" نفسه تخل من المطربين الحقيقيين بمقاييسنا المعتادة على الأقل، بل إن أغلبهم ، برضه بمن فيهم "طارق" من "المزعقاتية" ، الصراخ بأعلى الصوت في أعلى طبقة والسلام ، ربما كان اختياره مناسباً في محاولة لعمل تتر شعبي لدراما شعبية كـ"عرفة البحر".. لكن أسلوب "طارق" فصلني منه تماماً.. كنت أرى أن "ملاك عادل" و "محمد عبد المنعم" كانا أنسب لهذا التتر لنجاحهما الكبير في مجال الأغنية الشعبية ، "ملاك" أذكى في استخدامه لمجموعة كلماته القليلة من شعراء كثيرين ، أما "محمد عبد المنعم" فهو ملحن ومطرب جيد ، وتواجد الاثنان معاً في تتر "الإخوة أعداء" الذي سمعته قبل رمضان بفترة كدعاية للمسلسل..

7-أكثر موزع يستحق الإشادة في رمضان هذا العام هو "أسامة الهندي".. موزع موهوب جداً ، وكان لـ"محمد منير" نظرة عميقة في إسناد التوزيع والإشراف الموسيقي للعديد من أغاني ألبوماته الأخيرة له ، تتر ختام "خطوط حمراء" مثال عملي يوضح قدرات "الهندي" كموزع ، على العكس من تتر البداية ، والذي كان "علي الحجار" محقاً - المرة دي - في انتقاده (بشكل مبطن على يومية "الشروق") وانتقاد الملحن "وليد سعد" الذي لم يتعامل باحترافية مع صوت "فؤاد" فظهر مختنقاً في تتر المقدمة بشكل يوحي بالتباكي على غرار ما كان يفعل "حسن الأسمر" في مرحلةٍ ما من حياته الفنية.. ويلي "الهندي" في المركز الثاني "تميم" ثم "توما" في "9 ش جامعة الدول" ، ومعهم "فهد" الذي غطى على قبح كلمات تتر "طرف ثالث" ، المسلسل الأكثر قبحاً ومباشرةً وخطابيةً هذا العام..

8-لم أستمع بدقة لتترات مسلسلات أخرى مثل "الخواجة عبد القادر" ، "فرقة ناجي عطا الله" ، وغيرها.. وبالتالي لا يمكنني الحكم عليها بدقة.. هذا ما حاول العبد لله ملاحقته في تترات رمضان هذا العام .. بالتأكيد قد تختلف مع ما سبق لكنه يبقى وجهة نظر.. كل عام أنتم بخير..
* الصورة من منتدى "سينما فور يو"..

2 comments:

Zakert.El2ghane said...

أغلفت اهم تتر فيهم واحلاها فى رأيى تتر هشام نزيه فى شربات لوز اعرف انالموسيقى لم تلائم موضوع المسلسل لكن هشام نزيه لازال فى رأيى طاقه موسيقيه رهيبه لم تستغل نهائيا تابع اعماله الدراميه او حتى على نطاق الاغنيات فى تيتو وفى السلم والتعبان او حتى فى نص حاله لاصاله موسيقى عبقرى ومتفرد يعيبه بص تمسكه وعشقه الكبير للموسيقى اللاتنيه التى قد تدفعه للتكرار احيانا فى شكل الموسيقى

قلم جاف said...

بالفعل أخطأت عندما أغفلت ذلك التتر الذي لم أتابعه إلا قليلاً بحكم أنني لم أكن من متابعي "شربات لوز".."نزيه" منذ "نص حالة" لـ"أصالة نصري" وهو يقدم موسيقى مختلفة عن السائد ولا تخل من إبهار