Saturday, December 01, 2012

"سي بي سي" و "باسم يوسف" ورقابة المستر دولار

راهن البعض على أن ما حدث في "سي بي سي" سيمر مرور الكرام لانشغال الميديا بمليونية الإسلاميين ، لكن مروره لم يكن مرور الكرام لأنه لا كان كريماً ولا مرَّ على أحد أصلاً..

دعونا نلخص ما حدث ، "باسم يوسف" تعاقد مع "سي بي سي" لتقديم "البرنامج" - أياً كان رأيي ورأيك فيه - وإذا به يقدم حلقة مثيرة للجدل تناول فيها ببعض السخرية مذيعي القناة وعلى رأسهم الجورو "عماد أديب" لتحذف رقابة القناة ، الحرة قوي ، فقرات نقده لـ"عماد أديب" دون غيرها ، وانتهى الأمر لإلغائها تماماً..

اللافت للنظر أن جريدة "التحرير" المنتمية للمعسكر المناوئ لمعسكر "الوطن" و "سي بي سي" نشرت بشكل لا ينقصه إلا الزغرودة البلدي الحياني ، بما أن الجريدة نفسها لا تجرؤ على نشر أي فضيحة مماثلة لو حدثت في قناة أفندينا "القاهرة والناس" ، والسبب معروف!

اللافت للنظر في الخبر هو هذه الفقرة .. التي أتركها لكم للحكم عليها :

وكانت المفاجأة فى خطاب الرقابة الخاص بقناة «CBC» الذي طلبت من خلاله القناة أن يتم حذف الفقرة الخاصة بعماد الدين أديب تماما من الحلقة، وكذلك حذف الفقرات الخاصة بعماد أديب من داخل فقرة «مرسي موحد السلطات»، خصوصا وأن الفقرة التي تناولت الرئيس مرسي وخطابه بقصر الإتحادية وكذلك الإعلان الدستوري الذي أصدره طالت عماد الدين أديب ببعض التلميحات، مثل عبارة «شارع عماد الدين»، وهو ما طالبت القناة بحذفه أيضا، ولكنها سمحت بأن يتم تناول رئيس الجمهورية بشكل عادي، ولكن رفض القائمين على البرنامج حذف الفقرات هو ما دفع مسئولي القناة إلى رفض إذاعة الحلقة دون إبلاغ طاقم البرنامج.

العادي والمتوقع أن يحدث العكس ، أن تفضل القناة أن "تمسحها فيها" على أن تفجر مشكلاً مع الرئاسة ، لكن ما حدث كان شيئاً آخر غير عادي وغير متوقع.. والمؤكد أنه لن يكون حالة عابرة ، بل سيؤسس لممارسة ستفرض نفسها بقوة الاستمرار .. شاء من شاء ، وأبى من أبى ، وخبط رأسه في الحيط من خبط..

هل تذكرون أول تدوينة كتبتها هذا العام ؟ كانت عن فضيحة لقناة "دريم" ، ويبدو أن ثاني تدوينة في آخر شهور العام تتحدث عن فضيحة لقناة "السي بي سي"، وكلاهما على طرفي نقيض ، لكن تبقى الممارسة واحدة..

مخطئ من يظن أن أولئك ليبراليون ، من الصنف الذي يعتقد بأنه لا قداسة لشخص ولا لفكرة ، هؤلاء أيضاً لهم خطوط حمراء ، ولهم "أساليبهم" التي يقومون بها لحجب أي رأي مخالف ، حتى ولو من خارج إطار مؤسسات الدولة الشرعية ، لن يحتاج هؤلاء لـ"تكييش" موظف بيروقراطي من موظفي جهاز الرقابة على المصنفات الفنية ليقولوا أن الفيلم العلاني به تلميح جنسي أو ديني ، فذلك يمثل - بالعكس - أقوى دعاية لذلك الفيلم ، لكن تستطيع ، بقوتها الغاشمة المسيطرة مثلاً على سوق الإنتاج والتوزيع ، جعل صاحب الفيلم ومنتجه يشحت على بوابة "الحسين".. الفرق أن الخطوط الحمراء الثلاثة المعروفة "السياسة والجنس والدين" واضحة وضوح الشمس ، وتلقى قبولاً من المجتمع وتبريراً لها بل وتفهماً حتى من أكثر المبدعين جموحاً وشطحاً وتشدداً في رفض أي ممنوع رقابي ، أما ما يخص مجرد مذيع على تلك القناة ، أو المسئول الصغير العلاني ، أو دار النشر الترتانية ، فهذا "لعب في الدماغ" وشغل حلبسة يرفضه الكل ، سواء المبدع الجامح ، أو المتشدد القانع..

والمثير للغضب أن الحرية التي يتسولونها من نظام يكيلون له العداء في السر والعلن على طريقة "فين الكاتشب يا كفرة" تمنعها وتمنحها لنفسها حسب المقاس ، نفس تلك الرخامة التي رأيناها من قناة الفلول - معلش .. فيه فلول بحق وحقيقي.. لاهو أنا ما قلتلكش- "مودرن حرية" مع "معتز مطر" التي انتهت بحجب برنامجه ثم بقلشه ثم باختفاء القناة -يارب يستمر- في ظروف غامضة ..

بالطبع ستبحثون معي عن مبرر واضح لما فعله "باسم يوسف" ، كيف تتعاقد مع قناة مع السخرية من مذيعيها.. لكن مؤيدي "باسم" يرون عن أنفسهم أن الأمر لا يعدو مجرد دعابة قام بها مع أصحاب القناة أو بالاتفاق معهم ومع المذيعين ، ولا يستأهل تلك البلطجة التي قامت بها "السيس بي دابليو سي" كما يسميها البعض ، بل من هؤلاء من وصف مجرد تعاقده مع تلك القناة بأنه خطأ فادح..

مبروك علينا إذن الدخول في دائرة "الضلمة" حيث لا تعرف الصح من الغلط ، في ظل معايير نسبية مطاطة عبثية غير مفهومة تفرضها رقابة المستر دولار على نفسها ، وسيأتي اليوم الذي تفرضه فيه على غيرها ، وإديها كمان حرية ..
تحديث: "المصري اليوم" لم تكتفِ بنشر رد فعل "باسم يوسف" المستاء مما حدث ، بل ونشرت عن رد فعل "عماد أديب" نفسه في عدد "الأحد" من "الوطن" .. أما "لميس الحديدي" فهددت بعدم الظهور مجدداً على شاشة قناة استبن "منصور عامر"! وتتحدث مجموعة متعاطفة مع "باسم يوسف" على الفيس بوك عن إلغاء البرنامج تماماً!
* الصورة من "التحرير".. أهو غلاسة يعني..

No comments: