Wednesday, November 21, 2007

للعملة .. وجه آخر


من يقرأ لأستاذنا أسامة القفاش ويستمع لـ"إيمان باقي"-تحديداً- يكتشف أن هناك عالماً غنائياً غير الذي عودتنا الميديا عليه.. صندوق أسود لم يُكتشف فحواه بعد.. ومصر أخرى لم نعشها ولم تراها عيوننا ولم تسمعها آذاننا من قبل..

"إيمان باقي" مطربة سورية تخصصت في أداء أغاني "منيرة المهدية" ومعاصريها .. ليس بطريقتها هي بل بطريقة "منيرة" نفسها..وحجتها في ذلك وجيهة.. وهي ببساطة أنه لكي يتميز الفنان يجب أن يقدم شيئاً غير تقليدي .. ولأن معظم من يغنون الأدوار والموشحات والطقاطيق القديمة التي عرفنا بها "الموسيقى العربية" منذ أيام البرنامج الذي يحمل نفس الاسم في التليفزيون الرسمي يغنونها بشكل تقليدي صرف .. فرأت هي أن تقديم تلك الأغاني كما أداها أصحابها هو الشيء الجديد والمبتكر واللافت للنظر..خاصة وأن تلك الأغاني "جديدة" على آذان كثيرين- منهم كاتب السطور- لأنهم لم يسمعوها من أصحابها..

أو بمعنى أصح : تلك الأغاني "جديدة" على آذاننا لأن الميديا عندنا لم تجزها ولم تقررها علينا..

ارجعوا للتاريخ .. ستجدون أن هناك ما هو "رسمي" و ما هو "غير رسمي".. قبل "الإذاعة المصرية" -الرسمية- سنة 1934 كانت هناك "الإذاعات الأهلية" ولم نكُ نعرف عنها الشيء الكثير.. كل ما كان يقال عنها أنها كانت "إذاعات هابطة" فحسب وكانت تذيع - حسب علمي المتواضع وصححوني إن أخطأت-عدداً لا بأس به من تلك الأغاني..

اتضح أننا لم نكن نستمع إلا لما أجازته الرقابة في ذلك الوقت من أغان ، بعد أن اندثرت تلك الحقبة بالطبع ..

ولم يقتصر الأمر على حقبة "منيرة المهدية" .. بل حتى في الستينيات.. فكما كانت الميديا الرسمية تذيع وطنيات "عبد الحليم حافظ" وجيله كانت هناك أغاني الشيخ إمام.. التي كان من الصعب جداً قياساً على الظروف أن تسمعها في الإذاعة المصرية الرسمية .. تلك الأغاني التي تعد "تحفاً فنية" الآن..

ونفس ما يقال عن الإذاعة يقال عن السينما.. لم نكن نشاهد إلا ما أجيز رقابياً في فترات عرض تلك الأفلام لأول مرة.. أو وقت وصول الشرائط إلى مكتبة التليفزيون وإجازتها طبعاً.. وعندما تغيرت الأمور بدأ التليفزيون وبدأت الفضائيات تعرض أفلاماً "غير رسمية" .. منها "لاشين" (1938) والذي أخرجه الألماني "فريتز كرامب" ورفضته الرقابة في وقته بسبب أنه يحمل "تحريضاً سياسياً".. رغم أن المشاهدة العادية له تكشف عن أن الفيلم لم يكن ضد الملكية على الإطلاق!

المؤكد أن الصورة التي حفظناها من وسائل الإعلام عن مصر والحياة في مصر والفنون في مصر لم تكن سوى وجه واحد للعملة .. العملة التي لها وجه آخر يتمثل في أغانِ لم نسمعها وأفلام لم نشاهدها وكتب لم نقرأها وصور لم نطالعها.. وجه قد يسمح الزمن ، والتكنولوجيا ، والجرأة لنا بالفرجة عليه..
*الصورة من موقع "أصحاب كول" وهي لـ"منيرة المهدية" ..والمقال مهدى أولاً لأستاذنا أسامة القفاش ، ولكل من يريد الاطلاع على مصر التي لا يعرفها الكثيرون..

2 comments:

زمان الوصل said...

أنا فاكره فعلا والدتى مرّه اتكلّمت عن أغنيه ل "شاديه" اسمها "باحب الوشوشه" و قالت ان الاذاعه منعت اذاعتها وقت انتاجها بسبب اعتبارها اغنيه لا اخلاقيه !! وبعدين فوجئنا ذات يوم بأنّها تذاع فى إحدى الإذاعات التى يبدو أنّها وجدت الأغنيه شديدة البراءه مقارنة بما أصبح يذاع فى الراديو و التليفزيون من مواد !!

كمان جه على بالى دلوقت أغنيهة فنجال شاى -أو قهوه الصراحه مش فاكره- و سيجارتين !! أنا كنت أمّا أسمع الجمله دى لا أتخيّل أن يكون هذا اسم أغنيه و غالبا كان يغنّيها عب وهاب !!

قلم جاف said...

العزيزة زمان الوصل:

كمان جه على بالى دلوقت أغنيهة فنجال شاى -أو قهوه الصراحه مش فاكره- و سيجارتين !! أنا كنت أمّا أسمع الجمله دى لا أتخيّل أن يكون هذا اسم أغنيه و غالبا كان يغنّيها عب وهاب !!


فنجان شاي مع سيجارتين لمحمد الموجي وليس عبد الوهاب .. فيه تشابه بين الصوتين في الغنا وبين كمان صوت تالت اسمه عادل مأمون (صاحب أغنية فيلم ألمظ وعبده الحامولي الشهيرة "يا اللي سامعني قول يا نور عيني")..

ح أقول لك على اللي ما هو ألعن..

أنا شخصياً سمعت في الإذاعة "الرسمية" أغنية سبعينية تقريباً في كلماتها "اللي يودي في طوكر"!.. والمدهش إني سمعت إن ملحنها برضه ملحن كبير!