Thursday, September 10, 2009

الحلقة الأضعف


لا قيمة للجمهور في مصر ، ولا اعتبار لاختياراته ، ولا احترام لإرادته.. الكل يريده لمصلحته حجراً في مظاهرة أو موقفاً في اعتصام أو مالاً في أي عملية نصب دعائي أو سياسي أو مذهبي أو فكري أو فني .. حقيقة ربما كانت غائبة عن كاتب السطور وهو يتحدث عن مظهرين فقط من مظاهر هذا الاستخفاف في التدوينتين السابقتين.. حيث تناولت الأولى فرض مذيعة بالعافية على جمهور التليفزيون ، وتناولت الثانية فرض مسلسلات لم تلق قبولاً فقط لأن المنتج يريد ذلك ، وطالما أن المنتج وكتبة الأعمدة يريدون فلماذا نريد نحن؟

هذا الاستخفاف والتعامل "المصلحجي" مع الجمهور أمر معروف وقديم في مجالات كثيرة ، لكنه جديد علينا فيما يختص بالشوبيزنس.. الذي يرتبط اقتصادياً وفكرياً في جميع أنحاء العالم بالجمهور..طبيعته وفكره وذوقه..

1-في أيام الإعلام "الموجه" - الله لا يعيدها - كان للجمهور ورغباته واتجاهاته وزن لدى صناع الإعلام ، لا حباً فيه لا سمح الله ، ولكن لرغبة النظم السياسية الحاكمة في كسبه إلى صفها وتبني خطابها ، ولا يوجد أفضل من وسائل الإعلام الجماهيرية المجانية التي كانت تلك النظم تحتكرها تماماً في تلك الفترات -الإذاعة فقط حتى 1960 ثم التليفزيون في مصر-.. هذا الاحترام أعطى لتلك النظم فرصةً ذهبية لبرمجة أذواق الجماهير ومعتقداتها فيم يخص الدولة ، والاقتصاد ، ورجال الأعمال ، و ... و .... و ..... .

2-وكان من المتوقع عندما يسمح للقطاع الخاص بتملك صحف وفضائيات أن يستمر هذا الوضع ، خاصةً مع اقتراب الاستقطاب بين الحزبوطني والمال السياسي إلى ذروته ، واحتياج كل طرف منهما إلى مساندة شارعية وليس جماهيرية له ، وبدأ كل منهما يلعب من خلال الإعلام على وتر الجماهير ، بمزيد من التملق و"الاشتغال"..

3-لكن خروج كل تيار من مدارس تتعامل مع الجمهور كقطيع الأغنام ، فضلاً عن أوهام القوة التي يعيشها أتاحت له أن يفرض إرادته وأجندته على الناس ويسقيهم إياها بالملعقة ، همممم يا جمل!

ستستغربون أنه كانت توجد إبان الإعلام الموجه في التليفزيون الرسمي إدارة لـ"بحوث المشاهدين والمستمعين" كانت تقوم باستقصاءات لآرائهم فيما يذاع على أثير الإذاعة وشاشات التليفزيون ، ولكنها اختفت عندما بدأ الإعلام يدخل عصر "السماوات المفتوحة" ، وستستغربون أكثر عندما تعرفون أنه لا توجد تلك الآليات مطلقاً لدى تليفزيون القطاع الخاص الهادف للربح والذي يهمه انتشار رسالته الإعلامية ومن ثم -كما يُفبَرَض- جلب إعلانات ورسائل SMS تسهم في تخفيف الحمل المادي على كاهل أصحاب تلك القنوات!

4-هناك تفسير آخر يختلف عن كل ما سبق ، ففي الدراما تحديداً تبقى كل آليات الإنتاج منفصلة عن الجمهور ، قطاع الإنتاج أو مدينة الإنتاج الإعلامي (معظم مصدر رأس المال دعم حكومي) ، مع شركات المنتج المنفذ (مال خاص) ، مع القنوات الفضائية (مال خاص وعقود رعاية).. القطاع ينتج مع المنتج ثم يبيع للقناة ، ومصادر تمويل كل منهما مضمونة ..طالما أن العقود قائمة وأن المال يسيل بشكل طبيعي فإن "كل واحد يعمل اللي مريحه" -مع الاعتذار لـ"أيمن بهجت قمر"- وطالما أن الزبون المشتري راض ومقتنع تماماً ومستعد للدفع فلتستمر العجلة في الدوران.. أما الجماهير فأي كاتب عمود كاف لإسكاتهم..

"س" من المسلسلات لم ينجح ، واعتذر نصف نجومه ، لكن العملية كانت تقوم على إنتاج جزئين أو أكثر منه ، فليكتمل ولو اعتذر الممثلون جميعاً ، وسيجد من يشتريه ، إن فشل الجزء كسابقه فالعيب في الجمهور الذي لا يفهم ولا يستوعب.. الناس ما بتعرفش تشوف كويس!

5-من المؤكد أننا سنظل الحلقة الأضعف ، إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً..
الصورة من photobucket.com

No comments: