Monday, October 15, 2012

كيف تكون مذيعاً ناجحاً في مصر؟

في كل يوم أكتشف أن الحياة أسهل مما نتخيلها ، وأنه لا يجعل منها "كلكيعة" إلا نحن ، ولحل هذه المشكلة دأب العبد لله على تقديم سلسلة من الخطوات العملية تكفل لك النجاح والسلكان في أي مجال مثل الشعرة من العجين ، في ضوء قواعد أثبتتها التجربة على أرض الواقع اللي كله قواقع.. وهذه المرة أقدم لك على طبق من فضة بعض النصائح والإرشادات لكي تكون مذيعاً ناجحاً في مصر!

1-خلي بالك من صفتك: المذيع يا بيه مش بشخصه ، المذيع بصفته.. بمعنى أن صفتك ووظيفتك هي التي ستبقيك أمام الكاميرا مهما كنت فاكساً وشليلاً وعديم الحضور وعديم الأهلية والأهالي.. أنجح الصفات الموجودة لكي تعمل في فضائية بمرتب محترم هما صفة الصحفي وصفة الطبيب ..

عن صفة الصحفي : لو سألتك انت صحفي قول لي هيييه ، أيوة صحفي وابن صحفي وكل صحفي الله عليه .. لصفة الصحفي جاذبية خاصة ، سببها المعلن هو قدرة الصحفي على جلب أخبار لزوم الشو ، وعلى علاقاته التي تتنافر كثيراً مع حقن الثوابت التي يبخها في وجه الناس (مثل صحفي يفتخر بمعارضته للمخليوع وهو على علاقة ممتازة بابنيه بمن فيهم الوريث ، واللذيذ أنه كان يهاجم التوريث) .. ما يرفع أكثر من أسهم صفة الصحفي هو حقيقة أن معظم أصحاب القنوات أصحاب صحف ، لو كنت صحفياً في جريدة يملكها صاحب قناة تبقى باضت لك في القفص آسيدي ، وفي هذه الحالة لا يلزمك إلا أن تقدم فروض الولاء والطاعة لصاحب القناة لتضمن التدليل والحظوة التي ستجعل منك نجم القناة شاء المشاهدون أم أبوا.. أنجح الصحفيين في تلك المسألة هم من عملوا من قبل في مؤسسات صحفية حكومية ، حيث يصبح مسح الجوخ والنفاق و"تلميع الأكر" من مسوغات النجاح داخل تلك المؤسسات ، وعندما ظهرت عليهم ، أو أظهروا هم ، أعراض المعارضة على أسنة أقلامهم ومفاتيح كيبورداتهم أخذوا معهم نفس تلك المواهب التي صقلوها بالدراسة في المؤسسات "القومية" إلى صحفهم وقنواتهم الجديدة..

لو لم تكن رئيس تحرير ، و/أو لم تعمل في جريدة يملكها صاحب الفضائية أو صاحب صاحب الفضائية ، تبقى فرصك قائمة ، ولكن سيحتاج الموضوع لشيء من الصبر ، بمعنى ، حاول أن تعصر على نفسك ليمونة منتهية الصلاحية وتبقي على علاقاتك ، باستخدام نفس المواهب السالف الإشارة إليها في الفقرة السابقة ، مع المذيع النجم أو المذيعة النجمة صاحب(ـة) البرنامج ، وتصبح الكل في الكل ، إلى أن يتورم نفوذك فتقوم بقلش المعد ، ثم بقلش المذيع أو المذيعة ، لتتربع على قمة هرم الفتة ، وتحصل في نهاية الشهر على شيكين بمبلغ وقدره بدلاً من شيك واحد!

في كل الحالات أنت مستفيد .. ستسحب معك عدداً من صحفييك إلى البرنامج في فريق الإعداد ، سواء في وظائف حقيقية أو وظائف شرفية ، وسيتكالب الصحفيون في الجريدة على تقبيل الكريمة لقاء وظيفة في برنامجك ، خاصةً أنه من جاور السعيد يسعد ، وأن أي زيادة في نفوذك أو قوتك تصب في مصلحتهم.. وإن كنت أنصح أن تعطي الأولوية لمن لهم ولاء حقيقي لك.. وهذا شيء يستطيع أي ماسح جوخ محترف أن يحكم عليه..

