Wednesday, November 14, 2012

السبكي vs كامل أبو علي!

ليست السطور القادمة دفاعاً عن "السبكي" ، الذي خرجت للتو من مشاهدة واحد من أكثر ما أنتج سوءاً وهو فيلم "عبده موتة" ، ولكن هي محاولة لرؤية الواقع لا أكثر..

"السبكي" الذي تحول إلى "ميش ديش" ، ويشعر البعض بأنه يتقرب إلى الله عز وجل بمعايرته ومعايرة عائلته بأنها "عيلة جزارين" يبدو عندي واضحاً ومحترماً ألف مرة أكثر من "كامل أبو علي" وغيره ممن يهلل لهم النقاد وكتبة الأعمدة..

"السبكي" واضح وصريح ، أنا راجل بأنتج أفلام علشان أكسب منها ، وهناك العشرات من المنتجين عبر التاريخ الطويل للسينما المصرية يفكرون بنفس الطريقة ، سواء "محمد مختار" أو الراحل "واصف فايز" صاحب شركة أفلام "مصر العربية" التي أنتجت ما يقترب من ربع أفلام "عادل إمام" وأكثرها أهمية وجدلاً ، أما "كامل أبو علي" فلا تعرف ماذا يريد ، يحكم مدينةً من الباطن ويهيل هالة من التمجيد الإعلامي والأهمية على شخصه وعلى ما ينتج.. ولا يعرف أحد ماذا كان مقابل إنتاجه ، أو مشاركته المعلنة مثلاً في مسلسل "الجماعة" الذي لا تزال تثار علامات الاستفهام حول إنتاجه الضخم جداً في العام الذي سبق الثورة.. رغم أن المسلسل "قطم وسط" لأي منتج ، ومن شاهدوه يعرفون هذا تماماً..

"السبكي" الجزار واضح ، ويعرض بضاعته كما يعرضها الجزارين مكشوفة ، والدور والباقي على الزبون ومستوى إدراكه وفهمه لـ"اللحمة" ، ومعرفته الفرق بين "الفخدة" و "الشغت" ، بل وأزعم أنه لا يمارس السياسة بتعريف الراحل "نجاح الموجي" بأنها "إنك تدخل على الزبون وتبيع له اللحمة الجملي على إنها عجالي" ، و"السبكي" كأي جزار شاطر لديه من كل البضاعة ، بعضم ومشفي ، "عبده موتة" و "ساعة ونصف" ، "عمر وسلمى" و "الفرح" ، أفلام الدرجة B وأفلام حقيقية ، بعبارة أكثر صراحة ، هو يستخدم توابل السوق وبهاراته بشكل صريح وواضح وربما فج ، ولا يخجل من ذلك ، اللي تغلب به العب به ، عكس "كامل أبو علي" الذي يمثل في سينما الحياة دور الشهيد والضحية للمجتمع والرقابة والدنيا باللي فيها.. "السبكي" في "موتة" جمع أكبر عدد ممكن من أدوات الجذب المعروفة في السينما المصرية منذ فجر تاريخها ، الجنس والموسيقى والأغنية والرقصة وحتى الإفيه الكوميدي (الذي فشل "محمد رمضان" في تقديمه)، أما الآخر فمارس تلك الأشياء نفسها في فيلم كـ"كلمني شكراً" الذي كان باكورة إنتاج تحالف شركته مع "ساويرس" فيما يسمى "مصر للسينما" وحاول أن يغلفها بالعافية بمضمون ، كما لو كان جزاراً يحاول تغليف اللحمة بورق اللحمة حتى لا يعرف الزبون ماذا يشتري ويقتنع بما يريد الجزار أن يعممه به ، والشيء نفسه عندما أراد أن يبيع لنا "هيفاء وهبي" في "دكانة شحاتة" لنفس التحالف ، فقط يغطي الموضوع بالمناحة على العهد الناصري ومشاهد الأمن والمتطرفين ، بل ويتفنن "كامل أبو علي" في تمثيل دور الشهيد عندما يستخدم السياسة والجنس والدين لإظهار أنه ضحية ، في البداية كان اسم فيلم "خيانة مشروعة" الأصلي "خيانة شرعية" ، وفند كاتب السطور اختيار ذلك الاسم الأصلي في حينه ، بعدها "احكي يا شهرزاد" و"فيلم" "منى زكي" المصاحب له ، كما لو كان "يسري نصر الله" يحتاج لهذا الهراء ليروج فيلماً له وهو المخرج الذي "له جمهوره" من متذوقي الفن السابع وعشاق أستاذه "يوسف شاهين" ، حتى "كلمني شكراً" لم يختلف الأمر فيه للدرجة ، ويمكن وصفه بأنه "عبده موتة" نسخة "خالد يوسف" ، وبين الفيلمين وجه تشابه.. بالمناسبة..

السبكي صاحب الوش المكشوف والبضاعة المكشوفة يتحدث للصحافة على المكشوف ويتصرف معها بوضوح ، وهو قليل الظهور صحفياً مقارنة بمنتجين آخرين في الوسط السينمائي، والكثيرون في الوسط الصحفي يستثقلون دمه ، وبعض كتبة الأعمدة يعتبرون ظهوره في الوسط السينمائي مثل ظهوره -المقحم وغير الدرامي في رأيي الشخصي- في أفلامه ، "كامل أبو علي" لا يجيد إلا اللف والدوران وتسمية الأشياء بغير ما تسمى به وما هي عليه ، ومع ذلك تدافع عنه الصحافة وتمجده.. ولا تتحدث عنه كثيراً ، خصوصاً كتاب الأعمدة ذوي النزعات الأخلاقية الذين أبدوا "امتعاضاً" على استحياء من خلطة "كلمني شكراً" على سبيل المثال..

"السبكي" ذكي ويستطيع مواءمة نفسه على أي وضع كان ، حتى لو حكمت حركة "طالبان" مصر ، الآخر مثل لصوص المال السياسي ، يريد أن تكون اللعبة كلها له ولصالحه فقط ، سوقاً سينمائياً جاهزاً لاستيعاب الاحتكار وقبوله ، خاصةً من حوت من عينة "مصر للسينما"..

حتى لو نسي الناس "السبكي" وسيحدث ذلك في أي وقت فلن يتذكروا "كامل أبو علي".. فـ"السبكي" كما ذكرت يبقى واحداً ممن أنتجوا للسينما بدافع أكل العيش ، أو حتى البيتي با ، مثل طابور طويل من منتجي السينما في مصر الذين كانوا من الوضوح في تعاملهم معها دون مواربة أو تورية ، أما "كامل" فاختار أن يمثل دور الشهيد والضحية في وسط وفي حقبة زمنية تشهد تمرداً على كل شيء ، بما فيها "كامل" نفسه وقيمه كمنتج إن كان له قيم بحق وحقيق.. دمتم بكل خير..
* الصورة من الفيس بوك..

No comments: