Friday, August 22, 2008

فطوطة الذي كان!

فكرت مع بدء العد التنازلي لرمضان أن أعود بالذاكرة إلى الوراء ربع قرن كامل..إلى واحدة من أشهر فوازير رمضان ، الحدث الذي كان منتظراً من قبل مشاهدي التليفزيون المصري في تلك الفترة من تاريخ التليفزيون..

أتحدث هنا عن فوازير 1983، التي كانت تدور عن أشهر الأفلام المصرية ، والتي كتبها عبد الرحمن شوقي ولحن تتراتها سيد مكاوي ووزعها سمير حبيب وأخرجها فهمي عبد الحميد وقام ببطولتها سمير غانم الذي كان يعيش في تلك الفترة عصره الذهبي كممثل كوميدي .. قبل أن يتراجع خطه البياني منذ أواخر الثمانينيات بشكل مخيف..

لم تكن هذه المرة الأولى التي يلتقي فيها عبد الرحمن شوقي وفهمي عبد الحميد وسمير غانم ، التقى الثلاثة في العام السابق وفي العام اللاحق أيضاً..كانت الأعوام الثلاث بحق هي "حقبة فطوطة"..

من الخارج يبدو فطوطة تنويعة على وتر استخدام "العلامات المميزة" في الإضحاك .. تقنية قديمة قدم الكوميديا نفسها ، لكن يمكن للبعض أن يرى أنه باختصار "الطفل الكبير" الذي يسكن فينا..بشقاوته وإزعاجه وتذمره .. بصرياً يبدو خليطاً بين الأطفال والناضجين.. يبين ذلك أولاً من شكله واختيار ألوان ملابسه وحذائه ، وكلها طبعاً كبيرة على مقاسه الصغير، تماماً كطفل يرتدي حذاء أبيه لكي يشعر أنه شخص كبير وناضج ..وكذلك من صوته الذي تم التحايل عليه بتسجيل الصوت بطيئاً بشكل منفرد في البداية ، ثم "تسريعه" لكي يظهر طفولياً ويتناسب مع حجم الشخصية..

ولصنع دراما يمكن تركيب الاستعراضات عليها بطبيعة الحال كان من الضروري خلق علاقة ومفارقات بين بطلي الحلقات.. ووقع الاختيار على أن يبقى "سمورة" دائماً تحت سيطرة "فطوطة".. في 1983 مثلاً كان هو المخرج المسيطر على العمل الفني وكان الشخص الآخر "الحقيقي" مجرد ممثل مهمته تنفيذ تعليماته.. تحدٍ في قالب كوميدي بين ممثل مغمور ومخرج يتميز بتذمره الدائم وعصبيته الزائدة وطباعه الطفولية..

فوازير 1983 كانت الأكثر مرحاً .. سبب تلك الروح المرحة هو اجتماع عدد كبير من الشخصيات التي تملك تلك الروح ، بدايةً من "عبد الرحمن شوقي" بخبرته في الكتابة للكوميديا شعراً ومسرحاً، و"سيد مكاوي" التي لا تخلو موسيقاه من المرح ، و"سمير حبيب" الذي يعد من أشهر موسيقيي الثمانينات وارتبط اسمه بفرقة "الجيتس" التي ظهرت لفترة قصيرة في العقد ولم تستمر طويلاً ، وتميز بنفس الروح في موسيقاه تأليفاً وتوزيعاً.. ولا ننسَ الملحن الكبير الراحل "أحمد صدقي" الذي لحن عدداً من استعراضات الحلقات .. ولمن لا يعرف هو الذي لحن أغنية "ليلى مراد" الشهيرة "يا مسافر وناسي هواك".. أضف لهؤلاء "سمير غانم" الفارسير العتيد في أفضل حالاته .. و"فهمي عبد الحميد"..

هذا الأخير ارتبط اسمه بالفوازير إلى أن أصبحت لعنةً عليه.. جرب نفسه ذات مرة في إخراج المسلسلات وأخرج مسلسلاً وحيداً بعنوان "ألوان" وقامت ببطولته "شريهان" ولم ينجح.. كان امتداداً لـ"نيازي مصطفى" في الخدع السينمائية بمقاييس وتقنيات تلك الفترة .. واستغل خبرته تلك في الفوازير التي أطلقت بدورها الطفل الكامن بداخله .. فلعب على أفضل ما يكون بما سمحت له تكنولوجيا السبعينات والثمانينات ، كان 1983 هو الأفضل له في رأيي ، تترات فوازير ذلك العام كانت "مبهرة" رغم "سذاجتها" تقنياً مقارنة بالربع قرن الذي تلاها..

هذا ما كان من أمر الفوازير قبل ربع قرن من الزمان .. "وأهو بكرة نقول كانت ذكرى وعشنالنا يومين" كما غنى "عمرو دياب" بعدها بفترة.. بالفعل كانت كذلك .. ذكرى للبهجة والمرح والبساطة .. وكلها أشياء تستعد للحاق في حياتنا بالفوازير وزمنها.. كان ما سبق رؤية لم تخلُ من الجانب العاطفي للقطات جميلة من الماضي..دمتم بألف خير..
* أول تجربة إدراج من اليوتيوب..

2 comments:

Leonardo said...

وأثناء القراءة عن فطوطة أشاهد "ميزو" على موجه كوميدى :)

لاأعتقد أن المسأله فقط هى الحنين إلى الماضى أو إلى الطفولة
الأعمال القديمة رغم بساطتها إلا أنها كانت تنفذ بإخلاص وإتقان ناهيك عن توافر المواهب الحقيقية
سواء كانت فوازير سمير غانم أو شيريهان أو نيللى أو حتى المناسبات ليحيى وهاله وصابرين
لم يكن هناك وكالات إعلانيه واستسهال والاعتماد على ريادة كانت ولم تعد

ناهيك عن إن العشر بيضات كانوا بتلاته أبيض وكيلو اللحمه بمليم ;)

قلم جاف said...

أتفق بشدة.. ألا ليت الثمانينات تعود يوماً!