Friday, January 18, 2008

لوازم الشيء!


التهييج العاطفي ، الخطاب السياسي الزاعق ، استعمال كل "التوابل" السينمائية ، كلها وغيرها أمور تجذرت في صناعة السينما في مصر على مدى قرن وأفقدتها الكثير من قوتها.. وإن كان كل ما سبق يندرج تحت بند الإكليشيه الشهير "الغاية تبرر الوسيلة"..

لدى المنتجين أو تجار السينما ما يبرر اللعب على كل تلك الأوتار سابقة الذكر، تذكروا منتجي السينما في الأربعينيات من القرن الماضي وكيف مالت معالجاتهم نحو الشرائح الفقيرة من المجتمع المصري في ذلك الوقت بشكل عاطفي دون تناول قضاياهم الحقيقية.. فجل منتجي السينما في ذلك الوقت كانوا من المغامرين الساعين للربح ، ووجدوا في الشرائح الفقيرة (وليست الشرائح الأفقر) القوة الدافعة المؤثرة لجعل أفلامهم تربح باعتبار كون السينما وسيلة الترفيه الأكثر جاذبية لدى شرائح كبيرة من المجتمع المصري عموماً..

وتكرر الأمر نفسه في معظم سينما الثمانينيات ، حين أصبحت الصناعة "مربِحة" من جديد ودخلها منتجون يريدون - وهذا حقهم المشروع - استعادة ما أنفقوه على الفيلم السينمائي الذي ينتجونه .. فبدأوا في استمالة الطبقة الفقيرة والمتوسطة من جديد بطريقة أو بأخرى .. أفلام "سمير عبد العظيم" وآخرين لعبت مثلاً على صنع "بطل" .."شجيع" أو "مُخَلِّص" يرى فيه الهامشيون بطلهم الحقيقي .. وكان "عادل إمام" هو الذي قام بهذا الدور في عدة أفلام تناولت كلها فترة الانفتاح وما بعد الانفتاح وتنوعت أيضاً ما بين الأكشن والكوميديا..نوعيتين جذابتين في سوق السينما التجارية المصرية في كل العصور..وكما كان هناك "الشجيع" .. ظهرت "السنيورة".. نجمة "الجماهير" "نادية الجندي" التي كانت ولا تزال تلح على كونها بريمادونا كل العصور حتى عندما تخطت الستين بمسافة ليست بالقصيرة!

ولا ننسى "السبكيات" بطبيعة الحال.. لكن أرجع وأقول إن هذا "مبَرَّر" طالما أن البيه المنتج لا يضحك على عقولنا بالقول أن أفلامه "تحمل مثلاً وقيماً عليا" ولا تختلف عن "الأرض" و"دعاء الكروان" و"اسكندرية ليه"!

والساسة مثلهم في ذلك مثل المنتجين.. بما أن الغاية تبرر كل الوسائل إذا ما تعلق الأمر بالسياسة .. ففي الحقبة الناصرية رأى صانعو القرار في ظل سيطرة حكومية على مقدرات الصناعة أن تتحول السينما إلى منشور دعائي كبير لـ"العهد الجديد" ، وعليه تم تسييس الصناعة بشكل مستفز ، أفلام وصلت فيها مباشرة الخطاب وزعيقيته إلى أقصى مداها (رد قلبي - لا تطفئ الشمس - الأيدي الناعمة-منتهى الفرح-الناصر صلاح الدين الذي احتوى على عبارات كاملة من خطب الزعيم المصري جمال عبد الناصر) ، وأفلام تم حشر السياسة فيها حشراً كما في "الرجل الثاني" .. حيث برر كاتب الفيلم عدم وصول الدواء لابنة "سامية جمال" في الفيلم بـ"الحصار الاقتصادي".. حتى الكوميديا لم تسلم من التسييس..

وعندما انتهت الحقبة الناصرية اكتشفت الصناعة - فجأة - كل الخطايا التي حدثت في الحقبة السابقة فبادروا إلى تعريتها في أفلام مثل "الكرنك" و"إكس علامة معناها الخطأ" و"طائر الليل الحزين" -أول أفلام "وحيد حامد" والذي كتب فيمَ بعد أفلاماً سياسية مهمة بحق وحقيق!

نعم أسهم الساسة والتجار في إفساد الصناعة مثلما أسهموا في نموها ورواجها ..وإن كانت لهم مبرراتهم .. لكن ماذا عن المبدعين "المُسَيَّسين" الجدد ، ونقادهم وصحفييهم؟

رسخ الأخيرون فكرة أن الفن رسالة ، وأن الفن الجيد والهادف هو الذي يحمل الرسالة السياسية (التي يؤمنون بها فقط طبعاً) دون اللجوء لأي توابل تجارية من التي يلجأ لها "الوحشين" الذين يقدمون سينما "تجارية" - كفى الله الشر- أو سينما لا تصادف مزاجهم السياسي ، ورسخوا معه أيضاً أنه في العمل الفني الجيد لابد أن يرمز كل شيء إلى شيء .. وبالعافية كمان (سبق تناول هذه النقطة هنا ).. وطبعاً "إن" "وقع" فيلم من "بتوعهم" في السينمات أو فشل فنياً فيرجع ذلك طبعاً إلى "جهل" الجماهير و"سوء" ذوقها.. وتأثرنا بهذه الأفكار رغم علمنا .. بحماقتها..

أفلام مباشرة التناول "العصابة -1987" وسطحية في استخدام الرمز "شارع المواردي-1982" وزااااعق "كتيبة الإعدام- فتاة من إسرائيل" قد تثير غضب من يشاهدها حتى ولو كان متخصصاً في السينما من هول بشاعتها وضعف مستواها لكنها -بسبب الزن على الودان- أفلام هادفة وذات قيمة حتى لدى من يشمئزون منها..

إلى الآن .. كل ما سبق "عادي".. لكن..

لكن من صدعنا بالأفكار والشعارات بدأ يحاول إمساك العصا من المنتصف ويفكر بعقلية الساسة والمنتجين "الوحشين".. يقول أنصارهم أن ذلك مبرره "شباك التذاكر"..وأقول عن نفسي أن ذلك أشبه بالتعليمات التي أعطاها "بيصي" لفرقة "المزجنجي" في "الكيف" بـ"السرسعة" عندما يبدأ المطرب صاحب المزاج العالي في التنشيز..بعبارة أخرى: الصق كام خناقة على كام مشهد من إياهم في قالب منشورجي سياسجي لكي تغطي ضعفك السينمائي الذي يراه الأعمى في عز الظهر..وسلامات يا سيمة!
* الصورة من موقع divx for arabs كما نقلوها من قناة "أوربيت الأولى للأفلام" لفيلم "كتيبة الإعدام"..

4 comments:

بنت القمر said...

طيب وفيلم زي غرباء واعتقد انه سبعينات تصنفه ايه؟؟
فيلم سيايس ولا متسيس اهو لا داعب الجمهور ولا حاجه وقدم ولا عشر قضايا فلسفيه تتناول علاقه الرجل بالمرأة والمرأة والمجتمع والناس والدين التطرف والغلو في رفض الدين الوسطيه والاعتدال من جانب والدروشه باسم الدين والاتكاليه من جانب اخر
تصنف فيلم زي ده بأيه؟؟
فيلم بقا زي حييين ميسرة
علي رأي نوارة موعظه ناصريه تحمل جميع البهارات التجاريه اللي خلت الطبخه حريفه وحراقة لدرجه انها تجيب قرحه معده وقولون
؟؟

قلم جاف said...

غرباء و لقاء هناك اللي تناول علاقة حب بين شاب مسلم وفتاة مسيحية بغض النظر عن طريقة التناول مجرد استثناءات في قاعدة .. مجرد شباب لسة في بداية تاريخه وعايز بلغة الكورة يعمل كل حاجة ..

كان قصدي في فترة السبعينات الكلام على سينما الساسة الموجهة من فوق ..صحيح إن مش كل فيلم سينمائي كان سينما ساسة لإن كان فيه حالة من الغضب داخل المجتمع وأوساطه من النكسة لكن دة ميمنعش إن فيه أفلام مصنوعة سياسياً هاجمت الفترة الناصرية بعد نهايتها زي ما أفلام الناصرية هاجمت العهد الملكي، وزي ما الناصريين الجدد عملوا منشوراتهم السينمائية ضد العهد الساداتي زي حاتم زهران والهجامة وكتيبة الإعدام والتلاتة أكثر سطحية وهيافة من بعض ..

بالنسبة لحين ميسرة أنا ما شفتش الفيلم، لكن حاسس إن عندِك وعند نوارة وعند اللي انتقدوا الفيلم ألف حق.. وللأسف الشبورة اللي اتعملت بعد حلقة منى الشاذلي عن الفيلم قمعت أي محاولة سواء لنقد الفيلم أو صناعه أو حتى منى الشاذلي نفسها بدعوى إن "حين ميسرة" فيلم معارض وبدعوى إن العاشرة برنامج معارض وإن منى الشاذلي معارضة وعليه فلا يجوز الكلام عنهم ولا مناقشتهم (لا تجادل ولا تناقش يا أخ علي)! وعليه بقى كل اللي انتقدوا الفيلم بقوا حزبوطني من وجهة دراويش الست منى وخالد بيه..

زمان الوصل said...

مش عارفه ليه ضميرى الشرّير بيقول إنّك بردو بتلمّح لفيلم "حين ميسره" !! :) طيب شفت آخر نسخه من إعلانه التى تنتهى بكلمة "حين ميسره : فيلم مش عادى" !! ولا أفهم إلى متى هذه البلطجه الاعلانيه ولماذا لا يترك مخرج "مثقّف" "مهموم" بالشأن الوطنى مثل "خالد يوسف" القرار لنا بالحكم على فيلمه و هل هو عادى ولاّ مش عادى !! رأيى المتواضع أن هذه النسخه الجديده من الإعلان لها علاقه بحلقة "العاشره مساء" التى وصف الفيلم فيها بأنّه "ضحل" على لسان "أحمد المسلمانى" .. ده أنا ضحكت ضحك على "ضحل" دى !! و لسّه باضحك :)))))))))))))))))))

قلم جاف said...

العزيزة زمان الوصل:

بمناسبة إعلان الفيلم ..عندي إحساس إنه لولا بقية من حياء لقال في الإعلان الجديد:

حين ميسرة ..فيلم مش ضحل خالص!