Tuesday, December 25, 2012

أنا مش عارفني!

عام بدأناه مع الإعلام ، وننهيه مع الإعلام أيضاً..

عن نفسي احترت في أمر الإعلام المصري الخاص الذي تهال عليه من الأوصاف ما يفوق قدراته ومرارة الإنسان العادي ، كيف يصنع هو ، وكيف يصنع كذلك كثير من الساسة ، ملائكة من بعض الناس وشياطيناً من البعض الآخر..

"عمرو موسى" مثلاً ، قبل أشهر كان كأخلص جنود إبليس ، فلاً من الفلول ، خمورجياً ، معتداً بنفسه لدرجة الصلف والغرور ، إلى أن رسخ في عقولنا أن الرجل فلول فلول فلول يا ولدي ، ولم يصوت له نفر كثير في الانتخابات وخرج من الجولة الأولى ، والآن فجأة تحول تلميذ إبليس إلى مناضل ثوري وها هو يشارك في جبهة الإنقاذ دون أن يتساءل أحد إن كان ذلك الشخص هو "عمرو موسى" الذي تمت شيطنته من قبل أم تم بدله في المطار..

فس على ذلك رئيس الوزراء الأسبق "أحمد شفيق" ، قبل أشهر كان إبليس شخصياً ، بل وكانت المظاهرات لتندلع بعنف لو كان قد تم انتخابه رئيساً للجمهورية ، بإلحاح شديد ، إلى أن ترسب في عقولنا فكرة أن "شفيق" هو "مبارك" بشرطة ، ولم ينتخبه أغلب المصوتين ، وهوووووب ، يتحول الشيطان الرجيم إلى ملاك كيوت ومنقذ للثورة ، دون أن يتساءل أحد عن التغيير الدراماتيكي في صورة الرجل بعد تولي الرئيس الحالي "محمد مرسي"!

ولا ننسى ما كان "إبراهيم عيسى" يكتبه عن "الزند" وأنه من فلول النظام السابق ، كما قال حرفياً إبان المعركة الشهيرة بين المحامين ووكلاء النيابة فيما عرف بموقعة طنطا ، وصدقنا بالطبع، والآن نجد نفس الشخص وقد غير من لغته تماماً تجاه الرجل مائة وثمانين درجة..

ولا أستبعد أن أجد بعض النخب السياسية ، ومعها طبعاً إعلام اللحلوح ، وقد غيروا فكرتهم عن "توفيق عكاشة" الذي اقتنعنا تمام الاقتناع بأنه سوقي و"بطة" بعد أن غضب أنصار "البرادعي" عليه عقب تصريح "تزغيط البط" الشهير ، وقد غيروا رأيهم في "العكش" واعتبروه من إعلاميي الثورة عقب اعتذاره لـ"البرادعي" و "حمدين صباحي"..

على الجانب الآخر نجد العكس يحدث ، فور أن ظهر "أحمد زويل" طبَّل له "المسلماني" وهلل له الجميع ، وصب الإعلام جام غضبه على "جامعة النيل" في نزاعه معها ، فضلاً عن اسطوانات من عينة "دة الأدب نادية ، دة الخلق نادية" ، قبل أن يتم قلب الاسطوانات على الوجه الآخر من "دة الأدب نادية" إلى "بلاها نادية وخد سوسو" ، ويتهم باستيلائه على ما ليس له ، وبناء جامعته على أنقاض جامعة النيل..

جيش أبيض ، وجيش أسود ، تماماً كالشطرنج ، هؤلاء أخيار ، وأولئك أشرار لا يجب أن نلعب معهم ، هؤلاء ملائكة وأولئك شياطين..على أي أساس مش مهم ، الإعلام الذي يعرف أكثر لا يجب أن يناقش أو يعرض ما يقدمه على العقل ، وما دام بهذا التقلب الشديد فلا أحد يعرف على وجه الدقة والتحديد ماذا يفعل كي يرضى عنه الإعلام ويصنفه ضمن المصطفين الأخيار ، ولا أحد يعرف موقعه الحالي في لعبة الملائكة والشياطين ، بشكل يصدق فيه قول "عبد الباسط حمودة" : "أنا مش عارفني ، أنا تهت مني ، أنا مش أنا"

هل إعلامنا ذكي أم أننا أغبياء ومنقادون؟ فكروا فيها..
* الصورة من موقع ميلودي فور أراب..

No comments: