Tuesday, November 21, 2006

والاستظراف - أيضاً- أدب


في الفيلم الكوميدي القديم "إنت اللي قتلت بابايا" ظهر ممثل في دور صغير ، كل دوره في الفيلم يتلخص في أنه عضو في العصابة متخصص في سرد مجموعة من أبشع النكات وأثقلها ظلاً ، والتي تمثل تسعين بالمائة من جملة ظهوره في الفيلم الذي لم يستغرق بضع دقائق..

لم نرَ ما فعله الرجل ممجوجاً ، ولم نره "رزلاً" ، وذلك لسبب بسيط : أن "الدور كدة".. حتى مع وجود فؤاد المهندس تبقى في تلك النوعية من الكوميديا أماكن لأدوار مرسومة بالورقة والقلم تنفذ بالحذافير من أجل إكمال النكتة..

والفرق كبير بين من يقوم بدور شخص ثقيل الدم يستظرف ، وبين شخص ثقيل الدم فعالاً يقوم بدور الظريف "الفُكهي" الذي يجعلك توشك على شد شعرك من انبهارك بقدراته الكوميدية ..

من يفعل ذلك هذه الأيام ليسوا ممثلين محترفين قد يدخل الإضحاك ضمن عملهم وأكل عيشهم ، لكن بعضهم صحفيون ومذيعون يتصورون في أنفسهم أنهم إسماعيل ياسين وسمير غانم مع قليل من عادل أدهم!

أقرب مثال هو البرنامج الفاشل والمتخلف "هوة فيه إيه" ، أو مع الاعتذار لصاحب سلسلة فلاش رسام الكاريكاتير خالد الصفتي "مين كسر إيه دة" .. وما كنت لأتناول هذا البرنامج "الجيلي" الهلامي إلا عندما ذكرتني به مقابلة أجراها "الظرفاء كيك" مذيعا البرنامج مع الدكتورة بلو روز وزميلتنا الناشطة الحقوقية نورا يونس كممثلتين عن مجتمع التدوين ..

البرنامج الذي رزئت بمشاهدة بعض حلقاته قائم على فاصل من الظرافة المستفزة من مذيعته ومذيعه ، المذيعة ثابتة ولن أقول اسمها ، أما منصب المذيع فقد مر به عدد من المذيعين المستفزين في مقدمتهم تامر بسيوني ، ثم مروراً بمجهول لن أذكر اسمه حتى ولو تذكرته ، ونهاية بعاطف كامل الذي اعتقدنا أنه مشروع لمذيع جيد ، لكنه "جاب أساسات المشروع" بمجرد انتقاله إلى هذا البرنامج ..

ويبدو أسلوب "الهانم" في تقديم الحلقة مع "السنيد" الآخر أشبه ، بركاكة منقطعة النظير ، باثنين من الطلاب يقدمان حلقات برنامج المنوعات الإذاعي الشهير "مسرح المنوعات" في مرحلة ما بعد علي فايق زغلول ، كلاهما يبدلان الإفيهات السمجة في سيناريو مسبق الوضع سواء بغرض التقديم للحوار أو التقرير التالي ، أو "قفل" الحلقة ..

المفاجئ لأناس كثيرين أن معد الحلقة هو الصحفي حمدي رزق ، والصادم لي أن هذا الصحفي المخضرم هو الآخر يستظرف عندما يحل ضيفاً على الإعلامي الدقهلاوي خيري رمضان ، ويقدم -رزق- للازماته على نفس طريقة المذيعة والمذيع .. جملة افتتاحية ، وحشر لفاصل من التعليقات ثقيلة الظل في محلها أو في غير محلها..

بمناسبة الظرافة وسنينها السوداء..

درست في الكلية أن استخدام الدعابة - فما بالك التنكيت - سلاح ذو حدين في الدعاية ، وحتى في الإعلام ، سلاح من الممكن أن يكسبك ثقة الجمهور لفترة ، أو يكلفك ثقة الجمهور مدى الحياة..

سبب ذلك أن نجاح الاستظراف نسبي ، ما يضحكني لا يضحكك ، وما يضحكك قد لا يضحكني ، حتى مع نجوم الكوميديا المحترفين .. هذا لا يمنع أن هناك حداً أدنى للظرافة يقبله الكائن البشري ، تخرج عنه نكت الشخصية المذكورة في بداية التدوينة ومعهم الثلاثي المرح تماماً!