صفة الطبيب من الممكن أن تكون أكثر جاذبية من صفة الصحفي ، لا يهم أن تكون طبيباً مشهوراً أو غير مشهور ، علاقاتك تصنع قوتك ، وهي هنا الإعلانات التي ستتهاطل كالمطر على القناة التي ستحصل على خدماتك.. والإعلانات والاتصالات الهاتفية رأس مال أي برنامج هذه الأيام..

2-خير الكلام ما علّ وشلّ: الموهبة هي أتفه خاصية لدى المذيع الناجح حالياً ، ويمكن أن تستغنى عنها نهائياً ، معندكش يكون أحسن ، لماذا تحتاج للحضور أصلاً ما دمت حاضراً في القناة بأمر صاحبها المستفيد منك والذي يفرضك على الجمهور على أساس أنك من الأ"وائل" في مجالك.. ولعلمك .. المذيع المكروه مثله مثل المذيع المحبوب ، له جمهور ، سيتفرج الناس عليك وهم يكرهونك ويحتقرونك للسخرية منك و"النأورة" عليك ، بل إن كثرة النكات الساخرة على شخصك المتواضع في "تويتر" و"فيس بوك" هي مقياس من مقاييس الـ"توفيق" ودليل على أنك قد "عكشت" النجاح من أطرافه..

أقصد بـ"الموهبة" في الفقرة السابقة هي كل الترهات التي نعرفها عن المذيعين الموهوبين لا سمح الله ، لكنك ستحتاج لموهبتين من نوع آخر ، الأولى هي اللت والعجن ، كن ثرثاراً ، تصرف كـstand-up comedian من النوعية التي تقول نكاتاً وقوافي على المسرح ، ولكن بحذر ، استعمال الدعابة كالديناميت يحتاج لمعاملة خاصة جداً ، كن على استعداد ومقدرة للحديث لمدة ساعة كاملة في البرنامج الذي هو عبارة عن لقاء مدته ربع ساعة يذاع في آخر البرنامج بعد وصلتك العبقرية وخطبك الجهورية ونكاتك المقلية التي تضفي نكهة خاصة على البرنامج المسلوق الذي تقدمه.. والموهبة الثانية هي موهبة الرد على التليفونات وخش القوافي بالمرة مع السادة المشاهدين الأوغاد ، وإن تعذر الحصول على متصلين حقيقيين فهناك حيلة المصوتين الملاكي ، من طرفك أو من طرف مخرج البرنامج ، وهي من الحيل المعروفة والمرتبطة بتاريخ التوك شو في العالم العربي..

3-عيش(ـي) الدور: في التراث العربي نتحدث عن النائحة الثكلى والنائحة المستأجرة ، وتلك الأخيرة تتمادى في العويل والندب كما لو كانت نائحة ثكلى بحق وحقيق ، بالتالي سيكون على المذيع الناجح أو المذيعة الناجحة التمادي في تبني أجندة القناة كما لو كانت تعتبرها حقيقة ، أمر يكفل ضرب عصفورين بحجر واحد ، الأول أن بعض المشاهدين الشذج سيصدقونك ، ويعتبرونك بطلاً أو بطلة ، والثاني أن ذلك يأتي في إطار مسح الجوخ والنفاق وهي من ضروريات النجاح في سوق العمل هذه الأيام وخاصةً عند المالسياسيين.. وكلما "أفورت" كلما كان ذلك أفضل، ويعتبرك المشاهد قيمة و"هيمة" في الإعلام مثلما "شريهان" في الفوازير..وسيكون من أقصى "أماني"ـه في الحياة توقيع الأوتوجراف أو الظهور معك في الحلم ولو لمشهد واحد!

