Friday, April 11, 2008

"دماغ" كورساكوف


الشيء المشترك بين موسيقى فرق مثل "وسط البلد" والموسيقى الكلاسيكية أنها تستخدم لـ"التعايق" بين المثقفين ولمعايرة المثقفين لغير المثقفين .. بما أن فريق "وسط البلد" وأخواته والموسيقى الكلاسيكية يعرفهم فقط من يهتم بهم فقط.. هذا لا يمنع أن لكل قاعدة شواذ ، وفي حالتنا يتعلق بالموسيقى الكلاسيكية..

نعم..هناك مقطوعة موسيقية كلاسيكية يعرفها الكثير من عامة المصريين والعرب حتى وإن لم يعرف معظمهم اسم مؤلفها.. إنها "شهرزاد" للموسيقار الروسي "ريمسكي كورساكوف"..الموسيقار الروسي الشهير الذي عاش في الفترة ما بين 1844 و 1908 ، وتمر هذه الأيام الذكرى المئوية لرحيله..

والسبب في الشعبية الجارفة لهذه المقطوعة هو الإذاعة المصرية ، وتحديداً مسلسل "ألف ليلة وليلة" الذي يعد من كلاسيكيات الإذاعة ، ويُذكَر بأسماء مثل "طاهر أبو فاشا" المحقق التراثي والشاعر ، والممثلة الكبيرة الراحلة "زوزو نبيل" ، ويتذكره الناس جيداً بمقدمته ، وبلازماته "بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد...الخ" ، وطبعاً بمقطوعة "شهرزاد" لـ"كورساكوف".. التي كانت تشكل معظم الموسيقى التصويرية التي اختارها مخرج أو مخرجو المسلسل ..و"علَّقت" مع الكثيرين وقتها وإلى الآن ، حتى عندما حولت لمسلسلات تليفزيونية استوحى واضعو موسيقاها التصويرية التترات من "كورساكوف".. أشهر مثال على ذلك تتر مسلسل "ألف ليلة وليلة" (1983) الذي كتب أشعاره "عبد الوهاب محمد" ولحنه "جمال سلامة" وكان بداية انطلاق "سميرة سعيد"!

لست عن نفسي من هواة الموسيقى الكلاسيكية ، حاولت غير مرة الاستماع لعدة مقطوعات وسيمفونيات لم يدخل جمجمتي منها إلا النذر اليسير ، ومن ضمن هذا النذر اليسير هو "شهرزاد" "كورساكوف".. والتي "بتعمل لي أحلى دماغ" بلا مبالغة..

في الوقت الذي أجد فيه جل المقطوعات الكلاسيكية أشبه بالشوارع في معظم المدن المصرية ، مطالع ومنازل و"حوادايات" وسائقي لوري "مبرشمين" لا أجد ذلك في مقطوعة "شهرزاد".. أشعر عندما أسمعها كأنني أسمع موسيقى تصويرية لفيلم ما ، وأدخل في أجوائه باستغراق شديد وأتخيل أحداثه ، تماما كما جعلت الإذاعة المصرية جيلاً بل أجيال من المستمعين المصريين يتخيلون أحداث "ألف ليلة وليلة" على إيقاعها دون أن يرونها..

لا تزال "شهرزاد" هي الأثر الباقي الذي يتذكر به "كورساكوف" أشخاص لم يروه يعيشون في بلاد لم يزرها -حسب علمي.. أشخاص بعضهم يدين له بأنه صنع المقطوعة الكلاسيكية الوحيدة التي يعرفونها تقريباً ، وترتبط بها ذكرياتهم ، و "تكيفهم"!
* الصورة من منتدى العراقي..

6 comments:

زمان الوصل said...

:) لا أحب لفرقة "وسط البلد" سوى أغنية يا "لالاللى" التى سمعتها صدفه فى فيلم "عودة الندله" .. غير كده لا أبحث عن أغانيهم ولا أحتمل سماعها فى قنوات الأغانى الفضائيه .. و باعتبرهم فعلا من مظاهر عياقة المثقّفين ولا أهتم كثيرا بأن أصنّف خارج الزمره .. أنا باسمع و اقرا عشان استمتع مش عشان ادخل تصنيف ما ..
اللّى بانذهل له بقى إن الوله "على" ابن اختى اللىّ لسّه هيكمّل سنتين آخر الشهر بيحبهم جدّا !! و أفضل أبصّ له كده و هو منشكح بيهم و أسأل نفسى ده دليل ثقافه مبكّره ولاّ دليل إيه بالظبط

المهم بقى .. الموسبقى الكلاسيك حتى لو لم تفهم بتعمل جو و خلفيه فى أى مكان تسمع فيه !! فى وقت من الأوقات كان نفسى أفهم خلفية كل مقطوعه و الظروف اللىّ اتألّفت فيها لكن ماعرفتش أوصل فى السكّه دى .. وبقى عندى قناعه إن مش مفروض نقعد نسمع موسيقى .. يعنى نعمل قعده و نقول ياللاّ نشغّل موسيقى كلاسيك و نسمع و بس .. لأ هى تبقى أجمل لو بتقرا مثلا أو بتكتب شئ ما أو حتى بتفكّر و انت هتلاقيها فعلا فرقت معاك .. أو ده اللىّ أنا شخصيا باعمله

كتير من الموسيقى التصويريه بتاعة الأفلام الأبيض و اسود ملطوشه من أعمال عالميه بس تأخّر فقس هذه الحقيقه كثيرا يمكن لمحدودية الفرصه للاطّلاع على هذه الأعمال بشكل واسع .. إدّى نفسك فرصه تسمع مثلا "بحيرة البجع" هتحس إنّها مألوفه جدّا هى كمان و إنّها ممكن تعمل دماغ زى "شهرزاد" :)

Leonardo said...

وياسلام بقى لو اتفرجت على باليه شهرزاد اللى عالم الباليه عرضه على القناة الثانية أكتر من مرّه من كام سنه ..
أهو ده بقى اللى أحلى دماغ بجد :)
وبالذات خدع المؤثرات وكن بطلة الباليه بتجرى جوّه مغاره من عالم على بابا ..

قلب الأسد said...

يعني أنا لازم لما أسمع وسط البلد أعاير مخاليق ربنا ؟ ماينفعش أسمعهم و أنا ساكتة ؟ أنا بعشق وسط البلد .. هما يجننوا بجد ... أما بالنسبة لشهرزاد فهي بتعمل أحلى دماغ بجد هي و بحيرة البجع لتشايكوفسكي على ما أظن .. أصلي مش مثقفة قوي في الكلاسيكيات دي .. مالها فيروز؟؟

قلم جاف said...

العزيزة قلب الأسد:

وأنا أيضاً غير مثقف فيها.. يعني "بَصرة" :)

في الشهور الأخيرة حاولت أن أشغل بعض الموسيقى الكلاسيكية من محطة البرنامج الموسيقي ، وقد "اذبهللت" من المصطلحات التي سمعتها ..مصنف دو الكبير ودو الصغير رقم 34.. وبعض المقطوعات وجدت صعوبة حقيقية في فهمها وهضمها..

دة طبعاً باستثناء المقطوعات اللي بتتذاع مقتطفات من توزيعات لها في البرامج والتترات والفواصل ..

وباستثناء كمان أوبرا كارمن لبيزيه.. دي بقى اللي دماغ آخر حاجة على حق.. يا دين النبي.. بيزيه دة كان دماغ طحن!

قلم جاف said...

ليو:

شفت حتة من الباليه كانت اتذاعت بين الشوطين في أحد ماتشات كاس العالم أو كاس أوروبا اللي كانت بتيجي متأخر أيام أبو سلكة الله يرحمه.. الصورة ممكن تخلي الحاجة شديدة أكثر شدة وقوة ورونقاً وجمالاً..

المزيكا لوحدها بتخلي الواحد "يتخيل"..والموهوب الحقيقي اللي يتخيل ويحول تخيله لواقع.. السينما كانت أكثر توفيقاً في دة باعتبار إنها بتمثل "الحلم البصري" عكس الباليه لما بيتعرض على المسرح وبيبقى محدود بحدود الواقع وبيبقى استخدام الحيل والخدع فيه في أضيق الحدود..

قلم جاف said...

العزيزة زمان الوصل:

بالنسبة لـ"علي".. أنا المسألة عندي مختلفة.. "سيفو العجيب" غاوي "نانسي عجرم"!

معظم المقطوعات الكلاسيكية كانت فن للفن فقط حتى ولو اتعملت في سياقات مختلفة زي الموسيقى الكنسية أو الأغاني الشعبية أو الباليه أو الأوبرا.. عكس ناس تانية ظهرت بعد كدة ألهمتها أحداث وظروف لتأليف موسيقى.. دة ما يمنعش إن الصمم اللي أصيب بيه موسيقار ضخم زي "لودفيج فان بتهوفن" كان حافز كبير له لتأليف روائعه..

اللي بقى غاويين الموضوع دة صح الساسة.. ساسة كتير بيحضروا أوبرا عايدة عندنا ، وتسألي الواحد فيهم يقول لك هو شافها كام ألف مرة بكام ألف مطرب أوبرا.. ويموتوا في "بافاروتي" و"بلاسيدو دومينجو" ومن على شاكلتهم!

عن الموسيقى التصويرية للأفلام القديمة بعضها من الموسيقى الكلاسيكية وبعضها موسيقى تصويرية لأفلام أخرى.. وبعض المؤلفين المصريين تأثروا ببعض تلك القطع دي وعملوا عليها شغل..

وبالمناسبة أنوه بالموسيقى التصويرية المختارة من مؤلفات أجنبية لفيلم "الخطايا".. دي برضه كانت شديدة.. وبافكر أكتب عنها يوماً ما..