في وسط "ذواق" للضحك ، ويسخر "أتوماتيكيا" من كل شيء .. تصبح المأمورية صعبة .. أي بالبلدي "مش أي شيء يضحك".. يروي سعيد صالح أن إفيهات كاملة في الأصل الفرنسي لمسرحية "هاللو شلبي" تم تغييرها لكي يفهمها الجمهور المصري ويضحك عليها .. وهذا ليس عيباً في عمل من أهدافه المعلنة الإضحاك ، وليس في برنامج تليفزيوني!

وهناك من يرى أن الضحك صنعة ، وله أصول ، ومن أصول اللعبة ألا تحس بأن هناك مخططاً مسبقاً لإضحاكك ، وأن يأتي الإفيه في مكانه وسياقه المناسبين دون إقحام ودون افتعال..

الحكم حكم واللاعب لاعب ، والمذيع مذيع والممثل الكوميدي ممثل كوميدي والبلياتشو بلياتشو..

هذا الاستظراف الزائد في رأي البعض وأنا منهم محاولة من المذيعين سالفي الذكر ، وغيرهم ، للتغطية على نقاط عوار مهني فاضحة ، الاثنين كمعظم من حاور مدونين في التليفزيون والحمد لله "أستيكة" .. يعتقدان أن المدونات صحافة صفراء ، تماماً كإمام لمسجد قرأت عنه في صحيفة قبل بضع سنوات يصف إنترنت بأنها "قناة فضائية لإذاعة الأفلام الجنسية الفاضحة"! أي أن المذيعين اللذين يأكلان عيشهما من العمل بثاني أقدم تليفزيون بالمنطقة لم يحضرا أصلاً للحلقة التي يقدمانها .. خطأ مهني فاضح..

لن أجد كثيرين يشاهدون البرنامج خاسئ الذكر إلا بعد حلقة بلوروز ونورا يونس ، ولن يتحمل أحد مشاهدة حلقة أو حلقتين أخرتين منه في وجود مذيعين مشكوك في معرفتهما بأصول المهنة ، تزعم إحداهما في حلقة مع شافكي المنيري في البرنامج المقبور "وسط البلد" أن كل ما تفعله وزميلها "تلقائي"..أترك لأصحاب قوة التحمل منكم مشاهدة البرنامج لحلقة واحدة (على مسئوليته الشخصية) دون الحاجة لاستعمال أدوية الضغط..

وللمشاهدين الله..
* الصورة من الموقف العربي وهي مكررة من تدوينة سابقة ، وكانت مهمتي مستحيلة في البحث عن صورة مناسبة ذات صلة بما يسمى ببرنامج "هوة فيه إيه"..

6 comments:

Malek said...

شريف طلب بسيط خارج عن الموضوع وفي الموضوع في آن واحد هو عن حلقة برنامج هو في ايه؟
بتاعة التحرش والتدوين
اللي استضافوا فيها الدكتورة بلو روز والاستاذة نورا يونس...يا ترى عندك الحلقة دي او تعرف حد عنده؟؟ وويا ترى ممكن الحصول على نوع من التفريغ ليها باي شكل
معلش انا آسف على الطلب الغريب ده
بس انت موسوعة تلفزيونية يا جميل زي ما قال شريف نجيب

قلم جاف said...

سأحاول البحث عن نسخة كاملة من الحلقة لدى من لديهم إمكانية التسجيل من التليفزيون ..

الأمس رزئت بمشاهدة جزء من الحلقة وكان الضيف في الفقرة هو وزير الأوقاف.. كانت الحلقة تشل من الآخر!

Ossama said...

الف شكر يا شريف ارجوك متنساش الموضوع ده
ولو امكن ابعته ايميل ليا
اسامة
خالص المحبةو الشكر مرة اخرى

قلم جاف said...

خابت مساعي العبد لله في الحصول على التسجيل ، البرنامج مهما كان على التليفزيون المصري الذي يصعب الحصول منه على أي شيء على النت..

أعتقد أننا كمدونين ،على أي حال ، سنكون سبباً في شهرة هذا البرنامج الفاشل الذي ظل يعرض لمدة عام وبعض العام إن لم يكن أكثر دون أن يسمع له أحد صريخ ابن يومين ، حتى عندما تناول مشكلة الحجاب والنقاب!

bluerose said...

كان عندي أمل تلاقي البرنامج يا شريف
معلش بقى

بمناسبة النقاب : هم معتبرين ان مجرد ظهور منقبات على شاشة التليفزيون المصري انجاز , لكن احنا سألنا ليه تم اختيار منقبات عشوائيا من أمام جامعة القاهرة في حين ان البرنامج استضاف د/عبد الحي عبيد , يعني كان مفترض نسمع من المنتقبات اللاتي تم منعهن من دخول المدينة الجامعية و ليس أي منتقبة و السلام

Ossama said...

ولا يهمك يا شريف يكفي انك حاولت