اوهم المشاهد بأنك كنت في التحرير منذ ما قبل الثورة بخمسة آلاف عام ، بأنك سجنت واعتقلت من قبل المغول حين احتلوا فرنسا (وإن لم يكونوا قد احتلوها اوهم المشاهد بأنهم احتلوها ثلاثمائة عام)، وبأنك قد شاركت في زعرمية مظاهرة ضد المخلوع وضد التوريث وضد الحشرة وضد الفار.. وأنك الثورة والثورة أنت .. هناك أناس طيبون للغاية سيصدقونك ، خاصةً عندما يتصل بك متصل "من إياهم" على الهواء ليوهم المشاهدين بأنك وبأنك ، كما نرى في الأفلام عند أي دجال زبون "أجرة" يروي للضحايا كرامات وقدرات الشيخ "زعزوع" القادر على إعادة الشيخ إلى صباه وأشياء أخرى..

للمذيعات ميزة أكثر في هذا المجال ، مش مهم الثقافة نوهائي ، فقط كوني "ملعلطة" كأي محدثة نعمة في المجال ، مفيش حاجة اسمها عيشي سنك ، حاولي أن تصدقي أنك "نانسي عجرم" حتى ولو كنتِ تشبهين "جلبيرتو" في الحقيقة ، لا مانع من أن تقفي أمام المرآة في منزلك لمدة نصف ساعة وأنتِ تقولين لنفسك "أنا نانسي عجرم" ، واحرصي على أن تتم بروزتك جيداً من قبل المخرج وفريق التصوير.. بكادر خاص على طريقة "البريمادونا".. أو أسلوب "السنترة" الذي اتبعه المذيع إياه ، وطبقه لاحقاً على تابعته "حياة" ، صدقيني.. حتى لو كنتِ صحفية درجة عاشرة أو موديل فاشلة في فيديو كليب ، ستتحولين في مصر هذه الأيام إلى "أوبرا وينفري" في زمن قياسي.. باتباع تلك النصائح الموجودة في تلك التدوينة..

4-الضيوف إياهم: احتفظ(ـي) بقائمة من الضيوف إياهم ، ويا حبذا لو تداخلوا في مداخلات على التليفون أثناء البرنامج ، وهم حوالي اثنا عشر شخصاً يقومون بعمل tour يومي على الفضائيات ، ما أن يتركهم شخص على قناة حتى يجدهم على أخرى ، ولا يستبعد أن تجدي نفس الشخص ضيفاً على قناتين في نفس ذات الوقت بما أن بعض الناس هذه الأيام "أبنورمال" مع الاعتذار لنجم الكوميديا الكبير "وحيد سيف"..

ولعلللللمك.. هناك "أوبشن" آخر بالنسبة للضيوف ، الضيوف المستضافون وليس المتداخلين ، وقت أن كان تنظيم "روزا اليوسف" يحتل "الإيه آر طين" كانت هناك مجموعة من الضيوف فرضها التنظيم الروزجي على القناة البترودولارية (بما أن التنظيم الروزجي يؤمن بأن كل شيء بترودولاري "ابن تيت" باستثناء القنوات التي يعملون فيها) ومن بين أولئك الضيوف كان "أمين هويدي" و "أحمد فؤاد نجم" و "منتصر الزيات" و "مرتضى منصور" و "مريم فخر الدين" ، كلما كان الضيف غلاطاً أكثر أو ساعياً للشهرة بشكل محموم كلما كان التأثير أقوى ، وساعتها ستتحول(ـين) إلى "فرخة بكشك" لدى صاحب القناة بما سيحصل عليه من نسبة مشاهدة وإعلانات ورعاة ، يتم ترجمتها إلى حسابك البنكي أساحب(ـتي)..

هذه النصائح شبه مضمونة ، بما أنني تعلمت أن أضع نسبة خطأ لكل شيء ، حتى لو كان مجرباً وكانت نتائجه مسخسخة ونرى آثارها في صورة مذيعين ومذيعات "يعبقون" القنوات بحضورهم الظالم وطلتهم المستبدة وجاذبيتهم الطاغية.. هوة الإعلام إيه غير زكيبة فلوس وشوية مذيعين وصحفيين وحاجات تانية فوق بعض.. عذراً للأسلوب الذي يبدو متناسباً مع واقع "ظرييييييف".. دمتم بخير..
* الصورة من "gololy.com"..

No comments: