Friday, September 14, 2012

إسماعيل عبد الحافظ

فقدنا بالأمس شيخ حارة الدراما المصرية المخرج الكبير "إسماعيل عبد الحافظ".. أحد عمالقة الدراما المصرية ، وصناع تاريخها ونجاحاتها على مدى ما يزيد على أربع عقود..

"إسماعيل عبد الحافظ" أحد أوفى مخرجي الدراما التليفزيونية لتقاليد التليفزيون على مستوى الصورة ، له كادر وحركة كاميرا مميزة يعرفها من شاهد أعمالاً كثيرةً له ، شديدة السرعة في بعض الأحيان تشبه حركة عين الإنسان تجاه الشخص المتكلم ، بشكل يشعر المشاهد أنه موجود بالفعل في قلب المشهد الدرامي.. كما نجح في صناعة حالة من الألفة بين عين المشاهد والمكان الذي تدور فيه أحداث المشهد ، مثله مثل مخرجين كبار آخرين في نفس الحقل ، كلُ بطريقته..

كان "أسامة أنور عكاشة" حين يريد التوغل في قلب الحارة كان يعتمد على "إسماعيل عبد الحافظ" ، والذي وجد فيه ضالته بعد رحيل توأمه الفني "فخر الدين صلاح" ، وقدما معاً مجموعة من أهم الأعمال الدرامية المصرية ، بينهما اثنين أعدهما ضمن أهم المسلسلات العربية على الإطلاق ، هما "الشهد والدموع" بجزئيه ، و"ليالي الحلمية" خصوصاً في جزئه الأول الذي يعد حالة درامية استثنائية تستحق التدريس ، وتقترب من الأدب التليفزيوني في أفضل الصور التي عرفها به جمهور دراما التليفزيون في العالم العربي كله..

بالفعل كانت الحارة في دراما "إسماعيل عبد الحافظ" هي الملعب المفضل له ، يراها على ضيق مساحتها واسعة وكبيرة (ربما بفضل ديكورات السينما التي يعمل معها مخرجو التليفزيون ، والتي تصور الحارة أكبر من ملعب كرة قدم قانوني) ، ومزدحمة بأنماط إنسانية عدة متباينة في طباعها وخصائصها ، كما كان الحال عليه في "ليالي الحلمية" و "الشهد والدموع" و "أهالينا" و"كناريا وشركاه".. ولا ننسى "شارع المواردي" أنجح تجربة له مع الكاتب "يسري الجندي" الذي أعاد ضخ الدماء لرواية "محمد جلال" ليكتب لها مقدمة هي جزء المسلسل الأول في إبداع يصعب تكراره..

أعاد تقديم العديد من ممثلي المسرح الذين اتجهوا إلى التليفزيون بعد أن رفضت السينما الابتسام في وجههم ، ليصبحوا من كبار فناني الدراما التليفزيونية على مستوى العالم العربي ، منهم من رحل عن عالمنا كـ"شوقي شامخ" و "سيد عبد الكريم" و "سيد عزمي" ومنهم من هم أحياء بيننا كـ"محمد متولي" و"فتوح أحمد" و "إسماعيل محمود".. وشكل هؤلاء ما أسماه البعض بـ"فرقة الحرافيش التليفزيونية" التي كان عمادها الراحلان "أسامة أنور عكاشة" و "إسماعيل عبد الحافظ".. ونجح الأخيران في تشكيلهم وتشكيل غيرهم فنياً لدرجة تشعر المشاهد بأنه رآهم من قبل أو يراهم كل يوم.. ولا يقلل من "إسماعيل عبد الحافظ" ضعف مستوى بعض أعماله ، حين حاول أن يصلح سوء مستوى نصوص كـ"عدى النهار" وأن يحاول أن يصنع ممثلة من "رزان مغربي" و "نيكول سابا" في نفس المسلسل المذكور.. وحين حاول أن يخرج عن ملعبه وعن كتاب فهمهم وفهموه.. فبدا كالسمكة التي تحاول الخروج عن البحر الذي اعتادت أجواءه والسباحة بين أمواجه..

رحمه الله رحمةً واسعة ،وغفر له ولنا..
* الصورة من موقع قناة "العربية"..

No comments: